تتصاعد التوترات بين فرنسا وتركيا خاصة حول ليبيا وهو الأمر الذي ينذر بالتحول إلى ازمة وخلاف بين الطرفين ليمتد إلى فترة طويلة الأمد تلقي بتداعياتها بعلاقات سلبية اكثر بين تركيا والاتحاد الاوروبي.

وبدأ الصراع في التصاعد من نوفمبر الماضي عندما هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ليتبادل الزعيمان الانتقادات بشأن هجوم أنقرة على الحدود في شمال شرق سوريا.

مؤخرًا، انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تدخل تركيا في ليبيا، محذرًا من أن أنقرة تمارس "لعبة خطيرة" في تقديم الدعم العسكري لحكومة الوفاق الوطني الليبية.

وقال ماكرون في جوان الماضي: "أعتبر الآن أن تركيا تمارس لعبة خطيرة في ليبيا، وتخرق جميع الالتزامات التي تعهدت بها في مؤتمر برلين".

وتابع: "هذا هو نفس الكلام الذي تبادلته بعد ظهر اليوم مع الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب، لأنه يصب في مصلحة ليبيا وجيرانها والمنطقة بأسرها ولكن أيضًا في أوروبا"، مُضيفًا أن فرنسا "لن تتسامح مع تدخل تركيا" في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، التي مزقتها الحرب".

كما طلب وزير الخارجية جون إيف لودريان  من الاتحاد الأوروبي إجراء مناقشة بلا حدود بشأن علاقته مع تركيا والدفاع عن مصالحه في المتوسط بمواجهتها.

واعتبر نائب رئيس البرلمان الفرنسي أن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود الحرب في ليبيا إلى الجنون، ولكن مصر وفرنسا لن تقبلا نقض تركيا تعهداتها في مؤتمر برلين، الذي شدد على الحل السلمي عبر المفاوضات"، مؤكداً "مأساة ليبيا تتجاوز حدودها، والوضع قد يخرج عن السيطرة، ومصر لن تقبل بالوضع الحالي في ليبيا".

هذا وتصاعد التوتر في العلاقات بين فرنسا وتركيا في الأشهر الأخيرة على خلفية حادث في البحر الأبيض المتوسط، حيث اشارت باريس الى ان سفينة حربية تركيا أظهرت سلوكا "عدوانيا للغاية" إزاء فرقاطة فرنسية من عداد عملية "إيريني" الأوروبية خلال محاولتها تفتيش سفينة شحن يشتبه في نقلها أسلحة إلى ليبيا، بينما نفت أنقرة ذلك.

واحتجزت تركيا أربعة من مواطنيها في 22 يونيو للاشتباه في قيامهم بالتجسس لصالح فرنسا من خلال الجماعات المحافظة والدينية.

المتابع للمشهد الليبي يلاحظ   تحول الأمر من منافسة فرنسا لإيطاليا في الميدان الليبي إلى صدام مع تركيا في مياه المتوسط،إذ تحركت فرنسا لتحييد تونس عن دعمها لتركيا في ليبيا، وهو ما تجلى في أول رد فعل إيجابي من الرئيس التونسي عندما أعلن أن بلاده ترفض وجود قواعد أجنبية في الجارة الليبية، وأن شرعية حكومة الوفاق مؤقتة، ويجب أن تحل محلها شرعية جديدة تنبع من إرادة الشعب الليبي، وهو التصريح الذي جاء كإشارة إلى تحركات مدير المخابرات التركية ووزير الدفاع التركي التي تسابق الزمن لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية وأخرى جوية في غرب ليبيا.

وتجد تركيا نفسها في موقف محرج بعد أن اتفقت القوى الدولية والاقليمية على اتهامها صراحة بالتسبب في الأزمة التي تعيشها ليبيا نظرا لتورط أنقرة في نقل الأسلحة والمرتزقة بهدف دعم ميليشيات حكومة الوفاق والتصدي لكل محاولات ايجاد فرصة للحلول السلمية.

وأمام حجم الانتقادات الدولية خاصة الفرنسية وجهت تركيا اتهاما غاضبا لباريس في الآونة الأخيرة زاعمة إنها هي من يقوم بتصعيد الأزمة في ليبيا وانتهاك قرارات الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي من خلال تأييد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وتضاعف النفوذ التركي في ليبيا مع تمكن ميليشيات الوفاق من السيطرة على الغرب الليبي مع حديث عن منح الوفاق قاعدتين عسكريتين جوية وبحرية لانقرة ما سيزيد من مخاطر التدخل التركي في المنطقة.

ويرى مراقبون أن النزاع المتصاعد بين فرنسا وتركيا حول ليبيا والبحر المتوسط ليست سوى زاوية واحدة لاتجاه جيوسياسي أوسع يشمل كل من روسيا وتركيا، بطرق منسقة إلى حد ما فضلا عن أن المصالح المتضاربة لتركيا وفرنسا في ليبيا يمكن أن تتطور إلى تنافس ينعكس لا محالة على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، ما يجعل التعاون معها صعبًا للغاية.

ففرنسا لن تسمح بتدخل تركي يقضي على نفوذها فى إفريقيا وتحديدًا فى موقع مهم وحيوي مثل ليبيا التى تعد بوابة فرنسا التاريخية والسياسية والاقتصادية نحو إفريقيا، وبرهن على ذلك التهديد الفرنسي الصريح بإرسال الرافال إلى شرق المتوسط والتهديد بتدخل عسكرى يقضي على أردوغان فى شرق المتوسط، بل إن ماكرون قالها صريحة "أمام أردوغان خيار من اثنين إما التفاهم والعودة من حيث أتى أو يتم القضاء عليه عسكريًا فى المتوسط"، تلاها تصريحات يونانية جديدة تتخذ نبرة القوة وتدعم الموقف الفرنسي بمزيد من التهديدات العسكرية والمناورات البحرية التى قد ترتقى إلى حرب فرنسية تركية بنسبة كبيرة فى حال تعدي أردوغان الخط الأحمر الذى وضعته له مصر فى ليبيا والمتوسط.