تصدرت منطقة "القرة بوللي"، الواقعة شرقي العاصمة الليبية طرابلس المشهد السياسي مجددًا، بسبب تغول ميليشيا مسلحة تابعة للمجلس الرئاسي داخل شوارعها، وسيطرتها على جسر وبوابة أمنية بالمدينة،ما أحدث موجة غضب عارمة في المدينة التي شهدت اشتباكات مسلحة متكررة خلال السنوات الماضية. وشهدت منطقة القره بوللي دخول  ميليشيا "الكانيات"، المعروفة باللواء السابع "مشاة ترهونة"، وقد تمركزت ببوابتي الكسارة وجسر القره بوللي،وهو ما أحدث موجة غضب عارمة في صفوف الأهالي،وسط دعوات بضرورة العصيان المدني إلي حين خروج الميليشيات المعتدية من هذه المنطقة.

تنديد

وحملت بلدية القره بوللي الجهات المسؤولة بالدولة العواقب الوخيمة والأضرار نتيجة انتهاك حرمة المنطقة.وطالبت البلدية في بيان مشترك مع أعيان وحكماء المنطقة وعدد من منظمات المجتمع المدني داخل القره بوللي،الثلاثاء الماضي، التشكيلات المسلحة القادمة من مدينة ترهونة بالانسحاب الفوري، واحترام الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين. وأشار البيان إلى أن دخول القوات وإقامتها لبوابات تفتيش داخل المنطقة أدخل الرعب والفزع في قلوب الأهالي ما نتج عنه نزوح عدد منهم.أكد أنهم تفاجئوا بدخول تشكيلات مسلحة قادمة من ترهونة إلى منطقة القره بوللي، موضحاً أن "التشكيلات المسلحة "تمركزت ببوابتي الكسارة وجسر القره بوللي حيث يتولى مكتب الدعم المركزي القره بوللي التمركز بها.

وأوضحت البلدية في بيانها أن "تلك التشكيلات بدأت باستيقاف المارة بالطريق العام والتفتيش كما قامت بالتجول داخل المدينة وشكلوا بوابات أخرى دون علم من مكونات القره بوللي.مشيرة إلى "وجود حالة من الاحتقان وعدم الرضى بين كافة سكان المنطقة نتيجة الأحداث السابقة مما يستوجب على الجهات المسؤولة بالدولة وفي مقدمتها المجلس الرئاسي التدخل الفوري لإيقاف التعدي حفظا للام وحماية للمواطن وحفاظا على النسيج الاجتماعي بين المناطق".

عصيان مدني

حالة الغضب والإحتقان هذه،دفعت عضو مجلس النواب عن مدينة القره بوللي علي الصول،إلى دعوة كافة أطياف أهل وسكان المدينة للإعتصام العام و إعلان حالة العصيان المدني للضغط على الحكومة و المسؤولين على هذه المجموعات المسلحة لوقف الإعتداء وبشكل فوري وعاجل حقناً للدماء و المحافظة على حسن الجوار وحرمة المدينة و التعايش السلمي وخروج تلك القوة بدون قيد أو شرط.

وإعتبر الصول،في بيان له، أن دخول تشكيلات مسلحة إلى المدينة يعد إعتداء يثبت بالدليل القاطع أنه لا يوجد بين تلك القيادات العسكرية لهذه التشكيلات المسلحة عقلاً حكيماً ولا فكراً رشيداً يهدي إلى الإستقرار و الأمن و التعايش السلمي داخل الوطن.مشيرا إلى أن تكرار الإعتداء على المدينة بمبررات و حجج زائفة من الجماعات المسلحة هو مؤشر خطير للغاية ولا يخدم مصلحة الوطن أبداً. وحمل الصول حكومة الوفاق ورئيسها وأعيان وحكماء مدينة ترهونة مسؤولية هذا التدخل غير المبرر أمنياً وسياسياً وإجتماعياً.كما حذر من خطورة هذا التدخل والإعتداء و تبعاته القادمة على استقرار المدينة ومستقبل العلاقات الأخوية، مطالباً بالتحرك السريع للجم أصحاب هذا القرار واتخاذ الإجراءات الحاسمة فوراً.

