صعّد الرئيس التونسي المنتهية ولايته، منصف المرزوقي من خطابه الاستفزازي الذي غلفه بمفردات حربية، وصلت إلى حد وصف منافسيه بـ”الطواغيت”، وهو الوصف الذي يُطلقه الإرهابيون على أفراد الجيش والأمن في تونس.

وقال المرزوقي في كلمة أمام أنصاره في “باب الجلادين” من مدينة القيروان، إن “الحرب الحقيقية هي ضد “الطاغوت” الذي يريد أن يرجع ليحكم تونس"، في إشارة فُهم منها أن المقصود هو الباجي قائد السبسي.

وأثار هذا الوصف الذي قابله أنصاره بالتصفيق استياء وغضب الأوساط السياسية التي رأت فيه تحريضا على الفتنة.

ولم يعتذر المرزوقي الذي يُوصف في تونس بـ”رئيس خيبة الأمل”، عن مثل هذا الوصف الخطير الذي أطلقه على منافسيه في السباق الرئاسي.

ولم يكن ما أتاه المنصف المرزوقي في القيروان، مستغربا، ولا مفاجئا للمتابعين لمسيرة هذا الرجل، باعتباره تعود على مثل هذه الشطحات السياسية التي أدخلت في أحيان كثيرة البلاد في أتون معارك هامشية.

غير أن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، حيث تجاوز فيها المرزوقي الخطوط الحمراء المرتبطة بأمن البلاد، وذهب بعيدا في التحريض المباشر بلغة تنم عن حقد ليس على خصومه السياسيين، وإنما على وحدة وتماسك النسيج الاجتماعي في البلاد.

وأرجع مراقبون هذا الخطاب التحريضي الذي استحضر فيه المرزوقي مفردات حربية من قبيل “ننتصر أو ننتصر”، و”المعركة الحاسمة”، وغيرها من المُصطلحات التي تُحيل إلى أجواء المعارك العسكرية، إلى سعيه للتغطية على لعنة الفشل التي تُطارده.

وبرزت مظاهر هذه اللعنة مع بداية الانتخابات التشريعية، عندما استقبله أهالي مدينة “حمام سوسة” شرق تونس بشعار “ارحل ارحل”، ليتكرر هذا المشهد في بلدة “بوحجلة” من محافظة القيروان.

ورغم أن البعض من المراقبين يميل إلى تفسير تصرفات المرزوقي وشطحاته السياسية الغريبة بالحالة النفسية التي يمر بها بسبب تضاؤل حظوظه في بالفوز بالاستحقاق الرئاسي المُرتقب، فإن ذلك لم يمنع البعض الآخر من ربط تصريحاته بقرار حركة النهضة التي امتنعت عن الإعلان عن دعمه.

ويبدو أن استحضار المرزوقي لعبارة “الطاغوت” يندرج في سياق محاولة استقطاب الجسم الأكبر من القاعدة الانتخابية لحركة النهضة، وإرضاء السلفيين الجهاديين عله بذلك يجد الحزام الشعبي القادر على دعمه.

غير أن هذه الحسابات السياسية الشعبوية أتت بنتائج عكسية إلى غاية الآن، بالنظر إلى موجة الانتقادات التي باتت تلاحق المرزوقي جراء مثل هذه التصريحات العشوائية والخطيرة على أمن البلاد.

وبحسب عادل الشاوش القيادي في حركة نداء تونس، فإنه بات يتعين على مختلف الأوساط السياسية، بما فيها حركة النهضة الإسلامية، التصدي للمرزوقي الذي “بدأ يلعب بالنار”، على حد تعبيره.

وقال لصحيفة العرب، إن المرزوقي “أصبح يُشكل خطرا كبيرا على الأمن العام للبلاد، وعلى الثورة والدولة والوحدة الوطنية، ذلك أن استعارة مفردة “الطاغوت” في هذا الوقت بالذات، تُعد دعوة واضحة وصريحة للقتل”.

وتابع أنه بالنظر إلى أن المرزوقي أحاط نفسه بمجموعة من المارقين عن القانون مثل “روابط حماية الثورة” المحظورة، فإن وصفه منافسيه بـ”الطاغوت”، يعني أن مالهم وأعراضهم وحياتهم أصبحت في خطر”.