قالت قوات الدعم السريع السودانية في وقت مبكر، اليوم الأحد، إن الجيش الأميركي أجلى الدبلوماسيين الأميركيين وعائلاتهم من السودان، في الوقت الذي استمر فيه القتال بين الجانبين المتحاربين، وأسفر عن مقتل مئات من المدنيين.

وأضافت قوات الدعم السريع أن عملية الإجلاء تمت بالتنسيق معها. وتخوض قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" قتالاً ضد الجيش السوداني الذي يقوده عبدالفتاح البرهان.

وعلى صعيد منفصل، قال مصدر مطلع لـ"رويترز" إن الجيش الأميركي أجلى بنجاح موظفي السفارة الأميركية. ولم ترد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بعد على طلب للتعليق على الأمر.

وبدأ رعايا أجانب آخرون في مغادرة السودان من ميناء على البحر الأحمر، أمس السبت، بعد أسبوع من بدء القتال في أنحاء البلاد.

تعقد الإجلاء

وأدى القتال في المناطق الحضرية إلى محاصرة أعداد كبيرة في العاصمة. وجرى استهداف المطار بشكل متكرر ولم يتمكن عديد من السكان من مغادرة منازلهم أو الخروج من المدينة إلى مناطق أكثر أماناً.

وحثت الأمم المتحدة ودول أجنبية قائدي طرفي الصراع على احترام وقف إطلاق النار المعلن الذي تم تجاهله في كثير من الأحيان، وفتح ممرات آمنة للسماح للمدنيين بالفرار وإدخال مساعدات تشتد الحاجة إليها.

ولم يتمكن آلاف الأجانب، بينهم موظفو سفارات وعمال إغاثة وطلاب، من الخروج من الخرطوم ومناطق أخرى في السودان، ثالث أكبر دولة في أفريقيا، بسبب إغلاق المطار والمجال الجوي غير الآمن.

السعودية تجلي رعاياها وآخرين

وأجلت السعودية مواطنين خليجيين من ميناء بورسودان على البحر الأحمر، على بعد 650 كيلومتراً من الخرطوم. وسيستخدم الأردن المسار نفسه لإجلاء مواطنيه.

ومن المتوقع أن ترسل دول غربية طائرات لمواطنيها من جيبوتي على رغم أن الجيش السوداني أشار إلى وجود صعوبات في مطار الخرطوم ومطار نيالا، أكبر مدن دارفور. ولم يتضح متى يمكن تنفيذ ذلك.

وقال دبلوماسي أجنبي، طلب عدم نشر اسمه، إن بعض الدبلوماسيين في الخرطوم يأملون في إجلائهم جواً من بورسودان خلال اليومين المقبلين. وحذرت السفارة الأميركية مواطنيها من أنها لا تستطيع تقديم المساعدة فيما يتعلق بالقوافل المغادرة من الخرطوم إلى بورسودان، موضحة أن السفر سيكون على مسؤولية الأفراد.

هدنة هشة

ولم يلتزم الجيش وقوات الدعم السريع حتى الآن بوقف لإطلاق النار يجري الاتفاق عليه يومياً تقريباً منذ اندلاع القتال في 15 أبريل (نيسان).

وانتهك القتال، أمس السبت، ما كان يفترض أن يكون هدنة لثلاثة أيام بدأت يوم الجمعة للسماح للمواطنين بالوصول إلى مناطق آمنة وزيارة عائلاتهم خلال عطلة عيد الفطر. ويتهم كل طرف الآخر بعدم احترام الهدنة.

وقال حميدتي لقناة "العربية" في وقت متأخر، أمس السبت، إنه ليست لديه أي مشكلة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار. وأضاف أن الجيش لم يحترم ذلك، وأنه إذا احترم الهدنة فسوف تحترمها أيضاً قوات الدعم السريع.

ساعات من الرعب

من شأن أي تراجع في حدة القتال أن يسرع وتيرة نزوح سكان الخرطوم اليائسين إلى خارج العاصمة بعدما قضوا أياماً في منازلهم أو أحيائهم تحت تهديد القصف وتحركات المقاتلين في الشوارع.

