خص الممثل المغربي  أنور الجندي، يومية أخبار اليوم المغربية  بحديث اعتبر فيه أنه لم يعش قط، في جبة أبيه الفنان الكبير محمد حسن الجندي، منتقدا سيادة الرداءة في غالبية الأعمال الفنية، مستنكرا إقصاء الجودة، وترسيخ التفاهة برأيه.

 احتفلتم مؤخرا بالذكرى الـ31 لتأسيس فرقتكم «مسرح الفنون»، ما جديد هذه الفرقة التي تترأسها؟

< لدينا عمل جديد هو «السلامة وستر مولانا»، وهو من تأليف عبد المجيد فنيش، ومن إخراجي. وفي هذا الصدد، أحب أن أقول إنني أشتغل الآن خارج الوطن أكثر مما أشتغل في بلدي، وخصوصا مع الجالية، ومن هذا المنبر أوجه تحية صادقة للوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالجالية والهجرة التي صارت تحل محل بعض الجهات الوصية علينا.

 

 وبخصوص الإذاعة، أما تزال تؤلف وتخرج لها؟

< بكل تواضع أنا من حمل المشعل بعد جيل الرواد، (عبد الله شقرون ومحمد حسن الجندي وحمادي عمور والعربي الدغمي، ومحمد أحمد البصري) الذين سلموني المشعل، إذ أكتب وأخرج للإذاعة بصفة منتظمة، باستثناء الثلاث سنوات الأخيرة، نظرا إلى ما أصبح عليه حالنا الذي لا يرضينا.

وهنا أطلب من الإذاعة الوطنية بألا تكف عن إنتاج المسلسلات، فمتعة الإذاعة لا تضاهيها إلا متعة المسرح، رغم المبلغ الزهيد الذي نتقاضاه عنها، فما يتقاضاه الممثل عن دوره في الإذاعة أقل بكثير مما يمكن تصوره.

 

 كم تحديدا؟

< 300 درهم، أي نحو 34 دولار، للحلقة الواحدة. وهناك أمر يفاجىء أكثر، فالممثل الذي يتقاضى 300 درهم  يسجل أحيانا مشهدا أو اثنين، أما المخرج الذي يحرص على الحلقة كاملة ويواكب العمل من بدايته إلى نهايته، فلا يتعدى ما يتقاضاه 200 درهم.

 

 لماذا تقبلون بالعمل وفق هذه الشروط؟

< لنقل إنه عشق بالنسبة إلى البعض، ويمثل «النفقة اليومية للبعض.

 

 ما الذي لا يرضيكم تحديدا؟

< أنا من المنتقدين بشدة وبحدة لسياسة المناقصة وطلب العروض. أنا لا أومن بالمناقصة في الفكر والفنون والإبداع، فنحن لسنا عجلات السيارات، والفكر ليس أعمدة الضوء، والفن ليس رملا أو تبليطا للطرقات حتى يخضع للمناقصة.

 

 هذا يعني أنك ضد دفتر التحملات الذي أتى به وزير الاتصال مصطفى الخلفي؟

< دفتر التحملات حز في نفوس أشراف الفنانين، لأنه أبعد الفنانين الحقيقيين وقرب معلمين الشكارة. مع كامل الأسف قد تكون نية الوزير الخلفي حسنة، لكنه وقع في ما لا يرضي الفنانين الأشراف. ودفتر التحملات من منظوري حق أريد به باطل.

 

 هل تريد أن تقول إن فكرة الرقي بالإبداع الفني المغربي مجرد غلاف؟

< مضامين دفتر التحملات، رغم الادعاء بالرقي بالفن، إلا أنه أنزله إلى أسفل سافلين وخلقت بطالة في الأوساط الفنية. هذا الدفتر خنقنا الفنانين الحقيقيين وأعطى الفرصة لمن يجيد تنميق وتزويق وتنسيق الملفات، لا أكثر. 

نعرف في كل السباقات والرهانات أن مسابقة الهجن، والأرانب، والكلاب، مثلا، لا تتم في حلبة واحدة، فلا يمكن الجمع بينها في مضمار واحد، لأنها تختلف من حيث طبيعتها وقدراتها. 

