تطرق الباحث المختار الجدال في مقال نشر على الموقع الإلكتروني "شبكة الأخبار الليبية" ، إلى أهمية التمسك بوحدة ليبيا الجغرافية والاجتماعية.

واعتبر أن الدعوات إلى إقامة فيدراليات في ليبيا هو أكبر خطر يتهدد وحدة البلاد وتماسكها، خاصة في ظل ظرف تشهد فيه البلاد توترا سياسيا وفوضى على جميع المستويات، إلى جانب أجهزة السلطة المركزية بطرابلس في ضمان الأمن والاستقرار ومواجهة "الميليشيات والعصابات المسلحة"، وفق تعبيره.

جدل

وأشار المختار الجدال إلى أنه عندما ظهرت فكرة إقامة دولة المملكة الليبية عام 1951  بنظام حكم فيدرالي حتمته ظروف المرحلة في منتصف القرن العشرين، فقد كانت البلاد قد خرجت للتو من كونها ميدانا لمعارك الحرب العالمية الثانية وخروج إيطاليا مهزومة فيها وباشر العالم المنتصر في تقسيم تركة وأملاك الدولة الإيطالية.

وبالنظر إلى أن الحلفاء دخلوا من الجبهة الشرقية إلى إقليم برقة ونظرا للدور الذي قام به الجيش السنوسي بقيادة الأمير إدريس، ووعود الإنجليز بمنح برقة استقلالها متى وضعت الحرب أوزارها وانتصر الحلفاء، لذا فقد أوفت دول الحلفاء بوعدها وأعلنت إمارة برقة الدولة العربية الثامنة آنذاك وبقيادة الأمير إدريس السنوسي، وفيما أعلن استقلال برقة بقيت المناطق الغربية تحت سلطة الإدارة الانجليزية والمناطق الجنوبية تحت سلطة الإدارة الفرنسية.

وأضاف أنه عند إعلان استقلال ليبيا، انضمت المناطق الجنوبية والغربية لإمارة برقة المستقلة وكان لزاما أن ينشأ نظاما فيدرالياً لأسباب اقتصادية ، حيث كان إقليم برقة غنياً بالموارد الاقتصادية المتوفرة آنذاك من قمح وشعير وأراضي خصبة للمراعي، وهو الأمر الذي جعل أعداد كبيرة من سكان المناطق الغربية والجنوبية تهاجر إلى إقليم برقة خلال سنتي 1947 و1948، طلبا للرزق والمعيشة، خاصة وأن الإقليمين الجنوبي والغربي كان يعانيان من الفقر والجفاف وسيطرة الإدارتين الانجليزية والفرنسية، وعمل المهاجرون في تجميع مخلفات الحرب العالمية الثانية خاصة في منطقة طبرق، كما اشتغل بعضا منهم في التجارة والأعمال الزراعية والرعوية.

وقامت دولة المملكة على اتحاد فيدرالي يضم ثلاث ولايات، في كل ولاية حكومة خاصة بالولاية وحكومة مركزية لعموم المملكة، واستمر هذا النظام حتى عام 1963م عندما أعلن إلغاء النظام الفيدرالي وإقامة المملكة الليبية بنظام الدولة البسيطة.

نظام فيديرالي

ولفت كاتب المقال إلى أن هناك أصوات تتعالى تنادي بالعودة إلى النظام الفيدرالي، خاصة في المنطقة الشرقية من ليبيا مع أن الدولة الليبية استمرت موحدة طيلة نصف قرن، وقال:" متى تم هذا الأمر وفقا لرغبات الأغلبية، فمن المفترض عدم معارضته ولكن ليعرض على السكان في استفتاء على نظام الحكم الذي يرغبه الناس، ولكن هنا لابد من القول إن الاتحادات الفيدرالية تقوم على أسس اقتصادية وحاجة إقليم لآخر، أما في التجربة الليبية وفي هذا الوقت ليس من المفيد المناداة بنظام فيدرالي نظراً لخصوصية المرحلة أولا، ثم للتداخل الذي حدث خلال فترة الخمسين سنة الأخيرة في نسيج المجتمع الليبي الموحد ، الذي توحد في مواجهة قمع النظام وتوحد في إزاحة سلطة نظام جثم على صدور الليبيين جميعا، وهمَش وأقصى الليبيين جميعاً دون استثناء، فقد عانى أهل الغرب مثلما كان عليه أهل الشرق والجنوب واكتوى بنار النظام كل سكان ليبيا."

وأكد أن الدعوة الآن لإقامة نظام الدولة البسيطة تقوم على أسس لا مركزية تتوزع فيها دوائر الدولة على كل الأقاليم، وأن تتوزع ثروات البلاد بالتساوي على كل جهات الدولة دون تمييز أو تهميش أو إقصاء، وأن ينظر إلى الجميع نظرة واحدة لا تختلف من مكان إلى آخر في دولة القانون ومؤسسات الدولة الليبية الحرة ، لأن الليبيين أبناء شعب واحد ودين واحد ولا خلاف بينهم.