مع تصاعد حدة المعارك على تخوم العاصمة الليبية وإحراز الجيش الليبي تقدما سريعا في المواجهات مع المليشيات المسلحة في غرب البلاد، وسيطرته على عديد من القرى والمناطق والمرافق العامة أثناء تقدمه نحو العاصمة من جميع المحاور،تتكشف بالتزامن مع ذلك التحالفات التي أقامتها القوات الموالية لحكومة الوفاق مع العناصر الارهابية لمواجهة القوات المسلحة الليبية.

ففي تطور جديد،أعلنت مصادر محلية متطابقة، مساء السبت 25 مايو/أيار الجاري، عن مصرع أحد أخطر القيادات المتهمة بالإرهاب، في المعارك الدائرة بالعاصمة الليبية طرابلس، و هو محمد محمد محمود بن دردف، الذي اشتهر باسم "البابور" والذي ينشط في صفوف ميليشيا "الصمود" التابعة للمطلوب دوليًا صلاح بادي.

و أكّدت تقارير اعلامية أنّ الإرهابي "البابور" قتل خلال مشاركته في صفوف قوات حكومة الوفاق  بمعسكر النقلية يوم السبت في طرابلس.وأوضحت أنّ المدعو "البابور"، هو أحد أبرز منتسبي تنظيم أنصار الشريعة، وهو مطلوب دوليًا بسبب تورطه في الهجوم الإرهابي الذي استهدف القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية العام 2012.

وبدورها أفادت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية بأنّ قوات الجيش الوطني الليبي نجحت خلال المعارك مع الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق في طرابلس في قتل "البابور" داخل عربة مدرعة على الطريق المؤدية إلى مطار طرابلس، عندما أصيب بصاروخ روسي مضاد للدبابات "كورنيت".مضيفة أن مواقع ألكترونية تنتسب لتنظيم أنصار الشريعة التابع لتنظيم داعش الإرهابي نعت بن دردف على مواقعها وصفحاتها بشكل رسمي.

و"البابور"، هو سجين سابق في أبو سليم بسبب فكره التكفيري، وقد خرج عام 2011 من السجن وتم تكليفه خلال العام 2012 بتولي ملف تعويضات سجناء أبو سليم، قبل أن يلتحق بكتيبة "راف الله السحاتي" و"درع ليبيا 1" مع المتشدد وسام بن حميد، وشارك معه في قتل 41 شابًا من مدينة بنغازي، وفق ما نقلته وسائل إعلام محليّة و أجنبية.وكان المدعي العام العسكري قد أعلن مطلع العام الجاري عن قائمة بأسماء عدد من المطلوبين في قضية مقتل السفير الأمريكي ببنغازي في 11 سبتمبر/أيلول 2012 كان بن دردف من بينهم.

ويأتي مقتل "البابور"،في أعقاب مقتل الإرهابي التونسي - الليبي "رامي عبد الرزاق الذهبي البكاري" المعروف بإسم "رامي شويّة"، الخميس 23 مايو/ايار الجاري، في الاشتباكات الجارية بجنوب غرب العاصمة طرابلس وذلك خلال قتاله بصفوف قوات حكومة الوفاق ضد القوات المسلحة بالقيادة العامة.

وكشفت مصادر أمنية تونسية عن مجموعة هامة من المعطيات حول البكاري فأكدت أنه طبيب مسعف من بين القيادات التي دبرت الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة بن قردان (جنوب شرقي تونس) في شهر مارس (آذار) من سنة 2016، وهو من بين القيادات الإرهابية التي تحتفظ بمعلومات هامة عن عدد من العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس.

وأشارت التحريات الأمنية التي أجرتها فرق مكافحة الإرهاب في تونس إثر الإعلان الرسمي عن مقتل رامي البكاري، إلى أنه يبلغ من العمر نحو 29 سنة أصيل منطقة سيدي بوزيد (وسط تونس)، وقد سافر مع والده إلى مدينة صبراتة الليبية منذ سنة 2000، أي عندما كان عمره لا يزيد على 10 سنوات، وانضم إلى التنظيمات الإرهابية الليبية في سن مبكرة والتحق خلال المدة الأخيرة بالمجموعات المقاتلة الإرهابية وقد انضم مجموعة المقاتلين المدافعين عن العاصمة الليبية طرابلس.

