بين المدح والقدح والترحيب والتنديد.. تباينت ردود الفعل على العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش في الجنوب الليبي ولمعرفة رأي الحركة الوطنية الشعبية في العملية وأبعادها وسبل حل الأزمة الليبية أجرت بوابة إفريقيا اللإخبارية حوار مع أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية د. مصطفى الزائدي

-ما موقف الحركة من العمليات العسكرية للجيش في الجنوب الليبي؟

لا شك أن العملية العسكرية لتطهير الجنوب من الإرهاب والجريمة التي تنفذها القوات المسلحة العربية الليبية، هي خطوة هامة جدا لإعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، ولقد جاءت هذه العملية بعد أن وصلت الحالة السيئة في الجنوب الليبي إلى حدها الأقصى، وكانت تنفيذا لمطالب أهل الجنوب بضرورة وضع حد لحالة الانفلات الأمني في فزان، لقد تحالفت التنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية ومهربي البشر والمخدرات وتجار السلاح والمليشيات الجهوية مع مليشيات إجرامية من تشاد والسودان والنيجر، للسيطرة على الجنوب الغربي لليبيا وتحويله إلى وكر للجريمة وملاذ للإرهابيين، الأمر الذي أدى إلى حالة غير مسبوقة من الإنفلات والفوضى أثرت مباشرة على حياة المواطنين، وانعدمت تقريبا كل سبل الحياة فانقطع الوقود والكهرباء وقل الغداء والدواء مما اضطر عدد ليس قليل من السكان إلى مغادرة الجنوب باتجاه الشمال، كما أدى الأمر إلى استقرار أعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة بفزان الذي يشهد أخطر عملية تغيير ديموغرافي يؤثرا سلبا على مستقبل ليبيا وأمنها واستقرارها لكل ذلك تدعم الحركة الوطنية جهود القوات المسلحة العربية الليبية وتثمن تضحياتها الجمة.

-خرجت مظاهرات وأطلقت تحذيرات من أن عملية الجنوب تستهدف مكون "التبو" فما رأيكم؟

هذه دعاية مفضوحة تطلقها أبواق الإخوان، المستفيدون من حالة الوضع الراهن  في ليبيا، والتي تسعى بكل ما اوتيت من قوى للحفاظ على مكاسبها من مؤامرة فبراير التي دبرتها ونفتذها لمصلحة أعداء الأمة فالقوات المسلحة مؤسسة وطنية تضم أفرادا من كل التكوينات الاجتماعية، ومن ضمنهم التبو الذين قدموا تضحيات مع القوات المسلحة في بنغازي ودرنة والهلال النفطي، ولا أعتقد أن هذه الكذبة السمجة تنطلى على أبناء التبو الأبطال والقوات المسلحة ليست مليشيا جهوية تخوض حربا نيابة عن جهة أو قبيلة معينة القوات المسلحة تمثل الشعب الليبي بكافة جهاته وقبائله.

-معركتا درنة وبنغازي استغرقتا وقت طويل وأدتا لخسائر مادية ضخمة.. فهل تتوقع أن تتشابه معركة الجنوب مع معارك الشرق؟

لا أتصور أن معركة تطهير الجنوب ستأخذ وقتا طويلا وستحسم في تصوري في أسابيع قليلة إن لم تكن أياما، الآن جل الجنوب تحت سيطرة القوات المسلحة ولم يبقى إلا مدينة مرزق التي يتحصن فيها بعض الارهابيين وبالتأكيد من اولويات عمليات القوات المسلحة الحفاظ على المدنيين لذلك تتريث كثيرا عند ضرورات اقتحام المدن والقرى، ولقد فشلت كل محاولات الاخوان لا يجاد حاضنة شعبية لهم وللإرهاب ولو صغيرة، على عكس القوات المسلحة التي التحم بها كل سكان الجنوب منذ اللحظات الاولى لانطلاق العملية.

