تتصدر أزمة انقطاع التيار الكهربائي المشهد في ليبيا منذ سنوات،حيث بات قطاع الكهرباء أحد ضحايا وضع ليبي تلفه الفوضى السياسية والأمنية وغياب دولة مركزية.وتعيش ليبيا أزمة حقيقية بسبب تواتر انقطاع الكهرباء تستمر للعام السابع على التوالي دون حلول مؤكدة قادرة على إنهاء المشكل.
وأثرت الأزمة على الحياة اليومية للمواطنين مما جعلهم يعيشون معاناة حقيقية بسبب أزمة الكهرباء في البلاد التي رافقها ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.كما يؤثر إنقطاع الكهرباء في إستمرارية الأعمال التجارية،ما يهدد بتعثر محاولات إنقاذ الاقتصاد الليبي الذي يعاني منذ أكثر من سنوات.
صعوبات للتجار
يواجه أصحاب المتاجر وأنشطة الأعمال الصغيرة في ليبيا صعوبات بسبب انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، ما يجعلهم يصارعون للاستمرار في ظل اقتصاد يعاني بالفعل من نقص في السيولة وارتفاع معدل التضخم.ونقلت وكالة "رويترز"،عن إبراهيم العمامي، وهو مالك مقهى،في بنغازي ثاني مدن ليبيا في تصريحات، إن انقطاعات التيار تسببت في انخفاض معدلات بيعه للقهوة بمقدار النصف، كما اضطرته إلى التوقف عن تقديم العصائر الطازجة.
وقال العمامي "بصراحة انقطاع الكهرباء أصبح لا يطاق في بنغازي… ينقطع لفترات طويلة وقصيرة، وفي الحالتين نخسر". ويتابع القول "لدي مولد كهرباء لكنه ليس جيدا يعمل لمدة أربع ساعات وبعدها لا يستطيع المواصلة بسبب كثرة عدد آلات المقهى التي تدار بالكهرباء".
ويقول مالكو ورش تصنيع المعادن في المدينة إنهم يعيدون فتح ورشهم ليلا حين تعود الكهرباء، أو يعملون يدويا، إذ تعتبر أعمال إصلاح المولدات إحدى المهن القليلة المزدهرة في ليبيا.ويمكن أن يؤدي ارتفاع التيار الكهربائي عند عودة الكهرباء إلى تدمير آلاتهم، وتبلغ تكلفة المولدات الصناعية 60 ألف دينار ليبي (9 آلاف دولار بسعر صرف السوق السوداء).
وفي العاصمة طرابلس، الواقعة في غرب البلاد والتي يقطنها عدد أكبر من السكان، يستمر انقطاع الكهرباء ما بين سبع وعشر ساعات يوميا، لكن في بعض الأحيان يمتد إلى ما يزيد عن 12 ساعة.
وقال محمد الزقعال، وهو صاحب مطعم في طرابلس يخشى أن يضطر إلى إغلاقه "استعمل فرنا كهربائيا، وعندما لا توجد كهرباء يعني هذا أنني لا استطيع خدمة زبائني". وأضاف "أدفع الإيجار ورواتب ثمانية موظفين ومشتريات، ولكن في النهاية لا أجد شيئاً أدفعه لنفسي".
حلول
وأعلن الناطق الرسمي باسم الهيئة العامة للكهرباء والطاقات المتجددة في الحكومة الليبية المؤقتة، ربيع خليفة،،الأربعاء 08 أغسطس/آب،أنه نتيجة انقطاع الكهرباء المستمر على المدن والمناطق الشرقية، ستتم تغطية أحمال مدينة طبرق عن طريق الشبكة المصرية بحمل 60 ميغاوات،لكنه ما زال يواجه عجزا في الإمدادات يصل إلى 250 ميغاواط.
من جهته،يسعى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج،لبحث أزمة الكهرباء في البلاد وسبل معالجتها.حيث عقد الأربعاء 08 أغسطس 2018،اجتماعًا مع مسؤولي شركة «إيني» الإيطالية والشركة العامة للكهرباء، لوضع خطة عاجلة لزيادة القدرة الإنتاجية للمحطات بما يغطي احتياجات الاستهلاك العام في ليبيا.
