سلط عضو مجلس الدولة عبد الرحمن الشاطر المؤتمر الجامع المقرر انعقاده العام القادم 

وقال الشاطر في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية أن لقاء باليرمو انتهى ولم ينته الجدل حوله مضيفا ان شكوكا كثيرة أبديت قبل انعقاده وشكوك أخرى بدأت تظهر حول ما مدى إمكانية تطبيق مخرجاته.

وأضاف الشاطر أن "التجربة الفرنسية لا تزال حاضرة في كافة التعليقات والتحليلات" موضحا أن "فشل مخرجات باريس في مايو الماضي قاعدة يَبني عليها الكثيرون رؤيتهم وآراءهم حول مخرجات باليرمو".

وأردف الشاطر "الآراء المشككة في نجاح ما قد يتم التفاهم عليه من انعقاد المؤتمر الجامع في الأسابيع الأولى من يناير القادم ومن بعده إجراء الانتخابات في الربيع من نفس العام كثيرة ومتشعبة ومنها ما يزجّ به لخلق مزيد من الغموض والشكوك والارتباك".

وتابع الشاطر "تلك الآراء تَطرح جملة من التساؤلات الهامة منها مكونات المؤتمر الجامع ..على أي أساس سيتم اختيارهم؟ كيف يمكن الذهاب إلى انتخابات في ظل حكومتين وقوى أمنية متوازية شرقا وغربا وجنوبا ومليشيات هنا وهناك خارج نطاق السيطرة عليها؟ هل سيتم تجاوز الأجسام الثلاثة الحالية أم الجسمين التشريعيين فقط؟ ما هي القاعد القانونية أو الدستورية التي سيتم بموجبها إجراء الانتخابات .. وكيف يتم انجازها؟ أسئلة كثيرة تطرح ويتم تداولها وهي أسئلة مشروعة لابد من مراعاتها".

وأردف الشاطر "لقاء باليرمو لم يخرج عن إحاطة المبعوث ألأممي إلى ليبيا يوم 8-11-2018 أمام مجلس الأمن بل كانت الإحاطة هي أرضيته وسقفه الذي جاء تأييدا لها بحشد رؤساء دول ضالعة في التدخل السافر في الشأن الليبي ليكونوا شهود عيان على التزام الأطراف الليبية بتعهداتهم وتأييدهم بأن الحل للمشكلة الليبية لن يكون عسكريا والتزامهم بخارطة الطريق التي قدمها غسان سلامة مؤخرا والأهم أن لا يحدث منهم عن طريق بيادقهم في الداخل ما يمكن أن يشوش أو يعرقل العملية الانتخابية أو يعرضها للخطر".

وقال الشاطر "في تقديري أن المؤتمر الجامع الذي سينعقد في يناير 2019 سيتبنى توصيات الـ 77 لقاء تشاوري لمختلف الفعاليات الليبية من مختلف الاتجاهات والتيارات دون إقصاء لأحد وسيكون حضوره من ممثلين عنها إلى جانب شخصيات وتيارات وأحزاب سياسية ومؤسسات من المجتمع المدني وربما حضور تشريفي لكل من مجلسي النواب والدولة" مضيفا "هؤلاء جميعا سيشكلون ما يمكن أن أطلق عليه طريق التعايش السلمي بين الليبيين لإنقاذ بلادهم من الانهيار ولن يكون دور المؤتمر البحث في تفاصيل الأزمة الليبية وإنما إعطاء تأييد للتوصيات التي أحيلت له من اللقاءات التشاورية ولسوف نسمع اعتراضات من بعض الذين يعترضون عليه أو الذين لم يدعون لحضوره وسيصفونه بأنه مؤتمر الوصاية والعمالة وبغيرها من النعوت الشائنة".

