في عام 1987 اصدر مهندس البرمجيات الأمريكي "توماس نول"صحبة أخيه "جون نول"اول برنامج إلكتروني لمعالجة الصورة ، أطلق عليه اسم"Display" و هو برنامج بسيط جدا ،قاما بعد ذلك بتحديثه إلى نسخة اطلقوا عليه"Image Pro" وتعاقدوا بهذا البرنامج مع شركة بيرني سكان "BarneyScan" لتوزيع البرنامج مع منتجاتهاوفي عام 1989 تعاقدوا مع شركة ادوب"Adobe"ببيع حقوق البرنامج لها، لتطلق الشركة أول نسخة من برنامج الفوتوشوب "Adobe Photoshop"في فبراير منعام 1990 و ليكون بذلك أول تاريخ لهذا البرنامج الذي مثّل بوابة عصر الصورة "الرقمية"وفنّ الإبداع الرقمي الذي صار واجهة أخرى للفن التشكيلي في العالم.

وقد أثار برنامج فوتوشوب منذ ظهوره الكثير من التساؤلات حول تأثيراته الأخلاقية و الفنيّة على المعالجات الرقمية للصور، حيث يوفر العديد من الأدوات التي تتيح إخراج وإنتاج ومعالجة الالكترونية بطريقة يمكن أن تحسن المنتج النهائي للصورة وقد فجر الفوتوشوب بذلك ثورة عالم النشر بالألوان، من خلال عملية الإعداد لما قبل الطباعة وإنشاء الوسائط المتعددة والرسوم المتحركة والتصوير الفوتوغرافي الرقمي والرسم.

فيما يرى البعض أن ظهور الفوتوشوب مثل بداية جديدة لكتابة تاريخ الاتصال المرئي و انتهت مع ظهوره الغرف المظلمة القديمة لصناعة الصورة ،كما مكن الرسم من خلال نظام الفوتوشوب ، أصحاب الذائقة الفنية ومحترفي الأنظمة الالكترونية من ابتكار مدرسة "تشكيلية" جديدة انتهى معها عصر الفرشات و الألوان.

و قبل ابتكار برامج الفوتوشوب، تعددت محاولات المصورين والمبدعين لإخراج العديد من الصور غير التقليدية التي تهزم المنطق وتظهر حساً إبداعياً حقيقياً، على غرار الفنانة ساندي سكوغلاند، التي بدأت بدراسة الفن وتاريخه عام 1964 في كلية سميث بولاية ماسوشيستس، تعد واحدة من المتخصصات في الفن الإدراكي، وفي تلك الفترة عملت في مجال التصوير الذي تستخدم فيه بعض التقنيات التي تعتمد على التركيز والطباعة. كانت ساندي ومنذ عام 1978 تعمل على إخراج سلسلة من الأعمال المصورة المعتمدة أساسا في تشكليها على العناصر الغذائية و دقّة الصورة و الرسم بتقنية ثلاثية الأبعاد التي صارت فيما بعد و بظهور الفوتوشوب ركيزة أساسية لأعمال فنّية "إلكترونية" او ما يعرف بالفن الرقمي.

والفن الرقمي هو احد الاتجاهات الحديثة في الفن التشكيلي، تدعمه روابط تتقاطـع بين الفنــان والعمل الفني والمتلقي، وفي هذا المجال، أصبحت شبكة الواب من ركائز نجاح الأعمال الرقمية، وأصبحت كذلك تفرض نفسها باعتبارها تمنح امتيازا لتبادل المعلومات. يبدو أن هذا الحامل كان مصدر استقطاب للفنانين لعرض أعمالهم ونجد من ضمنهم جون بيار بالب، كاترين بلخوجة، موريس بانيون، نور الدين الهاني, ماري الفاطمية ،هشام زريق و عادل عبد الرحمن. .

 

و من اهم المدارس في  الفن الرقمي هي مدرسة الصورة التي تعمل على عناصر عديدة منها برنامج الفوتوشوب وكذلك مدرسة المتجهات وتستخدم فيها عدة برامج مثل الكوريل البيلي ما، ومدرسة الكولاج وهو فن التلصيق و أول من ابتكره هو الفنان بيكاسو ثم دخل  في تطويرات عديدة الى ان ظهرت المدرسة الدادائية ، واعتبرت من المدارس المتمردة في الفن وهناك مدرسة الدمج وهي مدرسة  خيالية وواقعية وسريالية في آن واحد .

من اهم الخصائص في الفن الرقمي هذا الشكل كأن ترسم(وردة) ثم تظهر بطريقة تجريدية على نحو اخر ،اي يمكن تحويل الاشياء  الواضحة الى تجريدية مما يعطينا بعداً كبيراً للفن التجريدي, وهو الذي لايأتي من فراغ بل يأتي من الواقع ويحول الى اشياء وخصائص لاتنتمي بالمشاهدة الى الواقع .

لكن السؤال المطروح اليوم .. هل يمكن اعتبار من يعمل على الحاسبة في الفن الرقمي فناناً ؟ وهل ان كل من يعمل  بهذه الطريقة يصبح فناناً ام يلغي  الجانب الابداعي فيه ؟

يقول رواد هذا الفن أن الفنان في الحالتين لان التفكير والمشاعر هي فنية مع اختلاف طريقة العمل  فالفن الرقمي هو فن حديث وعدد فنانيه قليلون جداً في العالم . وهؤلاء يعتمدون على اختصاصهم العلمي، يقدمون أفكارهم من خلال الحاسوب

بينما يقول شقّ آخر ان الفن الرقمي  هو فن لكن لا يمكن إن يحسب ضمن الفن التشكيلي مائة بالمائة . لكن يمكن توظيف الرؤية التشكيلية في انتاج فن رقمي .فمن الخامة و الالوان و فرشاة إلى الفوتوشوب والفلاتر وبرامج اخرى لانجاز لوحة فنية متكاملة الأبعاد.

وفي ظل هذه التحولات اتضح أن التكنولوجية القديمة ( الكيمائية والبصرية) هي تكنولوجيا محدودة وارتجالية، في حين تحمل التكنولوجيا الإليكترونية الجديدة وعودا بتدشين حقبة جديدة من الحرية والمرونة في خلق الصور،  بدأ التصور التقليدي للصور يتراجع، وبدأت نسبة الانبهار بالصور تقل، ونسبة الفزع تتضاءل، وهو أمر يختلف عن البدايات الأولى لاختراع الصور. كما تراجعت نسبة الرقابة على الصور، وتضاءلت نسبة التحكم في الصور، وقلت مخاوف السياسيين والزعماء من تأثير الصور، وزادت نسبة المنافذ التي تطل من خلالها الصور على البشر، وكسرت الوسائط التكنولوجية العوائق التقليدية التي كانت تحول بين الصور وانتشارها السريع.