تظل ليبيا آخر معقل لداعش، والملجأ الأخير طالما ظلت مقسمة بين ميليشيات، وهو ما يجعل معركة الجيش الوطني الليبي صعبة، حيث تخوض داعش و تنظيمات متطرفة أخرى الحرب بجانب السراج لضمان استمرار الانفصال والتفكك وبعض الفوضى فى مناطق متفرقة من ليبيا تسمح بحرية حركة لهذه التنظيمات الإرهابية، التي تجد في ليبيا طوال سبع سنوات مكانا مناسبا للنمو والتوسع. لدرجة أن داعش كان ينظم استعراضات عسكرية علنا في مناطق أعلن سيطرته عليها.

وهناك تقارير تشير إلى أن داعش يتمدد جنوب ليبيا، وتقاتل ميليشياته ضد الجيش الوطني الليبي، فضلا عن أن التنظيم أعاد تأسيس معقل له في الفقهاء، وهى مدينة كانت الجماعة المتطرفة متمركزة فيها، وفى آخر ظهور له  أعلن أبوبكر البغدادي تأسيس فروع جديدة للجماعة في مالي وبوركينا فاسو، وهو ما قد يعنى محاولة التمدد إلى غرب أفريقيا، حيث تزدهر عمليات تجارة البشر وتجارات غير مشروعة وتستغل الضعف السياسي في تشاد والنيجر، لكن تقارير عسكرية واستخبارية في ليبيا ترى أن هناك مبالغة في قوة وعدد أفراد داعش في ليبيا، وتقول إن "داعش" عمد إلى نشر صور وفيديوهات لعناصره من زوايا مختلفة، ليوهم بأنه مايزال قويا، بالرغم من أنه  متهالك وضعيف، وكشفت الهزائم التي تلقاها في سوريا والعراق عن الحالة التليفزيونية للتنظيم، حيث يبدو أقوى بسبب الدعاية.

وينحصر اليوم وجود المقاتلين الأجانب في سوريا في إدلب، أخر معاقل المعارضة المسلحة والمجموعات الإسلامية المتطرفة، المدعومة من تركيا. كما تحتضن تركيا أعداداً كبيرة من هؤلاء المقاتلين. الأمر الذي دفع أردوغان للمسارعة بالاتصال بالرئيس الروسي مباشرة بعد تصريحاتها حول نقل المقاتلين من إدلب نحو ليبيا. هذه الأعداد الكبيرة من المقاتلين وعوائلهم تحولت مع الوقت إلى عبئ أمني على تركيا، ومصدر احراج سياسي، تريد التخلص منه. كما أن السلطات التركية لا تصنف كل الجماعات كتنظيمات إرهابية، باستثناء تنظيم داعش. والكثير من هذه الجماعات تملك ممثلين لها ومكاتب داخل الأراضي التركية.

ومنذ العام 2011 كان الملفان السوري والليبي يسيران حذو النعل بالنعل. وقد ربطت بين المجموعات الإسلامية في البلديين روابط عميقة تنظيميا ومالياً. فقد شكلت ليبيا بين 2012 و2014، ساحة الاستقبال والتدريب للألاف من مقاتلي داعش، المتحدرين من بلدان المغرب العربي ومصر. لاسيما المقاتلين التونسيين، الذي شكلت ليبيا لحوالي 80 في المئة منهم محطة تدريب قبل السفر إلى سوريا والعراق والانضمام لداعش والنصرة، وفقاً للملفات الأمنية.

في ذات الصدد،كشف العقيد أبوبكر البدري، أحد ضباط العمليات بالبحرية الليبية، أن الباخرة التركية "أمازون" التي رست قبل أشهر  بميناء طرابلس، كانت تحمل أعدادا كبيرة من الإرهابيين بمن فيهم عناصر تنظيم داعش الإرهابي.

وأضاف الضابط الليبي، في إيجاز صحفي نشرته غرفة عمليات الكرامة بالمنطقة الغربية: إن شحنة المدرعات التي أعلن عن وصولها إلى المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، كانت للتغطية فقط على الشحنة الحقيقية، التي أكد أنها تتمثل في أعداد كبيرة من عناصر التنظيمات الإرهابية التي نقلتها تركيا من سوريا إلى ليبيا، إضافة إلى كميات من الأسلحة الأخرى والذخائر، قدمتها تركيا كدعم لجماعة "الإخوان" والمجموعات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس.

من ذلك،يرى مراقبون أن  ليبيا تعتبر آخر المعاقل التي يراهن داعش على إمكانية انتزاع جزء من أراضيها لإقامة خلافته المزعومة، وقد ساعدت تركيا وقطر في إنقاذ ونقل مقاتلي داعش من سوريا والعراق إلى ليبيا، بل إن أنقرة والدوحة تساندان السراج وميليشيات الحرب بالوكالة في طرابلس في مواجهة الجيش الليبي.

من جانب آخر،لا يخفي الليبيون خشيتهم من أن يؤدي العدوان التركي على الشمال السوري، لإطلاق المئات من عناصر تنظيم داعش ونقلها إلى الشطر الغربي من بلادهم مساهمة في إفشال العملية العسكرية التي أطلقها الجيش لتحرير البلاد من سطوة الميليشيات.