وتابع الشاطر "ما أكده الدكتور غسان سلامة أن المؤتمر الجامع ليس بديلا ولن ينتج بديلا تشريعيا وفي تقديري انه أشبه ما يكون بالمجلس الوطني الانتقالي الذي تشكل بالتوافق عام 2011 وليس بالانتخاب للتعبير عن إرادة الليبيين في التغيير للأفضل ولا نية لدى البعثة الأممية تجاوز الأجسام الحالية ما يعني أن مهمته القادمة هو التوفيق ولم الشمل بين مجلسي النواب والدولة المتصارعين لتغليب مصلحة الوطن على مصالحهما بمعني التعاون مع البعثة الأممية في تنفيذ خارطة الطريق التي أعلن عنها كتمهيد للدخول إلى المرحلة الدائمة وأن يلعبا دورا ايجابيا يحسب لهما كمجهود وطني خالص منهما للتقدم بالبلاد خطوة مهمة للأمام بالتوافق فيما بينهما بعيدا عن التمترس حول أهداف وهمية تطيل أمد الأزمة وتعطل بناء الدولة لو أصرا على الاكتفاء بتغيير المجلس الرئاسي ما يعني سنتين أخرتين أو أكثر من نفس المعاناة". 

وتابع الشاطر "في تقديري أن المهمة ليست سهلة وإن كان التفاؤل بها وبجدواها كبيرين في الشارع الليبي والخشية أن تتخللها صعاب مختلقة من نوع ( كلمات حق يراد بها باطل ) فالتجارب علمتنا بأنه ما أن يتم التفاهم والتوافق بين الفرقاء حتى تعود الأمور إلى المربع الأول من الجدل وهذا ما حدث بعد التوقيع على اتفاق الصخيرات فقد عصفت به المماحكات من الذين تفاهموا ووقعوا عليه كذلك حدث لما سمي بتفاهمات باريس وأيضا محاولات توحيد السلطة العسكرية".

وتابع الشاطر "عمل شاق ومعقد وصعب ستواجهه البعثة الأممية حيث ستواجه بما لم يخطر على بالها أو على بال المتفائلين أو أنها ستواجه صعوبة في تراتبية خطتها  بمعنى: هل ستبدأ بإيجاد حل للأساس الدستوري أولا أم ستلتجئ إلى توفير أساس قانوني كمرحلة أولى للمضي قدما في خطتها استنادا إلى الإعلان الدستوري وقانوني 29 و 30 اللذين أقرهما المجلس الوطني الانتقالي وعلى أساسهما تم انتخاب المؤتمر الوطني العام؟"

وأضاف الشاطر "مسألة الدستور معقدة وقد ساهم مجلس النواب في خلق هذا التعقيد" متسائلا "هل ستقبل بقية الأطراف قانون الاستفتاء على مشروع الدستور الذي صمم على أساس تقسيم ليبيا إلى ثلاثة دوائر للتحقق من رفضه مسبقا؟".

وتابع الشاطر "مسألة الانتخابات الرئاسية ليس وقتها الآن لأنه من الصعوبة بمكان الاستفتاء بنعم على مشروع الدستور فهذا ما يريده البعض وهو ما يرفضه البعض الآخر خشية أن يتولى الرئاسة شخصية عسكرية غيرت القيافة ولم تغير التفكير والمنهج والأسلوب والطموح؟ ولو تم هذا الأمر فان تقسيم البلاد وارد رؤية العين المجردة".

وأردف الشاطر "من الأولويات التي يجب أن تكون من ضمن مخرجات المؤتمر الجامع حسب قناعتي أن يوصي بإحالة مشروع الدستور إلى الجسم التشريعي الجديد للبث فيه وذلك احتراما للناخب الليبي وللهيئة التأسيسية التي بذلت جهودا شاقة لإخراجه لحيز الوجود لكن الأهم من ذلك كله هو الإجابة على السؤال الحائر: كيف يمكن أن تجرى انتخابات تشريعية في ظل هذا الانقسام؟"