وأفاد سكان في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري بوقوع ضربات جوية بالقرب من هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية ومعارك في مناطق منها مواقع قريبة من مقر الجيش.

وقال أحد السكان في حي كافوري بمدينة الخرطوم بحري إن إمدادات المياه والكهرباء مقطوعة منذ أسبوع، وأفاد بوقوع ضربات جوية متكررة مع استمرار المواجهات بين طرفي الصراع.

وقال مواطن آخر يدعى محمد صديق من حي شمبات في مدينة الخرطوم بحري "مررنا بساعات من الرعب عندما وقعت اشتباكات وإطلاق نار بين الجيش وقوات الدعم السريع داخل الحي، والرصاص في كل مكان".

وأظهر بث تلفزيوني مباشر لعدة قنوات تصاعد سحابة كبيرة من الدخان الأسود من مطار الخرطوم ودوي إطلاق نار ومدفعية.

ممرات آمنة

ودعت منظمة "أطباء بلا حدود" إلى فتح ممرات آمنة. وقال مدير عمليات السودان بالمنظمة عبدالله حسين "نحتاج إلى مساحة حيث يمكننا إمداد مواقع مختلفة. نحتاج إلى موانئ لدخول البلاد حتى يمكننا إحضار أطقم متخصصة في التعامل مع الصدمات وإدخال إمدادات طبية".

وقالت نقابة أطباء السودان إن ما يربو على ثلثي المستشفيات في مناطق الاشتباكات توقفت عن الخدمة، مضيفة أن 32 مستشفى إما أنها تقع في مرمى النيران أو قام جنود بإخلائها قسراً.

ووردت تقارير عن وقوع أسوأ أعمال عنف خارج العاصمة في دارفور، وهي منطقة صحراوية غرب البلاد على الحدود مع تشاد. وشهدت دارفور منذ عام 2003 صراعاً أسفر عن مقتل ما يصل إلى 300 ألف وتشريد 2.7 مليون.

وجاء في إفادة للأمم المتحدة عن الأوضاع الإنسانية، أمس السبت، أن لصوصاً استولوا على ما لا يقل عن 10 مركبات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي وست شاحنات طعام أخرى بعد اقتحام مكاتب ومخازن تابعة للمنظمة في نيالا بجنوب دارفور.

مخاوف من كارثة إنسانية

قوض انزلاق السودان المفاجئ إلى الحرب خططاً لاستعادة الحكم المدني، ودفع البلد الذي يعاني الفقر بالفعل إلى شفا كارثة إنسانية، وهدد باندلاع حرب أشمل قد تجتذب قوى خارجية.

ولا توجد أي مؤشرات حتى الآن إلى أن أياً من الطرفين يستطيع تحقيق نصر سريع أو أنه مستعد للتراجع وإجراء حوار.

ويملك الجيش قوات جوية، لكن قوات الدعم السريع تنتشر بشكل كبير في المناطق الحضرية.

ومع ذلك قال البرهان، أمس السبت، "يجب أن نجلس جميعاً كسودانيين ونجد المخرج الملائم حتى نعيد الأمل ونعيد الحياة". وهذه أكثر تعليقاته تصالحية منذ اندلاع القتال.

وفي وقت سابق من القتال، أعلن البرهان قوة الدعم السريع قوة متمردة وأمر بحلها، وقال إن الحل العسكري هو الخيار الوحيد. وقال حميدتي، أمس السبت، إنه لا يستطيع التفاوض مع البرهان.

ويشغل البرهان وحميدتي أعلى منصبين في مجلس السيادة الحاكم الذي كان يشرف على عملية الانتقال السياسي بعد انقلاب 2021، وهي العملية التي كان من المفترض أن تشمل الانتقال إلى الحكم المدني ودمج قوات الدعم السريع في الجيش.

وذكرت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة أن 413 شخصا قتلوا وأصيب 3551 آخرون منذ اندلاع القتال. وتشمل حصيلة القتلى خمسة على الأقل من موظفي الإغاثة في بلد يعتمد على المساعدات الغذائية.


نقلا عن اندبندنت عربية