على وقع تصاعد وتيرة التدخلات التركية عبر ارسال الآلاف من المرتزقة والارهابيين وشحنات السلاح المتتالية لاشعال الصراع بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق، دخلت مصر على خط الأزمة دبلوماسيا عبر طرح مبادرة سرعان ما لقيت رفضا من حكومة الوفاق بأوامر تركية، لترد القاهرة على هذا التعنت برد قوي وضعت فيه "خطوط حمراء" لن تقبل تجاوزها. 

  وفي 6 يونيو/حزيران الجاري، طرحت مصر مبادرة تضمن العودة للحلول السلمية في ليبيا، ولاقت تأييدا دوليا وعربيا واسعا. وتضمنت المبادرة المصرية التي أطلق عليها "إعلان القاهرة" التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والعمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية مع تحديد آلية وطنية ليبية ليبية ملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة. 

وجاءت هذه المبادرة في أعقاب تحولات كبيرة شهدتها الأحداث في ليبيا، مع تتالي انسحابات الجيش الوطني الليبي من أغلب محاور العاصمة الليبية طرابلس وصولا الى اعلان حكومة الوفاق عن سيطرتها على مدينة ترهونة أبرز قواعد القوات المسلحة. لكن سرعان ما توضحت الرؤية مع اعلان الجيش الليبي انسحابه بناء على ضغوط دولية نحو فتح المجال لعودة العملية السياسية في البلاد. 

وأكد المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، إن القوات المسلحة الليبية، تعرضت لضغوط دولية للرجوع 60 كيلومتر عن تمركزها في طرابلس، والجيش خاطب الجهات الدولية بضرورة الفصل بين السياسة، ومحاربة الإرهاب. وأوضح أن الجيش الليبي رأى أن التمركز داخل ترهونة سيعرضها للقصف، والجيش لا يحتمي بالمدن، فصدرت الأوامر بالتمركز خارج المدينة حتى لا تتعرض للدمار. 

وقبل ذلك أعلن الجيش الوطني الليبي إعادة تمركز وحداته خارج طرابلس مع شرط التزام الطرف الآخر بوقف إطلاق النار، محذرا أنه في حالة عدم الالتزام بذلك فإن القيادة العامة سوف تستأنف العمليات و ستعلق مشاركتها في لجنة وقف إطلاق النار 5 + 5. وأكدت القيادة أن القرار جاء بناء على موافقة القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية على استئناف مشاركتها في لجنة وقف إطلاق النار 5 + 5 التي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وإنجاح أعمالها المرتقبة. 

تحرك الجيش هذا سرعان ما أعقبه تحركات لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح والقائد العام للجيش الليبي في القاهرة حيث التقيا بعدد من المسؤولين المصريين، لتنتهي هذه الاجتماعات باعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي  خلال مؤمر صحفي، عن التوصل لمبادرة شاملة ومشتركة لإنهاء الصراع في ليبيا. 

ومع الاعلان عن المبادرة المصرية تتالت ردود الفعل الدولية المرحبة، حيث أعربت روسيا عن ترحيبها بكل الجهود الرامية إلى تسوية النزاع في ليبيا، وقال بيان للسفارة الروسية بالقاهرة، عبر صفحتها على موقع "فيسبوك"، "نرحب بكل الجهود الرامية إلى تسوية النزاع واستعادة السلام في كافة الأراضي الليبية". وأضافت السفارة "تقدمت مصر اليوم بالمبادرة الهامة لإنهاء الأزمة في ليبيا. 

وبدورها، رحبت الولايات المتحدة، بالمبادرة المصرية التي تهدف إلى حل شامل للأزمة الليبية، وقالت السفارة الأمريكية في ليبيا، في بيان على صفحتها على موقع "فيسبوك" اليوم "نرحب بجهود مصر وغيرها من الدول لدعم العودة إلى المفاوضات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة وإعلان وقف إطلاق النار. 

