أكد بيان لمجلس شورى حركة النهضة أنه سيقف على الحياد ولن يدعم أي مترشح في الدور الثاني الحاسم في الانتخابات الرئاسية، ودعا المجلس أنصار إخوان تونس إلى اختيار المترشح الأنسب لاستكمال المسار الانتقالي وتحقيق أهداف الثورة، غير أن العديد من المراقبين أكدوا أن حركة النهضة تناور سياسيا وأنها تواصل دعمها للرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي القريب من الإسلاميين وشريكهم السابق في الحكم.

دعت حركة النهضة الإسلامية في تونس، أنصارها إلى اختيار المترشح الأنسب في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية لـ”إنجاح التجربة الديمقراطية وتحقيق أهداف الثورة”.

وأكد بيان صادر عن مجلس شورى النهضة، على أهمية الانتخابات باعتبارها “ممارسة ديمقراطية واستحقاقا وطنيا توّجا نجاح تجربة البلاد في الانتقال الديمقراطي”.

وأصدرت الحركة بيانا إثر انعقاد اجتماع مجلس الشورى في دورته الـ32، يومي السبت والأحد، وذلك لتحديد موقفها من الدور الثاني للانتخابات الرئاسية.

وقرّر المجلس مواصلة اعتماد نفس موقف الحركة في الدور الأول والذي دعت فيه إلى تحرير الأصوات والوقوف على الحياد، على أن تواصل المؤسسات دراسة الموضوع لتعلن الحركة الإسلامية موقفها النهائي خلال الأيام القادمة.

ودعت النهضة أنصارها وعموم الناخبين في الداخل والخارج إلى “المشاركة المكثّفة في الانتخابات والحرص على سلامة العملية الانتخابية وتأمين نزاهتها وشفافيتها حتى تعبّر بصدق عن الإرادة الشعبية”.

وشدد البيان على “حرص النهضة على المصلحة العليا للبلاد وتمسّكها بالوحدة الوطنية وتثبيت السلم المجتمعي ودعوة الجميع إلى الابتعاد عن كلّ ما من شأنه أن يقسّم التونسيين أو يكرّس الاستقطابات والتجاذبات الحادة”.

ويرى مراقبون في تونس أن حركة النهضة لن تغامر بدعم حليفها السابق المنصف المرزوقي علنا، حفاظا على احتمال تحالفها مع حزب نداء تونس صاحب الأغلبية البرلمانية في تشكيل الحكومة المقبلة، وهو ما استبعده قياديو النداء نظرا إلى تباين الآراء بين الشقيّن حول النمط المجتمعي والبرنامج الاقتصادي.

لكنّ العديد من السياسيين يقرّون أن النهضة تدعم في الخفاء المرزوقي، بدليل حصوله على غالبية الأصوات في المناطق والمدن التي كانت تعتبر سابقا معاقل لحركة النهضة.

ويدافع الموالون للشق الإخواني عن قرار النهضة، حيث يعتبرون أن القيادة نجحت باتخاذ موقف الحياد في تحاشي خيارين مكلفين، الأول الانسياق وراء أقلية تدعم السبسي داخل الحركة وترى في مساندته إمكانية الظفر بحقائب وزارية لها ثقلها، وهو ما سينتج عنه انقسامات حادة تذهب تماسك الحركة، والثاني دعم المرزوقي الذي يعدّ “زعيم” قواعد النهضة رغم أن القيادة غير راضية عنه بسبب أخطائه الدبلوماسية وتصريحاته المتسرعة.

في المقابل، أكد محللون أن موقف النهضة غير محايد وأنها تناور سياسيا بعدم تحديد موقف واضح وصريح من الانتخابات الرئاسية، مشدّدين على ضرورة الحذر من خطابات قياديي النهضة المكتنزة بمصطلحات تحريضية ترهيبية عن التغول وعودة الاستبداد وحكم دولة البوليس.

وعموما تروّج حركة النهضة، منذ فوز حزب نداء تونس بالأغلبية في البرلمان وترشح الباجي قائد السبسي إلى الانتخابات الرئاسية، لفكرة التغول وعودة منظومة الحزب الواحد، وهي تعلة يستخدمها أنصارها لدعم ترشّح الرئيس المؤقت المنتهية ولايته المنصف المرزوقي المعروف بولائه لإخوان تونس. وأكد متابعون للشأن التونسي أن حركة النهضة تقدّم من خلال تصريحات قيادييها رسائل مشفّرة إلى قواعدها تنبني أساسا على عبارات يتم تكرارها والتركيز عليها مثل “التغول” و”الحزب الواحد” و”عودة التجمع” و”رموز النظام السابق”، وهي نفس المصطلحات التي يستخدمها المرزوقي في حملته الانتخابية التي تقودها لجان حماية الثورة المتهمة بالتحريض على العنف والتشدد.

واعتبروا أن ورقة المرزوقي الرابحة في الانتخابات الرئاسية هي قواعد النهضة، فالرئيس المؤقت يرحب بدعم شباب النهضة له، بل ويسعى جاهدا إلى استمالتهم وذلك باستعمال خطاب شعبوي قوامه التهجم على حزب نداء تونس والتأكيد على الهوية الإسلامية للشعب التونسي، وهو طرح مفرغ تجاوزته الأحداث.

ورغم إعلانها أنها تقف على نفس المسافة من المترشحين، فإن قواعد الحركة وأنصارها يدعمون ويساندون بقوة المرزوقي، الذي يرون أنه يعبر عن “روح الثورة”.

يشار إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أعلنت، نهاية الشهر الماضي، أن إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لم يعد ممكنا في 14 ديسمبر الجاري، بعد أن تقدم منصف المرزوقي بطعون في النتائج الأولية التي أظهرت تقدم الباجي قائد السبسي، وبهذه الطعون ستجرى الانتخابات في 21 ديسمبر، أو 28 من نفس الشهر على أقصى تقدير إذا تم استئناف قرار المحكمة.

وكانت النتائج الأولية التي قدمتها هيئة الانتخابات قد أظهرت تقدم كل من الباجي قائد السبسي زعيم نداء تونس بنسبة 39.4 بالمئة والمنصف المرزوقي الرئيس الحالي بنسبة 33.4 بالمئة على بقية المنافسين، ولكنهما لم يحققا أغلبية مما سيجبرهما على خوض جولة إعادة تمثل فرصة أخيرة أمام المترشحين لإقناع الناخبين وتوسيع “رقعة” أنصارهما.

*نقلا عن العرب اللندنية