وحضر الاجتماع رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء المهندس عبد المجيد حمزة، والمدير التنفيذي للشركة علي ساسي، ونائب المدير التنفيذي لشركة "إيني" الإيطالية بالشرق الأوسط فؤاد الكريكشي، ومديرعام "إيني" شمال أفريقيا عبدالمنعم العريفي.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي عبر صفحته على "فيسبوك" إن الاجتماع تناول مراحل تنفيذ شركة "ايني" لعدد من مشاريع قطاع الكهرباء إضافة لإعادة تشغيل بعض الوحدات بالمحطات الكهربائية، بالتنسيق مع الشركة العامة للكهرباء.وأضاف المكتب الإعلامي أن السراج طالب الشركة العامة للكهرباء بسرعة تنفيذ المشاريع المستهدف تنفيذها لسد العجز في الطاقة الكهربائية وتخفيف العبء عن المواطن.
وتعددت الحلول التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، بين محاولة إصلاح الشبكة الداخلية للكهرباء، إلى الحصول على مساعدات خارجية، فضلاً عن الاستعانة بمحطات للطاقة الشمسية.لكن تواصل الأزمة يدفع المسؤولين والحكومة لتبرير ذلك بتضرر شبكة الكهرباء من الحروب والاشتباكات التي كانت طرابلس تشهدها في الفترات الماضية.
أسباب الأزمة
وأرجعت الشركة العامة للكهرباء سبب الأزمة إلى مشاكل من بينها نقص التمويل والصيانة الدورية والسرقات والتخريب، لكنّ.كثيرًا ما تعلن الشركة عن سرقة النحاس من منشآت للكهرباء. وفي الآونة الأخيرة نشرت فنيين لإزالة توصيلات غير قانونية، وقد قطعوا بالفعل ما يزيد عن 500 وصلة في أول ستة أيام من الحملة في طرابلس.
ويقول مسؤولون إن مسلحين يقومون بالعبث في شبكة الكهرباء لضمان وصول إمدادات الكهرباء إلى مناطقهم، في حين أن مستويات المعيشة سجلت تراجعًا حادًا مع خسارة الدينار قيمته في السوق الموازية، وارتفع التضخم إلى نحو 30% ونفدت السيولة لدى البنوك.
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، عبدالمجيد حمزة،"إن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي مستمرة مع زيادة ساعات طرح الاحمال، حيث ستظل المشكلة قائمة دون إنشاء محطات توليد جديدة".وأضاف حمزة، في تصريحات صحفية،"أن الشركة تبحث إضافة محطات جديدة لرفع قدرة التوليد اثنان منهم في مدينة طرابلس واثنان خارج حدودها، ومن المتوقع أن يكون ناتج تلك المحطات نحو 2000 ميغا وات".
ودعت الشركة العامة للكهرباء،في يوليو الماضي، المواطنين من كافة شرائح المجتمع، وخاصة أصحاب المحال بالعمل على ترشيد استهلاكهم من الإنارة، حتى تتمكن الشبكة من تغطية احتياجات البلاد من الطاقة.وأهابت الشركة أصحاب المحال بضرورة تحمل مسؤولياتهم الوطنية بإطفاء الإنارة الخارجية وعدم تركها تعمل أثناء إغلاق المحل في فترتى الظهيرة أو الليلية، والتقليل من عدد المصابيح المضاءة داخل المحال.
 ويمثل انعدام الأمان والحماية لفرق الصيانة، وسرقة بعض المحطات الكهربائية وتعرضها للتخريب، فضلاً عن أزمة الوقود التي تعاني منها ليبيا البلد الغني بالنفط، كلها أسباب تدفع نحو نتيجة واحدة ألا وهي ظلام تام وحالات وفيات تسجلها بعض المستشفيات نتيجة انقطاع الكهرباء،علاوة على تعطل بقية الخدمات في البلاد مما يزيد من تردي الأوضاع المعيشية للمواطن الليبي.
