تطرق الصحفي الإيطالي سالفو أرديزوني في مقال نشر على الصحيفة الإيطالية الفارو سول موندو - صحيفة تهتم بالشأن السياسي والاقتصادي والثقافي - اليوم 29 يونيو 2014، إلى ما وصفه بمهزلة الانتخابات في ليبيا في ظل تدهور الأمن وانتشار الفوضى، والفشل الغربي في دعم التجربة الديمقراطية في ليبيا.

 واعتبر أن الغرب يبحث عن إيجاد شريك رسمي في البلاد، مهما كانت الطرق التي وصل بها إلى السلطة بهدف الحفاظ على مصالحه الاقتصادية المتمثلة خاصة في النفط والغاز، محملا في نفس الوقت المسؤولية للقوى الغربية عن تردي الأوضاع في ليبيا.

 شرعية؟؟

 وأشار سالفو أرديزوني إلى أنه في 25 يونيو توجه الليبيون نحو مكاتب الاقتراع لانتخاب البرلمان الجديد الذي سيعوض المؤتمر الوطني العام، ووفق البيانات فإن حوالي 1.5 مليون فقط من الذين سجلوا للإدلاء بأصواتهم، مقارنة بعدد الذين شاركوا في انتخابات 2012 الذي وصل وفق بيانات رسمية إلى 2.8 مليون ناخب.

 وأوضح أنه في مناطق شاسعة من البلاد، وخاصة في منطقة برقة وفزان تنعدم كل الشروط والظروف المناسبة لإجراء عمليات التصويت، حيث تنتشر "الميليشيات المسلحة " والفوضى والعنف والترهيب، كما أن هناك مخاطر تتهدد حياة المراقبين الدوليين هناك ، في ظل وجود سلطة عاجزة على السيطرة.

 وأضاف أن عدم نجاح الانتخابات يعود بالأساس إلى فشل المجتمع الدولي، وعدم معرفة ما يجب القيام به قبل "وقوع الكارثة التي تسبب فيها"، حيث استخدم الغرب "صنم الديمقراطية " التي لا وجود لها، وفق تعبيره، بهدف إيجاد شريك رسمي يتعامل معه في البلاد، من أجل السيطرة على المواد الهيدروكربونية (النفط والغاز)، فهي السبب الحقيقي لهذه الفوضى.

 فوضى

 ولفت كاتب المقال إلى أن السلطة الرسمية في ليبيا غير قادرة على فعل أية شيء، بما أنها عاجزة على تطبيق القانون وفرض الأمن، كما عجزت بدورها على إقناع "الميليشيات المسلحة " التي شاركت في الإطاحة بمعمر القذافي بتسليم أسلحتها علاوة على الانتشار الكثيف للأسلحة في البلاد، متسائلا كيف لسلطة عاجزة وضعيفة في ظل هذه العوامل أن توفر الأمن والحماية للعملية الانتخابية؟

وبرأيه، تشهد الأراضي الليبية حاليا مواجهات بين معسكرين رئيسيين، الأول يمثل الجهة التي "تدعمها وتمولها" المملكة العربية السعودية ومصر إلى جانب دعم ضمني غير معلن من قبل دول غربية، في محاولة منها لفرض الاستقرار ومحاربة "الإرهاب" بالوكالة عن طريق اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود بقايا من الجيش الليبي المتحالفة مع "ميليشيا" الزنتان، هذا وفي صورة انتصار هذا الأخير في برقة سيمهد الطريق أمام السعودية والنظام المصري للسيطرة على الحقول النفطية في ليبيا، وعدم وصولها إلى أيدي "الجماعات الإسلامية المتطرفة ".

وأكد أن المعسكر الآخر الذي يتكون من "ميليشيات" مصراتة وتنظيم "أنصار الشريعة"، وهي "جماعات" تخضع لنفوذ "جماعة الإخوان المسلمين "، وهذا يكفي لجعلها عدوة للنظامين السعودي والمصري.

إلى جانب ذلك هناك عدد لا يحصى من "الميليشيات"، وفق تعبيره، موزعة في كامل التراب الليبي وتتسارع جلها بهدف السيطرة على حقول النفط، وأضاف أن المؤسف في الأمر أن الشعب الليبي بقي خارج اللعبة وهو من يدفع ثمن هذه الصراعات، مضيفا أيضا أن إيطاليا تدفع ثمن هذه الصراعات واللامبالاة الغربية بسبب مصالحها العديدة في هذا البلد، ولا تختزل فقط في النفط والغاز والعلاقات الاقتصادية القديمة فقط، بل في مشكلة  الحشود الهائلة من الناس اليائسين القادمين عبر السواحل الليبية في اتجاه الشواطئ الإيطالية.