نشرت جامعة واشنطن دراسة حول المتطرفين الأمريكيين في العراق وسوريا، كشفت أن هؤلاء أقل ميلاً لتنفيذ اعتداء إرهابي بعد عودتهم إلى بلادهم بالمقارنة مع المتطرفين الأوروبيين الذين يفوقونهم عدداً.

وأوردت الدراسة التي أعدها البرنامج حول التطرف في الجامعة، أن شبكات التواصل الاجتماعي كان لها دور أساسي في تمكين الأمريكيين من بلوغ سوريا أو العراق إذ غالباً ما تكون علاقاتهم الشخصية محدودة.

وتابعت الدراسة أن هؤلاء الأمريكيين وبعد التحاقهم بالمتطرفين غالباً ما يشعرون بخيبة الأمل وبصدمة إزاء الثقافات المختلفة، ويحاولون العودة بشكل سريع إلى بلادهم رغم أنهم يواجهون احتمالاً شبه مؤكد بإيداعهم السجن.

وجاء في الدراسة الواقعة في 116 صفحة بعنوان "المسافرون" أن "الحياة في الأماكن الخاضعة لسيطرة المتطرفين لم تكن بمستوى توقعات عدد كبير من العائدين"، مضيفة أن "ظروف العيش كانت أكثر قسوة مما شاهدوه على الإنترنت وتسجيلات الفيديو كما أن وعود الأخوة والصداقة نادراً ما تحققت"، إذ يسود على العكس صدام حضارات وخلافات داخلية شرسة وشكوك بين المجندين والقيادة، كما أن العديد من الأمريكيين لم تكن لديهم خبرات ميدانية وبالتالي أوكلت إليهم مهام أقل شأناً كتنظيف المخابئ أو الطهي أو العناية بالجرحى والمرضى".

وتتناول الدراسة تجربة 64 من أصل 300 أمريكي قاتلوا في صفوف تنظيم داعش أو مجموعات أخرى مثل جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وهذا العدد بسيط بالمقارنة مع نحو 5 إلى 6 آلاف شخص سافروا من أوروبا للقتال من بينهم 900 من فرنسا، و750 من بريطانيا.

وتستند الدراسة إلى وثائق قضائية ومقابلات وقاعدة بيانات ضخمة من تعليقات على الانترنت ونحو مليون تغريدة لمجاهدين. وبالكاد عثرت على روابط بين المتطرفين الأمريكيين أنفسهم فهم من بيئات مختلفة وولايات مختلفة وبشكل عام أبناء أسر مسلمة أفضل اندماجا ومن مستوى اجتماعي أفضل مقارنة مع نظرائهم الأوروبيين.

وكان متوسط العمر بين 64 متطرفاً أمريكياً 27 عاماً وكان 89% من الرجال و70% من المواطنين الأمريكيين أو المقيمين بشكل دائم، 22 منهم على الأقل قتلوا في المعارك في سوريا و12 عادوا طوعاً أو بعد توقيفهم ولا يزال الباقون مفقودي الأثر وقسم منهم قتل ربما.

ميّز معدو الدراسة بين 3 أنواع من المجندين: "الرواد" الذين تطوعوا مبكراً وبدوافع شخصية بعد اطلاع، و"المسافرون ذوو الروابط" الذين لديهم دعم من أسر أو أصدقاء، و"المنفردون" الذين تم تجنيدهم عبر التواصل الإلكتروني.

وتقول الدراسة إن أحد أسباب العدد المتدني نسبياً من المقاتلين الأجانب من الأمريكيين، هو أن القوانين الأمريكية تسهّل تدخل الشرطة في مرحلة مبكرة بمجرد التعبير عن تأييد مجموعة متطرفة محظورة.

والسبب الآخر بحسب الدراسة هو صعوبة إقامة علاقات شخصية بالمقارنة مع أوروبا، إذ عثرت على "خلية" واحدة في مينيسوتا رغم العدد الكبير من المسلمين المقيمين في هذه الولاية، كانوا 15 مسلماً أمريكياً تجمعهم روابط شخصية يحاولون من خلالها الانضمام إلى تنظيم داعش.

في الأماكن الأخرى، كان هؤلاء يواجهون صعوبات ولا يتلقون المساعدة سوى من صديق أو قريب واحد ويعتمدون بشكل أكبر على إرشاد الموجهين على الإنترنت.

بعد انتقالهم إلى سوريا نجح بعض المجندين الأمريكيين في الصعود في تراتبية التنظيم المتطرف خصوصاً "الرواد" منهم.

لكن القسم الأكبر كان مصيره أشبه بمحمد جمال خويس الذي جند عبر الإنترنت "وبعد قدومه سئم الأعمال الوضيعة وخاب أمله من عدم تلقيه أي تدريب عسكري"، ما حمله في النهاية على الهرب والعودة إلى الولايات المتحدة حيث حكم عليه بالسجن 20 عاماً.

ويقول معدو الدراسة إن عدم وجود نمط أو نموذج للمجند الإسلامي لا يزال يعرقل جهود مكافحة الإرهاب.

وختمت الدراسة بالقول "إن العبرة التي يمكن أن نتعلمها من التاريخ هو أننا سنشهد موجة جديدة من التعبئة المتطرفة في المستقبل، وعلى الولايات المتحدة تطوير استراتيجية استباقية وشاملة من أجل التصدي إلى سفر المتطرفين".