"منازل ايات خلت من تلاوة... ومنزل وحي مقفر العرصات"
لاتملك إلا أن تردد  بيت "دعبل الخزاعي"  هذا وأنت تمرعلى المسرح الوطني بطرابلس أو على دور السينما المظلمة بها  ، بل وتردده  وانت تمر تحت اسوار معهد جمال الدين الميلادي بشارع الزاوية وتاريخه العريق وكم من اصيل فنون ليبيا ونغماتها واصواتها الدافئة مرت به وتخرجت منه  وكم من مهرجان للموشح للمالوف أو أصيل الأغنية الليبية غاب عنه ، أو انت تمر على المعهد العالي للفنون بزاوية الدهماني وتشهد العزوف الشديد على قبول الطلبة على إرتياده لدرس الموسيقى والفنون والتخصص بها  الخ الخ الخ
من يسرق تاريخنا ..من يطفىئ  ألأنوار في  درب هويتنا ؟؟
السؤال كبير عمره يدخل التسع سنوات الآن  أما الأجابات عليه ففيض من سيل ، ما الذي أصابنا في صميم إرثنا وهويتنا ، ما سر هذا العزوف من الطلبة على إرتياد معاهد وكليات الفنون ... "بوابة افريقيا" ستعمل على حصاد الأجوبة من أكثرمن مصدر، لنعلم أين مكمن الخلل .....لربما كنا نحن جميعا كليبيين قد اصبنا أنفسنا في مقتل ولا ندري ،ولربما كنا نعلم مصدر موتنا ونصم الاذان ونخرس الالسن ونقتل أنفسنا بزعاف الصمت ولاندري ..لذلك اختصرنا الطريق بخيار الحوارات المنفردة مع المهتمين والمختصين .........وهذه المرة كان معنا الأكاديمي الدكتور" بشير الغريب " الموسيقار والمحاضربالمعهد العالي لتقنيات الفنون الموسيقية بزاوية الدهماني بطرابلس........والذي أجاب على قلقنا واسئلتنا بالتالى .
 د بشير.. ما سرعزوف الطلبة على ارتياد كليات ومعاهد  الفنون ؟
ـ الاسباب كثيرة والموت واحد ....تغيرت ثقافة المجتمع ، الكل اصبح يلهث وراء المادة لأن مجال الفنون لا يوفرها ، أيضا عدم تشجيع الدولة لهذا المجال بل وصل الامر للتضيق عليه ، أيضا عدم توظيف خريجي طلبة مجال الفنون في الدولة ورغم مستواياتهم العليا وتقديراتهم  الممتازة لكن الدولة تضعهم على الرف ولاتنظر اليهم بعين الاعتبار.
هل هناك اسباب اخرى.؟؟
ـ سبق واخبرتك إنها عد الحصى ( والموت واحد ) فسيطرة الفكر الأسلامي المتطرف على بعض المنابر وتغلله في بعض مفاصل الدولة والفتاوي العشوائية بتحريم الموسيقى والفنون  تعد من أهم اسباب هذا العزوف والأمر لايشمل مجالنا بالجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة فقط بل هم يستهدفون القواعد فأغلب مدارسنا من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية وللأسف شارك في هذا الأمر حتى بعض مدراء هذه المدارس حين الغوا ادارات النشاط المدرسي التي تهتم بالموسيقي والمسرح والتشكيل.
اخيرا .عدم استقرار الدولة وتعدد الحكومات والحرب كل هذا اثر سلبا علي النشاط الفني حيث لامهرجانات موسيقية. ولاحفلات لاعروض مسرحية ولاقنوات مرئية تعرض وتتابع هذا القليل الموجود وعلى خجل من هذه المناشط  ..فقط اذكرك كم عام غاب على ليبيا مهرجان موسيقى النشاط المدرسي ..وهذا يكفيك .
د بشير.. هل توجد ارقام مثلا لعدد طلبة المعهد العالي للفنون والذي تحاضرفيه قبل الاحداث ...وما حدث بعدها من عزوف ؟ فنحن نعلم إنه مرت ايام على المعهد في الفترات المتاخرة كان فيها عدد اعضاء هيئة التدريس أكثر من عدد الطلبة الامر نسبي وتقريبي هنا  ...