وتابع الشاطر "علينا أن نشخص هذه الحالة فالانقسام موجود بين السلطات الحاكمة وليس بين عامة أفراد الشعب ومن أوجد وعمق هذه الانقسامات أفراد معدودين في شكل ساسة متعصبين أو مكونات عسكرية أو ميلشياوية لديها طموح سلطوي عارم وجميعهم يأتمرون بأوامر دول خارجية وهذه حقيقة يعلمها الجميع بدون استثناء. وعليه، فان مجلس الأمن الدولي الذي يملك حقائق ودقائق التدخلات من دول إقليمية وغيرها موثقة في تقارير لجانه فانه يعتبر متواطئا إن لم يكن شريكا ومؤيدا لهذه التدخلات لأنه يعلمها جيدا وتغاضى عنها طيلة السنوات الماضية بدون أسباب معلنة ومن ثم فانه ما لم يحزم مجلس الأمن أمره بإلزام الدول التي وردت في تلك التقارير بالوقف الفوري في دعم ميليشياتهم وبيادقهم فان جهود بعثته إلى ليبيا ستكون عبثية بالمطلق وبالتالي فان البدء في تنفيذ خارطة الطريق التي وافق عليها ستكون محاولة بائسة مصيرها مصير الاتفاق السياسي الذي اغتيل في المهد". 

وتابع الشاطر "لو تم الضغط على الدول المتدخلة في الشأن الليبي بكف أيديهم عنا  وإلزام كافة الأطراف المتصارعة بحماية العملية الانتخابية والاعتراف بنتائجها فان إمكانية إجراء انتخابات ستكون متوفرة وهذه مسألة تحتاج لإرادة دولية حازمة وليست إرادة دولاء تنظر للأمور بازدواجية غريبة".

وقال الشاطر "لا أتصور أن دولا تغدق المال والسلاح والمستشارين على عناصر ليبية عميلة لها لتخدم أغراضها وفي العلن تتبجح بأنها تبذل جهودها لتحقيق الاستقرار ووحدة الشعب الليبي وأراضيه وأنها تدعم الحل السلمي للأزمة الليبية ، هذا نفاق سياسي بامتياز لا ينطلي على عاقل" مضيفا "لا أستطيع أن أفهم ما يقولون إلا في إطار دحرجة الأزمة الليبية ليتقلص عدد الخصوم ليتفاهم القليل مما تبقى منهم على مناطق النفوذ في ليبيا. هذا هو السيناريو الذي أتصوره بعيدا عن إرادة الشعب الليبي الرافض للتدخلات الخارجية ولم يجد في بعض سياسييه ترجمة لهذه الإرادة. فأين يقف مجلس الأمن من هذا الذي سيكون عائقا قاتلا لأي تقدم؟"

وتابع الشاطر "مسائل مهمة أرى أن تعطيها البعثة الأممية أهمية بالغة قبل أن تباشر في عقد المؤتمر الجامع في يناير من العام المقبل وأهم هذه الخطوات ضرورة كبح جماح الإعلام المضلل بإصدار كراسة شروط يعاقب بموجبها بالغرامة والمنع أي وسيلة إعلامية فضائية أو صحيفة الكترونية أو منصة في وسائل التواصل الاجتماعي تسعى إلى التشويش على إرادة الشعب الليبي في اختياراتهم القادمة ببث خطاب الفتنة أو الكراهية أو التحريض أو التشكيك أو التوظيف السيئ للأخبار منتهكة بذلك الفضاء الليبي الذي هو ملك للشعب الليبي واعتبار ذلك عملا عدوانيا لا يختلف عن أي انتهاك أو اعتداء على الحدود والأراضي الليبية قاطبة".

وتابع الشاط "على مجلس الأمن أن يحدد موقفه بوضوح من التدخل في الشأن الليبي استنادا لما هو متوفر لديه من تقارير رصدت وحددت الدول المتدخلة في المسألة الليبية بالسلاح والمال والإعلام" مضيفا "هناك تحديات كبيرة ستواجه ما يمكن أن يصدر عن المؤتمر الجامع في يناير القادم وهي تحديات لآمال وإرادة الليبيين  وما لم تحدد هذه التحديات وتوضع الحلول المسبقة لها فإننا سندخل نفقا جديدا من أنفاق المتاهة المظلمة وقد يزداد الوضع تعقيدا".