في مجالنا، آخر ما يُفكر فيه هو الإبداع والفن، فالكل يتهافت على جمع الملفات والتحايل، حتى يحظى المشروع برضى اللجان، وهنا أسطر على كلمة «اللجان».

 

 ماذا تقصد من تسطيرك على كلمة «اللجان» ؟ 

< كيف يستقيم ظل العصا والعصا أصل أعوج.

 

 إلى من ترمز بالعصا؟

< العصا إشارة إلى بعض اللجان. فقد رأينا النتيجة التي كانت السنة الماضية. رأينا النقاد يشتكون، والفنانون غير راضين والجمهور متذمر، ويتحول إلى محطات أخرى ليشبع رغباته الفنية. 

كل عام جديد يأتي، نجد التلفزيون يتهافت على فنانين بعينهم من أجل سيتكومات. جميل أن نشتغل في إطار جنس جديد يفرض نفسه، لكن، هناك فنانين آخرين لا يرغبون في المشاركة في مثل هذا النوع من الأعمال، ونحن منهم. كما أن هناك فئة من الجمهور تحب أن تشاهد فرجة نقية لكنها لا تجدها إلا في القنوات الأجنبية.

 

 وهل ترى أن هذه السيتكومات ترقى فعلا إلى نمط السيتكوم الحقيقي؟

< لا. أبدا، فهي لا تُضحك، ولا تشبع رغبتنا كجمهور ولا كفنانين.

لايوجد أي عمل من بينها ترك أثرا، بخلاف الصدى الذي تتركه أعمال عربية مميزة. لذلك أعتبر أن هذا النوع من العمل يهدر المال العام في سبيل فرجة لا ترقى إلى مستوى ذكاء المتلقي.

وأنا أعرف فنانين اعتزلوا الفن بعد دفتر التحملات، وأشخاصا  جمدوا أعمال شركاتهم لأنها تؤدي الضرائب بشرف ورغم ذلك لا تعمل.

 

 مثل من؟

< يصعب علي تسميتهم.

 

 وأنت تدعو إلى الفرجة النقية هل تقدمت للتلفزيون بمشروع يمثلها؟

< أجل، فشقيقتي الحاجة هاجر الجندي، التي اشتغلت على أعمال تراثية أدبية دينية، اشتغلت لما يقارب ثلاث سنوات في بحوث مستفيضة في أمهات المراجع والكتب وألفت عملا حول دفناء وأولياء وأتقياء مدينة مراكش هم «سبعة رجال». الاشتغال على هذا العمل يخالف الأعمال العابرة التي لا تحضر إلا في آخر لحظة بعد قبولها والتي يعتمد أصحابها سياسة «جلج وصور وكور واعطي للجمهور الزغبي».

وقد تقدمنا به للتلفزيون المغربي، فكان رده «نخلصوكم في الكتابة والإنجاز حنا عارفين الشركة اللي تخدم عليه»، وهذا ما لم نقبله فكيف يعقل أن يحرم مخرج من عمل بحث فيه وعرف دقائق وتفاصيل شخصياته لمخرج آخر لا يفقه عنه شيئا. وفي هذا الصدد، سنقابل الوزير الخلفي.

 

 هل تقدمت بأعمال غيرها؟

< تقدمنا بمشاريع متنوعة، فنية وتربوية وتحسيسية وثقافية ومسرحية، لكن لم تعطنا الفرصة لإخراجها.

 والقناة الثانية، مثلا لم أشتغل معها منذ فترة طويلة، تقدمت خلالها بمختلف أنواع الفرجة. وهي لا تتذكرنا إلا لتؤثث بنا الفضاء للحديث عن وجه معين، ونلبي الدعوة فقط، احتراما لذلك الوجه.

 

 ألا تعتقد أن فئة عريضة من الجمهور هي نفسها لا تهتم بهذه الأعمال التي تقدم ما سميته «فرجة نقية»، وهو ما يجعل هذه القنوات تميل حيث يميل المستشهر بطلبه مسايرة ما تريده هذه الفئة؟

< لا أعتقد ذلك، فالجمهور المغربي يجب أن نحترم ذكاءه، ونظافة عقله ونحترم زوجاته وبناته والأسرة المغربية عموما. هذا الجمهور يصفق للأعمال الجيدة كربيع قرطبة وسيدنا يوسف والتغريدة الفسلطينية وغيرها.. هذا الجمهور من باب وطنيته وانتمائه المغربي يفتح القنوات ليعرف أين وصل مستوى الفن المغربي، ولا يعني ذلك أنه راض عما يقدم له.

