قال تجار عملة ورجال أعمال اليوم الخميس، إن الليرة السورية هبطت إلى مستوى قياسي في السوق السوداء بعد امتناع تدخل البنك المركزي عن التدخل، وتضرر الاقتصاد الذي مزقته الحرب بسبب تشديد العقوبات الغربية في العام الماضي.

وقال متعاملون، إن سعر الدولار في السوق السوداء وصل إلى 650 ليرة يوم الثلاثاء. وبلغ سعر الليرة الأربعاء 652 ليرة للدولار بعد تراجع تدريجي منذ نهاية نوفمبر(تشرين الثاني) تسارعت وتيرته في الشهر الماضي.

وكان سعر الليرة 47 مقابل الدولار قبل اندلاع الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد في مارس (آذار) 2011.

وهبط سعر العملة هبوطاً حاداً أثناء الصراع بسبب العقوبات الدولية، والأضرار التي لحقت بالصناعة بسبب القتال، فضلا عن إرسال السوريين المذعورين أموالهم للخارج.

وقال تجار عملة، إنه رغم أن الليرة بلغت 660 مقابل الدولار لفترة وجيزة في 2016، إلا أنها المرة الأولى التي تحوم فيها قرب تلك المستويات القياسية المنخفضة لأيام.

وقال رجل الأعمال البارز خليل طعمة من دمشق: "الطلب قوي على الدولار لمجموعة من العوامل والأسباب وليس لأنه لا يوجد دولار، وإلا لكان ارتفع أكثر بكثير. هناك بيع وشراء ولكن الطلب أكثر من العرض، وبالتالي ارتفع السعر".

واستقرت الليرة نسبياً على مدى قرابة عامين، بعدما حولت موسكو والفصائل المسلحة المدعومة من إيران، دفة الصراع لصالح الأسد بطردها المعارضة المسلحة من مساحات كبيرة من الأراضي في غرب وشرق سوريا.

وشُددت العقوبات الأمريكية والأوروبية منذ نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، لتشمل رجال أعمال سوريين مقربين من الأسد، وتستهدف غير الأمريكيين الذين يتعاملون مع سوريا، ما ردع الشركات الدولية عن الاستثمار في إعادة الإعمار بعد الحرب، مادام الأسد متمسكا بالسلطة.

ويقول مستثمرون محليون، إن العملة تأثرت أيضاً بتبدد الآمال في تشجيع مكاسب الأسد الحربية، الأثرياء السوريين في الخارج على البحث عن فرص في الاقتصاد الذي دمرته الحرب، والذين أثار تشديد العقوبات مخاوف كثيرين منهم أيضاً.

وذكر رجال أعمال محليون، أن العملة تعرضت لضغوط أيضاً بعد تخلى البنك المركزي السوري إلى حد بعيد، عن جهوده في الأشهر الأخيرة لدعم الليرة، لحماية احتياطياته النقدية الأجنبية المتبقية.

وقال مصرفي مقيم في دمشق طلب حجب اسمه: "البنك المركزي لا يتدخل، ما جعل الناس يشعرون بالذعر، إذ يعتقدون أنه قليل الحيلة وليس بوسعه فعل شيء لوقف التراجع".

وأوضح مصرفيون وتجار عملة في دمشق، أنه لطالما غض البنك المركزي الطرف عن قيام متعاملين رسميين في العملة بالبيع بأسعار السوق الأعلى بكثير من السعر القياسي اليومي الذي يحدده البنك.

وبلغ ذلك السعر يوم الأربعاء 438 ليرة مقابل الدولار.

وذكر المصرفي المقيم في دمشق، أن البنك المركزي لا يزال يوفر العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد 40 سلعة أساسية بسعر تفضيلي أقل بكثير من سعر السوق، لكن بخلاف ذلك فإن البنك يترك الأمر إلى حد بعيد لقوى السوق.

ويقول مصرفيون، إنه رغم الدمار الواسع الناتج عن الصراع والعقوبات الغربية، إلا أن العملة تجنبت حتى الآن الانهيار التام، وأرجعوا ذلك إلى تحويلات المغتربين السوريين لأقاربهم، وتدفق المساعدات من إيران، الحليف الإقليمي الرئيسي للبلاد.

وأشار مصرفيون مطلعون على قطاع البنوك السوري، إلى أن من المعتقد أن إيران أودعت في السنوات الأخيرة مئات الملايين من الدولارات في احتياطيات البلاد الناضبة، والتي كانت تبلغ 17 مليار دولار قبل الحرب الأهلية.

وتسبب تداعي العملة في ارتفاع التضخم، كما زاد الأوضاع شدة، إذ يواجه الكثير من السوريين العاديين صعوبة في تحمل تكاليف الحاجات الأساسية مثل الغذاء والكهرباء.

ويقوم كثير من السوريين حالياً بادخار الدولار للتحوط، في اقتصاد يزيد فيه الاعتماد على الدولار.