إثر قرب الحسم العسكري في سوريا، طرح مصير المقاتلين الأجانب الذين تم تسفيرهم وتسخيرهم للقتال في سوريا جدلا واسعا حيث تحدّثت تقارير إعلامية حول إعادة توظيفهم في الساحة الليبية لمواصلات نفس الأجندات التخريبية.

وقد تداول عدد من المواقع الإخبارية والحسابات العربية على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك، وثيقة مسربة لمندوب البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة، المهدى المجربي، إلى وزير الخارجية بحكومة الوفاق، محمد الطاهر سيالة، حول تقديم المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، إحاطة إلى مجلس الأمن يوم 21 مايو الماضي في الجلسة المغلقة التي لحقت الجلسة المفتوحة.

وتحدثت مصادر إعلامية، عن "دليل جديد على تورط تركيا في ليبيا"، إذ قالت إن نقل المقاتلين المتطرفين من إدلب السورية إلى ليبيا يتم عبر الأراضي التركية وبواسطة طائرات "شركة الأجنحة" الليبية المملوكة من قبل عبد الحكيم بلحاج، المقيم في إسطنبول.

ويعد بلحاج أحد قادة الميليشيات المتطرفة في ليبيا ويقيم منذ مدة في تركيا ويدير إمبراطورية مالية بدعم تركي قطري، وهو مطلوب للقضاء في ليبيا، بسبب تورطه في العديد من الأعمال الإرهابية.

كما أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه من تدفق المسلحين من مدينة إدلب السورية إلى ليبيا، كما حذّر من تدهور الأوضاع هناك.

وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان عددا من القضايا الإقليمية على رأسها الأزمة في ليبيا، والعلاقات الثنائية.

ما ورد على لسان بوتين يتطابق تماما مع ما تم تسريبه في مايو الماضي، من أن المهدي المجربي مبعوث المجلس الرئاسي في الأمم المتحدة وجه رسالة سرية إلى وزير خارجية حكومة الوفاق الليبية محمد الطاهر سيالة حول الإحاطة التي تقدم بها المبعوث غسان سلامة إلى مجلس الأمن في جلسة مغلقة، جاء فيها أن سلامة تحدث عن توافر معلومات استخباراتية تفيد باستعانة أحد طرفي القتال بمجموعات إرهابية من مدينة إدلب السورية.

وجاءت هذه المعلومات متماشية مع ما قدمته لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الليبي بوقت سابق للجنة الرباعية الدولية الخاصة بليبيا من معلومات تفيد وصول إرهابيين من مدينة إدلب السورية ينتمون لـ"جبهة النصرة" الإرهابية للقتال إلى جانب "الميليشيات المتحالفة مع الوفاق"، متهمة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بنقل مقاتلين أجانب من سوريا إلى ليبيا.

في نفس الإطار، تواصل حكومة أردوغان دعم الميليشيات في ليبيا، وتمارس من خلالها العبث بالأمن الليبي، وتتسبب بتأجيج الحرب في البلاد، ناهيك عن إطالة أمد الاقتتال ونشر الفوضى والتخريب، بحسب ما يؤكد مراقبون للشؤون التركية، ولم ترتدع أو توقف تدفق المتطرفين إلى طرابلس، بل قامت بالتصعيد، وبدأت بالتدخّل المباشر لتحول دون سقوط حلفائها ودون طردهم من طرابلس، وبدأت ترفع صوتها بشكل علني ولا تخفي تدخلها في الشؤون الداخلية لليبيا.

وقال اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي، إن معركة الإرهاب التي تستهدف تقويض الدول والجيوش النظامية "بدأت تُنقل من موقع إلى آخر داخل المنطقة"، مؤكدا أن خسارة كثير من التنظيمات الإرهابية مواقعها داخل سوريا وانحسارها في إدلب "دفعها إلى نقل بعض مقاتليها إلى الأراضي الليبية"

وأضاف المسماري في حديث لـ"الشرق الأوسط" أن "القيادة العامة للجيش تملك معلومات وأدلة على نقل تركيا لهؤلاء المقاتلين إلى ليبيا، بينهم عناصر ما يعرف بـ(جبهة النصرة) المنضوية بهيئة تحرير الشام، وغيرها من التنظيمات القريبة فكريا وأيديولوجيا مع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا"، موضحا أن "هناك مصادر دولية تثبت ذلك، بل وتؤكد قيام الأتراك بنقل عناصر متطرفة من دول أخرى، مثل مالي موريتانيا والنيجر. بالإضافة إلى مجموعات من جماعة (بوكو حرام) إلى أراضينا".

من ذلك، يرى مراقبون أن تركيا تعمل على إرسال المتشددين من عناصر جبهة النصرة من سوريا إلى ليبيا، لمساندة الميليشيات هناك، وذلك بعد أن قامت بتدريبهم على المعدّات التي تمّ إرسالها من قبلها، وإنزالها في ميناء مصراتة، ما يشير بأنّ الأمر كان مبيّتاً ومخطّطاً له منذ مدّة، وأنّها تستكمل مشروعها التخريبي بالمنطقة، انطلاقاً من رعايتها للعصابات المتطرفة، وهي التي تعرف بأنها أحد أكبر الدول الراعية للإسلام السياسي في المنطقة.

من جانبه، تحدث خالد المحاميد، النائب السابق لرئيس الهيئة العليا السورية للمفاوضات، عن ضلوع الجانب التركي، المتحكم فعليا في كل فصائل الشمال السوري، في نقل المقاتلين من إدلب إلى ليبيا، وقال إن "عملية النقل حدثت بالفعل، وربما لا تزال مستمرة". مبرزا أن "الهدف الرئيسي من نقل قيادات وعناصر من صفوف التنظيمات الإرهابية إلى ليبيا هو زعزعة استقرار دول الجوار".

وكان المحلل الأمريكي البارز جيم هانسون رئيس مجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن قال في تصريح لقناة فوكس الأمريكية إن عددًا من مقاتلي داعش وتنظيم القاعدة انتقلوا بالفعل إلى ليبيا للقتال في صفوف قوات حكومة الوفاق، معتبرًا أن ذلك دفع ترامب لتبني موقف مؤيد لقوات حفتر.