إذا كان لكل شعب رمزه الثقافي والحضاري الخالد الذي ينعش وجدانه ويحفظ وهج الانتماء فيه، ويصل ماضيه بحاضره ليبقى عنوانا لمستقبله، فإن للسودان محمد وردي، المطرب والموسيقار الذي أحبه الشعب فجعل منه رمزا لوحدته وأيقونة للفن والغناء حتى اجتمع على احترامه الفرقاء، ورقص على موسيقاه القادة والزعماء والنخب والدهماء، وردد أغانيه المتعلمون والأميون والأغنياء والفقراء، وتحولت أعماله الرائعات الى سجل يوثق الأحداث ويدوّن لحظات التاريخ ويصوّر المواقف والقصص الإنسانية ويعبّر عن المشاعر والأحاسيس بتدفق مذهل، فتحوّل الى أسطورة تجاوزت حدود بلاده الى دول الجوار، وامتلك مقومات الزعامة الفنية بثقافته الواسعة والتزامه الراسخ بدوره، وحمل عن جدارة لقب «فنان الشعب» و«مطرب إفريقيا الأول».

ومن منطلق التقدير لتاريخه ورصيده الفني، قرر السودان إحياء الذكرى التسعين لميلاده، بإعلان «وردي 2022 » عاما لاستلهام «مسيرته الفنية الكبرى في حاضر الوطن وثورته ومستقبله، باعتبار أن مشروع الرمز الوطني الكبير محمد وردي كان تعبيراً عن ترسيخ الهوية السودانية والاحتفاء بالتعددية الثقافية والانفتاح على مكونات الوطن جميعها، والتغني بآمال الشعب وطموحاته في حياة حرة كريمة تظللها رايات السلام والحرية والعدالة، ولم يكن ذلك من وردي مجرد شعارات بل تطبيقاً عملياً عاشه في حياته واتسم به عبر مسيرته الطويلة، وفي كل مراحل حياته وإبداعه. 

وقد أحدث مشروع وردي في كل هذه الاتجاهات إسهاماً بارزا في دوائر الإقليم وقارات العالم» وفق ما أكدته لجنة التنظيموقالت اللجنة إن « أبناء من السودان قد تنادوا طوعاً من شتى قطاعات المجتمع ومن كل أنحاء الوطن وخارجه، وتشكلت أول العام الحالي من أجل هذا الهدف ا(للجنة العليا لعام محمد وردي 2022) لتضع هذا العمل في أيدي الجميع داخل الوطن وخارجه، حتى يكون عام وردي احتفاءً ثقافياً ضخماً يستمر طوال أيام العام 2022، تعبيراً عن مجمل ثقافات وفنون البلاد؛ ويشمل العام مناشط واحتفالات وندوات ولقاءات ومعارض ومسارح وفنون تستصحب كل مجالات الإبداع السوداني بكل مدارسه واتجاهاته الفنية والثقافية، وفي مجال الغناء والأداء الفني والتأليف والموسيقى والشعر والتشكيل والمسرح والرسم والنحت والدراسات وتاريخ الفنون وتعبيراتها عبر كل أقاليم السودان، ويهتم في جانب آخر بالتوثيق من أجل حفظ وإحياء الذخائر التي أبدعها وردي طوال مسيرته وعبر مراحل مشروعه في مجال التلحين والأداء والمعالجات الفنية والتجديد وانتخاب المضامين الفكرية والاستشرافية والإنسانية والنضالية والتأليف الموسيقي والانفتاح على الفنون الشعبية والتراثية، ومساهماته في نشر قيم الحق والخير والجمال والوطنية الباذخة، ومساهماته في الولاء للفن وترسخ كرامة الفنان والارتفاع بقيمته ودوره المركزي في نهضة المجتمعات وفرض الاحترام للإبداع والمبدعين. وهذا عمل تتنادى له كل طوائف أهل الثقافة ومراكز الإبداع وهيئات ومؤسسات الدولة الرسمية والأهلية والمهنية»وسيكون من أبزر الأحداث التي تصاحب التظاهرة تدشين مركز وردي الذي يتم خلال العام 2022 حتى يكون مجمعاً ضخما للفنون والثقافة والآداب والإبداع حاوياً لكل التعبيرات في مجال الثقافة والفنون والغناء والموسيقى. على نمط المراكز الثقافية الكبرى المؤهلة وبتخطيط علمي دقيق معماراً ومحتوى، ليكتسب جدارته المستحقة من حيث الموقع والمباني والوظيفة، وحتى يكون من بين ما يشتمل عليه المسرح والمكتبة والاستوديوهات والقاعات والمراسم وغرف للتوثيق الأرشيفي بالصوت والصور الفيلمية والتسجيلية لأعمال وردي وأخرى تعرض هذه المحتويات بصفة دائمة، بالإضافة إلى متحف يجمع كل ما يتصل بالفنان وردي وبعض مقتنياته وآثاره.