تبريرات

وفي المقابل،سارع مجلس مشائخ واعيان ترهونة،إلى تبرير عملية إقتحام المنطقة،وقال رئيس المجلس صالح فاندي، في تصريح لـ"بوابة إفريقيا الاخبارية"، أن العناصر المسلحة التي دخلت من ترهونة إلى القره بوللي لا تهدف إلى الاعتداء على المدينة وإنما حفظ الأمن فيها.وبين إن "القوة الأمنية التي توجهت من ترهونة إلى القره بوللي تتبع الدعم المركزي واللواء السابع ترهونة التابعين للمجلس الرئاسي موضحا أنهم يقيمون بوابات لحفظ الأمن في المدينة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية بالقره بوللي". وأشار فاندي إلى أنه "جرى إرسال قوات أمنية إلى القره بوللي لأنها تعاني من فراغ امني اثر على مدينة ترهونة المجاورة مؤكدا انه سيتم خلال الأيام القليلة القادمة عقد اجتماعات مع أعيان ومسؤولي القره بوللي لتوضيح الأمور وإزالة اللبس الحاصل بشأن توجه قوات من ترهونة للقره بوللي".

وكان اللواء السابع مشاة،المسمى "الكانيات"،نقل في تدوينة له، الثلاثاء الماضي،على موقع التواصل الاجتماعى "الفيس بوك"،عن آمر اللواء السابع،بأن الوضع الأمني بالمواقع مستقر، مشيدا بالجهود المبذولة من قبل أهالي مدينة القره بوللي بالتعاون مع الضباط والجنود كافة في أداء واجبهم بالصورة السليمة.

وفي الوقت الذي تصاعدت فيه الأصوات المطالبة بتدخل المجلس الرئاسي وتحمل مسؤولياته تجاه الجماعات المسلحة التابعة له،سارعت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوفاق الوطني، بنفي علاقاتها بتمركز المجموعات المسلحة في القرة بوللي، وقالت في بيان رسمي وجهته إلى عميد القرة بوللي "ليس لدينا فرع لقوة العمليات الخاصة، ولم نمنحهم الإذن بالدخول إلى مدينتكم".

معاناة مستمرة

وكانت منطقة القره بوللي،الواقعة على بعد 61 كم شرق طرابلس،مسرحا لإشتباكات وهجمات خلفت مآسي كبيرة أبرزها كان الاعتداءات الإجرامية التي قامت بها ميليشيا"القنيدي" على سكان القره بوللي،في يونيو 2016، والتي أدت إلى مقتل نحو 50 من السكان، بينهم 29 في انفجار لمخزن الذخائر نجم عن قصف الميليشيا العشوائي للسكان.وقد لاقت هذه الجريمة تنديدا واسعا فيما  طالبت وزارة العدل فى الحكومة الليبية المؤقتة ، بتشكيل لجنة تحقيق دولية منفصلة حول الأحداث وتحديد الجهة المسؤولة عن الجريمة ومعاقبتهم وفق قرارات مجلس الامن، ومثول الجناة امام محكمة الجنايات الدولية.

وفي يناير 2017،لقى مايزيد عن عشرة أشخاص مصرعهم، وجُرِح خمسة آخرين إثر الاشتباكات التي وقعت بالقربوللي بين مسلحين من المنطقة، وكتيبة تابعة للغرفة الأمنية المشتركة ترهونة تتمركز ببوابة سوق الجمعة.واستنكر المجلس البلدي القره بوللي الهجوم المسلح على المنطقة، وطالب أجهزة الدولة في غرب ليبيا بالتدخل السريع والعاجل لتشكيل لجنة تحقيق حول الحادثة وأسبابها ومكان وقوعها لأخذ حق أسر الضحايا من أبناء المدينة وحقن دماء الليبيين.

وفي يناير 2018،تعرضت منطقة القره بوللي،لهجوم مسلح بالقصف المدفعي من قبل ما يسمى  قوات اللواء السابع بترهونة، المعروفة بـ "الكانيات".وعقب فرضها السيطرة عليها،قامت عناصر "الكانيات" بعمليات اقتحام وتفتيش لعدد من بيوت المواطنين بالمنطقة، بدعوى البحث عن مطلوبين، وقاموا بالقبض على عدد من أبناء المنطقة.بحسب ما أكدت وسائل إعلام محلية، نقلا عن شهود عيان.

وعلاوة على خطر الإشتباكات المسلحة،تعاني منطقة القره بوللي من إنتشار الجماعات الناشطة في الهجرة غير الشرعية.فالمنطقة التي تطل على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، ويقابلها شمالا جزيرة مالطا، وجزيرة "صقلية" الإيطالية،تمثل شواطئها منطلقا للمهاجرين الغير شرعيين نحو الضفة الشمالية من البحر المتوسط.