الجمهور إذا أعطيته عملا راقيا يرقى إلى مستوى انتظاراته، فأكيد أنه سيتابعه، وشخصيات كثيرة مغربية مهمة، لو استثمرت في أعمال جيدة لحظيت بالمتابعة.

 

 في إطار سعيكم لإخراج أعمال من هذا القبيل، هل حاولتم التعامل مع قنوات خارجية؟

< لدينا اقتراحات ومناقشات مع بعض الإخوة القطريين. نتمنى الخير في هذا الصدد. وأختي هاجر كانت راسلت قناتي اقرأ والرسالة. ونحن نسعى جادين، واليد الواحدة لا تصفق.

وفي غياب هذا النوع من الأعمال الجادة التي نتوق لها ونعشقها، أجد ضالتي في المسرح الذي يأخذ مني شخصيا حيزا كبيرا.  

 

 كيف كانت تجربتك خلال الأعمال العربية التي شاركت فيها؟

< تعاملنا مع بعض الشركات الخارجية، كنجدت إسماعيل أنزور ومع حاتم علي كعائلة، واشتغلنا كشركة الجندي مع الفنان يحيى الفخراني في «مرسى والبحار».

قبل هذا كان لوالدي غزوات في أعمال عربية لم ير الجمهور المغربي منها إلا القليل، يمكن أن أقول إنه لم يشاهد منها غير فيلم الرسالة. 

والدي حاول منذ زمن استقطاب شركات للمغرب، وللفت الانتباه للمغرب، وأتى باللبنانيين.

 

 والدك اشتغل في أعمال عربية مختلفة، وأنت أيضا، هل عرضت عليك أعمال في الوقت الحالي؟

< أشتغل حاليا بالمسرح، وقد شاركت في مجموعة من الأعمال، قبلا، لكني رفضت بالموازاة أعمالا أخرى، ومنها المرابطون والأندلس، وغيرها، التي لن أذكرها حتى لا أسيء إلى أصحابها.

 

 ولماذا رفضت «المرابطون والأندلس»؟ 

< رفضته لأن مساحة الدور كانت طويلة، ولأنني كنت أشتغل على مسلسل إذاعي.

 

< نحن أوفياء، والإذاعة الوطنية لا يمكنني أن أبدلها بالعملة الصعبة وبدور كبير.

 

 بالموازاة مع أعمالك المسرحية والتلفزيونية لا نجد لك أعمالا سينمائية، هل هذا اختيار؟

< أنا لست من النوع الذي يرفع سماعة الهاتف لطلب أدوار.

 

 لكن، ألا تتم المناداة عليك؟

< أبدا، والأمر لا يتعلق بي وحدي، وإنما بأبي أيضا محمد حسن الجندي بتاريخه الكبير.

 

 ما السبب في رأيك؟

< هناك من يقول إن طلبنا مكلِّف، وهناك من يقول إننا منشغلون طوال الوقت بأعمال أخرى.

 

 وهل هذا صحيح؟

< كلها إشاعات واهية. لم يسبق لمخرج أن اتصل بنا ليؤكد هذا. وشخصيا أنا مرتاح لهذا الأمر، حين أرى المستوى الذي تدنت إليه بعض الأفلام، وإن كنت أنوه بالمركز السينمائي المغربي. 

وسأعترف بشيء لأول مرة، شاركت مع أختي الطيبة العزيزة المخرجة المقتدرة فاطمة بوبكدي في أغلب أعمالها، بدءا بـ»ثيغالين»، ولم نتحدث يوما في الأمور المالية، وتبعا لطبيعة الشركة التي تشتغل معها فأنا «كنزيد من جيبي» وهذا لأن الأدوار التي تسند إلي فاطمة بوبكدي تروقني. وهذا دليل قاطع ينفي ما يشاع عن كوني ووالدي «باهضي الثمن».

