اصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا ، في ذكرى اليوم الدولي لضحايا الإرهاب ”الموافق 21 أغسطس 2019 ،بيانا بشأن ضحايا الإرهاب بليبيا  ،مذكرة بجرائم التنظيمات الإرهابية على الأراضي الليبية ،خصوصا مع إخفاق الفرقاء السياسيين ،مما أفسح المجال للإرهابيين.
أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في العديد من بياناتها وتقاريرها السنوية عن إدانتها للانتهاكات المتفاقمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي تم ارتكابها في ليبيا، وخاصة تلك الجرائم الفظيعة المتعلقة بالقتل خارج إطار القانون ، والتي ارتكبت من مختلف الأطراف ، وفي مقدمتها جرائم تنظيم "داعش" الإرهابي الذي استطاع في السابق اختطاف العديد من الليبيين والأجانب وإعدامهم بأشكال بشعة.
حيث وثقت المنظمة قيام تنظيم داعش باختطاف سبعة من الأجانب مسيحيي الديانة، بينهم مصري وغاني ونيجيري و4 إيطاليين. وكان التنظيم قد أعلن أيضا عن اختطافه لثلاثة من الأفارقة في 17 يوليو/تموز 2015، ويعتقد بأن اختطافهم جرى في مناطق قريبة من سرت التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي. بينما اختطف الإيطاليين الأربعة في 19 يوليو/تموز 2015 في مليتة غربي ليبيا، ويعتقد بأنهم احتجزوا في القاعدة العسكرية في منطقة صبراته التي سعى التنظيم لإعلان أنها إمارة إسلامية قبل تحريرها من قبضته .
وكان تنظيم "داعش" الإرهابي قد أعدم 21 مصرياً و30 اثيوبياً في مظاهر ذبح جماعي خلال نفس العام ، واصفاً الضحايا بـ"الصليبيين" لديانتهم المسيحية.
كما نفذ التنظيم سلسلة إعدامات لأفراد بوقائع مختلفة في مناطق سيطرته آنذاك ، لا سيما في وسط البلاد، منها إعدام السيد "أحمد أبو زنيمة" في جزيرة الزعفران في سرت، كذلك اختطاف القاضي "محمد سالم النملي" القاضي بمحكمة مدينة الخُمس .
كذلك واصل التنظيم الإرهابي تنفيذ سلسلة من هجماته على مناطق مصراتة، واستطاع التوجه جنوباً وفي اتجاه الجنوب الغربي لليبيا ، محاولا آنذاك إقامة حاجز جغرافي يتوسط مناطق الشرق والغرب ويكرس من تقسيم البلاد.
عمل التنظيم الإرهابي على منافسة الكيانات التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي في ليبيا على نحو ما شهدته مناطق درنة شرقي البلاد من معارك .
و أشارت المنظمة إلى تحول الجنوب الليبي و أصبح يئن تحت وطأة جرائم الإرهاب الممزوجة بالصراعات الداخلية المسلحة والاعتداءات الأجنبية والتي عصفت باستقراره و زعزعة أسس السلم الأهلي فيه .
وفضلا عما شكله الإرهاب في الجنوب الليبي من انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، أخذ الإرهاب استراتيجية مكملة للعصف باستقرار الجنوب وحال التعايش فيه ؛ حيث سعى للاستفادة من القتال الإثني والقبلي في المناطق المختلفة، والذي أوقع العشرات بين قتيل وجريح في مدينة الكفرة ومناطق الجنوب في إطار التنازع على السيطرة والموارد المحتملة بين قبائل التبُو والطوارق (9 قتلى و23 جريحاً ).
وكذلك واقعة تصفية 12 سجينً في يونيو 2016 بطرابلس، رغم صدور حكم قضائي بالإفراج عنهم وخروجهم من سجن الرويمي.
كل ذلك بالإضافة إلى عمليات قتل سابقة لم يتم فيها تفعيل العدالة و محاسبة الجناة ، من بينها إعدام عشرات الأسرى رميا بالرصاص في هجوم لقوات تابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق على قاعدة تمنهت ببراك الشاطئ في مايو 2017.
وأيضا العثور على عدد 36 جثة- مقتولة رميًا بالرصاص في اكتوبر 2018 بمنطقة الأبيار الواقعة تحت سيطرة الجيش العربي الليبي ، وكذلك تم توثيق العثور على ثلاث جثث ملقاه أمام مستشفى الهريش في مدينة درنة تم تصفيتهم من قبل مجلس مجاهدي درنة .
وتم توثيق جرائم " القتل الجماعي الانتقامية " بعد تفجير مسجد بيعة الرضوان في بنغازي يناير 2018.
تزايدت أنشطة التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية وجرائمهم في ظل فشل الفرقاء الليبيين في التوصل لتوافق ينهي أزمة الانقسام الوطني ويُعلي مصالح الشعب الليبي ويضع حداً لانتهاكات حقوق الإنسان الواسعة التي تورط في ارتكابها المقاتلين من كافة الأطياف.
