"مؤتمر برلين بشأن ليبيا ليس هو نقطة النهاية، إنما يُعد بداية عملية سياسية بقيادة الأمم المتحدة، وذلك لأن حل مشكلات ليبيا لن يتأتى بين يوم وليلة". بهذه الكلمات وصفت الحكومة الألمانية مؤتمر برلين الذي انعقدت أشغاله في 19 يناير 2020 بحضور مسؤولي 11 دولة، إضافة إلى منظمات دولية عدة.

من جانبه أكد الكاتب الصحفي والباحث في الشأن الليبي أحمد جمعة، أن مؤتمر برلين نجح في الخروج بتوصيات ستكون بمثابة بداية لتفعيل العملية السياسية، فيما رجح أن تقوم فرنسا وإيطاليا بـ "القفز" على نجاحات المؤتمر عبر الترويج لاجتماعات ولقاءات دولية وهو ما يجهض أي فرص للحل السياسي،

ولتسليط الضوء بشكل أكبر على مؤتمر برلين، ونتائج، ومحاولة استقراء المستقبل لماهو بعد مؤتمر برلين، والسيناريوهات المتوقعة للمشهد الليبي، كان لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع الكاتب الصحفي والباحث في الشأن الليبي أحمد جمعة.. وإلى نص الحوار

ما قراءتكم لتطورات الأزمة الليبية بداية من مؤتمر موسكو إلى برلين؟

مؤتمر موسكو كانت محاولة لتثبيت الهدنة الهشة في طرابلس وإدامة وقف إطلاق النار في الأراضي الليبية إلا أن المشاركة التركية في المبادرة الروسية أجهض تلك المحاولات.

وقد نجح مؤتمر برلين في الخروج بعدد من التوصيات التي ستكون بمثابة بداية لتفعيل العملية السياسية في ليبيا، والعمل على تشكيل لجنة الـ"40" للبدء في عملية اختيار مجلس رئاسي وحكومة جديدة تنال الثقة من البرلمان، ويعتبر المسار العسكري أحد أهم مخرجات مؤتمر برلين وفي حال تمكنت الأطراف الليبية من الجلوس والتشاور على طاولة واحدة لبحث الاوضاع العسكرية يمكننا الحديث حينها أن مؤتمر برلين نجح بالفعل في تحقيق اختراق حقيقي في الأزمة.

ما تعليقكم على .. اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا؟

اتفاق وقف اطلاق النار في ليبيا هش ويمكن أن ينهار في أي لحظة لعدم وجود اتفاق لوقف إطلاق النار وانما هدنة بين الأطراف، وأزمة عدم وجود ثقة بين الجانبين تبدد فرص التوصل لحل سياسي للأزمة.

على المجتمع الدولي تفعيل الترتيبات الأمنية الواردة في اتفاق الصخيرات الموقع عام 2015 وتحديدا النقطة الخاصة بحل الميليشيات المسلحة ونزع أسلحتها لأنها المعرقل الرئيسي للحل.

وماذا فيما يتعلق بـ "التدخل التركي" واستمرار توافد المقاتلين الأجانب وخاصة من سوريا إلى ليبيا؟

تركيا تحاول استنساخ النموذج السوري في ليبيا والتخلص من الإرهابيين الذين يشكلون تهديدا لها ونقلهم من إدلب إلى العاصمة طرابلس وهو ما يشكل تهديدا لليبيا بشكل خاص والدول الأوروبية بشكل عام في ظل توارد أنباء عن نية المقاتلين السوريين الانتقال إلى العواصم الأوروبية وهو ما يهدد أمن واستقرار دول القارة العجوز ويدفع نحو ظهور ما يعرف بـ"الذئاب المنفردة".

تدخل تركيا يؤجج الصراع في ليبيا لأن أنقرة لديها أطماع اقتصادية ونوايا استعمارية في البلاد، ويحاول النظام التركي تحقيق أكبر مكاسب سياسية واقتصادية من مذكرتي التفاهم الموقعة مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج في ظل ضعف الأخيرة وارتهانها للخارج.

ما هي أهم وأبرز النقاط في الإعلان الختامي لمؤتمر برلين التي يستوجب الوقوف عندها؟

أبرز البنود الواردة في الإعلان الختامي لمؤتمر برلين أولها تشكيل مجلس رئاسي فاعل وحكومة جديدة تمرر عبر البرلمان، التأكيد على حل الميليشيات المسلحة ونزع أسلحتها، وتفعيل المسار العسكري والسياسي معا وهو ما يمهد الأرضية للتوصل لاتفاق شامل للأطراف الليبية إلا أن المخرجات تحتاج إلى ضمانات كافية لتفعيلها واقناع كافة الأطراف بالجلوس على طاولة واحدة.

ماذا عن المواقف الدّوليّة وردود الأفعال الدّاخليّة تجاه مؤتمر برلين؟

المواقف الإقليمية والدولية حول مؤتمر برلين جيدة وتشير إلى رغبة بعض الدول المتداخلة في الأزمة الليبية إلى التوصل لحل حقيقي للأزمة إلا أن الصراع بين بعض الدول الأوروبية المنخرطة في ليبيا يهدد بنسف جهود ألمانيا الحثيثة لتفعيل الحل السياسي.

داخليا، يفتقد الشعب الليبي للثقة في أي دور تلعبه دور خارجية لحل الأزمة الليبية لاقتناع أبناء الشعب الواحد بأن الحل يأتي عبر حوار ليبي- ليبي دون أي تدخل خارجي، فضلا عن فشل المجتمع الدولي حتى اللحظة في التوصل لتشخيص حقيقي للأزمة الليبية التي تعد أزمة أمنية بامتياز وليست سياسية فقط كما تروج بعض الأطراف.

برأيك.. ماذا بعد برلين؟

أعتقد أن فرنسا وإيطاليا ستعملان على القفز على نجاحات مؤتمر برلين عبر الترويج لاجتماعات ولقاءات دولية وهو ما يجهض أي فرص للحل السياسي ويهدد أمن واستقرار ليبيا، ويجب على البعثة الأممية استثمار النجاح الذي حققه مؤتمر برلين في العمل بشكل سريع على تفعيل الحل السياسي واستئناف الحوار بين مجلسي النواب والدولة، والأهم هيكلة المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة منفصلة تحظى بثقة البرلمان الليبي.

ما هو السيناريو الأمثل للخروج بليبيا من أزمتها؟

الخروج الأمثل للأزمة الليبية هو تشخيص الأزمة بشكل جيد وهي أمنية كما تحدثنا ويجب نزع سلاح الميليشيات المسلحة وتسليم مؤسسات الدولة كافة للجيش الوطني الليبي بضمانات أممية ودولية، الانتقال إلى تفعيل الحل السياسي بعد تقوية مؤسسة الدولة الوطنية التي ستكون ضامنة لأي حل سياسي، العمل على وضع خطة اقتصادية قصيرة الأجل للبدء في برنامج إصلاح اقتصادي، على أن تجرى انتخابات رئاسية وتشريعية في الدولة الليبية بعد مرحلة انتقالية بحد أقصى عام واحد، وهذا السيناريو الأنجع والأمثل لنزع فتيل الأزمة الليبية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بالكامل.