جدد مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة الطاهر السني الدعوة لإجراء انتخابات في ليبيا في أقرب وقت "كونها السبيل الوحيد لإنهاء صراع الشرعيات وتوحيد المؤسسات، واختبار حقيقي لمن يدعي الشعبية والأهلية للقيادة"مطالبا "بضرورة الإسراع للتوافق على القاعدة الدستورية المناسِبة لإجراء هذه الانتخابات، واحترام المطالبات الشعبية لإنهاء كافة المراحل الانتقالية، واقرار دستورٍ دائمٍ للبلاد، وانهاء جميع الأجسام السياسية المتراكمة والمتوارثة والمنقسمة على نفسها، وعدم اعادة تدوير نفس الأشخاص".

وقال السني في كلمته أمام مجلس الأمن عبر تقنية الفيديو "تابعنا جميعاً التطورات المتسارعة في ليبيا منذ أن تم الإعلانُ عن وقفِ اطلاق النار، والذي كنّا نسعى أن يتم منذ شهر يناير الماضي عندما توسطت روسيا لتوقيع هذا الاتفاق في موسكو، ولكن كلنا نعلم ما حدث وقتها" مضيفا "هذه التطورات التي نتابعها بدأت باجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة في غدامس ثم سرت، والتى من المفترض لها أن تؤسس لأرضيةٍ يُمكن الانطلاق منها لدعم الحوارات والمسارات الأخرى، ولذا فنحن اذ نتابع هذه اللقاءات بحرصٍ شديد، والتي نأمل أن تفضي الى حلولٍ عملية وواقعية لنجاحها، وأهمها تثبيت وقف اطلاق النار والالتزام به وخروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب بأسلحتهم وبكافة أنواعها، ومن كل مناطق ليبيا، وبإشراف ومراقبة أممية، لأنه حسب ما تم رصده مؤخراً، مازال هناك تدفق للمرتزقة والسلاح النوعي، وزرع للألغام وإِعداد للتحصينات بالأخص في سرت والجفرة".

ورحب السني "بالجهود المبذولة منذ أيام، واللقاء الذي انعقد في البريقة بإشراف رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، من أجل العمل على توحيد جهاز حرس المنشآت النفطية، والذي من شأنه حماية المرافق وتحييدها من دائرة الصراع، فكما شاهدنا بعد رفع الحصار ..على الموانئ والحقول، والذي دام قرابة تسعةِ أشهر ، بدأ الانتاج يتعافى ، حيث وصل إلى أكثر من مليون برميل يومياً ، لذا لم يعد من المقبول أبداً التلاعب أكثر بخيرات الليبيين ورزقهم".  

وتابع السني "يبقى السؤال والذي سنكرره دائماً ماهي الضمانات الدولية لاحترام هذه الاتفاقيات؟“ وهل الدُول المعنية والمتدخلة في الشأن الليبي اقتنعت بأنه لا حل عسكري في ليبيا؟ فلنا في اتفاق الصخيرات عبرة، فرغم الوعود الدولية والقرارات الأممية المتلاحقة ، وجد المعرقلون طريقَهم لإفساد مفاوضات دامت قرابة العام وليس لأيام ، بسبب انقسام هذا المجلس وعدم جديته في تنفيذ قرارِاته".

وأردف السني "شكلت التطورات الأخيرة من خلال انطلاق ملتقى الحوار السياسي في تونس ..بارقة أمل لليبيين وبعض التفاؤل، وإذ نثمن كل الجهود الدولية الصادقة لدعم الحلول السلمية لإعلاء صوت العقل والحوارات، واسكات صوت المدافع والمواجهات ، فيجب علينا التذكير دائماً بأن هكذا ملتقى هو ما كان يتطلع إليه الجميع في غدامس العام الماضي...وما يحدث الآن هو ما كان المفترض له أن يحدث حينها، آلا وهو، جلوس الفرقاء على طاولة الحوا، ولو حدث ذلك كان من الممكن تفادي اراقة الدماء وخسارة أرواح الأطفال والنساء وخِيرة شبابنا، ونزوح وتشريد الآلاف واستفحال التدخل الأجنبي في البلاد. لذا نؤكد على أهمية دور الأطراف الليبية المتحاورة في كل المسارات، سواء في الداخل أو الخارج، وأن تعلو مصلحة الوطن، ويعملوا على إيجاد حلولاً جذرية شاملة غير منقوصة، وألا يرتهنوا للإملاءات الخارجية مهما كان نوعها واغرائاتها، لأن التدخل الدولي سيستمر ولن يتوقف مادام وَجَد باباً مفتوحاً، وهناك من يسمح له بالدخول، ولنا جميعاً عبرة فيما عاشتُه بلادُنا قرابة العشر سنوات الماضية".