في ظل كل تلك الصراعات بالتزامن مع غياب سيادة حكم القانون، تفاقمت أزمة الآلاف من المحتجزين بشكل غير قانوني في سجون الميليشيات المناطقية التي بقيت تشكل قوة الأمر الواقع بعد ثورة 17 فبراير 2011، وبقي أغلب هؤلاء قيد الاحتجاز دون تحقيق أو محاكمة ودون إذن قضائي، كما يُعتقد أن العشرات توفوا في الاحتجاز نتيجة سوء الخدمات والمعيشة، وعشرات آخرين قُتلوا تحت التعذيب، ويبقى آخرون في عداد المفقودين والذين يُعتقد أيضاً أنهم راحوا ضحية التعذيب وتم إخفاء جثامينهم.
وقد حالت الميليشيات - وارتباطاتها العابرة لحدود البلاد وسماحها بتدفق المقاتلين الأجانب إليها - دون بناء الدولة الجديدة أو إنجاح المرحلة الانتقالية لا سيما مع التدخلات الإقليمية والدولية غير الحميدة التي حرفت توجهات المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) عن التوجهات الشعبية التي اُنتخب لأجلها في يوليو/تموز 2012، وخاصة من خلال قانون ما يسمى بـ"العدالة الانتقالية" في مايو/آيار 2013 الذي أبعد غالبية الفاعلين السياسيين والقادة التاريخيين للمعارضة الليبية لفائدة الفاعلين الجدد المدعومين بالميليشيات المناطقية والتنظيمات الدولية.
لقد عمق المأساة والانقسام اغتيال قرابة 700 من رجال الجيش والشرطة والقضاة والسياسيين والإعلاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الفترة من يناير/كانون الثاني 2013 وحتى أغسطس/آب 2014، دون القبض على الفاعل الذي بقي مجهولاً.
كما تواصلت مأساة العديد من المناطق والمجموعات السكانية على نحو ما شهدت قبائل تاورغاء والمشاشية منذ نهاية العام 2011، وكذلك العمليات الإرهابية المتكررة على مناطق وسط ليبيا وجنوبها ( الفقهاء - غدوة ) .
تحولت ليبيا إلى معبر أفريقيا الرئيسي للهجرة غير النظامية، لا سيما مع تزايد الانفلات منذ يوليو/تموز 2014 .
وبينما لم يتأثر قطاع النفط على نحو يهدد مصالح القوى الدولية المستفيدة، لكن تحولت البلاد منذ منتصف العام 2013، إلى ساحة تنافس وصراع بالوكالة بين القوى الإقليمية، على نحو بات يحول دون توصل الفرقاء الليبيين للتوافق الوطني المنشود في مدى منظور، وهو ما ضاعف مخاطر قدرة الإرهابيين على التوسع والتأثير وتعاظمت سيطرته على مزيد من المناطق وفق فلسفة "إدارة التوحش" التي ينتهجها تنظيم داعش الإرهابي، وخاصة تكريس الانقسام الوطني عبر ترسيخ الانقسام الجغرافي، أخذاً في الاعتبار تبدل التحالفات في مجتمع طبيعته قبلية.
إن النظامين الإقليمي والدولي مطالبين بالاضطلاع بمسئولياتهما في التوصل لجهد جماعي منسق يعمل على دعم المؤسسات الأمنية و العسكرية الرسمية و مكافحة الإرهاب في ليبيا وملاحقة الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية ، ووقف تمدد التنظيمات الإرهابية، وبذل كل جهد وعناية مخلصة لإعادة الفرقاء الليبيين إلى مائدة الحوار، ودعم خطة انتقال عاجلة يمكن أن ترتكز على الإسراع بإجراء انتخابات رئاسية لإطلاق مسار انتقالي تتوافر مقوماته فعلياً، مع اتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء التنظيمات الإرهابية المعرقلة لقيام الدولة الديمقراطية .
عليه يتسنى للمنظمة التذكير : بمجموعة من التوصيات للحد و مكافحة الإرهاب بليبيا
:
- ضرورة تعزيز ودعم المؤسسة العسكرية والأمنية الرسمية بالبلاد .
- بناء علاقة قوية بين الدولة والإعلام والمجتمع المدني من أجل مجابهة الإرهاب.
- ضرورة خلق فضاء ديمقراطي مدني فسيح يتسع لكل المؤمنين بالمسار الديمقراطي .
- مواجهة الإرهاب بالعدالة إعمالا لمبدأ المحاكمة العادلة .
- مراجعة قانون الإرهاب وجعله قانونا يحترم الحقوق والحريات الفردية وينفي عنه طابع الاستثنائية.
- النهوض بثقافة حقوق الإنسان وقيم التسامح والاختلاف في المنظومات التربوية بجميع مستوياتها لنجعل منها رهانا لتنشئة مواطن يؤمن ويمارس قيم حقوق الإنسان ويعمل على ترسيخها.
- ضرورة ايجاد خارطة وطنية للمسار الديمقراطي ، تعمل على تعزيز واحترام حقوق الإنسان والمواطنة والجعل منها مرجعا أساسيا للنهوض بالدولة الوطنية.
- تعزيز دور التعليم و الثقافة لمواجهة خطاب الكراهيةو العنف والعمل على نشر قيم التسامح والاختلاف عبر جميع الوسائط.- المسرح – السينما – الإعلام السمعي والمرئي والمكتوب ...
- التعويض المادي و المعنوي عن الأضرار التي تعرض لها ضحايا الارهاب المباشرين وذوي حقوقهم وتوفير الحماية الاجتماعية لهم .
- التعامل مع المنظمات الممثلة لضحايا الإرهاب بصفتها طرف أصيل في وضع أي إستراتيجية لمناهضة الإرهاب وآثاره.