رأى الباحث الأمريكي آرون ديفيد ميلر أن التراشق بالتهم بين الساسة الأمريكيين حول المسؤول عمّا آلت إليه الأمور في الشرق الأوسط، لن يوضح أسباب نشوء تنظيم داعش، كما لن يكشف عن أبعاد الورطة الأمريكية الراهنة في سوريا والعراق.

وأكد ميلر - في مقال نشرته مجلة (فورين بوليسى) الأمريكية - أن ما حدث بالشرق الأوسط لا يتعلق بالولايات المتحدة مقدار تعلقه بالتغيرات التي شهدتها المنطقة.

وقال إن الأمر المؤكد الوحيد هو أن الدواعش آخذون في التوسّع بفضل فشل الدول الحاضنة لهم وافتقارها إلى أنظمة قابلة للحياة أفضل من نمط الحياة التي يعد بها الدواعش، أنظمة تضمن إدارة جديرة بالثقة ومشاركة سياسية وتوفر فرصا اقتصادية.

ونوه عن استفادة تنظيم داعش من أخطاء النظامين الحاكمين في سوريا والعراق المضطهدَين لأبناء المذهب السُنى الذين وجدوا في داعش حاضنا بديلا لهم عن القمع.

ولفت الكاتب إلى أن الأرضية الممهدة لازدهار الدواعش لا تقف حدودها عند تخوم سوريا أو العراق، وإنما تتسع لتشمل أجزاء كبيرة من العالم العربي الذي يشهد تفتتا وانهيارا، ليبيا كسوريا مزقتها الحرب الأهلية، والعراق فاقد للسيطرة على أطرافه، واليمن يواجه تمردا حوثيا، ولبنان عاجز عن بسط نفوذه على كامل أرضه، ودولة فلسطين المرجوة ممزقة بين الانقسامات السياسية.

ونبّه ميلر إلى قيام ما وصفه بالحرب الباردة بين الأنظمة السُنية بالمنطقة، كما لو كان الصراع بين الطائفتين المختلفين غيرَ كاف، واعتبر صاحب المقال أنه من المفارقات أن تظل كل من إسرائيل وتركيا وإيران، هي الدول الأكثر نجاحا في المنطقة، على الرغم مما تعانيه ثلاثتها من صعوبات، مشيرا إلى أن هذه الدول الثلاث تنعم باستقرار سياسي ولديها إمكانيات اقتصادية هائلة، وكلها قادرة على استخدام قوتها العسكرية خارج حدودها.

ورأى ميلر أن أمريكا في موقف صعب وسط هذا المشهد الفوضوي بالشرق الأوسط، مؤكدا صعوبة اتخاذ قرارات متزنة في مثل هذا المناخ الصعب بينما الأصدقاء عددهم غير كبير.
وأوضح ميلر الخبير في شؤون الشرق الأوسط أن مكمن الصعوبة هو أن واشنطن تحاول انتهاج سياسات إقليمية تحفظ توازن علاقاتها مع طرفي الصراع الدائر: إيران وحلفائها الشيعة من جهة، والسعودية وحلفائها السُنة المنزعجين من ازدياد النفوذ الإيراني بالمنطقة من جهة أخرى، وفى الوقت نفسه يتعين على أمريكا التصدي لطموحات إيران الإقليمية.

وفى معرض الحديث عن إيران، نوّه الكاتب عن تعاظم الدور المنوط بها في المنطقة، حيث تتطلع واشنطن أن تضطلع طهران بمهمة تحقيق شيء من الاستقرار على الساحة العراقية لا سيما مع الشيعة.