في الوقت الذي تتواصل فيه محاولات انهاء الصراع في ليبيا وحقن دماء الليبيين،يصر الصادق الغرياني مفتي ليبيا المتشدد،النفخ في نيران الفتنة والحقد بين أبناء الوطن الواحد من خلال فتاويه التي تدعو الى العنف واستمرار الحروب والتي يفسرها انحيازه التام للمتشددين والمليشيات المسلحة في ليبيا حيث يوظف الدين ضدّ أي معارض لمنهجه المتطرف الرافض لانهاء حالة الفوضى وبناء دولة مستقرة.

وفي مشهد متكرر منذ سنوات،دعا مفتي المؤتمر العام المدرج على قائمة الارهاب لدول الخليج ومصر الصادق الغرياني، خلال إستضافته عبر برنامج "الإسلام والحياة" الذي يذاع على قناة "التناصح"،الأربعاء 17 يوليو 2019،ماوصفهم بـ"المقاتلين" إلى طاعة القادة المتواجدين في المحاور وعدم التفريط بهذا الأمر لأن طاعة أوامر القادة العسكرية فيما لا يعصي الله واجب شرعي لا يجوز التخلف عنه بحسب قوله.

وتابع الغرياني قائلاً :"الآن أهل غريان يستغيثون لا تعيدون الأخطاء مرة أخرى، غريان كانت الجبهة الأولى والمكان الذي يتمركز فيه العدو وبفضل الله قارعوه وخرجوا منها لكنها لا زالت مهددة من جيرانها والعدو يتمركز بالاصابعة وغيرها من المناطق لذلك أقول للرئاسي وكل من لديه سلطان والمقاتلين والقادة لا بد أن تهتموا بمدينة غريان ودعمها".

كما وجه رسالة إلى النواب المشاركين في إجتماعات القاهرة مفادها :"الذين ذهبوا لعدوهم مصر ويقاتلون في ليبيا هم عدد من الدول العربية متواجدين بمقدمة الجبهة لكن الجبهة التي تقاتل بالحقيقة في البلاد هم الصهاينة وما يسمى المجتمع الدولي والأمم المتحدة وأمرريكا وفرنسا وبريطانيا ويتآمرون علينا، أقول لكل من يدعم ويقاتل حفتر وينصره ويتعاطف معه ستبدي لكم الأيام أنكم تقاتلون بصفوف الصهيونية حتى لو لم يفضحوا الآن لكن الأجيال القادمة سيعايرونهم بيا ولد المصهين".على حد زعمه.

وفي مؤشر على المخاوف التي بدأت تصييب تيار الاسلام السياسي من قرب انهيار المليشيات الموالية لها،ناشد المفتي المعزول الدعاة والخطباء بالتواصل مع من وصفهم بـ"ثوار المحاور والمقاتلين" لرفع الهمم بإعتباره واجب شرعي منوط بأعناقهم علاوة على جبهة أخرى يجب التركيز عليها وهي جبهة المجتمع المدني وتنظيم المظاهرات في الميادين كونها جبهة داعمة للمقاتلين، مؤكداً اهمية إتحاد القادة المتواجدين في الميادين".فيما وصف حكومة الوفاق ومقاتليها بأنهم جبهة الحق".

وكان الغرياني سابقا يحرض ضد حكومة الوفاق،التي أوكلت مهمة محاربة تيار المفتي في طرابلس لميليشيا الردع بقيادة عبدالرؤوف كارة ذات المرجعية السلفية.واشتدت المعركة بين الطرفين خلال السنة الماضية عندما نفذت ميليشيا الردع حملة اعتقالات واسعة شملت قيادات ميليشيات قاتلت الجيش الليبي في بنغازي.

وحرّم حينها الغرياني تلك الحملة قائلا "القرار حرام لا يجوز حيث يعطي صلاحيات واسعة لبعض من وصفها بالميليشيات لتقتحم وتقتل وتنتهك الحرمات وتصادر الأموال تحت مسمى مكافحة الارهاب"، لكن معركة تحرير طرابلس كشفت سطحية تلك الخلافات التي سرعان ما اختفت بمجرد الإعلان عن عملية تحرير طرابلس، ليعود التيار الإسلامي للتحالف من جديد.

وليس غريبا على الغرياني دعمه لحكومة الوفاق التي كان يحرض ضدها ويدعو لاسقاطها،فالرجل تعود على تغيير آرائه وولاءاته وتطويع فتاويه حسب أهوائه ومصالحه ومصالح شركائه.ومنذ أيام   أعلن المفتي المعزول مباركته للقرار رقم 9 الصادر عن آمر المنطقة الغربية أسامة جويلي الذي هدد فيه باستهداف مطار بن وليد.

ووصف الغرياني قرار جويلي بأنه قرار موفق زاعماً بأن المطار يستخدم لأغراضه عسكرية من قبل من وصفه بالعدو.ودعا الغرياني من وصفهم  بـ القادة والمسؤولين إلى اليقضة وإبقاء أعينهم مفتوحة على مطار بن وليد حتى لا يتسلل منه العدو لدعم من أسماهم "مجرمي ترهونة" وغيرهم مطالباً بالتعامل مع المطار بحزم وقوة وإغلاقه على حد زعمه. 

