المهجرون الليبيون بجمهورية مصر العربية يمثلون النسبة الأكبر من مجموع المتواجدين في بقية الدول، وهم الأكثر تفاعلا نظرا لتواجدهم بمختلف شرائحهم بما في ذلك القيادات السابقة، وهو ما جعل الساحة المصرية الأكثر حراكا، ودعا السلطات في ليبيا لاستحداث خطة جديدة ضمن النسق الدبلوماسي تتمحور مهامها في خدمة المهجرين ومتابعة وحل مشاكلهم، والتي تمثلت في الملحقية الاجتماعية، حيث قررت الحكومة المؤقتة في شهر سبتمبر 2015 استحداث صفة الملحق الثقافي لسفارتي ليبيا في كل من مصر وتونس.

وحتى نقف على نشاط وبرامج عمل هذه الملحقيات كان لبوابة إفريقيا إفريقيا هذا الحوار مع الدكتور حسين شفشة الملحق الاجتماعي بسفارة ليبيا بالعاصمة المصرية القاهرة، والذي بدأ حواره مباشرة بالتعريف بالملحقة الاجتماعية ونشاطها قائلا:

وظيفة الملحق الاجتماعي تم استحداثها من قبل الحكومة المؤقتة في شهر سبتمبر سنة 2015 وذلك للتعاطي مع ظروف المهجرين الليبيين في الخارج، لاسيما في كل من مصر وتونس، وجاء ذلك بعد قيام بعض اللجان بعدة بزيارات وحاولت تقديم مقترحات لوضع حلول لمشاكل المهاجرين، إلا أنها فشلت في مجملها، وهذا ما جعل وزارة الشؤون الاجتماعية تتخذ قرارا بتقديم مقترح إلى رئاسة الوزراء لاستحداث ملحقية اجتماعية في بعض السفارات بالدول التي تتواجد بها أعداد كبيرة من الليبيين فتم إقرار فتح ملحقيتين في كل من مصر وتونس. ومهام الملحقيات محددة في الوقوف على شؤون النازحين والمهجرين، وتقديم الإعانات لهم وحل مشاكلهم، وإعداد التقارير عن مشاكل ومعاناة المهجرين، وحصرهم، وتنفيذ المسوح الاجتماعية.

ما هي أدوات التواصل بين الملحقية والمهجرين؟

أنا أحد المهجرين في الأساس منذ 2012 وتم اختياري في هذه المهمة لهذا السبب وذلك لمعرفتي بمشاكلهم، واعتمد بشكل كبير على التواصل بشكل شخصي، إضافة إلى بعض الوسائل التقنية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الرسمية مثل موقع السفارة، علاوة على الاستفادة من بعض اللجان كلجنة أولياء الأمور بالمدرسة الليبية وغيرها من التنظيمات الليبية على الساحة المصرية. 

انقسام السفارة حد من نشاطنا

كانت لدينا مشاكل كبيرة بسبب انقسام عمل السفارة  وتعدد السفراء، إلا أننا تمكنا من مباشرة العمل وفي عملية حصر المهجرين الذين تمكنا من جمع معلوماتهم الموثقة، حيث تضم المنظومة الحالية 5700 عائلة في مصر، إلا أن هذا ليس العدد الإجمالي لأن هناك أعدادا كبيرة لم تقدم ببياناتها للملحقية والسفارة.

ولكن هناك أرقام ضخمة يتم تداولها في الأوساط الإعلامية

حركة المهجرين ترتبط بعدة عوامل ومؤثرات. في بداية 2012 العدد المعلن من قبل السلطات المصرية تجاوز المليون، ولكنه أصبح يتراجع نتيجة تغير الظروف كغلاء المعيشة في مصر، وصعوبة الحصول على فرص الدراسة، وبتحسن الظروف بعد 2014 في مدن المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب وبني وليد وغيرها اختار الألاف منهم العودة.

هل لديكم فرق مسح من اخصائيين اجتماعيين وغيرهم؟

لدينا موظفة واحدة تعمل كأخصائية اجتماعية، ونحن نحتاج إلى عمل فريق، ولكن بسبب قفل الحساب الخاص بنا إلى حد الآن لم نستطع تكليف فريق عمل للقيام بهذه المهام على الرغم من أهميته، ونحن نفكر في الاتفاق مع بعض الأخصائيين الاجتماعيين ويتم التعاقد معهم ولو بعقود عمل عارضة لتنفيذ مسوح اجتماعية والتحقق من البيانات، وتحديد المحتاجين بالفعل للإعانات.

