قبل نحو ثلاث سنوات، لوحت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك هيلاري كلينتون من طرابلس بإشارة السلام أمام الكاميرات، لاحتفالها بإطاحة الولايات المتحدة وآخرين بحكومة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي. وزعمت إحراز فلسفتها المتمثلة بـ«القوة الذكية» انتصاراً.

وتتمثل هذه الفلسفة في قصف الناس نيابة عن الجماعات المُتمردة، في حرب من شأنها أن تكون رخيصة وتُنسى بسهولة. لكن ذلك لم يكن منذ فترة طويلة.

أما اليوم، فلدى ليبيا حكومتان رمزيتان تتظاهران برئاسة المنطقة التي تسودها الفوضى. ولدى ليبيا أيضاً برلمان واحد، يسيطر عليه غير الإسلاميين، وهم يجتمعون في طبرق شرقي ليبيا. ويجتمع برلمان يهيمن عليه الإسلاميون، كان قد انتخب سابقاً، في طرابلس.

 وسيطرت جماعة متمردة تسمي نفسها «عملية الفجر»، على مطار طرابلس أخيراً. واشتعلت النيران في كل مكان. ولم تكن هذه الجماعة المتمردة أكبر «الفائزين» على أرض الواقع، ولربما يحسب هذا النصر لجماعة «أنصار الشريعة»، وهي جماعة متطرفة أخرى.

وكانت في ليبيا خمس أو ست «الحكومات» منذ عام 2011، وجميعها عجزت عن فرض أي شكل من أشكال النظام في هذا البلد. وشهدت ليبيا فترات من الهدوء النسبي على مدى السنوات الثلاث الماضية، عندما انشغل من عينوا أنفسهم مسؤولين عنها في محاولة الاستفادة من أموال النفط فيها، وعندما كانت الفصائل الطائفية والقبلية في توازن تقريباً.

ما يسمى «القوة الذكية» لم تكن موجودة في يوم من الأيام، ولم تكن العبارة أكثر من مجرد شعار لإطراء الأميركيين، الذين يحاولون تفسير كيف أن قنابلهم تحمي حقوق الإنسان، وأنها أكثر منطقية من قنابل الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب.

ولكن الأميركيين لا يهتمون بكم المشكلات التي أحدثوها طالما أن آخرين هم من يعانون منها. ومن المرجح أن ينتخبوا سيدة «القوة الذكية» رئيساً مقبلاً لأميركا. وعلى كل أمة تعيش على شفير النظام والفوضى أن تخاف من المندوبين المرسلين من دول أخرى، والذين يلوحون بعلامة السلام أمام الكاميرات.

 

البيان