-خبراء قالوا إن القوات التي تحارب في صفوف الجيش قادمة من خارج المنطقة في مواجهة عناصر تقيم بالجنوب وتخبر شعابه ما ينذر باحتمالية فشل الجيش أو إطالة لأمد المعركة؟

هذا قول لا يمكن أن يخرج عن خبراء، فالعكس صحيح، العصابات المتواجدة في الجنوب جلها من أجانب وافدين ضمن الجماعات الارهابية أو عصابات التهريب والجريمة وبعض العصابات من تشاد والسودان والنيجر،  أما القوات المسلحة فنسبة كبيرة من جنودها وقياداتها من أهل فزان من كل قبائلهم، وهى كمؤسسة نظامية لم تتكون على اسس مليشياوية قبلية، فتجد المقرحي والسليماني والتباوي والتارقي والورفلى والزائدي والقذافي والحسناوي والفزاني إضافة إلى جنود وضباط من كل ليبيا، فالقوات المسلحة تتحرك في شكل قطاعات نظامية، كما أن الجيش الليبي خلال هذه السنوات الصعبة خاص معركة ضخمة ضد عدوان الناتو في ٢٠١١ ويخوض معركة متصلة ضد الارهاب والمليشيات منذ إنطلاق ثورة الكرامة ٢٠١٥ وهو بذلك امتلك قدرات قتالية وتعبوية مهمة، وحقق انتصارات باهرة رغم حضر التسليح المفروض عليه ورغم الدعم الخارجي الكبير الذي يتلقاه الارهابيين.

-الحكومة المؤقتة أعلنت أن الجيش يسيطر على 84 % من الاراضي الليبية كيف تقرأ الحركة هذا الرقم خاصة وأن العاصمة تدخل ضمن الاجزاء الخارجة عن سيطرة الجيش؟

أيا كانت دقة الارقام فإن القوات المسلحة تبسط الأمن في مساحة جغرافية كبيرة من ليبيا وأحدثت حالة من الاستقرار يلمسها المواطنون رغم غياب المؤسسة المدنية وبقاء طرابلس تحت سيطرة المليشيات لن يطول في نظري وهو رهين بتبدل مواقف الدول الكبيرة الداعمة للمليشيات في الغرب الليبي، ففي الحقيقة أغلبية الليبيين ينتظرون قدوم الجيش لمسح الأثار السلبية لسيطرة المليشيات على ليبيا، وأتصور أن طرابلس ستلفظ المليشيات دون الحاجة لقتال، وهنا أدعو الشباب الليبي المنضوي تحت المليشيات إلى ضرورة الخروج من الورطة التي وضعوا فيها، وأن يسلموا أسلحتهم إلى الجيش لأنه المؤسسة الوحيدة التي يمكن لها أن تضمن أمنهم وسلامتهم، الاحتماء بالأجنبي لن تفيدهم في شئ.

-ما هي رؤية الحركة الوطنية الشعبية لسبل حل الأزمة الليبية في ظل المشهد السياسي والأمني القائم؟

الحركة الوطنية الشعبية ترى أن حل الأزمة الليبية يتم من خلال توافق الليبيين على العيش المشترك سلميا في دولة مدنية يؤسسها الليبيون بالتوافق بعيدا عن الاقصاء والتهميش والعزل ولدينا رؤية ناتجة عن حوارات جادة بين نخب مهمة من القيادات الوطنية ترتكز على ثلاثة عناصر اساسية.

أولا: تصفية أثار النكبة سلميا  من خلال اجراءات عملية منها الإفراج الفوري على بقية المعتقلين ظلما، وإلغاء القوانين الإقصائية المعيبة وتبني العفو العام وتسهيل عودة النازحين والمهجرين إلى مدنهم وقراهم وجبر الأضرار من كل الاطراف، ورفض استيفاء الحقوق الخاصة باليد وتأجيل البت فيها إلى حين قيام الدولة المستقرة.

ثانيا: تنظيم مرحلة تمهيدية قصيرة يتم خلالها تهيئة الدولة إلى مرحلة دائمة مستقرة، تدار بمؤسسات وطنية، حيث يمكن الجيش من بسط سيطرته على كافة الأراضى الليبية وتعود مؤسسة الأمن لممارسة واجباتها في حفظ الأمن، ويتم التوافق على حكومة قوية من تكنوقراط تقوم بمعالجة الاختناقات الاقتصادية وتقديم الخدمات وإعداد الدولة للمرحلة النهائية من خلال تنفيذ إجراءات المصالحة الوطنية الشاملة والبحث في الأرضية الدستورية للمرحلة الدائمة، ويقام خلالها حكم محلي فعال ومنضبط وقادر على معالجة الأزمات المحلية من خلال اليات إدارية لامركزية.

وثالثا: التوافق على أسس بناء الدولة الجديدة المستقرة من كل جوانبها نظام الحكم والنظام الاقتصادي والرموز إلى آخره.