وتستضيف جامعة الخرطوم في التاسع عشر من فبراير 2022 مؤتمرا علميا عن دور الموسيقار محمد وردي وإسهامه عبر عدد من المحاور مثل تطوير الأغنية والموسيقى السودانية ونشر الأغنية السودانية وخاصة في أفريقياو تنمية الحس والشعور الوطني من خلال الأغنية الوطنية وترسيخ مفاهيم الحرية والسلام ومحاربة الظلم والاستبداد، وتعزيز النسيج الاجتماعي السوداني وقيم الجمال المرتبطة بالسودان والسودانيين وتأسيس الأغنية النوبية الحديثة شعرا ولحنا وأداء.

وسيشارك في المؤتمر بأوراق علمية محكمة علماء وأكاديميون وباحثون في مجال الموسيقى والثقافة وعلم الاجتماع والتاريخ، كما عقدت لجنة الموسيقيين بالداخل للجنة العليا لعام وردي 2022 اجتماعها الأول بقاعة المؤتمرات في كلية الموسيقى والدراما بالخرطوم بحضور ممثلي كافة اتحادات وتشكيلات وتجمعات الفرق والجماعات الموسيقية حديثة وشعبية بما فيها الفرق الموسيقية العسكرية(شرطة وجيش) وبمشاركة عدد من المؤلفين والموزعين.

 وتم الاتفاق على فعاليات الأشهر الأربعة الأولى من عام محمد وردي 2022 والتي ستتضمن فعاليات عدة من بينها كرنفال نهاري وحفل ليلي في الأول من يناير، وحفل إحياء ذكرى رحيل وردي في 18 فبراير وحفل بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس، وآخر في 6 ابريل بمناسبة ذكرى انتفاضة أبريل 1985 واعتصام القيادة العامة أبريل 2019 وتم الاتفاق أن يقدم كل عضو رؤيته الخاصة في كيفية تنفيذ الفعاليات شكلا ومضمونا كتابة مع إتاحة الفرصة للجميع لإضافة مقترحات لفعاليات في الفترة المحددة، وبالنسبة لأقاليم السودان ومدنه الكبرى سيتقدم المندوبون في تلكم المناطق بمقترحات مفصلة عن كيفية الاحتفالات في مناطقهم.

وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، دشن في يوليو الماضي مشروع تخصيص عام 2022 كعام للمهرجانات والفعاليات الفنية والثقافية احتفاء بالموسيقار الراحل محمد وردي الذي يعتبر الفنان الأكثر تأثيرا في الوجدان السوداني والذي عرف بمزجه بين ثنائية الغناء العاطفي والثوري الذي ما زال يشكل مصدر إلهام للسودانيين رغم مرور 10 سنوات على رحيله.وقال حمدوك مخاطبا حفل تدشين المشروع بقاعة الصداقة بالخرطوم إن وردي حمل لواء الأغنية السودانية التي صدح بها كل العالم، وكان مبشرا بالسلام وبسودان جديد، وأضاف "عرفنا وردي فنانا رائعا وقف مع الحرية والديمقراطية".

واعتبر حمدوك أن دعم الحكومة لهذا المشروع وتنفيذ كل ما يليها من مسؤوليات وخطوات، يأتي تقديرًا لعطاء الفنان الكبير محمد وردي الذي يعتبر رمزًا وطنيًا كبيرًا، وكذلك عرفانًا لدوره الوطني الذي ألهم وجدان الشعب السوداني بالقيم الثورية ورسخ معاني الحرية.وخلال لقائها مع حمدوك، أوضحت اللجنة المكلفة بتنظيم وردي 2022 أن التصور الذي أعدته للاحتفال بالذكرى التسعين لميلاد الفنان الكبير والذكرى العاشرة لرحيله يحتوي على أنشطة متعددة تمتد طوال العام، وتشمل كل ولايات السودان وبعض الدول لتخليد ذكراه الطيبة.

