بعد مرور ثماني سنوات على اندلاع أحداث فبراير 2011، تعيش حرية الإعلام أزمة غير مسبوقة في البلاد، حيث أصبحت ممارسة الصحافة مغامرة محفوفة بالمخاطر في ظل حكم المجموعات المسلحات و غياب الأمن ما أدى حتما إلى إنتفاء الإستقرار.

وتتواجد ليبيا في أواخر قائمة التصنيف العالمي لمؤشر حرية الصحافة التي تصدرها العديد من المنظمات الدولية، فكل المعايير المتعلقة بحرية التعبير والإعلام؛ كالضمانات الدستورية والقانونية للصحفيين، والإصلاح الهيكلي للإعلام، وتزايد أعمال العنف والهجمات الدامية، والاعتداءات الجسيمة، من الطبيعي أن تضع ليبيا في مؤخرة دول العالم.

من ذلك،أقرت منظمة مراسلون بلا حدود، الأحد، إن الإعلام في ليبيا بات مهمة شبه مستحيلة؛ بسبب تهجم السلطات و "الميليشيات" في طرابلس وبنغازي وسعيها لإخراس أصوات الصحافيين.

وشجبت المنظمة في بيان مشترك مع المركز الليبي لحرية الصحافة، نشرته بموقعها، ما أسمته العراقيل الإدارية لتجديد التأشيرات، الأمر االذي يعطل عمل الصحفيين الأجانب في ليبيا، مشيرة إلى بلوغ العداء تجاه وسائل الاعلام والصحافيين مرحلة خطيرة. وبحسب البيان، فقد قتل 19 صحافيا على الأقل منذ 2011، آخرهم، محمد بن خليفة الذي يعمل مصوراً صحافياً "لوكالة أسوشيتد برس" في 19 يناير المنصرم عندما كان يغطي الاشتباكات التي دارت جنوب مدينة طرابلس.

وأضافت مراسلون بلا حدود أنها سجلت في 2018، العديد من حالات الاختفاء والاختطاف والتعذيب، مستنكرة مرور الجرائم ضد الفاعلين في مجال الإعلام في ظل صمت الحكومات وإفلات من العقاب.

وفي آخر تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود مؤشر حرية الصحافة لعام 2018، وصدر في الـ25 من أبريل/نيسان، والذي يقيس أوضاع الصحافة في 180 بلداً حول العالم، احتلت ليبيا المرتبة 162 على المؤشر محققة تقدماً لمرتبة واحد عن العام 2017، وهي في المرتبة 15 عربيا، والأخيرة بالنسبة لدول إفريقيا الشمالية. وذكرت المنظمة أن العمل الصحافي في ليبيا محفوف بالمخاطر ووصفتها بأنها واحدة من أخطر دول العالم.

وأرجعت منظمة مراسلون بلا حدود الترتيب المتدني لليبيا إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني والصراع المفتوح الذي دفع بالصحفيين إلى الفرار من البلاد خشية العمليات الانتقامية، إضافة إلى أن أطراف الصراع في البلاد تفرض مزيدا من القيود على حرية الصحافة وفق المنظمة. وجهت المنظمة انتقادات للسلطات الليبية، قائلة إنها لم تتخذ خطوات لتوفير الحماية للعاملين في الإعلام، وغالبا يصبح المنفى الاختيار الأفضل للعاملين في هذا الحقل.

يرى مراقبون أنه في ظل غياب المعايير المتعلقة بحرية التعبير والإعلام، كالضمانات الدستورية والقانونية للصحفيين والإصلاح الهيكلي للإعلام، ومع تزايد أعمال العنف والهجمات الدامية والاعتداءات الجسيمة، لا يجد الصحافيين في هذا البلد من خيارات سوى المغادرة أو الإقلاع الإجباري عن مزاولة العمل الصحفي.

في سياق آخر، لا تساعد الأجواء المشحونة و سيطرة خطاب العنف و الكراهية على بناء أرضية تدفع نحو بناء صحافة حرة من ذلك يؤكّد محمد الناجم رئيس المركز الليبي لحرية الصحافة في حديث مع "إرم نيوز" بأن تصاعد أعمال الاعتداء التي تستهدف الصحفيين، وزيادة حدة خطاب الكراهية والعنف، جعلت العمل الصحفي في حالة صعبة، وأدخلته منعرجًا خطيرًا في طريق تعزيز حرية التعبير.

وأشار إلى أن العمل الصحفي حتى يحظى بالحرية والمناخ الجيد، يحتاج إلى مسؤولية اجتماعية من قبل الصحفيين يحددها ميثاق شرف إعلامي يحدد الحقوق والواجبات، وإلى حماية شاملة وضمان تمتع الصحفي بحقه في نقل الخبر وتغطية الأحداث دون تهديده بأي شكل وصورة.

وفي غياب سلطة الدولة وعدم وجود أي جسم تشريعي يحدد المعايير المتعلقة بحرية التعبير والإعلام؛ كالضمانات الدستورية والقانونية للصحفيين، والإصلاح الهيكلي للإعلام،إضافة إلى الغياب التام للمؤسسات القانونية والقضائية في البلاد،بالتزامن مع سيطرة انتشار العنف،باتت الجرائم المرتكبة ضد حرية الإعلام دون حسيب ولا رقيب، علماً أن الجناة ينعمون بإفلات تام من العقاب.