تعمل السلطات المغربية جاهدة لدرء مخاطر الإرهاب، وذلك بسنّ قوانين تحجّر الانضمام للتنظيمات الجهادية وتكثيف الحضور الأمني في كامل المدن والقيام بإجراءات استباقية تحسبا لأي هجوم إرهابي يستهدف مؤسسات الدولة. وفي كل مرة تنجح السلطات في تفكيك خلايا إرهابية خطيرة، وقد اعتبر خبراء أمنيون ذلك خطوة إيجابية لقطع الطريق أمام تنظيم “داعش” الذي يزحف تدريجيا باتجاه المغرب.

وأفادت السلطات المغربية، أن تحقيقاتها في قضية مواطنين فرنسيين مواليين لتنظيم “داعش”، تم اعتقالهما أواخر الشهر الماضي، بمدينة القنيطرة (شمال الرباط)، كشفت عزمهما تكوين خلية إرهابية “لاستهداف رموز الدولة وشخصيات أجنبية” عبر تنفيذ عمليات إرهابية على التراب المغربي.

وأشار بيان صادر عن وزارة الداخلية المغربية، أن التحقيقات التي تجريها السلطات الأمنية المغربية، أثبتت أن المشتبه بهما، تأثرا بنهج تنظيم متطرف، يدعى “فرسان العزة” ينشط على الأراضي الفرنسية، وأنهما كانا “يعتزمان الحصول على مواد تدخل في صناعة العبوات والأجسام المتفجرة، بعد اكتسابهما تجربة كبرى في هذا المجال من مواقع إلكترونية متخصصة”.

وأوضح البيان أن الفرنسيين “المواليين لتنظيم داعش، كانا يسعيان للحصول على أسلحة نارية من إحدى الثكنات العسكرية، لاستهداف رموز الدولة وشخصيات أجنبية بعمليات نوعية، لزرع الرعب في صفوف المواطنين”.

وكانت عناصر الأمن المغربي بمدينة القنيطرة ألقت القبض في 27 من الشهر الماضي، على مواطنين فرنسيين (أحدهما من أصل مغربي)، بعد أن أفادت تحريات المخابرات الداخلية أنهما كانا على وشك الالتحاق بتنظيم “داعش” بالعراق وسوريا، بحسب بيان سابق لوزارة الداخلية المغربية.

يذكر أن وزير الداخلية المغربي محمد حصاد، أكد في وقت سباق أنه “ليست هناك على المدى القريب، تهديدات إرهابية مباشرة للمغرب”، مشددا على أن السلطات الأمنية في البلاد تتخذ كافة التدابير الاحترازية والاستباقية لمنع أي هجوم إرهابي على أراضيها. ونشرت السلطات المغربية خلال الأيام القليلة الماضية، وحدات عسكرية أطلق عليها اسم “حذر” بأمر من العاهل المغربي الملك محمد السادس، في ست مدن مغربية كبرى، وهي طنجة (أقصى الشمال) وأغادير (جنوب)، والرباط (شمال)، والدار البيضاء (شمال)، وفاس (شمال)، ومناطق حيوية كالمطارات ومحطات القطار.

وزير الداخلية المغربي يؤكد أن السلطات الأمنية تتخذ كافة التدابير الاحترازية والاستباقية لمنع أي هجوم إرهابي

وتقول السلطات الأمنية المغربية، إن نشر هذه الوحدات يهدف “لتوفير الأمن للمواطنين وحمايتهم” ولدرء مخاطر الإرهاب.

وتزداد المخاوف في المغرب من تهديدات إرهابية من المحتمل أن تستهدف أراضيه حذرت منها قبل أسابيع سلطات البلاد، بعد توعد شباب مغاربة يقاتلون في صفوف تنظيم “داعش” في كل من العراق وسوريا بالعودة إلى موطنهم الأصلي “للانتقام” عبر تنفيذ عمليات إرهابية، في ظل تقديرات رسمية مغربية تشير إلى أن أعداد المغاربة المُجندين في صفوف تنظيم “داعش” يترواح ما بين 1500 إلى 2000 مقاتل، من ضمنهم مغاربة قدموا من دول أوروبية للالتحاق بمعسكرات هذه الجماعة.

يشار إلى أن محمد ياسين المنصوري مدير المخابرات الخارجية المغربية أكد، في وقت سابق، أن حوالي 1203 من المقاتلين المغاربة، يتواجدون في سوريا، ومن بينهم 218 معتقلا سابقا في السجون المغربية في قضايا الإرهاب.

وأعلن المنصوري أن 300 مقاتل مغربي ينتمون إلى تنظيم داعش، أبرزهم أمير منطقة حلب عبدالعزيز المهدالي، الذي لقي مصرعه في مارس 2004.

وأوضح أن معظم المقاتلين المغاربة انخرطوا في تنظيم متطرف في سوريا يحمل اسم “حركة شام الإسلام”، التي أسسها المعتقل المغربي السابق في غوانتانامو عبدالله بنشقرون قبل مقتله، كما يسعى قياديون في الجماعات المتطرفة في العراق وسوريا لتدريب جهاديين مغاربة من أجل إرسالهم مجددا إلى المغرب لتنفيذ عمليات إرهابية، وهو ما يسعى المغرب إلى تجنبه عبر تفعيل سياساته المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتأمين حدوده.

وأمام تنامي خطر الإرهاب أصدرت الحكومة المغربية مشروع قانون جديد لتجريم الالتحاق بالتنظيمات الجهادية بغية تطويق ظاهرة الإرهاب واجتثاثها وتحصين المملكة من مخاطر الجريمة المنظمة.

ويعاقب مشروع القانون الجديد، الذي أعدته وزارة العدل والحريات، كل من التحق، أو حاول الالتحاق بكيانات أو جماعات إرهابية مهما كان شكلها وأهدافها، أو مكان تواجدها، من خمس سنوات إلى 15 سنة سجنا، وغرامة تتراوح بين 50 ألف و500 ألف درهم، مشيرا إلى أنه “حتى لو كانت الأفعال الإرهابية لا تستهدف الإضرار بالمغرب أو مصالحه”.

وتشدد القوات المغربية مراقبتها للحدود البرية المغربية، خشية تسلل مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية إلى أراضيها أو محاولة آخرين مغادرة ترابها في اتجاه بؤر التوتر في كل من العراق وسوريا، فيما أعلنت السلطات الأمنية المغربية الجمعة الماضية، اعتقالها لشخصين مواليين لـ”داعش” قبل مغادرتهما البلاد للالتحاق بمعسكرات هذا التنظيم.

ويشن تحالف غربي – عربي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، غارات جوية على مواقع لـ “داعش”، الذي يسيطر على مساحات واسعة في الجارتين العراق وسوريا، وأعلن في يونيو الماضي قيام ما أسماها “دولة الخلافة”، ويُنسب إليه قطع رؤوس رهائن وارتكاب انتهاكات دموية بحق الأقليات الدينية.

*نقلا عن العرب اللندنيةداعش