ويثبت مقتل "البابور" و"شوية" في صفوف مليشيات طرابلس صحة ما أعلنه الجيش الليبي من أن عناصر متطرفة وإرهابية تنتمي لتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين ضمن صفوف مليشيات حكومة الوفاق.وقال رئيس لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب الليبي زايد هدية إن "وجود عناصر إرهابية في صفوف مليشيات الوفاق ليس غريبا، في ظل تحالف الجماعات الإرهابية ضد الجيش الوطني الليبي.

وأضاف هدية،في تصريحات ل"العين الاخبارية"،أن الإرهابي محمد بن دردف المعروف بـ"البابور" المتهم بقتل السفير الأمريكي في بنغازي ليس وحده من يقاتل في صفوف ما يسمى "حكومة الوفاق".وأوضح هدية أن مجلس النواب الليبي يعلم أن هناك قيادات إرهابية أخرى مثل "النص" وغيره من المعروفين بتطرفهم يقاتلون إلى جانب هذه المليشيات في طرابلس.ونبه هدية أن قوات حكومة الوفاق هي خليط من المليشيات الإجرامية والجماعات الإرهابية المتحالفة معا للسيطرة على مقدرات الدولة ومراكزها المالية.

وكان المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة،قد أكد في وقت سابق إنه رصد بعض العناصر الإرهابية الهاربة من العدالة وهي تقاتل إلى جانب الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق في محيط العاصمة طرابلس، وأشار إلى أن هؤلاء هم أنفسهم سبق أن شاركوا في المعارك ضد الجيش الليبي في بنغازي ودرنة.

ومنذ انطلاق عملية "طوفان الكرامة" التي أعلنها الجيش الليبي في الرابع من أبريل/نيسان الماضي،تقدمت العناصر والجماعات المتطرفة والإرهابية من تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الصفوف الأمامية للمليشيات التي تتصدى للقوات المسلحة،على غرار قوات أبو عبيدة الزاوية، والتي تتمركز بشكل أساسي في مدينة الزاوية الليبية، ويقودها شعبان هدية المكني بأبو عبيدة الزاوي، والذي سبق أن اعتقل في القاهرة لانتمائه لتيارات جهادية وعلى إثر ذلك اختطف 5 دبلوماسيين مصريين تمت مقايضتهم به، وينسب لهذه المليشيات حرق 10 طائرات بمطار طرابلس قبل سنوات.

كما انضم "لواء الصمود" بقيادة الإخواني صلاح بادي، للقتال ضد الجيش الليبي. ويعتبر صلاح بادي أحد أبرز قيادات عملية "فجر ليبيا"، ويحمل رقم 71، ضمن قائمة الإرهاب، التي أعلنها مجلس النواب، وشملت أكثر من 75 إرهابيا متورطين في جرائم حرب داخل ليبيا.اضافة الى قوات ما يسمى "سرايا الدفاع عن بنغازي" المصنفة عربياً على لوائح التنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة في شمال أفريقيا والتي أعلنت إنضمامها لقوات حكومة الوفاق في طرابلس والمنطقة الغربية.

وكشف اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي عبر مؤتمراته الاستثنائية اليومية منذ انطلاق العلمية أسماء عدد من الإرهابيين والمطلوبين دوليا يقاتلون في صفوف قوات الوفاق.كما كشف المسماري أن مليشيات مصراتة تمكنت بقيادة الإرهابي خالد الشريف من استقدام عناصر داعش من سوريا والعراق عبر مطارات المدينة للمشاركة في الحرب ضد الجيش الوطني الليبي.

ورغم نفي حكومة السراج ذلك فإن جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية ذكرت في تقرير لها 13 أبريل/نيسان الماضي أن من ضمن المليشيات الموجودة في طرابلس "جماعة أنصار الشريعة" التي بايعت تنظيم داعش.وظهرت أعلام تنظيمي "داعش" و"القاعدة" في عدد من المناطق في طرابلس أثناء المعركة معلقة على جسور المدينة (جسر السواني) ومرسومة على الحوائط،بل شاركت المليشيات صورا لمتطرفين مقتولين تصفهم بالشهداء، تظهر في خلفيتها أعلام وشعارات تنظيم داعش.