وأضافت "تراقب الولايات المتحدة باهتمام ظهور الأصوات السياسية في شرق ليبيا"، معربة عن تطلعها إلى "رؤية هذه الأصوات منخرطة في حوار سياسي وطني حقيقي فور استئناف محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي تستضيفها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشأن وقف إطلاق النار". وأضاف البيان "ندعو جميع الأطراف للمشاركة بحسن نية في وقف القتال والعودة إلى المفاوضات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة". 

وعلى الصعيد الأوروبي، أعلنت فرنسا دعمها للمبادرة التي طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي لحل الأزمة الليبية. وحسب بيان الخارجية الفرنسية، فقد هنأ وزير الشؤون الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، السبت، نظيره المصري سامح شكري، على الجهود التي بذلتها مصر بشأن الملف الليبي، ورحب بالنتائج التي تحققت اليوم والتي تهدف إلى الوقف الفوري للقتال واستئناف المفاوضات في إطار اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5. 

وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اتصال هاتفي بالرئيس المصري عن دعمها لجهود وقف إطلاق النار. وقالت الحكومة الألمانية في بيان لها، إن المفاوضات التي تدعمها الأمم المتحدة يجب أن تظل الهدف الرئيسي لعملية السلام في ليبيا. وكذلك، رحبت بريطانيا، بالمبادرة المصرية بشأن وقف إطلاق النار في ليبيا، مؤكدة على ضرورة أن تحظى تلك المبادرة بدعم دولي. ودعت بريطانيا الأطراف الليبية للانخراط بشكل عاجل في المحادثات الرامية للتواصل إلى حل سياسي. 

ووصفت المفوضية الأوروبية، إن إعلان القاهرة حول ليبيا، والذي يهدف إلى تسوية سليمة للأزمة، بـ"المبادرة الإيجابية". وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، إن أي مبادرة تهدف إلى السلام والاستقرار في ليبيا تعد "خطوة إيجابية"، مشدداً على أنه لا بديل عن الحل السياسي الشامل وفق عملية برلين. وفيما يتعلق بالوساطة التي قدمتها القاهرة، قال ستانو: "أي مبادرة تتماشى مع عملية برلين وتهدف إلى السلام والاستقرار في ليبيا هي خطوة إيجابية. . والمبادرة المصرية كذلك". 

أما عربيا فقد رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بالمبادرة المصرية، وقال مسؤول بالأمانة العامة للجامعة في تصريحات إعلامية "بأن الأمين العام يرحب بكافة الجهود، وبالذات العربية، الرامية إلى حقن الدماء بين الأشقاء الليبيين وتثبيت وقف شامل لإطلاق النار، داعياً الي إستكمال مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة التي ترعاها البعثة الأممية في ليبيا، وإستئناف الحوار السياسي بين مختلف الأطياف والمكونات الليبية". 

ورحبت المملكة العربية السعودية بـ"جهود مصر" الهادفة إلى حل الأزمة الليبية، معربة عن تأييدها دعوة السيسي وقف إطلاق النار في ليبيا اعتبارا من الاثنين 8 يونيو الجاري. وأعربت الرياض عن ترحيبها "بكافة الجهود الدولية الداعية إلى وقف القتال في ليبيا والعودة للمسار السياسي، على قاعدة المبادرات والقرارات الدولية ذات الصلة. 

من جانبه، وصف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، "إعلان القاهرة" بأنه "إنجاز مهم ومبادرة منسجمة مع المبادرات الدولية، يجب دعمها للتوصل لحل سياسي للأزمة الليبية". فيما ثمنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية "المساعي المخلصة التي تقودها الدبلوماسية المصرية بحس عربي مسؤول وجهود مثابرة ومقدرة". 

