تباينت مواقف الأحزاب والكتل السياسية التونسية المشكلة للبرلمان، تجاه الحكومة الجديدة التي أعلن أسماء الوزراء بها، الخميس، رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي ومن المقرر أن يخصص البرلمان جلسة خلال أيام لمنحها الثقة.

فمن أحزاب، أكدت أنها لن تصوت لصالح الحكومة الجديدة، إلى أخرى تحفظت على بعض الأسماء الواردة فيها، مرورا بأحزاب رأت أن العديد من وزراء الحكومة الجديدة عليهم علامات استفهام ولذلك لم تحسم موقفها بعد، لن يبقى من مؤيد لهذه الحكومة إلا حزب حركة النهضة صاحب الأغلبية النسبية في البرلمان، وحزب "قلب تونس" الذي لم يعلن موقفه النهائي منها حتى الآن.

وقال القيادي بحزب قلب تونس، عياض اللومي، خلال مؤتمر صحفي، إن المجلس الوطني للحزب (38 نائبا بالبرلمان) سينعقد الأحد المقبل، وسيحدد موقف الحزب بشأن التصويت لصالح تشكيلة الحكومة المقترحة.

وأشار إلى أن الحزب لا ينظر إلى الحكومة المقترحة فقط من زاوية الأسماء المعلن عنها، وإنما أيضا من زاوية مكوّنات برنامجها، مبينا أن مسألة محاربة الفقر تعد من النقاط التي يوليها "قلب تونس" أهمية كبرى.

وعلّق اللومي في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، على تركيبة حكومة الجملي (28 وزيرا و14 كاتب دولة) قائلا: "هناك كفاءات حقيقية ضمن هذه التركيبة، ونحن لا نرى وجودا للون سياسي واضح داخلها في اتجاه معين".

أما حسونة الناصفي رئيس كتلة الإصلاح الوطني، (تضم 15 نائبا) أكد أن الكتلة ستجتمع، لتقرير موقف موحّد واتخاذ قرار بشأن منح الثقة للحكومة المقترحة، معتبرا أن الجملي قطع على نفسه تعهدات بأن تكون حكومته غير خاضعة للإملاءات الحزبية ومكوّنة من كفاءات مستقلة وتتمتع بالنزاهة.

وأشار إلى أن الممارسة ستثبت مدى التزامه بهذه التعهدات، كما أشار إلى أن الحكومة المقترحة تضمّنت أسماء جيّدة وأخرى تطرح تساؤلات، فيما يتعلق باستقلاليتها وكفاءتها وانتماءاتها ومدى حياديتها عن كل لون سياسي.

وقال الناصفي "إن تغيير بعض الأسماء التي جوبهت بتحفّظات ليس له أي معنى بعد حوالي 45 يوما قضاها رئيس الحكومة المكلف في المشاورات"، غير أنه لم يستبعد أن يتم تغيير بعض الأسماء، مشيرا إلى أن الجملي لم يقدم تركيبة مرضية بالشكل الكامل، "ممّا يجعل موقف كتلة الإصلاح الوطني غير إيجابي تجاهها".

كما اعتبر عبد اللطيف العلوي، النائب كتلة ائتلاف الكرامة، (تضم 21 نائبا) أنه من الواضح أن الحكومة المقترحة، "حكومة تلفيق"، مشيرا إلى أن الشروط التي ألزم بها الجملي نفسه (الكفاءة والاستقلالية عن الأحزاب)، "أصبحت ضده وليس لصالحه، إذ كان عليه أن يختار توليفة حكومية أخرى مكوّنة من كفاءات حزبية ومن شخصيات مستقلة".

ولفت إلى وجود أسماء في الحكومة المقترحة تحظى بالثقة والكفاءة، وأخرى "عليها شبهات وتثير الكثير من الجدل"، مشيرا إلى وجود "حالة انقسام شديد" تجاه هذه التشكيلة المقترحة.

وقال إن موقف ائتلاف الكرامة يتجه مبدئيا نحو عدم التصويت لهذه التشكيلة، مشيرا إلى "وجود آراء أقلية داخل الكتلة تفضّل التصويت لها، ومبرّراتهم في ذلك عدم مزيد إضاعة الوقت، نظرا إلى أن التوجه نحو خيار ما يعرف ب"حكومة الرئيس"، ستكون مغامرة وستكون حكومة غامضة المعالم" بحسب ما أكده في تصريح لوكالة الأنباء التونسية.

أما عضو حركة النهضة، النائب بلقاسم حسن، فأكّد أن من مسؤولية النهضة الفائزة بأكثر عدد من المقاعد في البرلمان (فازت في الانتخابات ب52 مقعدا ثم انضم لها نائبان وأصبحت تضم 54 نائبا)، التصويت لفائدة الحكومة المقترحة، نظرا إلى أن الحركة هي التي اقترحت رئيس الحكومة المكلّف.