ووجّه حمدوك، لكل أجهزة الدولة المعنية على رأسها وزارة الثقافة والإعلام بأن تعمل على دعم هذا المجهود والمشاركة فيه.و قال الاستاذ حمزة بلول وزير الثقافة والإعلام ان عام 2022 سيكون عاما لوردي خاصة وانه تغني باشعار الكثير من أبناء السودان وعكس وحدة السودان في اغنياته ومثل الشعب السوداني عبر أغانيه في كثير من الدول خاصة أفريقيا، لافتا الى ان المهرجانات الثقافية خلال الفترة المقبلة سيكون للموسيقار وردي فيها دور كبير من خلال عكس أغانيه.

ووردي من مواليد 19يوليو 1932 في قرية «صواردة» بأقصى شمال السودان في أسرة تنتمي الى «النوبة»، ونشأ يتيما بعد وفاة والديه وهو في سن مبكرة، ثم انتقل إلى مدينة شندي لإكمال تعليمه بالمرحلة المتوسطة ثم عمل مدرسا في مدارس وادي حلفا والتحق بعد ذلك بمعهد التربية لتأهيل المعلمين بشندي حيث تخرج فيه معلماً وعمل بمدارس المرحلة المتوسطة ثم المدارس الثانوية العليا في كل من وادي حلفا وشندي وعطبرة والخرطوم. وكانت مدرسة الديوم الشرقية بالخرطوم آخر مدرسة عمل فيها قبل استقالته من التدريس في عام 1959، ليحترف الغناء، وهو يقول عن ذلك: «إن التدريس كان بالنسبة إلى الرغبة الثانية بعد الغناء ولكن إذا خُيّرت بين التدريس والغناء لفضلت الغناء وإذا خيرت بين التدريس وأي عمل آخر لفضلت التدريس، واعتقد إن الفن يعتبر أيضاً تدريساً». خاصة وأن موهبة الغناء موروثة في كل الأسرة فوالدة محمد وردي واخوانها وأولاد عمومتها كانوا جميعا فنانين معروفين بأداء الغناء، وكذلك عرف عن شقيقته فتحية وردي موهبة العزف على العود.

بدأ وردي الغناء من باب الهواية حتى عام 1957 عندما تم اختياره من قبل الإذاعة السودانية في أم درمان بعد نجاحه في اختبار أداء الغناء وإجازة صوته ليقوم بتسجيل أغانيه في الإذاعة، وبذلك تحقق حلمه في الغناء في الإذاعة بين فنانين سودانيين كبار أمثال: عبد العزيز محمد داؤود وحسن عطية وأحمد المصطفى وعثمان حسين وإبراهيم عوض وغيرهم.وتمكن وردي خلال عامه الأول في الإذاعة من تسجيل 17 أغنية مما دفع مدير الإذاعة في ذلك الوقت إلى تشكيل لجنة خاصة من كبار الفنانين والشعراء الغنائيين كان من ضمن اعضائها إبراهيم الكاشف وعثمان حسين وأحمد المصطفى لتصدر اللجنة قرارا بضم محمد وردي إلى مجموعة مطربي الدرجة الأولى كمغنِ محترف بعد أن كان من مطربي الدرجة الرابعة بالإذاعة.

 لكن السنوات اللاحقة كشفت عن عميق التأثير الذي ستتركه تلك الأغاني في وجدان الشعب، فبمناسبة استقلال السودان في العام 1956 سجل أشهر أغنية إصبحت شعار الإحتفال بعيد الإستقلال في الأول من يناير كل عام: «اليومُ نرفع راية إستقلالنا.. ويُسطّر التاريخ مولد شعبنا يا إخوتي غنوا لنا.. غنوا لنا » وبعد الإستقلال بعامين وقع انقلاب 17 نوفمبر 1958 بقيادة الراحل الفريق إبراهيم عبود، ودخل وردي إلى استوديوهات الاذاعة السودانية ليصدح بأغنية مطلعها «17 نوفمبر هبّ الشعب طرد جلاده»، التي صاغ كلماتها ولحنها وأداها بنفسه، تمجيدا لرجال حركة نوفمبر. ثم غنى نشيد «يا ثوار إفريقيا يا صناع المجد»، من كلمات الشاعر الدبلوماسي صلاح أحمد إبراهيم، والذي تحور بعد ثورة اكتوبر إلى «يا ثوار اكتوبر»، ونشيد «يقظة شعب» للشاعر النوبي مرسي صالح سراج، وكان وقتها وزير الاستعلامات والعمل اللواء طلعت فريد، وهو أحد رجال نوفمبر يتابع عن كثب «بروفات» هذا العمل. وذات مرة طلب من الشاعر أن يحاول إدخال الفريق إبراهيم عبود في أحد مقاطع العمل، لكن وردي وشاعر الاغنية رفضا بقوة الطلب.

