عمّ الحزن الأردن جراء المأساة التي ارتفع عدد قتلاها إلى 20، وفيما لا تزال عمليات الإنقاذ جارية بحثاً عن ناجين، أعرب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن بالغ حزنه وألمه، متوعّداً المقصّرين في اتخاذ إجراءات كان من شأنها منع الحادث الأليم.

وأعلن الديوان الملكي الأردني، أمس، تنكيس العلم ثلاثة أيام، حداداً على أرواح الطلبة والأشخاص الذين قضوا حتفهم نتيجة السيول في منطقة البحر الميت. وقال وزير الصحة الأردني، غازي الزبن، في بيان، إن عدد الوفيات ارتفع إلى 20 شخصاً، 17 يحملون الجنسية الأردنية و3 يحملون الجنسية العراقية، بعد استقبال مستشفى الشونة الجنوبية لحالتين جديدتين.

وأضاف أنّ جميع المصابين في حادثة البحر الميت غادروا المستشفى، بعد تلقيهم الإسعاف والرعاية الطبية اللازمة باستثناء حالة واحدة تحت المراقبة، مشيراً إلى أنّ عدد الحالات التي استقبلها المستشفى كحصيلة إجمالية بلغت 43 حالة.

وأعلنت وسائل إعلام أردنية رسمية، أن الوفيات العشرين هم 17 أردنياً وثلاثة عراقيين. وقالت وكالة الأنباء الأردنية «بترا»، إن العراقيين الثلاثة هم طالبان في المدرسة وفتاة في العشرينات، يعتقد أنها من المرافقين للرحلة المدرسية. وأفادت الوكالة، أنه لا وجود لوفيات بين السياح العرب والأجانب جراء الحادث.

وتمكّنت فرق الإنقاذ والدفاع المدني من انتشال 18 جثة و34 مصاباً، ممكن كانوا في رحلة مدرسية قرب البحر الميت، قبل أن تجرفهم السيول. وقال مصدر في الدفاع المدني، إنّ كافة الأجهزة المعنية بعمليات البحث والإنقاذ لا تزال تبحث عن مفقودين أو ناجين. وشارك في عمليات الإنقاذ طائرات هليكوبتر والمئات من أفراد الجيش.

وأعلنت إدارة الإعلام في الدفاع المدني، أنّ عمليات البحث والتفتيش ما زالت مستمرة في منطقة البحر الميت، للبحث عن ضحايا السيول. وتمكّن رجال الدفاع المدني، من إنقاذ طفلة بعد مرور 12 ساعة من جرف السيول لحافلة مدرسية في منطقة البحر الميت.

ووثّق مقطع مصور تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أمس، لحظة إنقاذ الطفلة، وقيام رجال الدفاع المدني بسحبها من المياه المتدفقة بواسطة الحبال.

وقال رجال إنقاذ، إن أفراد بعض العائلات التي كانت تتنزه في المنطقة ضمن الضحايا. وأفاد شهود عيان، أنّ عدداً من سكان منطقة الأغوار قرب البحر الميت، فضلاً عن بعض السياح الأجانب، لا يزالون في عداد المفقودين بعد أن جرفتهم السيول.

وتجمع مئات العائلات والأقارب في مستشفى الشونة على بعد بضعة كيلومترات من المنطقة، وقال شاهد إنّ الأقارب كانوا في حالة انهيار وهم يبحثون عن أي معلومات بشأن أطفالهم المفقودين. وقال والد أحد الناجين إن حافلة تقل 37 تلميذاً وسبعة معلمين كانت في رحلة إلى المنطقة وحوصروا في واد ضيق، حين اجتاحت عاصفة ممطرة المنطقة فجأة مسببة سيولاً.

من جهته، أكّد مصدر أمني، أنّ البحث جار عن ثمانية مفقودين، موضحاً أنّ جل الضحايا من الطلاب تتراوح أعمارهم بين 11 و14 عاماً، وكانوا في رحلة مدرسية إلى منطقة البحر الميت. وأضاف: «بين القتلى أناس آخرون كانوا يتنزهون في تلك المنطقة السياحية التي يطلق عليها اسم المياه الساخنة وداهمتهم السيول، وبين الجرحى رجال أمن كانوا يشاركون في عمليات الإنقاذ». وأشار المصدر الأمني إلى انهيار جسر في منطقة البحر الميت جراء السيول.

