رغم مرور السنوات التي ملئت بنداءات الحرية وتعدّد الوعود والشعارات الرنانة، وتعليق النساء آمالا كبيرة على تلك الوعود، وكن على أهبة الاستعداد للمشاركة في الحياة العامة والارتقاء بمجتمعهن إلا أن وضع المرأة الليبية أصبح صعبا، وما حدث لها عكس ما كانت تتصوره، حيث عانت ويلات سيطرة التنظيمات المتطرفة على مناطق مختلفة من البلاد فضلا عن معاناة الإبعاد والإقصاء من التواجد بفعالية في الحياة السياسية و المدنية.

لكن ذلك لا ينفي حقيقة التقدّم في بعض المواقع، حيث حققت بعض المنجزات البسيطة ببلوغ عدد من النساء مقاعد برلمانية عقب أول انتخابات برلمانية سنة 2012 وحصولهن على 33 مقعدا. هذا التقدم لا يخفي أيضا أن ما تحقق مازال بعيدا عن الانتظارات، فالدولة لم تقم حتى الآن بسبب الخلافات السياسية التي عصفت بأي فرصة لترسيخ حكم ديمقراطي في ليبيا، كما لم يرق الواقع الحالي إلى مستوى التوقعات المتفائلة لنساء ليبيا اللاتي أصبحن يعشن في ظل دوامة من الفقر واليأس وانعدام الأمن الشخصي في بلدهن، الذي تديره الميليشيات وتفرض نفوذها بقوة السلاح.

وتواجدت المرأة في الهيئات السياسية والمجالس التشريعية، إلا ان حضورها كان محتشما، حيث مثل قرابة 16 بالمائة. وقد اعتبرت العديد من الناشطات الليبيات في المجال السياسي أن تمثيل الليبية في مجلس النواب كان محتشما مقابل هيمنة الرجل على أغلب المقاعد في البرلمان.

مع سيطرة حكم المتشددين و منطق السلاح إثر 2011،سقطت نساء عدة ضحايا فتح المجال العام أمام المرأة الليبية، وتوسيع مشاركتها في النشاط الاجتماعي، أبرزهن المحامية سلوى بوقعيقيص، إحدى مؤسسات المجلس الوطني الانتقالي، التي قتلها مسلحون مجهولون في 25 يونيو  2014 في منزلها بمنطقة الهواري، والناشطة انتصار الحصائري، التي اُغتيلت رمياً بالرصاص وعثر على جثتها وجثة قريبة لها في صندوق سيارتها في العاصمة طرابلس. 

ولم تتوقف سلسلة التصفيات عند الحصائري وبوقعيقيص. فبعد ثلاثة أسابيع من مقتل الأخيرة، اُغتيلت أيضاً فريحة البركاوي، عضوة المؤتمر الوطني العام عن مدينة درنة أمام الجميع؛ بسبب ما اعتبر إدانتها مقتل بوقعيقيص.

في هذا الصدد،تقول الدكتورة خديجة البوعيشي في حديثها إلى "الشرق الأوسط" :"من الناحية القانونية أصبح هناك تراجع في بعض الضمانات القانونية، التي كانت لدى المرأة قبل ثورة 17 فبراير. لكن من الناحية الواقعية، انخرطت المرأة في العمل المدني، واستطاعت أن تفرض نفسها فرضاً بإصرارها في هذا المجال".

ورغم افتكاكها لبعض الحقوق السياسية إلا أن المرأة الليبية لازالت تواجه صدّا حقيقيا في ممارسة مكتسباتها من ذلك اشتكت سهام سرقيوة، عضو مجلس النواب، من التعرض للتنمّر في البرلمان والمنع من الرد، مبرزتا في تصريحات صحفية أن الناخبات يواجهن أيضاً مشكلة في بداية الانتخابات، تتعلق بوضع صورهن على اللوحات الدعائية؛ لأن المجتمع لا يتقبل الأمر، ويعتبر منافستها للرجال عيباً.

من ناحية أخرى، تعاني المرأة الليبية الويلات جراء سيطرة المتطرفين في بعض المناطق حيث تتعرض المرأة للإنتهاكات الجسدية بشكل يومي فضلا عن عمليات التجنيد القسرية.

من ذلك،قالت رئيس جمعية نساء ضد العنف في الأردن خلود خريس، إن النساء في ليبيا تعرضن للاضطهاد على يد داعش الذي مارس بحقهن العنف النفسي والجسدي وجعل منهن سلعة تباع وتشترى.

ووفقا لصحيفة الاندبندنت البريطانية، فإن القيود المفروضة على النساء تنوعت ما بين الحرمان من الخروج من البيوت إلا في شروط معينة أهمها وجود محرم حتى لو كانت طفلة، وكذلك فرض زي معين لكافة النساء عبارة عن عباءة سوداء وخمار يغطي الرأس إضافة إلى النقاب، ولم يكتف التنظيم بتلك التعليمات فقط بل وضع 7 قواعد لتحديد شروط زي النساء في لوحة ضخمة.