التعليم هاجسنا الأول والأهم

ملف التعليم هو من أهم أولويات، وأنا اعتقد أن ما يزيد عن 85% من مشاكل المهجرين في مصر تمكن في إيجاد مدرسة ليبية عامة، لأن الموجود الآن مدرسة ليبية خاصة، رسوم الدراسة فيها مكلفة جدا وتصل إلى خمسة أضعاف نظيراتها المصرية، وهذا موضوع مجحف، والمشكلة الأكبر أنها تستحوذ على حق فتح مدرسة ليبية أمام السلطات المصرية باعتبار الاتفاق بين البلدين لا يسمح بفتح أكثر من مدرستين.

وتبقى أمامنا مشكلة في فتح مدرسة عامة، لأن المدرسة الحالية كانت مدرسة تابعة للدولة وتم منحها للقطاع الخاص، ولكن هذا لا يضير في فتح مدرسة عامة أخرى، وتبقى الخاصة لمن يريد تدريس أبنائه فيها. والآن بعد قدوم السفير الجديد (محمد عبدالعزيز) بدأ في محاولة حل مشاكل المهجرين والجالية الليبية في مصر، ويعتبر أن أولى أولوياته إيجاد مدرسة ليبية في مصر، والإجراءات تسير في سبيل افتتاح مدرسة ليبية عامة.

وماذا عن الملف الصحي؟ وكيف تتعاملون مع بعض الحالات الخاصة التي ترتب على علاجها تكاليف كبيرة؟

نعم لدينا العديد من الحالات المدرجة في قائمات الأسر محدودة الدخل وقمنا بوضعها أمام وزير المهجرين في زيارته الأخيرة إلى لقاهرة قبل أيام، ونحن نضع مثل هذه الحالات تحت بند الإعانات، ويتم ذلك بتقديم طلب لأي غرض سواء كان صحيا أو أي مشكلة أخرى، ويتم تحويلها للسفير وبالتالي يتم تسديدها، على الرغم من صعوبة الوضع المالي للسفارة في الوقت الراهن، ولكن الوزير أكد على ضرورة الاهتمام بمثل هذه الحالات خاصة الصحية منها، أو الذين يرغبون في العودة للبلاد ويحتاجون لتغطية مصاريف العودة وتسديد ما عليهم من التزامات.

وماذا عن الغرامات المترتبة على إجراءات الإقامة؟

منذ وصلتنا الشكاوى من المهجرين من تطبيق فرض الغرامات على التأخير في الإقامة على الليبيين بدأنا التواصل مع الجانب المصري، وتمكننا من التوصل إلى حل جزئي، يتمثل في رفع المطالبة عن الفترة قبل فرض القرار الجديد والمحاسبة على ما بعد إقراره فقط، ونحن على استعداد لمساعدة كل من يعاني من مثل هذه المشاكل حتى لو اضطرت السفارة للتكفل بدفع الغرامات، وفي لقائنا مع وزيرة الهجرة المصرية خلال زيارة الوزير الأخيرة، صدر بيان مشترك، وأكدت الوزيرة المصرية بأنها ستتابع هذا الملف مع السلطات المصرية لوضع حلول نهائية لهذه الاشكالية.

قبل أيام قام وزير المهجرين يوسف جلالة بزيارة إلى القاهرة، ما تفاصيل تلك الزيارة؟

هذه الزيارة الرابعة للوزير، ولكن الزيارات السابقة كان وضع السفارة فيها غير مستقر وتعاني من انقسام، ولكن هذه الزيارة تختلف لأنها جاءت بتكليف رسمي من رئيس المجلس الرئاسي، للالتقاء بكل شرائح الليبيين المتواجدين على الساحة المصرية دون النظر لانتماءاتهم وتوجهاتم السياسية، إضافة إلى جملة من اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين المصريين من بينهم شيخ الأزهر، ووزيرة الهجرة، وغيرها من المحطات المهمة، علاوة على لقائه بالسفير الليبي وتأكيده على ضرورة فتح الحساب الخاص بالمهجرين وبدء الصرف منه على الحالات المستعجلة، وتقديم المساعدات للمحتاجين.