على صعيد آخر،تمثل الأحمال الزائدة إحدى أكثر الصعوبات التي تواجهها الشركة العامة للكهرباء في ليبيا،وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج،حذر أواخر يوليو الماضي، من تفاقم أزمة الكهرباء في البلاد وانهيار الشبكة الكهربائية، إذا لم يتعاون الجميع مع الشركة العامة.
وفي تصريحات نشرها مكتبه الإعلامي قال السراج أن "مشكلة الكهرباء ستتفاقم بحال عدم تعاون جميع المناطق والبلديات وتنفيذ تعليمات الشركة العامة للكهرباء"، مطالباً جميع المناطق التي لم تستجب لتعليمات طرح الأحمال بأن تبادر بالاستجابة، بحيث ستنشر الشركة العامة للكهرباء أسماء تلك المناطق حتى تعرف الحقيقة بكل شفافية.
إحتجاجات
وتعاني مدن المنطقة الغربية في ليبيا بشكل عام، ومدينة طرابلس بشكل خاص، من أزمة الكهرباء خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك بعد أن رفضت بعض المناطق فرض فترات طرح الأحمال التي اقترحتها شركة الكهرباء، التي لم تقدم أي حلول لحل الأزمة في المنطقة الغربية، وهو ما يهدد بظلام دامس في تلك المنطقة مع إهمال حكومة الوفاق الأزمات المعيشية التي تعصف بالعاصمة.
وشكلت درجات الحرارة المرتفعة حافزا إضافيا للمتظاهرين للخروج إلى الشارع، مطالبين بتوفير حلول عاجلة للمشكلة، محذرين من احتجاجات أوسع إذا لم يتم إعادة تشغيل كامل للشبكة الكهربائية.وبحسب البعض،فإن حكومة الوفاق الوطني في ليبيا،باتت تخشى من أن تتطوّر الاحتجاجات الشعبية المستمرة في العاصمة طرابلس على أزمة الكهرباء إلى انتفاضة ضدّها، بعد إطلاق دعوات لإسقاطها.
وكانت بلدية حي الأندلس بالعاصمة،أعلنت إنها عازمة على تنظيم احتجاجات أوسع تطالب فيها بالانتخابات ورحيل المسؤولين الحاليين.وقالت البلدية في،يوليو الماضي، إنّ "المواطن بات يعاني من أزمات نقص السيولة وانتشار القمامة وانعدام الخدمات، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء لمدة 20 ساعة في عاصمة ليبيا"، متسائلة "أين هم مسؤولو البلاد وأين هي الحكومة؟
وعادة ما يسجلّ فصل الصيف في العاصمة طرابلس خلال السنوات الأخيرة،إحتجاجت مماثلة، بسبب زيادة معدلات انقطاع الكهرباء، لكن احتجاجات الصيف الحالي قد تكون مختلفة، إذ تتزامن مع احتقان شعبي تجاه الأوضاع السياسية والاجتماعية، وشعور بالإحباط تجاه الوضع السياسي الحالي، في ظلّ استمرار تغلغل الميليشيات المسلّحة في مفاصل الدولة، وتعطل عمليات التسوية.
ومنذ سنوات وأزمة الكهرباء لازالت مستمرة،رغم الوعود المتككرة بتجاوزها،ويعود انقطاع الكهرباء وفق المسؤولين الى الظروف الأمنية المتردية، وانعدام الأمان والحماية لفرق الصيانة، وسرقة بعض المحطات الكهربائية وتعرضها للتخريب، فضلاً عن أزمة الوقود التي تعاني منها ليبيا البلد الغني بالنفط.
ويعاني الليبيون بجانب أزمة انقطاع الكهرباء من نقص في السيولة النقدية،وازدحام أمام المصارف التجارية، وارتفاع في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وارتفاع في سعر صرف الدولار أمام الدينار الليبي.ويشير المتابعون للشأن الليبي،أن نهاية الأزمات التي تعصف بالبلاد تبقى رهينة تحقيق تسوية شاملة وإرساء سلطة موحدة..