وبدورها رحبت وزارة خارجية مملكة البحرين بمبادرة الرئيس المصري، وعبرت المملكة عن دعمها لجميع الجهود التي تقوم بها جمهورية مصر العربية من أجل حفظ الأمن القومي العربي والدفاع عن المصالح والقضايا العربية، مؤكدة على ضرورة تجاوب جميع الأطراف في دولة ليبيا مع هذه المبادرة، وتغليب الصالح الوطني لتحقيق التنمية والرخاء للشعب الليبي الشقيق، وترسيخ الأمن والاستقرار في دولة ليبيا وضمان وحدة وسلامة أراضيها. 

وعلى الصعيد المحلي، أعلن القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر دعمه للمبادرة المصرية، وقال حفتر خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس المصري "إننا نؤكد دعمنا وقبولنا لها (المبادرة) آملين الحصول على الدعم والتأييد الدولي للعبور بليبيا لبر الأمان". وبدوره قال عقيلة صالح، إن "مبادرة اليوم تتماشى مع أهداف الشعب والدستور الليبيين، حيث لا تهميش لأحد ولا إقصاء لأحد، وبالتالي فهي صحيحة حسب العرف الليبي والدستور الليبي وكافة المعاهدات". وأضاف: "أدعو الليبيين أن يطووا صفحة الماضي، ونحن الآن بصدد بناء الدولة وإعداد السلطة التنفيذية". 

على الجانب الآخر، أعربت قوات حكومة الوفاق، عن رفضها لإعلان القاهرة، قائلة: "نحن لم نبدأٔ هذه الحرب، لكننا من يحدد زمان ومكان نهايتها". وأعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، السبت (6 يوينو/حزيران 2020، رفض أي مبادرة لا تقوم على الاتفاق السياسي الليبي. ونقلت قناة "ليبيا بانوراما" التابعة لحكومة الوفاق، عن المشري قوله: "لا مكان لحفتر في أي مفاوضات قادمة"، مؤكدا رفض "التدخل المصري في كل ما يهم الليبيين" لأن ليبيا"دولة ذات سيادة". على حد تعبيره. 

وجاء رفض حكومة السراج باوامر من تركيا التي عبرت عن رفضها لمبارة القاهرة بتعليق نشره  مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، على حسابه في "تويتر"، حول صورة للسيسي وحفتر، علق عليها بالقول: "من المحزن والمؤسف أن نرى مثل هذه المؤتمرات الصحفية التي يسعى منظموها بكل ما أوتوا من قوة لنفخ الروح في أبدان قد ماتت ونفوس قد بليت. . إكرام الميت دفنه". على حد زعمه. 

وفي محاولة للتشويش على مبادرة القاهرة، قال الرئيس التركي إنه بحث الصراع في ليبيا مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال مكالمة هاتفية وإنهما اتفقا على "بعض القضايا" المتعلقة بالتطورات هناك. وإعتبر مراقبون أن أردوغان سعى إلى قطع الطريق على المساعي المصرية لإيجاد مخرج سلمي للأزمة الليبية من خلال كسب الدعم التركي لتحركاته المشبوهة في ليبيا. 

وبالرغم من هذا الرفض، واصلت القاهرة جهودها الدبلوماسية لتطويق الأزمة الليبية من خلال الجامعة العربية حيث طلبت القاهرة عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية -عبر تقنية الفيديو كونفراس- لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا. لكن حكومة الوفاق واصلت تعنتها لتعلن رفضها للاجتماع  واعتبرت خارجيتها أن الاجتماع المغلق عبر الفيديو لا يصلح لمناقشة ملفات شائكة تحتاج إلى مداولات ونقاشات معمقة. 

وبالتزامن مع ذلك تواصلت عمليات التحشيد من قبل المليشيات المسلحة والمرتزقة والعناصر الارهابية الموالين لتركيا بهدف الهجوم على مدينة سرت، وذلك بعد أن أكدت أنقرة على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، أن التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في ليبيا يتطلب انسحاب قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من مدينة سرت الاستراتيجية. في مشهد كشف بوضوح الأطماع التركية لاحتلال الحقول النفطية وكذلك أن أنقرة هي الحاكم الفعلي في طرابلس. 

