تستغل الجزائر التغيير الحاصل في العلاقات الدولية بسبب الطاقة ومكافحة الإرهاب في شمال إفريقيا لترسم لنفسها صورة المخاطب المتعدد مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وترغب الجزائر ومدريد في إقناع باريس لتطوير شبكة الربط الغازي بين اسبانيا وفرنسا للرفع من صادرات الغاز الجزائري نحو أوروبا وتقديم بديل مؤقت للغاز  الروسي. وقبول فرنسا بهذا الطلب سيعزز من مكانة الجزائر مخاطبا سياسيا واقتصاديا للاتحاد الأوروبي.

ويؤكد الأوروبيون، من سياسيين وباحثي مراكز الدراسات الاستراتيجية، الأهمية الفائقة للجزائر مصدرا للغاز مستقبلا للتخفيف من الضغط الروسي الذي أصبح شبحا فوق رأس الاتحاد الأوروربي كلما اندلعت أزمة سياسية-عسكرية وآخرها أزمة أوكرانيا.

وكانت صحف اسبانية مثل الموندو وفرنسية مثل ليزيكو قد ركزت على استفادة أوروبا من الغاز الجزائري إذا جرى تطوير  شبكة الربط بين فرنسا واسبانيا. وتوجد شبكة متطورة بين الجزائر واسبانيا تمر بحرا، وهي الشبكة التي لديها القدرة على تزويد أوروبا بنصف الاحتياجات من النفط المستورد من روسيا إذا قامت باريس ومدريد بتوسيع شبكة الربط الغازي بينهما.

ولا يستبعد المراقبون قبول فرنسا بتطوير الربط الغازي مع اسبانيا للحد من ضغوطات الكرملين مستقبلا، فستصبح فرنسا رفقة اسبانيا نقطة ربط بين الغاز الجزائري وحاجيات أوروبا من هذه الطاقة.

ويلعب عامل آخر لصالح الجزائر في تعزيز وضعيتها مع الغرب والاتحاد الأوروبي مخاطبا في شمال إفريقيا وهو موقعها الجغرافي الذي يؤهلها لتكون قطعة محورية في مكافحة الإرهاب. وتخطب الدول الأوروبية والولايات المتحدة ودها بسبب دورها في إرساء السلام في شمال مالي باحتضانها مفاوضات السلام بين الجماعات المسلحة للطوارق وحكومة مالي. وشجعت واشنطن ومدريد وروما وباريس الجزائر على احتضان حوار الفرقاء الليبيين ابتداء من الشهر المقبل حتى لا تصبح ليبيا دولة فاشلة.

ولا تنجز الجزائر كثيرا وراء سياسة الغرب ومطالبه، فهي عارضت باريس التدخل العسكري في ليبيا، ونسقت مع واشنطن. وترفض رفع ملحوظ لكميات الغاز المصدرة لأوروبا لتجنب توتر محتمل مع روسيا، حليفتها منذ عقود. ولكن رغم الحذر، تسقط الجزائر أحيانا ضحية الاندفاع الدبلوماسي لأنها تربط هذه التطورات بزعامتها لمنطقة شمال إفريقيا على حساب دول المنطقة وبالضبط المغرب، وهو ما قد يجعلها تسقط في أخطاء عانت منها في الماضي بسبب الزعامة.

*راي اليوم