إثر أحداث فبراير 2011، تعاني ليبيا أزمة مركبة شملت مختلف المجالات وطالت مختلف الشرائح العمرية لكن تأثيرها البالغ كان على الشباب الذي كان يتطلّع لمشاركة فاعلة في السياسات العامة للبلاد إلا أنه وبعد سنوات أصبح أقصى طموح لهذه الفئة العمرية ضمان السلامة الجسدية والبقاء على قيد الحياة في ظل ظروف أمنية واقتصادية أقرب إلى الانهيار.

حيث أوضحت دراسة أعدها المجلس بالتعاون مع وزارة التخطيط واليونسكو وصندوق الأمم المتحدة للسكان، أن نسبة الشباب من المجموع الكلي للباحثين عن العمل في العام 2015 تصل إلى 50%، مضيفة أن حوالي 71% من الشباب يرى أنه لا تتوفر فرص عمل جيدة له في ليبيا، وأن نسبة الإصابة بالإيدز بين متعاطي المخدرات في ليبيا 87% وهي الأعلى بالمنطقة.

وأظهرت الدراسة أن الأكثرية من الشباب (53%) يشجعون الاستقرار في البلاد على حساب الديمقراطية، وأن نحو 28% فقط من الشباب بين 18 و34 عاما سجلوا في انتخابات العام 2014، وكانت نسبة الشباب الذكور والشابات الإناث بين المرشحين حوالي 11% و2% على التوالي، وذلك حسب استطلاع أجرى في العام 2016، إلا أن الاستطلاع نبه إلى أن هناك 20% من الليبيين يحملون السلاح لعدم احساسهم بالأمن حسب المسح العالمي لسنة 2015.

في نفس السياق، أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا حول الاندماج الاقتصادي في المغرب العربي تحت شعار "مصدر للنمو لم يستغل بعد "تضمّن مؤشرات حول طبيعة الاقتصاد الليبي.

وتناول التقرير عددا من المؤشرات بحسب أحدث إحصائية خاصة بالاقتصاد الليبي من بينها نسبة البطالة بين الشباب إذ بلغت 45.2% بينما بلغ مستوى البطالة العام 18.7%.

وأوضح التقرير أن الناتج المحلي للعام 2017 بلغ 33.3 مليار دولار بينما كان نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي من ذات العام 4.850 دولار

وذكر التقرير أن نصيب الفرد من نمو الناتج المحلي الإجمالي في الفترة بين 2013/2017 بلغ 25.5%، فيما بلغت نسبة التضخم عن ذات الفترة 15.0%.

من جانب آخر، كان للشباب حضور مكثف في الحروب إذ لم يقتصر على مشاركتهم في القتال، بل امتد إلى وقوع ضحايا كثيرين في صفوفهم.

بحسب دراسة أعدها المجلس الوطني الليبي للتطوير الاقتصادي والاجتماعي مطلع العام الجاري، فإن 20 في المائة من الليبيين يحملون السلاح لعدم إحساسهم بالأمان، ويشكل الشباب ما يزيد عن 70 في المائة من هذه النسبة. ويؤكد المجلس أن نحو 53 في المائة من الشباب (ما بين 19 و34 عاماً) يشجعون الاستقرار على حساب الديمقراطية، لافتاً إلى أن 28 في المائة فقط من الشباب شاركوا في انتخابات عام 2014، وهذه آخر انتخابات في ليبيا.

وعلى هامش الصراع الدائر في طرابلس، عرض ناشطون عشرات الصور لمقاتلين من الطرفين، سواء من جانب حفتر أو حكومة الوفاق، وهي لشباب ما دون سن العشرين عاماً. كذلك، نشرت الغرفة الرئيسية لقوات الحكومة فيديوهات تظهر أكثر من 120 مقاتلاً أسروا علماً أنهم لم يبلغوا الـ 14 من العمر.

في ظل هذا الوضع المأساوي ضاقت السبل بالشباب الليبي حيث التجأت لركوب قوارب الموت علّه يجد ملجأ آمنا ما وراء البحار، ففي مطلع عام 2015، سجلت منظّمات دولية إنسانية معنية بالمهاجرين غير الشرعيين وجود ليبيين على متن قوارب الموت في البحر الأبيض المتوسط، على أمل الوصول إلى أراضي الأحلام الأوروبية.

ورصدت وسائل الإعلام عشرات الحالات، ونشرت صوراً عن شباب ليبيين مهاجرين عبر البحر بطرق غير شرعية، بعدما أقفلت السفارات أبوابها امام طالبي التأشيرات واللجوء الإنساني. من خلال صبراته والقربولي وصرمان وزوارة، أبحر مئات الشباب الليبي، ونشر كثيرون صوراً على صفحاتهم الشخصية بعد النجاح في الوصول إلى دول أوروبية.

كما كشفت تقارير أعدّتها جمعيّة مستقبل الوطن الأهلية هجرة 1073 ليبياً عبر سواحل صبراته وصرمان وزوارة والقربولي ومدن أخرى غرب ليبيا منذ عام 2015 وحتى نهاية عام 2017.

من ذلك، لا تخفي هذه الفئة ندمها على المشاركة في أحداث 17 فبراير 2011، وما تبعها ضد النظام السابق إذا يرى البعض أنه لا يمكن مقارنة الوضع بين مرحلة حكم معمر القذافي وحالة ليبيا بعد الإطاحة بنظامه، فليبيا لم تعش خلال تاريخها وضعاً بائساً قاسياً مثلما هي عليه اليوم. الحالة الأمنية كانت أفضل، الحالة الاقتصاديّة كانت من أحسن ما يكون في المنطقة العربية، صورة البلاد في العالم رغم النقائص كانت أفضل من الآن. اليوم الوضع في البلاد سيء للغاية. الأمر لم يتعلق بالأشخاص، فالقذافي رحل لكن برحيله سقطت الدولة، هذه حقيقة يجب أن نواجه بها أنفسنا ونكف عن المكابرة.