وقال كالين، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إن تركيا تدعم مطلب حكومة الوفاق بضرورة العودة إلى خطوط عام 2015، وهو ما يمر بـ"انسحاب قوات حفتر من سرت والجفرة" في الجنوب . واتهم المتحدث باسم الرئاسة التركية فرنسا بـ "تعريض أمن الحلف الأطلسي للخطر"، وذلك بـ"دعمها" لقوات الجيش الليبي والمشير خليفة حفتر في النزاع الدائر في ليبيا. على حد زعمه. 

وسرعت تركيا من عملياتها العسكرية لاستهداف مدينة سرت الليبية، وشنت القوات الموالية لحكومة الوفاق بدعم من آلاف المرتزقة والارهابيين الموالين لتركيا هجوما على مدينة سرت، عشية اعلان مبادرة القاهرة، وقد أسفر عن سقوط مايقارب الـ 50 قتيل بين صفوفهم إضافة إلى أسر عدد كبير من قوات الوفاق بينهم مرتزقة سوريين، ناهيك عن تدمير عدد كبير من الآليات والعربات العسكرية. 

وتعتبر سرت ذات أهمية كبرى بسبب موقع المدينة الاستراتيجي، حيث تقع بين طبرق شرقا وطرابلس غربا، وتعتبر مفتاح السيطرة على ليبيا بكاملها، لكونها نقطة التقاء كافة ربوع المناطق اللبيبة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وقربها من موانئ وآبار النفط الرئيسية الثلاثة البريقة ورأس لانوف والسدرة، فضلا عن أنها تقع في إحدى المناطق الغنية بالنفط بين حقول سرت ومرادة وزلة. 

وعلى وقع هذا التعنت والأطماع المكشوفة، كان الرد المصري أكثر صرامة هذه المرة، حيث وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رسالة تحذير صريحة للقوى الخارجية التي تسعى للعبث بأمن ليبيا ودول جوارها. وخلال تفقده عناصر المنطقة الغربية العسكرية المحاذية للحدود الليبية، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن "أي تدخل مباشر من مصر باتت تتوفر له الشرعية الدولية، سواء في إطار میثاق الأمم المتحدة (حق الدفاع عن النفس)، أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي وهي مجلس النواب". 

وأكد الرئيس المصري، إن تجاوز مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية الليبية تعتبر بمثابة "خط أحمر" لبلاده "وأمنها القومي". وأضاف أن "أي تدخل مباشر في ليبيا سيهدف لتأمين الحدود ووقف إطلاق النار ووضع حد للتدخلات الأجنبية في ليبيا"، مشددا في الوقت نفسه على حرص مصر على التوصل إلى "تسوية شاملة" في ليبيا. 

وقال مدير التوجيه المعنوي الأسبق  بالجيش المصري اللواء سمير فرج، أن الرئيس المصري أشار وبوضوح إلى أن القوات التركية لو تقدمت "بالمرتزقة التي يبلغ عددهم 15 ألف إلى سرت أو منطقة الجفرة في محاولة للاستيلاء على حقول النفط فهو لن يسمح به وسوف نتدخل فورا عسكريا بناء على طلب من البرلمان الليبي المنتخب ولن نسمح بتجاوز خط سرت". – الجفرة

وتوقع فرج، بحسب ما نقلت "روسيا اليوم"، أن تتدخل أطراف دولية فاعله مثل روسيا وفرنسا لإيقاف أردوغان عند حده، مشيرا إلى أن أردوغان عليه أن يعي تلك الرسائل جيدا. وأشار فرج إلى أن "مصر سوف تقوم بتدريب وتأهيل كوادر ليبية عسكريا، لكن الأمر واضح تماما وهو أن تجاوز أردوغان لخط سرت معناه تدخل عسكري مصري على الفور بدعم من الشعب والبرلمان الليبي". 