وأضيف أني حين أشتغل مخرجا أدفع للممثلين أكثر مما أتقاضاه «كنخلص بالغلا»، وبكل تواضع، فأغلى الأجور بين الفرق المسرحية هي التي أدفعها لممثلي فرقة مسرح الفنون، فرقتي المسرحية التي احتفلنا مؤخرا بالذكرى الـ 31 لتأسيسها. ولأني ممثل، أحب وأقدر الممثلين، لذلك أحب أن أوفر للمشتغلين معي ظروف الراحة على جميع المستويات، سواء كنا داخل أو خارج المغرب.

 

 ذكرت أن الأعمال السينمائية مستواها متدني، ونوهت في الآن نفسه بالمركز السينمائي، أليس في كلامك تناقض؟

< اللجنة المسؤولة عن الدعم المكونة من أعضاء محترمين تجد نفسها مضطرة للتأشير على بعض الأعمال، فحين ترفض حوالي 80 من النصوص، حياء منها، ستقبل 20 في المئة، لأنه لا يمكن ألا يمنحوا الدعم لأي فيلم. 

العيب هنا، ليس في من يختار، وإنما في الأعمال التي تُقدم. المبدعون عليهم أن يختاروا مواضيع أرقى للاشتغال عليها، ويجب أن تكون مواضيع لا تخدش الحياء، هذه الأخيرة التي لا تمت إلى أصل وأعراف المجتمع المغربي بصلة. 

 

 ربطك للفن بالأخلاق يمكن أن يعتبره البعض تقييدا لحرية الإبداع؟

< المخرج كمبدع، عليه أن يسعى إلى نظافة الشارع لا أن يكرس تلوثه في أعماله. ثمة أشياء كثيرة لا تقال صريحة، تكفي فيها الإيحاءات، فلا يمكن أن نصور مشاهد خادشة ونطلب من الجمهور أن يحضر رفقة أسرته للمشاهدة. وفي هذا الصدد، أحب أن أروي واقعة، فقد حضرت رفقة والدتي الممثلة فاطمة بنمزيان وأختي هاجر الجندي في مهرجان سينمائي لمشاهدة أحد الأفلام، عند المشهد الأول قبلة ساخنة، وقع عطب فاستمرت الصورة نفسها طويلا ما أحرجني وأفراد أسرتي واضطررنا إلى مغادرة القاعة.

أنا لست متزمتا ولا متحجرا، أنتمي إلى عائلة أغلب أفرادها فنانون، لكن الفن سمو ورقي وحشمة ووقار.

وقد تعرضت في عدد من مسرحياتي لعدد من الطابوهات، مكتفيا بإيحاءات رمزية، كما فعلت في مسرحية «لالة بنتي»، دون أن تكون هناك مشاهد صادمة.

وحتى نحصل على هذا يجب أن تكون الأقلام التي تكتب للسينما كفؤة لتوصل الفكرة وتبلغها، ويجب الابتعاد عن تقديم سيناريوهات بالفرنسية لمخرجين ثقافتهم فرنسية الذين يطلبون من الممثل أن يترجم دوره على النحو الذي يحلو له، دون دراية بأبجديات الترجمة المفروض فيها أن تتناسب وسياق اللغة والمجتمع الذي ستنقل إليه الموضوع.

 

 ألا تفكر في إخراج فيلم سينمائي بهذه المعايير؟

< قريبا، ستكون لي تجربة أول فيلم سينمائي طويل، سيتناول موضوعا جديدا، وسيحمل عنوان «ما تقيسيش راجلي»، وسيجمع ثلة من خيرة الفنانين المغاربة، من الرعيل الأول وجيل القنطرة وجيل الشباب ألفته وسأخرجه، وأنتجه، وسيرى النور في الـ 10 من أكتوبر المقبل في اليوم الوطني للمرأة.

 

 ألا تتخوف من الفشل في تجربة الإخراج السينمائي، لا أشكك في قدراتك الإخراجية، وإنما باعتبارها أول تجربة لك؟

< الإخراج برمته، المسرحي والتلفزي والسينمائي مارسته، فبالموازاة مع التمثيل على مدى سنوات لعبت فيها أدوار البطولة لمجموعة من المسلسلات، كنت أعمل مساعد مخرج، أو المخرج المنفذ، وعلى رأسهم المخرج عبد الرحمان ملين، فإن كنت أعتبر حبيبة المذكوري أمي الثانية بعد فاطمة بنمزيان، فأنا أعتبر عبد الرحمان ملين أبي الروحي والفني، الذي كان إلى جانبي دائما، ومنه تشربت صنعة الإخراج.

