كل شيء يتغير في المشهد الليبي يتغير بسرعة قياسية ، والمراهنون على سيطرة الميلشيات المسلح على ليبيا بات عليهم أن يراجعوا مواقفهم ، فالمارد المصري يتحرك لنسف أوهام الغزاة الأتراك ولضرب مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي خططت له واشنطن وتبناه اللوبي الصهيوني وتم تكليف الممول القطري والمشرّع الإخواني والذراع العسكرية التركية بتنفيذه عن طريق عصابات المرتزقة والإرهابيين
لقد أدرك المصريون وأحرار الأمة حجم المؤامرة التي تم تدشين فصولها الأولى منذ العام 2011 بعد سنوات من الإعداد في الدوحة وإسطنبول ولندن وبرعاية واشنطن لتكريس مشروع الإسلام السياسي الهداف بالأساس الى تبرير قيام الدولة اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وتأسيس دولة فلسطينية في غزة وسيناء ، وتذويب الضفة الغربية في الكيان الصهيوني ، مقابل تمكين الإخوان من حكم المنطقة بزعامة أردوغان الطامح بدوره لإحياء مشروع الخلافة بالتعاون مع الأمريكان والصهاينة وبتخطيط المخابرات البريطانية


ولا شك أن الإخوان تلاعبوا بعقول السذج من أنصارهم عندما أقنعوهم بضرورة تقديم تنازلات لضمان التمكن من السلطة في بلدانهم ، وبأن المشروع الأردوغاني قادر على تحقيق الشعارات التي طالما رفعها الإسلاميون ، وبأن كل من يختلف معهم هو عميل لإسرائيل ، في حين أن أردوغان وقادة الإخوان هم من ناموا في فراش اللوبي الصهيوني في واشنطن ونالوا منه قلادات الرضا والتقدير
سيكون يوم 20 يونيه 2020 علامة فارقة في المواجهة بين مشروع الدولة العربية الوطنية ذات السيادة ، وبين المخطط الهادف الى نشر الفوضى الخلاقة لتشكيل الشرق الأوسط الجديد وفق التوافقات الإخوانية الصهيونية تحت راية الماسونية العالمية ، والذي كان براد له أن ينطلق من ليبيا ، الدولة العريقة الفاعلة في شمال إفريقيا ، ذات الثروات الطائلة والموقع الإستراتيجي المهم ، والتاريخ الحافل بالتحديات والمواقف القومية الأصيلة ، وصاحبة أصول ساحل على الضفة الجنوبية للمتوسط ، وبوابة إفريقيا الشمالية
ففي هذا اليوم ، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن أيَّ تدخل مباشر لمصر في ليبيا “بات شرعياً” بسبب تهديدات “الميليشيات الإرهابية والمرتزقة” لكامل المنطقة، مشددا على أن سرت والجفرة “خطّ أحمر” بالنسبة لمصر.


وأضاف ‏السيسي، في تصريحات خلال تفقده عناصر المنطقة الغربية العسكرية، أن “أي تدخل مصري في ليبيا سيهدف لحقن دماء الليبيّين وتأمين الحدود الغربية لمصر من تهديدات الميليشيات الإرهابية والمرتزقة، ودعمِ سرعة استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، ووقفِ إطلاق النار الفوري، وإطلاقِ مفاوضات التسوية السياسية مباشرة تحت رعاية الأمم المتحدة وفق مخرجات عملية مؤتمر برلين، وتطبيقٍ عملي لمبادرة مؤتمر القاهرة”.
وشدد السيسي، على أن الخط الذي وصلت إليه القوات الحالية في ليبيا يجب الوقوف عنده والدخول في مفاوضات لحل الأزمة الليبية سياسيا، مبينا أن القوات المصرية إن تدخلت في ليبيا فسيكون ذلك تحت قيادة الليبيين وستغادر بعد إنجاز المهمة.
وأشار السيسي، إلى أن السيطرة على قرار أحد أطراف النزاع الليبي، عطلت وقف إطلاق النار ودفعت لمواصلة خرق القرارات الدولية بنقل السلاح والمرتزقة، مؤكدا أنه يجب سحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا وحل “الميليشيات المسلحة” التي تعتدي على مقدرات الشعب الليبي بدعم من قوى خارجية.
ولفت الرئيس المصري إلى أن مبادرة “إعلان القاهرة” تتفق مع مبادرات الأمم المتحدة ومؤتمر برلين، وتسعى لإعادة الاستقرار لليبيا، وانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة، وحل الميليشيات المسلحة، والدفع بمفاوضات المسار العسكري 5+5.
وتابع السيسي، “نقف اليوم أمام مرحلة فارقة تتأسس على حدودنا تهديدات مباشرة تتطلب التعاون للدفاع عن البلدين من عدوان الميلشيات الإرهابية والمرتزقة بدعم كامل من قوى تعتمد على أدوات القوة العسكرية لتحقيق طموحاتها التوسعية على حساب الأمن القومي العربي والسيادة الوطنية للدول أمام المجتمع الدولي الذي ما زال لا يملك الإرادة السياسية لوقف هذه الاعتداءات”.