وفي أعقاب الرسالة المصرية القوية أعلنت حكومة الوفاق تخفيض تمثيلها في اجتماع الجامعة العربية، وذكر المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية بحكومة الوفاق أن ‏ليبيا قامت بخفض مستوى تمثيلها في اجتماع الجامعة العربية منتقدة ما اعتبرت ازدواجية المعايير المعمول بها وذلك بسبب عدم عقد الجلسة التي طالبت بها حكومة الوفاق منذ أبريل من العام الماضي رغم الحصول على النصاب. 

وعقد مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري اجتماعه الطارئ، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، برئاسة يوسف بن علوى بن عبد الله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان. وشارك في الاجتماع أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ووزراء الخارجية ورؤساء وفود الدول العربية، بناءً على طلب مصر، وتأييد الدول الأعضاء، وذلك لبحث تطورات الوضع في ليبيا. 

وطالب وزراء الخارجية العرب، في بيانهم الختامي، بسحب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة الموجودة على الأراضي وداخل المياه الإقليمية الليبية. وشدد الوزراء على رفض ومنع التدخلات الخارجية في ليبيا مهما كان مصدرها مع الوقف الفوري لإطلاق النار. وأكد البيان أن "التدخل العسكري الخارجي يفاقم أزمة ليبيا"، مشددا على "رفض نقل المتطرفين والإرهابيين لليبيا". واستنكر التدخلات الخارجية في ليبيا، مرحبا في ذات الوقت بكافة مبادرات الحل السياسي للأزمة الليبية وخاصة "إعلان القاهرة". 

وبالتزامن مع ذلك، رحب البرلمان العربي، خلال الجلسة الختامية لدور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثاني للبرلمان العربي، التى عقدت عن بعد، الأربعاء، بإعلان القاهرة الذي أطلقه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتسوية الأزمة في ليبيا والجهود التي يبذلها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لجمع أطراف الصراع في ليبيا على طاولة الحوار السياسي. وطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار وإخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة واعتماد الحل السياسي لتسوية الأزمة في ليبيا. 

ويرى مراقبون، أنه من الطبيعى جدا أن يكون لمصر دور فعال ومؤثر فى الأزمة الليبية باعتبار أنها تتشارك مع ليبيا فى مصالح كثيرة، إضافة إلى الامتداد التاريخى والجوار، وهناك أيضا مشاركة فى المسألة الأمنية والاقتصادية، وبالتالى كان من الضرورى تفهم الجميع سواء فى ليبيا أو فى مصر أن يكون للأخيرة دور إيجابى للمساعدة فى استقرار ليبيا. 

فالحدود المصرية الليبية عبارة عن شريط حدودي بطول 1049 كيلو مترا، الأمر الذي يجعل كل تلك المساحة الشاسعة مهددة بعمليات اختراق وتهريب وبخاصة السلاح للأراضي المصرية وهو ما شهدته خلال السنوات الماضية مع انتشار أنواع كبيرة من تجار السلاح التي ترغب في استغلال التوتر الموجود علي الحدود، الأمر الذي يزيد من المخاطر والتهديدات التي تؤثر علي مصر في الجانب السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري. 

ولطالما شددت تصريحات السياسيين الليبين على أهمية دور مصر انطلاقا من قاعدة التأثير والتأثر بين مصر وليبيا خاصة في ملف مكافحة الإرهاب وحماية وتأمين الحدود المشتركة. ويرى مراقبون أن مصر أيقنت أن المخطط التركي بالتمدد في ليبيا ليس الا بداية لمخطط اكبر لاستهداف الدول العربية وخاصة مصر وهو ما يستلزم توافقا وتنسيقا عربيا لمواجهة الاطماع التي يقودها أردوغان معولا على تيار الاسلام السياسي وخاصة جماعة "الاخوان" ذراعه التخريبي في المنطقة العربية.