تشهد ليبيا منذ أسابيع حراكا مكثفا محليا ودوليا عبر اجتماعات ومشاورات بين الفرقاء الليبيين على المسارين العسكري والسياسي بغية الوصول الى توافقات من شأنها ارساء تسوية شاملة تنهي سنوات من الصراعات والانقسامات التي تسببت في دخول البلد الغني بالثروات في متاهة العنف والأزمات الاقتصادية الحادة.
الى ذلك،انطلقت، الاثنين، مباحثات طرفي الصراع الليبي بمدينة البريقة (شرقاً)، لتوحيد جهاز حرس المنشآت النفطية، أحد أهم البنود التي تم الاتفاق عليها بين وفدي اللجنة العسكرية (5+5).ووصلت رئيسة البعثة الأممية للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز،إلى المدينة التي تضم أحد أهم موانئ الهلال النفطي الخاضع لسيطرة الجيش الليبي،للمشاركة في الاجتماعات.
والتقت ويليامز قائدي حرس المنشآت النفطية التابعين للجيش الليبي ولحكومة الوفاق ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، للتباحث حول صيغة توافق حول إعادة هيكلة وتوحيد هذه المؤسسة المهمة التي شكلت منذ عام 2013 إحدى أهم أدوات الانقسام في البلاد الذي أدى في أكثر من مناسبة في تعطيل الإنتاج في حقول نفطية وموانئ رئيسية.


وقالت ويليامز من البريقة:"أنا وفريقي فخورون جداً بوجودنا في هذا الاجتماع التاريخي. أطلقنا عملية توحيد حرس المنشآت النفطية وخططاً لمشروع نموذجي لتأمين حقل نفطي في آران يبدأ بالإنتاح فيه في 2021".وأضافت أن "الأمم المتحدة تؤكد دعم الليبيين والشركات النفطية والسيادة الليبية"، موضحةً أن "ما يجري اليوم يأتي تحت مظلة مؤتمر برلين" حول ليبيا.
من جانبه،أعلن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله السعي لإنشاء قوة جديدة لحماية المشآت النفطية تتألف من خليط من العناصر المدنية والعسكرية.وأضاف صنع الله خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ،أن عمل قوة الحماية الجديدة يرتكز على ثلاث مكونات أول هو الأمن الصناعي التابع للمؤسسة أما الثاني فهو قوة حماية جديدة تستعمل التقنيات الحديثة أما المكون الثالث فهو قوة عسكرية قتالية تتألف من كتائب لحماية المنشآت النفطية.
وأوضح صنع الله أنه لا خلاف حول مكان تواجد القوة مبينا أن رئيسها تختاره المؤسسة الوطنية للنفط.وأكد أنه قبل العام 2011 ،لم يكن هناك خروقات أمنية تحدث في المؤسسات النفطية لكن بعد ذلك أصبحت هناك الكثير من الخروقات مشيرا إلى أن المؤسسة حاليا تهدف لتحسين الأداء والعمل بمرونة بما لا يؤثر على سلامة الأفراد فأمان العاملين أهم من زيادة الإنتاج.
ويتبع جهاز حرس المنشآت النفطية وزارة الدفاع، ومهمته حماية وتأمين الأماكن والمرافق التابعة لقطاع النفط من حقول وآبار ومحطات، بما فيها محطات الضخ والاتصالات وكذلك الموانئ والمستودعات والمخازن.وقال العميد خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي فى تصريحات لشبكة سكاى نيوز مساء اليوم الإثنين، "نعمل على إعادة هيكلة حرس المنشآت النفطية الليبية".