ـ لا توجد ارقام تحديدا ولن يفيدك العلم بها بشي فقط العزوف في ازدياد مستمر ، والأمرمن سيء الي أسوا مما كان قبل الأحداث وذلك للأسباب التي ذكرتها سلفا.
دكتور...هل هناك ردة اجتماعية ادت لهذا إضافة لما ذكرت  ؟
ـ  نعم صار يوجد قصور في وعي المجتمع  أيضا الخوف من المستقبل المجهول للخريج من مجالات الفنون حيث لاتوظيف ولامكانة اجتماعية مثل الدكتور والمهندس ، تحسنت قليلا نظرة المجتمع للفنان قبل الأحداث ولكن بعدها ارتدت  والسبب تأثير الفكر الأسلامي المتطرف ...فليبيا كانت وسطية في الاسلام كما أن الفنون في ليبيا تختلف حتى على دول المحيط فارثنا الفني من مالوف وموشحات ومدائح  وموسيقى واغاني عاطفية أو وطنية هو في غاية العفة والأحترام مع ذلك لم يراعي التطرف كل هذا..
لنعود للدولة المبعثرة للحرب لعدم الاستقرار ؟؟...
ـ نعم انا جدا يهمني هذا السؤال ..فالفنون في كل العالم همّ ومسؤليات دول وحكومات فتجعلها من اولوياتها ، فهي الداعم وهي السند وهي الطريق لكل ماهو فني وثقافي ، لكن ما يحدث عندنا  هو العكس تماما  .. فالتقصير و التهرب من الاطراف المفترض بها رعاية فنوننا والدفع بها  يحدث جهارا نهارا فهي تتهرب من الالتزمات تجاه مايعتبره العالم هويته ومصدر ثقافته وارثه ...في بلادنا التقصير  كان ولايزال من الدولة نفسها والسنوات الأخيرة صار الامر اسوا بكثير فنحن  نعيش الحرب  وعدن الاستقرار والهم الأساسي لكل ليبي وليس للطلبة فقط  صار هو البحث عن لقمة العيش ( تصور معي ذلك ) صار الفن اخر الأوليات وهذا  بالتاكيد يؤكد على ما اخبرتك عنه سابقا ، وكل هذا اثر وبقوة علي نشاط الفنون بصفة عامة .
وأضاف دكتور بشير على إجابته الاخيرة بقوله
ـ الفنون بصفة عامة يجب أن تكون كالخبز اليومي للمواطن يتناوله بحيث ينمو ويتطور في مناخ صحي ومعرفي وتقافي ليكون  لدينا مجتمع خالي من التخلف والجهل وهذا لايتأتى في ظل الحرب وكل هذه الظروف التي تمر بها بلادنا.
 د بشير.. عود على مافات فانت موسيقي واكاديمي بل ومباحثك الفنية والموسيقة اغلبها يهتم بارثنا الفني المدائح الانشاد ..الأغنية الإجتماعية  والتي نحن كليبيين رواد فيها ..فلما هذا التقصد هذا القصف العشوائي لكل ماهو فن نظيف وعفيف وجميل بل وملتزم والمساس به يمس هويتنا   ؟؟؟
ـ نعم الأغنية الليبية ملتزمة في كل الظروف لأنها تعبر عن آلام وافراح المجتمع فهي الناطق والمعبر عنه ، واذا كانت الدولة مستقرة لن يكون هناك تقصير من الباحثين والاكاديميين لأنه من صميم تخصصهم وكما ذكرت فهذا أيضا من صميم تخصصي ومذهب مباحثي ودراساتي.
اخيراً  .." بوابة افريفيا" كموقع الكتروني وإستجابة لمهنية العمل كموقع له جمهوره بحيث تبحث دائما على  المختصر المفيد..فستعمل على تكرار السؤال  وان تطرحه على مرات متعددة وعلى أكثرمن مختص  ليشمل كل مهتم بالفنون بعلومها ومجالات درسها  ،بل بكل  إرثنا الموسيقي والمسرحي والدرامي بحثا عن إجابة شافية عن سركل هذا الموات الفني والمعرفي والثقافي الذي تعاني منه بلادنا ويهدد بالفناء ارثها الفني ورصيدها المعرفي وهويثها وتراثها .