أرجع وزير الخارجية السوداني علي كرتي، فتور علاقات بلاده مع دول خليجية، إلى مجرّد “معلومات مغلوطة” تُنقل عن بلاده وتؤثر في علاقتها بتلك الدول.

ويبدو كلام الوزير كرتي تبسيطيا في ظل حديث مراقبين عن وجود خلافات جوهرية بين بلدان خليجية والسودان بشأن قضايا هامة، من بينها علاقة النظام السوداني بجماعة الإخوان المسلمين المصنّفة إرهابية في مصر وبلدان خليجية، وهي علاقة يقول مراقبون إنها “طبيعية” وبأنّ نظام الخرطوم متحدّر من ذات العائلة الإيديولوجية للجماعة، وهو الأمر الذي يفسر متانة علاقته بقطر الداعمة من جهتها لجماعة الإخوان.

كما تقيم الخرطوم علاقة متينة مع النظام الإيراني. وسبق للسعودية أن عبّرت بشكل غير مباشر عن ريبتها من تلك العلاقة حين منعت طائرة الرئيس السوداني عمر حسن البشير من عبور أجواء المملكة متجّها إلى إيران للتهنئة بتنصيب حسن روحاني رئيسا لإيران إثر انتخابات الصيف الماضي، وفقا لصحيفة العرب.

غير أنّ كلّ ما تقدّم لا يعني أنّ كلام وزير الخارجية السوداني، غير مدروس، بل هو مقصود في إطار سياسة سودانية تتجاهل الخلافات مع الخليجيين، وتتجنّب تصعيد الموقف معهم حفاظا على مصالح ومساعدات لم تُقطع عن الخرطوم التي تواجه مشاكل اقتصادية واجتماعية عويصة ازدادت تعقيدا منذ انفصال جنوب السودان وتناقص موادر النفط.

وسبق أنّ حذّر ساسة ورجال اقتصاد حكومة البشير من استفزاز السعودية، بالانحياز إلى صفّ قطر في دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، ودفع الرياض إلى اتّخاذ إجراءات ضدّ السودان، مستندين إلى أنّ المملكة تحتلّ المرتبة الأولى في حجم الاستثمارات العربية بالسودان بواقع 4.3 مليارات دولار تليها الإمارات بينما تحلّ قطر في المرتبة الثالثة.

وقال هؤلاء إن قطر ليس بمقدورها أن تغطي الفارق الذي يحدثه توتر العلاقة مع باقي دول الخليج، وإن على الخرطوم أيضا أن تحسب خطواتها جيدا لأنّ الخليج مهمّ لاقتصادها ويستضيف 65 بالمئة من العمالة السودانية حول العالم.

وقال الوزير كرتي إنّ دبلوماسية بلاده “نجحت في إزالة الكثير من هذه الشوائب”، في العلاقة مع الخليجيين. وأضاف : ”الدول العربية انشغلت بأطراف أخرى خارج المنطقة، ولم تعط السودان الاهتمام الكافي الذي كان يمكن أن يساعد على البقاء موحدا".

ويعيد هذا الطرح إلى الأذهان نقدا عنيفا لحكومة الإسلامي عمر حسن البشير، بسبب انفصال جنوب السودان، حيث اُتّهم البشير بالعجز عن حماية وحدة البلاد، كما اتهم بالرضوخ للضغوط الدولية عبر التهديد بجلبه لمحكمة لاهاي، وبأنّه بحث عن خلاصه الشخصي مقابل السماح بانفصال السودان الجنوبي.

واعتبر كرتي أن المساعدات العربية في البنى التحية للسودان ليست كافية، لأنّ بلاده تتعرّض لحصار اقتصادي من دول غربية، مبينا أن الاستثمارات العربية لم تصل إلى مستوى يمكن أن يقنع المراقب بأنّ الدول العربية جادة في الاستثمار في السودان. وأكد أن علاقات بلاده مع إيران “عادية مثلها مثل أية دولة أخرى”، وقال : ”ليس هناك تميز في علاقة السودان بإيران، وليست هناك مصالح كبيرة مبنية على هذه العلاقة". ويبدو واضحا أنّ هذا الكلام موجّه أساسا لدول خليجية مرتابة من علاقة السودان بإيران، وفي مقدمتها السعودية.