وكشفت معركة طرابلس عن انتشار العديد من العناصر الارهابية الفارة من مناطق في شرق وجنوب البلاد وانضمامها للقتال في صفوف المليشيات ضد الجيش الليبي على غرار فلول مجالس شورى بنغازي وإجدابيا ودرنة الفارة من المنطقة الشرقية وبقايا تنظيم أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة الفارة من صبراتة وسرت ومناطق الجنوب.

وعبّرت دول كبرى عدة ومنظمات دولية عن قلقها من صدور تقارير إعلامية تشير إلى انضواء بعض الإرهابيين والمطلوبين للعدالة بصفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية في معاركها ضد الجيش الوطني الليبي في العاصمة طرابلس.وأصدر الاتحاد الأوروبي بياناً عبّر فيه عن قلق الأعضاء من تورط عناصر إرهابية وإجرامية في القتال، بمن في ذلك الأفراد المدرجون في قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في إشارة إلى المهربين الذين يقاتلون في صفوف الوفاق مثل عبد الرحمن الميلادي "البيدجا" وصلاح بادي وإبراهيم الجضران وغيرهم.

وبدورها أدانت فرنسا من جانبها، في بيان رسمي صادر عن وزارة خارجيتها تورط بعض المجموعات والأشخاص، الموضوعين على لائحة الأمم المتحدة للعقوبات، مثل المهرّب المعروف عبد الرحمن الميلادي المعاقب فرنسياً وأممياً، وقائد لواء الصمود صلاح بادي، وإبراهيم الجضران، وغيرهم من المتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة وعلى رأسهم زياد بلعم، وكلهم من المقاتلين بصفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق.

وتتصاعد الاتهامات لحكومة الوفاق بالتعويل على المليشيات والعناصر المتطرفة لمواجهة القوات المسلحة،وأكد الأكاديمي والمحلل السياسي الليبي محمد ابوراس الشريف،أن حكومة الوفاق تحاول تشكيل تحالف مسلح ضد الجيش الليبي، واستجلاب عناصر إرهابية إلى ليبيا.

وقال الشريف ردا على سؤال من "بوابة أفريقيا الإخبارية"، حول وجود عناصر أجنبية في ساحة القتال الليبي،أن "حكومة الوفاق بالعاصمة طرابلس تحاول استجلاب العناصر التي تنتمي للمجموعات المتشددة في محاولة منها لخلق تحالف مسلح لصد هجوم الجيش الليبي وتظهر بين الحين والآخر أسماء تلك العناصر الملاحقة دولياً بسبب ضلوعها في عمليات تصنف بالإرهابية والتي تشارك قوات حكومة الوفاق حالياً مما يجعل حكومة الوفاق في دائرة السهم الدولي".

وأضاف الشريف،"وتعتمد استراتيجية حكومة الوفاق على استمالة تلك العناصر لكسب المعركة أو على الأقل اطالة مدة المعركة لعل وعسى أن تتغير سياسة الدول الكبرى ...حيث ترى الدول الكبرى تلك في دخول الجيش لطرابلس أمر جيد من أجل تحجيم دور الجماعات المتشددة وتقزيم المليشيات الغير منضبطة وفك الارتباط معها لضمان مصالحها في المرحلة القادمة".

وتصاعدت مؤخرا التحذيرات من انتقال عناصر ارهابية الى ليبيا عن طريق دول تسعى لمنع سقوط المليشيات الموالية لها في العاصمة طرابلس.وكشفت بحسب تقارير اعلامية كثفت تركيا من عمليات تجميع العناصر الإرهابية الفارة من المعارك في سوريا، خاصة أفراد تنظيم "جبهة النصرة؛ حيث شرعت في نقلهم جواً إلى الأراضي الليبية لدعم الميليشيات المسلحة.وأكّد اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي،خلال مؤتمر صحفي على وجود "خط جوي وبحري مفتوح بين تركيا ومصراتة لنقل العتاد العسكري والإرهابيين إلى ليبيا".

ومع فوضى انتشار السلاح وتضارب المصالح لدى قادة عدد من الميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس، يصر الجيش الليبي على مواصلة عملياته العسكرية التي تأتي بحسب مراقبين بسبب استمرار مشهد الانفلات الامني وسيطرة الميليشيات المسلحة على طرابلس، وضعف حكومة الوفاق على الأرض في مواجهة هذا الخليط من الميليشيات وتعويلها عليها ما أدخل البلاد في أزمة خانقة تستمر تداعياتها منذ ثماني سنوات..