ربما يواجه أكبر حقل نفط في ليبيا، الذي أغلقه مسلحون الأسبوع الماضي، صعوبات كبيرة لاستئناف الانتاج، في وقت يجتذب الصراع الذي يقسم هذا البلد الصحراوي مزيدا من مجموعات المقاتلين وبينهم القبائل الفقيرة في الجنوب التي تطالب بنصيب من ثروات الأرض.

وتعرض حقل نفط الشرارة الذي يبلغ انتاجه 340000 برميل يوميا لهجوم في الاسبوع الماضي شنه مسلحون أغلقوا مصدرا رئيسيا لإيرادات الحكومة وحطموا الآمال في إفلات قطاع النفط فيمن الاضطرابات التي تشهدها ليبيا بعد ثلاث سنوات من الإطاحة بمعمر القذافي.

وبينما قال عمال في قطاع النفط إن المسلحين الرئيسيين مقاتلون يدعمون عملية فجر ليبيا -وهي الجماعة المسلحة التي سيطرت على طرابلس في اغسطس ودفعت رئيس الوزراء عبد الله الثني الى الانتقال الى شرق البلاد - فإن سكانا يقولون إنهم مدعومون بمقاتلين آخرين من المنطقة.

لذلك فإن المعركة من أجل حقل النفط الذي يقع في عمق جنوب الصحراء الليبية يرجح أن تكون تكرارا لنفس النموذج المقسم والمعقد الذي تشهده أجزاء مختلفة من البلاد التي بها بالفعل حكومتان وبرلمانان منذ الصيف حيث تقاتل بلدات أخرى وتقاتل قبائل أخرى.

وتزداد حدة التوتر بسبب أن الجنوب الذي يعرف باسمه التاريخي فزان هو أفقر مناطق ليبيا فقد واجه إهمالا شديدا من حكومات طرابلس التي استغلت النفط لكنها لم تقدم شيئا يذكر لتطوير المنطقة.

وأغلق السكان المحليون المسلحون الحقل مرتين منذ اكتوبر 2013 لتقديم مطالبهم المالية والسياسية مثل تمثيل سياسي أفضل أو بطاقات هوية وطنية يحتاجون اليها للحصول على المميزات التي توفرها الدولة.

وتدهور هذا الوضع منذ الصيف عندما عرقل القتال والصراع السياسي العمل في وزارات الحكومة وقطع طرق الامداد. وأصبح العثور على كل شيء من الغذاء الى الدواء والنقود أكثر صعوبة.

وقال ابراهيم كرنفودا عضو مجلس النواب من أوباري وهي بلدة مجاورة لحقل نفط الشرارة ان الناس في الجنوب لا يستفيدون على الاطلاق من النفط.

وأضاف ان الشبان يعتقدون انهم يحق لهم حماية الحقل لأنه يقع في منطقتهم.

ولا تعاني الجماعات المسلحة المتنافسة من نقص في الذخيرة التي تم الاستيلاء عليها اثناء انتفاضة 2011 من ترسانات القذافي وتلك التي أرسلها الحلفاء الغربيون الى ليبيا وتوزع الان على نطاق واسع في أنحاء البلاد.

والمقاتلون مسلحون جيدا ولديهم الأسلحة الخفيفة مثل بنادق الكلاشنيكوف والمسدسات والقنابل اليدوية الى جانب الشاحنات التي تحمل المدافع المضادة للطائرات.

وليس بإمكان أي من الجانبين فيما يبدو التغلب على الآخر لأن الوصول إلى ساحات المعارك لا يكون سهلا في أغلب الأحيان.

ويعاني الجنوب على وجه الخصوص من نقص الطرق الجيدة ونتيجة لذلك فإن الموقف هناك سيظل غير محسوم لبعض الوقت على الأرجح.

وكان مقاتلو الزنتان المتحالفون مع حكومة الثني يحمون حقل الشرارة وهو اكبر حقل يعمل في ليبيا الى أن جاء مقاتلون من عملية فجر ليبيا ومعظمهم من مدينة مصراتة الساحلية في غرب البلاد.

وقال موظف كبير في قطاع النفط طلب عدم نشر اسمه "مجموعة متحالفة مع مصراتة سيطرت على الحقل".

وأكد عبد الحميد كرير المسؤول عن قوة حماية المنشآت النفطية التي يقودها مقاتلو الزنتان ان رجاله انسحبوا وأقر بالهزيمة لكنه قال ان من المتوقع اندلاع مزيد من الاشتباكات.

وفي ظل خدمات الهاتف المحمول غير المنتظمة في الجنوب النائي فان من الصعب التأكد من التفاصيل الدقيقة لما حدث. وقال الموظف بقطاع النفط وبعض المواقع الاخبارية الليبية على الانترنت ان قوة ثالثة استغلت الفراغ الامني وسرقت معدات وسيارات من الحقل.

وقالت المؤسسة الوطنية للنفط التي يقع مقرها في طرابلس وتسيطر عليها الحكومة المنافسة الجديدة انها تريد استئناف العمل بالحقل بحلول اليوم الاربعاء فهي حريصة على ان تظهر للعالم وشركات النفط ان الوضع تحت السيطرة.

لكن عاملا في حقل الشرارة اتصلت به رويترز قال ان زملاءه سيمكثون في بيوتهم. وأضاف "العمال لن يعودوا الا عندما يكون الوضع آمنا".