ترحيب وردي بعبّود لم يمنعه لاحقا من معارضته، وعندما إنتفض الشعب السوداني في العام 1964 للإطاحة بالنظام العسكري، سارع الفنان الكبير الى تقديم أغنيته الشهيرة "باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني/ والحقول اشتعلت قمحاً ووعداً وتمني/ والكنوز انفتحت في باطن الأرض تنادي/ باسمك الشعب انتصر/ حائط السجن انكسر، والقيود انسدلت جدلة عـُرس في الأيادي" وهي من كلمات الشاعر محمد المكي إبراهيم، ومن قصائد الشاعر محمد الفيتوري غنّى وردي قصيدة: "أﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﺒﺢ فلا ﺍﻟﺴجن ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺠﺎﻥ ﺑﺎقٍ/ وإذا الفجر جناحان يرفان عليك/ وإذا الحزن الذي كحل تلك المآقي/ والذي شد وثاقا لوثاق/ والذي بعثرنا في كل وادٍ/ فرحة نابعة من كل قلب يا بلادي"، وهي القصيدة التي إنتشرت على نطاق واسع ولا تزال تمثل صرخة في وجه الظلم والقمع والإستبدادأصبحت تلك الأغاني والأناشيد صوت الجماهير الثائرة في السودان المتطلع على الدوام للحرية.

 وعندما وصل جعفر النميري الى الحكم في مايو 1969 غنى وردي نشيد « في حكاياتنا مايو»، ومن كلماته: «أنت يا مايو بطاقتنا التي ضاعت سنينا \ أنت يا مايو ستبقى بين أيدينا وفينا \ لم تكن حلماً ولكن كنت للشعب انتظاراً»، كما أدى نشيد « إنت يا مايو الخلاص يا جداراً من رصاص» وأنشودة «يا حارسنا وفارسنا»

 لكن ديكتاتورية النميري دفعت بوردي الى الانقلاب عليه بعد ما سمي بالثورة التصحيحية في العام 1971 وهي حركة عسكرية قادها الضابط الشيوعي هاشم العطا واستمرت ثلاثة أيام فقط سجل خلالها وردي أغنية « راكب هنتر وعامل عنتر » في السخرية من النميري الذي ما إن عاد الى السلطة حتى بطش بالانقلابيين ودفع ببعضهم الى منصات الإعدام وبالبعض الأخر الى السجن، وكان نصيب وردي السجن لمدة عامين.

ويقال أن النميري دعا كعادته عدد من كبار المطربين السودانيين الى حفل انتظم في مدينة جوبا بمناسبة عيد الوحدة الوطنية في مارس 1972 وكان حضور وردي ملحوظا، ولما كان الرئيس يتبادل قفشات ظريفة مع الفنانين، بادره المطرب عبد العزيز داؤود بالقول: لدي سؤال بخصوص محمد وردي، فرد النميري منزعجا: محمد وردي ماله ؟ فلاحظ داؤود ذلك الإنزعاج وتابع: أقصد متى ستعدمونه ؟ فكانت بداية تفكير النميري في الإفراج عنه ولكنه لم يفعل، وفي مايو في العام ذاته حل الرئيس التشادي فرانسوا تومبلباي بالخرطوم لحضور الذكرى الثالثة لحركة مايو، ولاحظ خلال السهرة الفنية غياب وردي، فسأل عنه نظيره السوداني، ورد عليه النميري بأن وردي ترك فن الغناء الذي يجيده ودخل غمار السياسة وانضم الى الشيوعيين وهو في السجن، فدعاه تومبلباي الى عدم استعداء الفنانين والعفو على المطرب الكبير، ثم تدخل بعض السياسيين وأكدوا للنميري أن وردي غير منتظم سياسيا وليس شيوعيا كما يعتقد وإنما فقط متعاطف مع اليسار، ومن داخل المعتقل كان الفنان الكبير يتطلع للحرية، وفي أحد الأيام طلب من مأمور السجن أن يسمح بإدخال عوده اليه، فرد عليه المأمور: ش ياوردي نحن لم نقبض عليك وأنت على ظهر دبابة، لقد جئت الى هنا بسبب ذلك العود »لم يتخلّ وردي عن مواقفه من نظام النميري رغم أن الأخير حاول استرضاءه، وعند سقوط النظام في العام 1985 كانت أغانيه تتردد على ألسنة الجوع الهادرة، وقال في تصريحات له «لا أخاف أن أسجن مرة أخرى ولست نادما على سنوات الاعتقال". 

