منذ اندلاع أحداث ما يسمى بالربيع العربي في العديد من الأقطار العربية، لعبت قطر دورا سياسيا في دول عربية مختلفة بهدف حجز مكان أكثر فاعلية في المشهد السياسي خاصة وأنها دولة صغيرة يعوزها الثقل الديمغرافي والجغرافي عزاؤها الوحيد سخاء الطبيعة.

وكانت قطر من أولى الدول التي لعبت دورا في ليبيا، وبدأته خاصة عندما لعبت دوراً كبيراً في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي مهَّد لقرار من مجلس الأمن بفرض حظر جوي على ليبيا، ثم شاركت القوات القطرية في العمليات العسكرية التي قادها حلف شمال الأطلسي في ليبيا، وذلك بالتوازي مع تركيز إعلامي لم يسبق له مثيل على الأحداث الليبية بأسلوب تجاوز كثيراً مبادئ العمل الإعلامي المستقل والمحايد.

حيث أشارت مجلة "فورين بوليسي" إلى إطلاق الدوحة حملة دبلوماسية لإقناع جامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولى لفرض منطقة حظر الطيران، وهو ما أيدته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كما انه أنه فى مارس 2011 أصدر مجلس الأمن قراره رقم 1973 حول منطقة حظر طيران فوق ليبيا والذى نص على إقامة منطقة أمنه واتخاذ جميع التدابير الضرورية لحماية المدنيين وبعد أسبوع أصبحت قطر أول دولة عربية توافق على القيام بطلعات جوية فى المنطقة، ولم يتوقف قادة الدوحة عن هذا الحد بل بدأوا فى توريد السلاح للثوار على الرغم من الحظر الأممى المفروض على توريد السلاح إلى لييبا.

كما تواجدت قطر عسكريا بشكل وازن على الأراضي الليبية و لعبت الأداة العسكرية القطرية دورا محوريا في حالة الفوضى التي تشهدها البلاد حيث بث الجيش الليبي صورا تثبت تورط قطر في تمويل عمليات مسلحة على أراضيها، مضيفا أن الدوحة حاولت أن تلعب بالنسيج الاجتماعي الليبي، وخلال مؤتمر صحفي قال الناطق باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري إن قطر دعمت فاسدين في ليبيا وإن ضابطا في الاستخبارات القطرية هو المسؤول عن إرسال مسلحي داعش إلى ليبيا، كما أن الضابط القطري وهو برتبة عقيد يعمل في تونس ويقوم بدعم داعش والقاعدة والإخوان في عدد من الدول، وهو المسؤول عن الخراب المالي والأخلاقي في هذه المنطقة، وأكد أن قطر عملت على إدخال الكثير من الإرهابيين إلى ليبيا من الخارج وأن بنغازي كانت مسرحا لجريمة قطرية بتمويل قطري بعدما سلّمت قطر الأسلحة لميليشيات متطرفة.

قامت قطر بدعم بعض القوى السياسية التابعة لها، وخصوصا تنظيمات الإسلام السياسي لعلاقتها الوثيقة بها، من أجل الدفع بها لواجهة الأحداث كأدوات تخدم مشروعها في المنطقة، والعمل على التحول إلى قوة إقليمية ذات تأثير في عملية رسم الخارطة السياسية في المنطقة. 

دعم الدوحة لتلك الجماعات والميليشيات بدأ عبر المجلس العسكري طرابلس، وهو الدعم الذي لم يقتصر على الأسلحة والعتاد فحسب، بل تعداها إلى إرسال جنود كانوا يرافقون زعيم الجماعة الليبية المقاتلة ورئيس المجلس العسكري طرابلس عبدالحكيم بلحاج حتى دخل باب العزيزية تحت غطاء طائرات الناتو.

وجاء الدعم كذلك من خلال دعم شخصيات من أطياف مختلفة، مثل رجال دين، ومنهم علي الصلابي وعبدالحكيم بلحاج وعبدالباسط غويلة، وعناصر إرهابية معروفة ورجال أعمال.

يرى مراقبون أن قطر كانت تسعى إلى الحصول على صفقات استثمارية في ليبيا حتى أواخر عام 2010، إلا أن النظام الليبي و قف ضد الطموحات القطرية، وهو ما دفع الحمدين إلى تبني موقف عدائي من طرابلس، كشفته العديد من الشهادات التي وثقت لاجتماعات بين الطرفين.

في هذا السياق تحدث الخبير الجيوستراتيجي باتريك مبيكو عن لقاء سري عقده رئيس جهاز الاستخبارات القطري بتاريخ أبريل 2010 مع نظيره البلغاري قال فيه "نرتب لعمل شيء ما في شرق ليبيا".

وقد استطاعت المخابرات الليبية على مدار السنوات القليلة الماضية الكشف عن العديد من الجماعات الإرهابية والتنظيمات المسلحة التي تتلقى دعما مباشرا من قطر، لأجل إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في الداخل الليبي، أبرزها ما يُعرف باسم مجلس شوري بنغازي وإجدبيا فضلا عن المجلس العسكري لثوار مصراته وكذلك ما يُعرف باسم ثوار الجنوب بالإضافة إلى بعض الجماعات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة.

يرى متابعون أن لقطر دورا مركزيا في الأزمة الليبية وزيادة التفرقة بين الفرقاء والفصائل بتدعيم الجماعات الإرهابية والفصائل المتشددة التي عانت من أثاره وتكبدت أثمانه دول الجوار.