وجاءت كلمة السيسي الذي أنقذ بلاده من مشروع الربيع العربي التدميري في ثورة الثلاثين من يونيو 2013 ، لتضع النقاط على الحروف ، وتعلن عن موقف عربي حازم ضد التدخل التركي السافر الذي لا يستهدف ليبيا فقط وإنما يستهدف المنطقة العربية ككل ، بمظلة إخوانية ، وبرعاية أمريكية صهيونية لم تعد خافية عن أحد ، وهو ما جعل قادة الإرهاب وأمراء الحرب ورموز التبعية من جماعة الإخوان وحلفائهم وجلاوزة أردوغان في طرابلس ومصراتة يتحركون بسرعة للتنديد بموقع الزعيم المصري واعتبارها تدخلا في شؤن بلد عربي سلموه للمرتزقة والإرهابيين وعرابي المشروع العثماني الجديد
لقد تعرضت ليبيا في العام 2011 الى أكبر عملية سطو مسلح باسم ثورة زائفة قادها متمردون ونفذها إرهابيون كانوا يقاتلون تحت ظلال طيران الناتو ، ويحاول أردوغان حليا منذ أشهر الى سرقة ليبيا الوطن والشعب والمقدرات من وطنها العربي ومحيطها المتوسطي والأفريقي بمزاعم استطاع تمريرها لتل أبيب وواشنطن مفادها أن روسيا تحتل البلاد الثرية والمؤثرة في مناطق نفوذ الناتو ، لكن عروبة ليبيا لن تكون محل نقاش ، والعرب يمكن أن يرفعوا سيوفهم عالية للتصدي للمشروع العثماني العنصري الجديد
وفي هذا السياق ، أكدت الرياض،  أن أمن القاهرة جزء لا يتجزأ من أمنها، معبرة عن تأييدها لحق مصر في حماية حدودها الغربية من الإرهاب. وقالت وزارة الخارجية السعودية، إنه إلحاقاً لبيان تأييد حكومة المملكة لمبادرة «إعلان القاهرة» بشأن ليبيا، التي جرى الإعلان عنها، في السادس من يونيو  الجاري، والتي سعت إلى حل سياسي للأزمة الليبية ووقف إطلاق النار وحقن الدماء، والمحافظة على وحدة الأراضي الليبية، بما تقتضيه المصلحة الوطنية في ليبيا، فإنها تؤكد أن أمن مصر جزء لا يتجزأ من أمن السعودية والأمة العربية بأكملها.
وأضافت أن السعودية تقف إلى جانب مصر في حقها في الدفاع عن حدودها وشعبها من نزعات التطرف والميليشيات الإرهابية وداعميها في المنطقة، معربة عن تأييد المملكة لما أبداه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنه من حق مصر حماية حدودها الغربية من الإرهاب.
ودعت السعودية المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته والاستجابة لدعوات ومبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي للتوصل إلى حل شامل يؤكد سلامة وأمن الأراضي الليبية، واستعادة المؤسسات والقضاء على الإرهاب والميليشيات المتطرفة، ووضع حد للتدخلات الخارجية غير الشرعية التي تغذي الإرهاب بالمنطقة.


كما أعربت دولة الإمارات عن تأييدها لما ورد في كلمة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية اليوم في سيدي براني بخصوص ليبيا.
ووفقاً لوكالة الانباء الاماراتية، فقد أكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي تضامن دولة الامارات ووقوفها إلى جانب جمهورية مصر العربية في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها من تداعيات التطورات المقلقة في ليبيا الشقيقة.
وثمنت الوزارة الجهود المصرية الحثيثة للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة في ليبيا، خاصة مبادرة القاهرة المتسقة مع كافة القرارات الدولية، وأكدت أن حرص فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضرورة استعادة الأمن والاستقرار على الساحة الليبية ينبع من توجه عربي أصيل باعتباره جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والأمن القومي العربي.
وأشادت الوزارة بحرص القاهرة على حقن دماء الأشقاء من أبناء الشعب الليبي، وتهيئة الظروف العاجلة لوقف إطلاق النار، وبدء مفاوضات العملية السياسية الشاملة تحت رعاية الأمم المتحدة وفقا لمخرجات مؤتمر برلين وتطبيقا عمليا لمبادرة إعلان القاهرة التي نصت على حل الميليشيات وتسليم سلاحها، ووقف التدخل الأجنبي في ليبيا، ووقف أي دعم خارجي لقوى التطرف في ليبيا.


وأكدت الوزارة مجددا موقف دولة الامارات الداعي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في ليبيا والالتزام بالعملية السياسية، وشددت على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد المقبول لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار الذي يلبي تطلعات الشعب الليبي الشقيق.
ويشير المراقبون الى كلمة السيسي جاءت لتؤكد على مسائل عدة مهمة منها أن مصر لا يمكن أن تتسامح مع أي تهديد لأمنها وللأمن القومي العربي ولاستقرار جارتها الغربية ، وأن الجيش المصري قادر على التصدي لمحاولات تركيا وإتباعها من جماعات الإرهابيين والمرتزقة استباحة بقية الأراضي الليبية بعد استباحة إقليم طرابلس الخاضع لسلطة غير شرعية تدار من قبل غرفة عمليات تركية يعتقد الواقفون وراءها أنهم قادرون على بسط نفوذهم على المنطقة العربية بأسلحة المرتزقة والإرهابيين ، وأن مصر تعتبر سرت والجفرة خطا أحمر بما يعنيه ذلك من تحد  لمخطط اقتحامها للوصول الى منابع الثروة  التي يخطط أردوغان للسيطرة عليها وتقاسمها مع حليفه الأمريكي وربيبه الصهيوني
لقد وضع السيسي حدا لعربدة أردوغان في ليبيا ، لكن الرئيس التركي كان ميتعدا لذلك ، فهو في الأخير أرسل مرتزقة سوريين ومن جنسيات أخرى ، وعول على ميلشيات إرهابية ، وليس لديه في ليبيا إلا بعض الخبراء والضباط الذي سيقوم بسحبهم عندما يدرك أنهم في خطر ، فهو بالتالي ليس قادرا على خوض معركة مع مصر تنهي ما تبقى لمشروعه من رصيد داخل تركيا .
لقد أنتهى الدرس يا أردوغان ، وعندما تتكلم مصر على الجميع أن يصمت وينظر الى التاريخ والحضارة وهما يعبران عن نفسيهما