وأضاف "أنا إنساني وكل كائن إنساني يعارض الدكتاتورية وسأواصل التنديد بها". وتابع قائلا إن "الأجواء الحالية لا تشجع على الإبداع فالحرية عامل أساسي لكي تزدهر الفنون".كانت لورد علاقة خاصة بليبيا وكان الزعيم الراحل معمر القذافي من محبي أناشيده، حتى أن نشيد « أصبح الصبح » تحول الى شعار رسمي في «الجماهيرية » مع إعلان العقيد عن هدم السجون في العام 1988، وكان وردي يحيي حفلات في ليبيا في العام 1991عندما قرر عدم العودة الى بلاده،  واختار المنفى لمدة 13 عاما متنقلا بين دول عدة بسبب موقفه من حكم جبهة الإنقاذ، وعندما عاد الى السودان في العام 2005 بعد إصابته بفشل كلوي، رحب به الرئيس عمر حسن البشير الذي كان من عشاق ومرددي أغانيه، وعندئذ قال وردي «لم أكن أعرف أن السياسيين يحبون الأغاني».

 وفي العام 2007 البشير اصطحبه معه في الطائرة الرئاسية الى أديس أبابا لحضور الاحتفال بالألفية الثالثة حسب تقويم السنة القبطية، ودعاه الى مناسبات عدة، وعندما توفي وردي كان البشير في مقدمة مشيعيه الى مثواه الأخير في ممقابر فاروق بالخرطومفبراير 2012غنى وردي لعدد من الشعراء السودانيين مثل عمر الطيب الدوش ومحمد مفتاح الفيتوري وإسحاق الحلنقي وعبد الرحمن الريح والسر دوليب وأبو آمنة حامد وإسماعيل حسن وصلاح أحمد إبراهيم ومحمد المكي إبراهيم والتجاني سعيد وشاعر الشرق كجراي ومحجوب شريف، ورغم أن العربية ليست لغته الأم باعتباره نوبيّا إلا أنه أتقنها وجعل منها صهوة عبقريته الفنية بأجنحة السلم الخماسي وعلى إيقاعات العود والطمبور، وكسب خلال رحلته الفنية إحترام الجميع من إتحاديين وشيوعيين وقوميين وإنفصاليين وإسلاميين، وكان صديقا لقادة الجنوب وأبرزهم جون غرنغ، وكانت له مكانة خاصة في الشمال، ورقص الزعماء على أغانيه حتى وإن لم تعجبهم مواقفه من سياساتهم، وكما ترددت أغانيه في ثورة أكتوبر 1964 وانقلاب 1969 وفي الثورة على نظام النميري في ابريل 1985، ترددت كذلك في الثورة على نظام عمر البشير في 2019، وكانت عنوان اللحظات الكبرى في الحرب والسلام والثورات والإنتفاضات، وكأنها تختصر التواريخ والأحداث والمشاعر العامة والخاصة.

مُنح وردي الدكتوراة الفخرية من جامعة الخرطوم في عام 2005 تقديرا لمسيرته الفنية العامرة بالأغاني الجميلة و المتنوعة الثورية والوطنية والعاطفية والإنسانية، و التي تزيد عن 300 أغنية، حيث يعتبر في المجتمع الفني بالسودان أسطورة فنية سودانية وموسوعة موسيقية، كما أنه يعتبر النيل الثالث وقيثارة الفن التي تعزف للحب والحياة