وأضاف السني "بسبب معاناة الليبيين على مدار الأعوام، والخوف من تكرار أخطاء الماضي   ووجود أزمةِ ثقة، يجب أن نتفهم تخوف البعض وانتقادهم لمجريات الحوارات بكل أنواعها، سواء بسبب آلية اختيار المتحاورين والتمثيل، أو منهجية العمل، أو التحالفات المتناقضة وغيرها، لذا علينا أن نحترم آراء الجميع ولا نشكك في وطنية أحد، فرغم كل الصعوبات والتحديات التي صاحبت الحوار الأخير، كلنا رأينا الترحيب الكبير سَواء من الداخل أو الخارج لتوافق المشاركين في ملتقى تونس حول تحديد الرابع والعشرين من ديسمبر العام المقبل والذي يصادف الذكرى السبعين لعيد الاستقلال كموعد لإجراء الانتخابات العامة  وهذا في حد ذاته انجازاً ايجابياً يجب دعمَهُ وانجاحَه".

وأردف السني أنه لإنجاح الحِوارات السياسية الجارية وللاستفادة من التجارب السابقة نود التأكيد على أنه "لضمان مصداقية العملية الانتخابية ونجاحها، نطالب مجلس الأمن بإصدار قرارٍ ملزم، يدعم ما يَتوافق عليه الليبيون في الحوارات المختلفة، من خارطةِ طريق وقاعدةٍ دستورية لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021 ،  مع منح تفويض للبعثة الأممية ومن خلال أجهزتها المتخصصة، بدعم الاستحقاقات الانتخابية، فنياً ولوجستياً وبإشراف المفوضية العليا للانتخابات، ومراقبة سير العملية بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي لضمان النزاهة والشفافية، ومحاسبة المعرقلين لهذه العملية ونتائجها".

وأضاف السني "يجب أن يكون الهدف الرئيس من أي مرحلةٍ انتقالية جديدة، اذا تم التوافق عليها ، هو الاعداد للاستحقاق الانتخابي الذي يفصلنا عليه عام واحد، وتوفير الخدمات العاجلة لكافة المناطق، وتوحيد مؤسسات الدولة ، وبالأخص السيادية منها ليكون هناك تجانس مع السلطة التنفيذية وكافة مؤسسات الدولة ، ومحاربة الفساد ، وحل المليشيات أينما وُجِدت ، واخضاع المؤسسة العسكرية وأجهِزتها في كامل انحاء البلاد تحت السلطة المدنية".

وحث السني على "دعوة الاتحاد الأفريقي لعقد مؤتمر المصالحة الوطنية، لدعم المسارات الأممية الأخرى، بقيادة جنوب أفريقيا رئيسة الاتحاد، واللجنة العليا الخاصة بليبيا برئاسة الكونغو، لفتح صفحةٍ جديدة بين الليبيين يتمُ فيها مناقشة مبادئ بِناء الثقة، ومسار العدالة الانتقالية والعفو العام، وجبر الضرر، وعودة النازحين والمهجرين ، مهما كانت انتماءاتهم وتوجُهاتِهم السياسية والفكرية".

ودعا السني "لضرورة محاسبة كل من ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في حق المدنيين من أي طرفٍ كان، وفي أي مرحلةٍ من مراحل الصراع ومنذ عام 2011 ، سواء من نفذها أو دعمها، والدول المتورطة فيها"