قال الصحفي والسياسي الليبي الدكتور مصطفى الفيتوري إنه قبل ثماني سنوات قتل حلف الشمال الأطلسي الناتو وشركاؤه حوالي 200 مدني ليبي في جميع أنحاء الدولة الواقعة في شمالي أفريقيا. وبعد مرور ثماني سنوات لم يُحاسب أحد. ولم يقدم حلف شمال الأطلسي ولا شركاؤه أي تفسير أو عرضوا اعتذارًا ناهيك عن التعويض بينما لا تزال عائلات القتلى تعاني من الألم وعدم وجود تفسير لسبب قتل أحبائهم أثناء نومهم.

وبدأ غزو ليبيا من قبل أكبر تحالف عسكري في التاريخ بعد أن اتخذ الرئيس الراحل معمر القذافي تدابير -بما في ذلك استخدام القوة- ضد جماعات المعارضة لا سيما في شرق ليبيا لمشاركتهم في المظاهرات السلمية المناهضة للحكومة. وكانت الفعاليات جزءًا من الربيع العربي المستمر الذي بدأ في تونس وانتشر في جميع أنحاء المنطقة. وفي ليبيا اتخذت الأحداث منعطفًا شديدًا،لا يزال عواقبه من الممكن الشعور بها اليوم.

ونتيجة لقرار الأمم المتحدة رقم 1973 الذي أذن للدول الأعضاء باستخدام "جميع التدابير اللازمة" لحماية المدنيين في ليبيا تورط الناتو.

وشن الناتو 26500 طلعة جوية فوق ليبيا في غضون سبعة أشهر مما أدى إلى مقتل عدد غير معروف من الجنود، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية، والمساعدة في تهجير مدينة تاجوراء بأكملها إلى ما يقرب من 40 ألف شخص. لم تتوقف الحملة الجوية إلا بعد مقتل القذافي نفسه في 20 أكتوبر 2011.

ووقعت معظم حالات قتل المدنيين خلال شهر أغسطس 2011، وبعد مرور ثماني سنوات لا تزال أسر القتلى تبحث عن إجابات.

ولا يزال مصطفى المرابط يتذكر ليلة الرابع من أغسطس عام 2011 عندما قُتلت زوجته البالغة من العمر 37 عامًا ابتسام وابنيه - محمد البالغ من العمر خمس سنوات ومعتز البالغ من العمر ثلاث سنوات - في غارة جوية لحلف شمال الأطلسي. وعند الساعة 6:30 صباحًا وبينما كانت الأسرة نائمة قُصف منزلهم في جنوب زليتن ، وهي بلدة تبعد حوالي 170 كيلومتراً شرق طرابلس وموطن ما يقدر بنحو 100 ألف شخص. وقال المرابط "ما زلت أرى الكوابيس وأحيانًا لا أصدق ما حدث. لماذا قتلت عائلتي؟

ومثل عشرين أسرة ليبية فقدت أحبائها، المرابط لم يتم تعويضه أو حتى الاعتراف به كضحية لغارة جوية لحلف الناتو. ولم تعترف أي من الحكومات المتعاقبة في ليبيا منذ أكتوبر 2011 ولا الناتو بأي مخالفات.

وقامت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وصحفيو التحقيق والعديد من جماعات حقوق الإنسان الأخرى بتوثيق جميع الإصابات المدنية تقريبًا التي يتحمل الناتو مسؤوليتها. وحلف شمال الأطلسي نفسه لم يجرِ تحقيقًا شاملًا على الأرض لمعرفة ما حدث. ومع ذلك فإن الحلف ينفي قتل أي مدني في حملته الجوية لإسقاط حكومة معمر القذافي في عام 2011. وبين 2013 واليوم اتصلت بمقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل في مناسبات عديدة في محاولة للحصول على رد ولكن دون جدوى.

وبعد أربعة أيام من مأساة عائلة المرابط، في 8 أغسطس 2011 وعلى بعد بضعة كيلومترات جنوب غرب زليتن ضربت غارات متعددة لحلف شمال الأطلسي على مجمع سكني في قرية ماجير. ووفقاً لجماعات حقوق الإنسان أسفرت الضربة الأولى عن مقتل 16 مدنياً بما في ذلك عائلة علي حامد الجارود بأكملها، في حين أسفرت الغارة الثانية عن مقتل 16 مدنياً آخرين جاءوا للمساعدة في عملية الإنقاذ. ومع ذلك  نشرت الحكومة الليبية في ذلك الوقت قائمة تضم 80 شخصًا كضحايا بدلاً من 34. وشملت القائمة التفصيلية للحكومة 34 امرأة، وأكثر من 24 طفلاً، وخمسة رضع.

وحتى اليوم لا يزال عامة الشعب الليبي لا يعرف بالضبط عدد المدنيين الذين قتلوا على أيدي طائرات الناتو خلال الحرب الأهلية في ليبيا التي استمرت ثمانية أشهر. كما أن عدم وجود تحديد وتوثيق صحيح يعوق الجهود المبذولة لتحديد هوية الضحايا وعددهم الدقيق.

لقد أجريت تحقيقي على أرض الواقع ومقابلات مع أسر الضحايا وتوصلت إلى استنتاج مفاده أن ما لا يقل عن 180 من المدنيين الليبيين قد قتلوا وجرحوا على يد الناتو في سبع مدن وبلدات وقرى مختلفة. تم استهداف معظمهم في المناطق السكنية عادة في الليل بينما الناس نيام.

نجا حلف شمال الأطلسي حتى الآن من التحقيق، ولم تعترف الحكومات الليبية المختلفة التي وصلت إلى السلطة منذ نهاية الحرب الأهلية بالضحايا.

ومع ذلك تحاول مجموعة من عائلات الضحايا مقاضاة الناتو دون نجاح يذكر حتى الآن. وأنشأ خالد الخويلدي الذي فقد عائلته بأكملها في غارة أخرى لحلف شمال الأطلسي في 20 يونيو 2011 في صرمان -غرب طرابلس- جمعية لضحايا الناتو والحرب في ليبيا مع تمثيل قانوني في بروكسل حيث مقر قيادة الناتو. وقبل عامين رفعت الجمعية أول قضية ضد الناتو أمام محكمة بلجيكية، لكن تم رفضها مشيرةً إلى الناتو كمنظمة دولية تتمتع بالحصانة الدبلوماسية. ومع ذلك قال محامي الجمعية البلجيكي جان فيرمون "لقد رفعنا قضية أخرى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وما زلنا ننتظر قرارها".

ويبدو أن الخويلدي وكل عضو في الجمعية تحدثت معه مصممون على الحصول على إجابات من الناتو، لكنه صراع شاق. ولا توجد سابقة تم فيها مقاضاة حلف الناتو بنجاح ناهيك عن الاعتراف بالمسؤوليات. فهذا لم يحد لا في يوغوسلافيا السابقة في عام 1999 ولا في أفغانستان حيث لا يزال متورط.

ومع ذلك قال محمد الغراري الذي فقد ثلاثة من أفراد أسرته في 19 يونيو 2011 "الحفاظ على القضية على قيد الحياة أمر مهم بالنسبة لنا لأنه يذكرنا بأن الناتو لم يحمينا ولكنه قتلنا".




*"بوابة إفريقيا الإخبارية" غير مسؤولة عن محتوى المواد والتقارير المترجمة