 

علاقة بتوجهك الفني كمسرحي، ما رأيك في الأعمال المسرحية التي أثارت جدلا واسعا في السنوات الأخيرة، مسرحية «ديالي» لنعيمة زيطان ومسرحية «كفر ناعوم» للطيفة أحرار نموذجا؟

< أنا شخصيا أحبذ أن أرى في قاعة المسرح الأسرة مجتمعة بكل أفرادهاـ لتشاهد أعمالي بدون حرج.

 

 يعني أن هذه الأعمال تسبب لك الحرج؟

مما لا شك فيه هذا النوع من المسرح يخلق نوعا من الحرج، يصلح لمهرجانات معينة. وأنا كمتلقي يصعب علي ذلك، وإن كنت فنانا، أن أشاهد مثل هذه الأعمال وسط أسرتي.

أنا أعترف بكفاءة نعيمة زيطان ولطيفة أحرار كنموذج لشباب مثقف برؤية معينة، وأحترم ثقافتهما، ولكن أعتقد أنه يجب أن نوفر الفرجة للأمة برمتها. لهذا فمسرحي لا يشبه مسرحهم، وهم ينشدون فئة معينة تحترم آراءهم. ويبقى لكل منا رؤيته الفنية الخاصة.

 وفي اعتقادي أن المواضيع التي تتناول بشيء من الإيحاء والرمزية تكون أبلغ وتشرك ذكاء المتلقي، بالإضافة إلى كونها تعمم الفرجة.

 

  هل يمكن أن تحدثنا عن علاقتك المهنية بوالدك حسن الجندي؟ 

< مهنيا، أنا لم أعش في جلباب أبي بقدر ما عشت في قفطان أمي، فأنا لم أشتغل مع والدي منذ سنة 1986 حين اشتغلنا على مسلسل «أولاد الحلال»، الذي كان ناجحا جماهيريا، لكن واكبه تجريح نقدي وإعلامي عن كون حسن الجندي يشغل معه أغلب عائلته، أثيرت ضجة واسعة خدشت إحساسي كفنان وأصابتني بالإحباط، فأقسمت أن أبتعد عن أبي. أخذت منحى آخر حيث لم ألتق به إلا بعد مرور 21عاما ، في مسلسل «علاش أولدي».

تعتبر علاقتي مع والدي حميمة ووطيدة، فقد كنت مستودع أسراره الفنية، وأذكره بأعماله الكثيرة التي لم يرها الجمهور المغربي.

 

 ألم تكن تعنيه مشاهدة الجمهور المغربي لها؟

< بلى، كان يحز في نفسه ذلك، فالجمهور المغربي أكثر ما يعنيه.

 

 قلت إنك كنت مستودع أسرار والدك حسن الجندي، أخبرنا عن شيء من هذا؟

< مرة استقبلته في المطار وكان سعيدا، إذ كان عائدا من تصوير دوره صخر في مسلسل «الخنساء» مع منى واصف في العراق، الذي نجح وأثار ضجة واسعة وكتب عن أدائه في الخليج العربي وغيره، لدرجة أن حسن البكر، الرئيس السابق للعراق، من فرط إعجابه بأداء حسن الجندي قال «ما أروع هذا الممثل الأردني»، معتقدا أنه أردني الجنسية، إذ استبعدوا آنذاك أن يأتي ممثل من شمال إفريقيا ويجيد العربية الفصحى.

نجاح هذا العمل ربحت منه الشركة المنتجة بشكل كبيى، لذلك طلب منها والدي أن تعطيه نسخة من المسلسل، على اعتبار أن ظروف التلفزيون المغربي لن تسمح له باقتنائه، فحصل عليه إكراما لدوره الذي أنجحه، وقدمه والدي هدية للتلفزيون المغربي، لكن حتى لا يشاهد المسلسل، لم يحدد له موعد قار لعرضه، فكانت تعرض حلقاته في أيام متباعدة ومختلفة، دون الإعلان عنها، الأمر الذي أثر على نفسية والدي، وأدمى قلبه.