ونقلت قنوات التلفزة المحلية، مشاهد مباشرة لعمليات البحث عن المفقودين في منطقة البحر الميت. وظهر عشرات عناصر أجهزة الدفاع المدني والقوى الأمنية وسكان محليون، وهم يقومون بتمشيط ساحل البحر الميت الذي بدت مياهه وقد تحولت إلى طين وأوحال. كما كان في الإمكان مشاهدة مراكب داخل البحر تبحث عن ضحايا محتملين.

ونقلت قناة «رؤيا» الأردنية المستقلة، صوراً لوالد عراقي وهو يبكي ويصيح: «ماتت زوجتي قبل شهر واليوم مات ابني». ووفق مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ عدداً من الأهالي رفضوا في اللحظة الأخيرة ركوب أبنائهم الباص للذهاب في هذه الرحلة، بسبب توالي تحذيرات مركز الأرصاد الجوية من تردي حالة الطقس، وهبوب رياح وعواصف ترابية وأمطار غزيرة.

في الأثناء، أعرب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، عن حزنه وألمه وغضبه. وقال الملك عبد الله في حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، أمس: «حزني وألمي شديد وكبير، ولا يوازيه إلا غضبي على كل من قصّر في اتخاذ الإجراءات التي كان من الممكن أن تمنع وقوع هذه الحادثة الأليمة». وتابع: «أعزي نفسي وأعزي الأردن بفقدان أفراد من أهلي وأسرتي الكبيرة، فمصاب كل أب وأم وأسرة هو مصابي. إنا لله وإنا إليه راجعون».

في السياق، قرّر رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، تشكيل لجنة للوقوف على تداعيات السيول، برئاسة نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر. وكلف الرزاز، اللجنة بتقديم تقرير شامل حول جميع التفاصيل المتعلقة بالحادثة، ليتسنى للحكومة الوقوف عندها، واتخاذ التدابير اللازمة بشأنها.

ووجه رئيس الوزراء الأردني اللجنة، بمراجعة أسس وشروط ومعايير الرحلات المدرسية، وتقديم التوصيات والمقترحات لتحديثها وتشديدها بما يضمن سلامة الطلبة، فضلاً عن وضع أسس واضحة ومعلنة لسياحة المغامرات.

وأوعز الرزاز إلى اللجنة تقديم تقرير مفصل وشامل حول أوضاع الجسور والمنشآت العامة والبنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، بالإضافة إلى تقديم توصيات لدراسة وضع نظام إنذار مبكر للتعامل مع الكوارث الطبيعية.

بدوره، قال وزير التربية عزمي محافظة في بيان، إن الوزارة ستفتح تحقيقاً شاملاً للوقوف على حقيقة ما جرى، لافتاً إلى أنّ منظّم الرحلة يتحمل بالكامل مسؤولية ما جرى.

وأوضح أن الرحلة المدرسية التي جرفتها السيول خالفت مسارها الموافق عليه من الوزارة. ووفق مصدر في وزارة التربية، فإنّ المدرسة كانت قد حصلت قبل نحو أسبوع على موافقة للذهاب في رحلة مدرسية إلى منطقة الأزرق شرق عمان حيث توجد محمية الأزرق.

إلى ذلك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس، عن حزنه الشديد لوقوع ضحايا بسبب السيول التي شهدتها منطقة البحر الميت في الأردن.

وقدّم غوتيريس وفق بيان أصدره ستيفان دوجاريك، الناطق الرسمي بإسم الأمين العام للأمم المتحدة، عن تعازيه للحكومة والشعب الأردني و تعاطفه مع أسر الضحايا، مؤكّداً أنّ الأمم المتحدة لدعم جهود الإنقاذ والإغاثة الجارية.