قامت إحدى اللجان بتقديم مبالغ مالية في وقت سابق للمهجرين بواقع 400 دولار لكل أسرة، وواكبت عملها موجة من اللغط، ما تقييمكم لعمل تلك اللجنة؟

أنا كمواطن مهجر تعاملت مع هذه اللجنة واستلمت المخصص لي، وأثناء زيارتي سجلت جملة من الملاحظات، وكان انطباعي سيئ، حيث كانت القائمة تضم تقريبا 1574 اسما وتم تسليم المبالغ المالية لجزء، وانتقلت اللجنة للاسكندرية، وبعدها عادت اللجنة إلى ليبيا ولم تعد مرة أخرى إلى مصر، والمبلغ الذي تمت إحالته يقدر بحوالي مليون و400 ألف دولار لمصر ونفسه تم تحويله إلى تونس، وهي مخصصة لتغطية مصاريف كل عائلة مهجرة، واللجنة يفترض أن توزع وفقا لآلية واضحة تابعة للوزارة، والحساب الذي فتح لمخصصاتها من المفترض أن يفتح تحت إشراف السفارة والمراقب المالي لها، ولكن ما حدث أن الحساب فتح دون علم ولا سيطرة السفارة، ومن يوقع عليه هو رئيس اللجنة وعضو آخر جاء معه من ليبيا، وتم صرف مبلغ 496 ألف دولار وهذا المبلغ عندما يقسم على 400 دولار المفترض أنه منح لـ1240 عائلة ولكن بعد التفتيش لم نجد أي مستندات تثبت كيف تم صرف هذا المبلغ، وعندما كلفت بهذه المهمة قمت بالتفتيش على تفاصيل الصرف لم أجد شيئا، فطلبت من الوزير تجميد الحساب، بالتعاون مع مدير المصرف العربي الدولي، وتم اعتماد توقيع الملحق الاجتماعي والسفير والمراقب المالي بالسفارة. وقمت كملحق اجتماعي بطلب تفاصيل صرف المبلغ المخصص للمهجرين فتم منحنا بمعلومات عن من تم الصرف لهم من قبل اللجنة، فاتضح أن من اسلموا مبالغ مالية 254 شخص فقط، وقمت بتحويل هذه الإشكالية إلى ديوان المحاسبة وجهات الاختصاص للتحقيق في القضية.

كيف يمكن للمواطن المهجر من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الملحقية الاجتماعية؟

المؤكّد أن معظم المهجرين يعرفون الملحقية ويستطيعون التواصل المباشر بها، ونحن بكل بساطة لدينا ملفات مفتوحة، ورصدنا العديد من الطلبات التي تحتوي احتياجات لبعض المهجرين وبمجرد الإفراج عن الحساب سيتم توزيع مساعدات وإعانات للعديد من الحالات التي تستحق، وتمكنا من مساعدة عدد من المهجرين في العودة الطوعية لليبيا، ونجحنا أيضا في حل مشكلة المرتبات الموقوفة، وذلك بمراسلة الجهات المسؤولة، وهنا أشكر وزير التعليم لاتخاذه قرارا بالإفراج على مرتبات المعلمين المهجرين، وأدعو من خلال هذا الحوار بقية الوزارات للحذو حذوه.

ونحن دورنا إجرائي ومهم جدا في عملية الإفراج عن المرتبات وغيرها من الحقوق لأننا من يحدد المهجر من غير المهجر، ولأننا نقوم بإعداد خطاب وفق سياق قانوني يشمل الرقم الوطني وجواز السفر وتاريخ التهجير،  ويتم توجيهه للجهات ذات الاختصاص، بمعنى أن الإجراءات جميعها لا تتم إلا وفق سياق واضح ومحدد ويشمل الجميع دون استثناء، ويتم فيه التعامل مع المواطن مباشرة دون أي وسيط بما في ذلك الكيانات المنشورة الآن.

نحن على أبواب شهر رمضان المبارك، هل لديكم خطة محددة لهذا الموسم؟

نحن في انتظار موافقة وزارة الخارجية لفتح الحساب، وبمجرد تمكننا من ذلك ستكون لدينا برامج جيدة لصالح المهجرين، مثل السلات الغذائية، والإعانات النقدية للأسر المتواجدة هنا في مصر، وغيرها، هذا إلى جانب صندوق التضامن الذي يعتمد مساهمات رجال الأعمال وبعض الشركات وغيرها من الممولين.

ماهي الرسالة التي ترغبون في توجيهها للمهجرين الليبيين في مصر؟

في الختام أود أن اتوجه برسالة واحدة مفادها أن السفارة خاصة الآن في وجود سفير كفء وعلى وعي كبير بمهامه، واهتمامه بالمهجرين، فإننا ندعو الجميع لزيارة السفارة مباشرة ومكاتبنا مفتوحة للجميع دون استثناء، والجميع سيجد الخدمة دون منة أو فضل من أحد.