وادان المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة بالمنطقة الشرقية في بيان له  تهديدات كل من جويلي والغرياني بشأن قصف مطار بني وليد. وأكد المجلس عقب إجتماع موسع عقده بمنطقة أبوعطني في بنغازي بأن المطار يستخدم في العمل الانساني فقط، مبيناً بأن المطار ينقل فقط المصابين والجثامين وبعض الاغاثة الانسانية كونه مطاراً مدنياً يؤدي دوره لصالح الوطن بأسره.

وحمل بيان المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة كل من أسامة جويلي والصادق الغرياني المسؤولية القانونية والأخلاقية والانسانية والاجتماعية عن أي ضرر يلحق بالمطار ، مؤكداً على أن أبناء قبائل ورفلة يحتفضون بحق الرد على أي إعتداء على مدينة بني وليد أو مطارها أو مرافقها العامة والخاصة.

وتأتي اشادة الغرياني بالجويلي بعد سنوات من الجفاء بين الطرفين،وأظهرت بشكل كبير طريقة الغرياني في تغيير اصطفافاته كما أظهرت الحقد الذي يكنه تجاه بعض المدن الليبية التي ترفض أجندات تيار الاسلام السياسي وعلى رأسها جماعة "الاخوان" التي تسعى للسيطرة البلاد وترتبط بأجندات خارجية هدفها نهب ثروات ليبيا.

ويعد الصادق عبد الرحمن علي الغرياني - مواليد 1942م- من أهم عرابي الإرهاب فى ليبيا، خاصة بعدما نصبته الميليشيات الإخوانية مفتيا عاما للديار الليبية في فبراير 2012، ليتحالف معهم ومع وذراعهم السياسي حزب العدالة والبناء، الذين شكلوا على مدى السنوات الأخيرة الجناح السياسي والدبلوماسي الداعم للجماعات اﻹرهابية في ليبيا.

ومنذ تنصيبه مفتيا للديار الليبية، بدأ الغرياني فى إطلاق فتاوي كثيرة لسفك الدماء فى ليبيا ليطلق عليه الليبيون "مفتي الدم"، و"مفتي الفتنة"، حيث تركزت فتاويه لتصب فى مصالح وأهداف الجماعات الإرهابية فقط، ليساهم بذلك فى انتشار الفوضى والدم فى ربوع ليبيا، فارتكبت عدة جرائم عنف استنادا إلى فتاواه، التي طالب خلالها الجماعات الإرهابية، برفع السلاح ومحاربة قوّات الجيش الليبي.

ويتخذ الغرياني الذى يعيش فى تركيا حاليا،قناة "التناصح" وهي قناة فضائية مملوكة له، وتمول بشكل كامل من قبل قطر الداعم الأبرز للفوضى في ليبيا، لبث سمومه التي يقدمها ضمن وجبات دينية مكثفة، للعبث في عقول الشباب الليبي المتحمس، ليصدر فتاوي تدعم الإرهاب و ضد الجيش الوطني الليبي، بل دعى الشباب لقتلهم، وتجاوزت فتاوي أخرى له حدود المنطق والعقل.

ومن أغرب فتاوي الغرياني التى أصدرها مؤخرا، حرمة تكرار الحج والعمرة بحجة أن أموال الحج والعمر ستعود لقتل الليبيين، الأمر الذي أدى لاستنكار واسع فى الأوساط الليبية بل دعت للاستغراب والسخرية فى ذات الوقت، حيث دعا بدلا من تكرار الحج إلى تخصيص هذه الأموال لصالح الميليشات الموالية لحكومة الوفاق الوطني لقتال الجيش الوطني الليبي.

ومن أكثر تصريحاته اثارة للجدل حديثه أمام مؤيديه بأن الحرب في ليبيا هي حرب بين الإسلام والكفر، وحرّض أتباعه على دعم قوات فجر ليبيا؛ مما دفع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة لوزارة العدل الليبية، إلى إصدار بيان رسمي أعلنت فيه أن "الصادق الغرياني هو مجرم حرب"، معتبرة أن حديثه وفتاواه يحرضان على العنف والقتل.

وخلال السنوات الثمانية اعتمد المتطرفون الليبيون على فتاوى الغرياني، كذريعة للقتل، حتى أنه اعتبر أعضاء البرلمان الليبي، والجيش الوطني الليبي كفار يجب قتالهم، مستخدما الخطاب الداعشي المتطرف في حشد الشباب الليبي في مواجهة الجيش الوطني.وأصدر الغرياني فتاوى داعمة للجماعات المتطرفة، وأباح اقتحام تنظيمي "القاعدة" و"داعش" للمدن الليبية، الأمر الذي جعله يوصف بـ"مفتي الإرهاب"، وتسبب في خلعه من منصبه ليستقر في تركيا أين ظل يحرض على الفتنة والقتل.