ويتبع جهاز حرس المنشآت النفطية وزارة الدفاع، ومهمته حماية وتأمين الأماكن والمرافق التابعة لقطاع النفط من حقول وآبار ومحطات، بما فيها محطات الضخ والاتصالات وكذلك الموانئ والمستودعات والمخازن.وقال العميد خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي فى تصريحات لشبكة سكاى نيوز مساء اليوم الإثنين، إن توحيد حرس المنشآت النفطية بدأ تنفيذه فعليًا على الأرض بموجب الاتفاقيات بين الأطراف الليبية.
وتمثل هذه الخطوة أهمية كبيرة حيث يأمل الليبيون أن يمكن توحيد جهاز حرس المنشآت النفطية من ضمان زيادة واستمرار وانتظام تدفق وتصدير النفط في ليبيا، التي وصل فيها حجم الإنتاج أمس الأحد إلى مليون و200 ألف برميل، بعد أسابيع من توقيع اتفاق بين طرفي النزاع سمح بإعادة الإنتاج والتصدير وإنهاء كل الإغلاقات بجميع الحقول والموانئ النفطية.
وتأتي هذه الخطوة الجديدة بعد ايام من الاعلان عن فتح الطريق الساحلي كمرحلة أولى خلال اجتماعات اللجنة العسكرية التي شهدتها مدينة سرت سرت.كما اتفق المشاركون في الاجتماعات على أن تتضمن المرحلة الثانية إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من خطوط القتال مع التأكيد على أنه سيكون هناك اجتماع جديد للجنة 5+5 في أسرع وقت.
وفي مقابل التطورات الايجابية التي شهدتها اجتماعات العسكريين، يبدو الوضع أكثر تعقيدا مع السياسيين،حيث اختتم الطرفان الليبيان أسبوعاً من المحادثات، التي أجريت بوساطة الأمم المتحدة في تونس، دون الاتفاق على حكومة انتقالية تقود البلاد إلى انتخابات في ديسمبر من العام المقبل.وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إنهاء جولة الحوارات المنعقدة في تونس بين أطراف الأزمة الليبية بسبب الخلافات حول نقاط حاسمة في الحل السياسي مع تأجيله إلى وقت لاحق.
واتفق المشاركون على إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021، لكنهم فشلوا في تسمية إدارة انتقالية لقيادة الدولة التي مزقتها الحرب.وقالت ويليامز للصحافيين في تونس إن اللقاء لم يناقش الأسماء خلال محادثاته التي استمرت أسبوعاً.وأضافت أن الأطراف الليبية ستجتمع مرة أخرى عبر الإنترنت وفي غضون أسبوع للاتفاق على آلية لتسمية حكومة مقبلة.


وشابت جلسات الحوار الليبي في تونس شبهات فساد وتجاوزات عبر محاولات شراء أصوات بإغراءات مالية ضخمة.هذه التجاوزات أكدتها المبعوثة الأممية ويليامز في المؤتمر الصحافي حين قات إن "تحقيقاً سيفتح للتأكد من معلومات وردت إليها، عن دفع رشاوى وشراء أصوات على هامش الجلسة، وتعهدت بعقوبات دولية ضد من يثبت تورطه في هذا الأمر".
وتزيد هذه الشبهات في مأزق الحوار الذي قوبل منذ الاعلان عنه بتشكيك كبير حيث أعلنت عدة مكونات اجتماعية وقبلية وسياسية تخوفها من فشل الحوار السياسي الليبي بسبب عدم وجود تمثيل حقيقي لعدد من المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة،وتهميش البعثة الأممية للتمثيل القبلي ودعوة عدد صغير من ممثلي القبائل مقارنة بمشاركة تيار الإسلام السياسي.
لا شك أن التطورات التي تشهدها الساحة الليبية تشي بكثير من التفاؤل حول امكانية اختراق جدار الأزمة المستعصية منذ سنوات خاصة في ظل ما يبدو أنه اصرار محلي ودولي على الذهاب نحو توافق شامل يمكنه ارساء سلطة موحدة في البلاد،لكن هذا التفاؤل يصطدم بواقع الخلافات التي تغذيها الأجندات المختلفة البعيدة كل البعد عن مصلحة ليبيا والليبيين ليظل السؤال قائما هل تنجح ليبيا في الخروج من أزمتها؟