وفي المقابل، قال عصام البرقوقي الناطق الرسمي لكتلة المستقبل، (تضم 9 نواب)، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، "إن التركيبة الحكومية المقترحة لا تترجم الإرادة الشعبية وتكرّس بشكل واضح حسابات الولاء الحزبي"، مضيفا أن كتلته البرلمانية "لن تصوّت لفائدة الحكومة المقترحة، إلا بعد إدخال بعض التعديلات على تشكيلتها، مع ضرورة تشريك كافة الأحزاب السياسية".

أما عضو البرلمان، عن حركة الشعب زهير المغزاوي، فأعلن أن الكتلة الديمقراطية (تضم 41 نائبا من حركة الشعب والتيار الديمقراطي وعدد من المستقلين)، قررت عدم منح الثقة للحكومة المقترحة التي أُعلن عن تركيبتها.

وأضاف المغزواي أن "ما سميّت بحكومة الكفاءات، هي في الحقيقة حكومة حركة النهضة وحزب قلب تونس"، معتبرا في هذا الصدد أن "النهضة ترغب في تشكيل حكومة على أساس المحاصصة الحزبية تغيب عنها الرؤية والبرامج".

وفي توافق مع هذا الموقف، قال النائب عن حركة تحيا تونس، مبروك كرشيد، إن الحركة (ممثلة ب14 نائبا) لن تصوت على حكومة الحبيب الجملي المقترحة، معتبرا أن هذه التشكيلة الحكومية هي "حكومة النهضة"، ويجب على رئيس الحكومة المكلّف مصارحة الشعب التونسي بالحقيقة.

أما الحزب الدستوري الحر الممثل (17 مقعدا في البرلمان)، فقد أكد في عديد المناسبات عدم اعتزامه التصويت لصالح الحكومة المرتقبة، من حيث المبدأ ومهما كانت الأسماء التي ستتضمنها، نظرا إلى أنها حكومة حركة النهضة"، حسب قول رئيسة الحزب عبير موسي.

واعتبر الحزب الجمهوري في بيان الجمعة أن تشكيلة الحكومة المقترحة التي أعلن عنها الحبيب الجملي تفتقد لمواصفات القيادة السياسية والرؤية الواضحة والخبرة في إدارة الشأن العام الذي تقتضيه المرحلة والصعوبات التي تواجهها البلاد.

وبين الحزب الجمهوري حسب نص البيان أن التشكيلة الحكومية التي ضمت "وزراء سابقين في حكومة الترويكا وآخرين من حزب قلب تونس معززين ببعض المناشدين ومن بعض القضاة الذين استعملهم نظام بن علي في التضييق على الحريات وضرب المنظمات الحقوقية، سيزيد في تعميق أزمة الثقة في مؤسسات الدولة وقدرتها على إصلاح أوضاع البلاد وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين ومجابهة التحديات في ظل وضع وطني واقليمي صعب".

ومن جانبه أعلن القيادي في التيار الديمقراطي هشام العجبوني، أن حزبه لن يُصوِت للحكومة المقترحة من طريق رئيس الحكومة المُكلف الحبيب الجملي، منتقدا في حوار إذاعي، المنهجية التي اعتمدها الجملي في تشكيل حكومته، معتبرا أن مؤشرات الفشل موجودة، وقال إن الحبيب الجملي فقد مصداقيته.

وقال رئيس كتلة الإصلاح الوطني بالبرلمان حسونة الناصفي، إن موقفهم من تركيبة حكومة الحبيب الجملي المُعلن عنها يوم أمس غير إيجابي، موضحا في تصريح إذاعي الجمعة أن قرار التصويت لحكومة الجملي من عدمه ستتخذه الكتلة في اجتماع لها.

وتابع أن تركيبة الحكومة ضمت أسماءً محترمة وكذلك ضمت أسماءً تطرح أكثر من تساؤل وعدة نقاط استفهام فيما يتعلق بالكفاءة والاستقلالية والنزاهة والحياد والانتماء.

يذكر أن رئيس الحكومة المكلف، كان أعلن أمس الخميس عن أعضاء حكومته التي تضم 28 وزيرا و14 كاتب دولة.

ويجب وفق الفصل 89 من الدستور التونسي أن تحصل التشكيلة الحكومية المقترحة على موافقة الأغلبية المطلقة لنواب البرلمان، أي ما لايقل عن 109 أصوات.

وكلف الرئيس التونسي قيس سعيد في 15 نوفمبر الماضي، الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة، إلا أنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة خلال المهلة الدستورية الأولى (شهر من تاريخ التكليف) بسبب عدم التوافق مع الأحزاب، وهو ما دفعه إلى اللجوء إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية من خارج الأحزاب.

ومن المقرر أن يعقد مكتب مجلس النواب، اجتماعا السبت لتحديد موعد لعقد الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة للحكومة المقترحة في غضون أسبوع وفقا للدستور التونسي.