قالت هيومن رايتس ووتش إن الأدلة التي جمعتها تشير إلى تورط ميليشيات من مصراتة في الإعدام الظاهر لعشرات المحتجزين إثر اعتقال ووفاة معمر القذافي، وأضافت إن السلطات الليبية لم تنفذ وعدها بالتحقيق في مصرع القذافي، أو ابنه المعتصم القذافي، والعشرات غيرهما ممن قبضت عليهم قوات المعارضة.

وفي تقرير في 50 صفحة، يعرض تفصيلاً الساعات الأخيرة من حياة معمر القذافي والظروف التي قُتل فيها. كشفت المنظمة في أكتوبر 2012 أدلة على قيام ميليشيات من مصراتة بالقبض على قافلة القذافي ونزع أسلحتهم، ثم إخضاعهم لسيطرتهم الكاملة، وتعريضهم للضرب بقسوة. ثم قاموا بإعدام 66 على الأقل من أسرى القافلة في فندق المهاري القريب من مسرح الأحداث. تشير الأدلة إلى أن ميليشيات المعارضة نقلت معتصم القذافي المُصاب من سرت إلى مصراتة، وقتلته هناك.

وقال بيتر بوكارت، رئيس قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: "تشير الأدلة إلى أن ميليشيات المعارضة أعدمت 66 أسيراً على الأقل من قافلة القذافي في سرت. كما يبدو من الأدلة أنهم أخذوا معتصم القذافي الذي كان قد أصيب، إلى مصراتة، حيث قتلوه. الأدلة التي توصلنا إليها تثير التساؤلات حول تأكيد السلطات الليبية أن معمر القذافي قُتل في تبادل لإطلاق النار وليس بعد أسره".

من بين الأدلة الأقوى التي تم جمعها، مقطع فيديو تم تصويره بكاميرا هاتف خلوي، صوره أحد عناصر المعارضة المسلحة، تظهر فيه مجموعة كبيرة من أعضاء القافلة الأسرى رهن الاحتجاز، وهم يتعرضون للسب والإساءات. استخدمت هيومن رايتس ووتش صور مشرحة المستشفى لإثبات أن 17 على الأقل من المحتجزين الظاهرين في مقطع الفيديو المذكور قد تم إعدامهم بعد ذلك في فندق المهاري

بموجب قوانين الحرب فإن قتل المقاتلين الأسرى جريمة حرب، وعلى السلطات المدنية والعسكرية الليبية التزام بالتحقيق في جرائم الحرب وغيرها من انتهاكات القانون الدولي الإنساني.

ووفق التقرير ، فإن القذافي وصل إلى مدينة سرت، وبصحبته سائقه الشخصي ومجموعة صغيرة من حراسه، والمسؤول بأمن الدولة منصور ضو، كما لفت إلى أنه مع تزايد قصف الثوار لمدينة سرت، وتحول القتال باتجاه مركز المدينة، قرر القذافي ”، الانتقال إلى حي آخر أقل في كثافته السكانية بالطرف الغربي من المدينة.

وذكر التقرير أن القذافي قضى ”معظم وقته في قراءة القرآن الكريم والصلاة”، بحسب ما كشفه ”ضو”، الذي أضاف بقوله: ”لم تكن لدينا التزامات، كنا فقط ننام ونصحو”، مشيرًا إلى أنهم كانوا ينتقلون من أماكنهم كل أربعة أو خمسة أيام، خشية أن يتم اقتفاء أثرهم، كما استخدموا سيارتين فقط في الانتقال.

وأوضح تقرير ”هيومان رايتس ووتش” أنه في 19 أكتوبر 2011، عرض المعتصم ابن القذافي، خطة على والده، تقوم على مغادرة سرت، بحيث يتم اختراق صف الثوار الذين يفرضون حصارًا على المدينة، غير أن تنظيم الموكب استغرق فترة أطول مما توقع، وهو الوقت الذي كانت فيه الكثير من ميليشيات الثوار قد عادت إلى مواقعها.

ويضيف التقرير أن الثوار هاجموا موكب القذافي على الفور، فضلاً عن قيام طائرات ”الناتو” المقاتلة بإطلاق قذيفتين موجهتين بالليزر، وزن كل واحدة منهما 500 رطل، حيث أمطرت الموكب بوابل من شظايا القذيفتين المتناثرتين، وبدأت سلسلة من التفجيرات مع اشتعال الشاحنات المحملة بالذخيرة الحربية.

ويسترجع ابن وزير الدفاع الليبي، الذي هرع لتأمين القذافي، ماحدث بقوله: ”وجدنا معمر هناك، مرتديًا خوذة وقميصا واقيًا من الرصاص، كان لديه مسدس في جيبه ويحمل سلاحا آليا”، وذلك بعد لانتقاله لأحد المنازل المهجورة.

وتابع: ”بعدها، بدأ قصف الفيللا، ومن ثم، فررنا من هناك، جرى القذافي ونحو عشرة من معاونيه بأقصى سرعة عبر ساحة مفتوحة ، غير أن الثوار اقتفوا أثرهم مباشرة عند ظهورهم، وفي المعركة التالية، حاول أحد حراس القذافي إطلاق عدة قذائف على الثوار، اصطدمت إحداها بجدار إسمنتي وحطت بالقرب من القذافي، انحنى الحارس لاستعادة القذيفة عندما انفجرت، مما أدى إلى بتر ذراعه وإصابة كل من القذافي ووزير دفاعه.

ولفت إلى أنه سرعان ما هبط الثوار من الطريق، حيث ذكر كثير منهم لاحقًا أنهم صدموا لرؤية القذافي على هذه الحال، كما تحول مجموعة الثوار سريعًا إلى حشد غفير يحيط به، ويوجه له الضربات، ويجذبه من شعره، بينما طعن شخص من بين الجموع القذافي  بحربة.

في الوقت نفسه تحدث قائد للثوار إلى منظمة ”هيومان رايتس ووتش”، قائلا: ”كان مشهدًا عنيفا، وضع على واجهة شاحنة حاولت أن تقله بعيدا، ولكنه انزلق منها”، مضيفًا: ”فهمنا أنه كان يجب أن تجرى محاكمة، ولكننا لم نستطع السيطرة على الجميع، فبعضهم تصرف على نحو يخرج عن نطاق سيطرتنا”.