في ظل سيطرته على مناطق واسعةٍ في البلاد،يواصل الجيش الوطنى الليبى عملياته العسكرية لتحرير المدن الليبية من المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية التى حاولت السيطرة على مفاصل الدولة،مستغلة في ذلك تردي الأوضاع الأمنية وتواصل الصراعات بين الفرقاء وسط غياب تام للدولة واجهزتها.

وأطلقت القوات المسلحة الليبية منذ الرابع من أبريل الجاري عملية عسكرية بهدف تحرير العاصمة الليبية طرابلس من سيطرة المليشيات المسلحة والعناصر الارهابية،لكن حكومة الوفاق سارعت الى حشد قواتها في محاولة لصد هجوم الجيش الليبي.ومنذ أكثر من أسبوعين تدور رحى المعارك ين الطرفين وسط مخاوف دولية من اتساع رقعة القتال.

ويصر الجيش الليبي على اجتثاث المليشيات المسلحة وانهاء نفوذها الذي مثل حجر عثرة أمام انهاء الفوضى في البلا.وأكد المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، الجمعة، أن قواته تسعى إلى إنهاء العملية العسكرية لتحرير العاصمة الليبية طرابلس من قبضة ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون وغير نظامية في أقرب وقت.

وقال حفتر في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، على أنه حريص على إنهاء العمل العسكري لتحرير العاصمة الليبية في أقرب الآجال، لافتا إلى أنه بصدد محاربة جماعات مسلحة تسيطر على مناطق بطرابلس دون وجه حق.كما إن قواته حريصة على حقن الدماء والحفاظ على أرواح المدنيين. وفق ما جاء في بيان للخارجية التونسية.

وبدوره شدد وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، على "أهمية العمل على إيجاد أرضية توافق بين مختلف أطراف الاقتتال الدائر حاليًا في طرابلس وعدد من المناطق الليبية الأخرى، تفضي إلى وضع الآليات الكفيلة بحل الخلافات بين الليبيين بعيدًا عن لغة السلاح"، مشيرًا إلى أن "ما يجمع الفرقاء في هذا البلد الشقيق أكثر مما يفرقهم"، وفق البيان نفسه.

وتأتي تصريحات المشير حول الحسم العسكري بعد أن أحكمت قوات الجيش الليبي قبضتها خلال الأيام   الماضية على مداخل العاصمة الليبية بانتظار اللحظة الحاسمة التي يصدر فيها القرار بدخول المدينة، وتمركزت القوات في الضواحي الجنوبية لطرابلس على بعد نحو 11 كيلومترا عن وسط المدينة.

وأفاد مصدر عسكري ليبي في الجيش الوطني، اليوم الجمعة ، وصول تعزيزات عسكرية لمدينة غريان بالجبل الغربي والعزيزية جنوب العاصمة طرابلس.ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن المصدر الذي فضل عدم الكشف عن أسمه قوله إن "القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية وغرفة عمليات الرئيسية ترسل تعزيزات عسكرية جديدة تتكون من آليات وأفراد لمدينة غريان بالجبل الغربي ومحور العزيزية جنوب العاصمة طرابلس".وأضاف أن "قوات الجيش الوطني الليبي لا تزال متمركزة في مواقع بمحاول القتال وتتقدم بخطئي ثابتة في أتجاه وسط العاصمة طرابلس".

وشن مسلحون هجوما على مدينة غريان التي تبعد 60 كيلومترا عن طرابلس الليلة الماضية وفي الساعات الاولى من صباح اليوم الجمعة.وقال النقيب محمدابوخزام في تصريح لوكالة الانباء الالمانية "د.ب.أ"، أن هذه المجموعة، التي تطلق على نفسها حماية غريان، كان هدفها ارباك الخطوط الخلفية لقوات الجيش التي تقاتل على مشارف العاصمة طرابلس.

وفي غضون ذلك،تواصل حكومة الوفاق تحركاتها في محاولة لحشد الدعم الدولي ضد تقدم الجيش الليبي نحو طرابلس.آخر هذه التحركات جاء عبر البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة في نيويورك،التي وجهت خطاباً لمجلس الأمن، طلبت فيه تكليف بعثة أممية لتقصي الحقائق والتحقيق في الخروقات التي قامت بها القوات المهاجمة للعاصمة طرابلس.

وأوضحت إدارة الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية، أن الخطوة تأتي بناء على تعليمات وزارة خارجية الوفاق، للتحقيق في الأحداث التي شملت قتل المدنيين الأبرياء وتهجيرهم وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة واستخدام الأطفال القصّر في القتال، واستهداف الأحياء المكتظة بالسكان بالأسلحة الثقيلة وصواريخ جراد، أحياء أبوسليم والانتصار، وقصف المطار المدني ومعسكر تجميع المهاجرين غير الشرعيين، وقصف المدارس ومخازن الكتب المدرسية، وسيارات الإسعاف، مطالبة بتوثيق خطابها كمستند رسمي بمجلس الامن الدولي.

ويأتي تحرك حكومة الوفاق الأخير في أعقاب فشل مجلس الأمن في التوصل لموقف موحد حيال ليبيا،وذلك بعد إجتماع عقده المجلس،الخميس،والذي شهد اعتراض كل من روسيا والولايات المتحدة على مشروع قرار في مجلس الأمن قدمته بريطانيا ويقضي بوقف إطلاق النار في ليبيا،في مؤشر قوي على دعم قوى دولية وازنة من خلال إعطاء مزيد من الوقت لحملة الجيش الليبي لتحرير طرابلس.

مؤشر زاد في تأكيده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب،الذي "أقر بدور المشير خليفة حفتر الجوهري في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية.وجاء ذلك،بحسب بيان البيت الأبيض،الجمعة،خلال اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأمريكي، مع القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر،الاثنين الماضي، وتناولا خلاله "الجهود الجارية لمكافحة الإرهاب، والحاجة لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا".

ويشير الكثير من المتابعين للشأن الليبي الى أن التوافق بين روسيا والولايات المتحدة في رفض ادانة العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الليبي لتطهير العاصمة،يكشف قناعة دولية بضعف حكومة الوفاق التي تتهم بالتعويل على المليشيات المسلحة والعناصر المطلوبة،وهو مازاد في تأكيده الهجوم الأخير على قاعدة تمنهنت في الجنوب الليبي،الذي تبنته حكومة الوفاق والذي أشارت تقارير الى أنه تم عبر مليشيات المطلوب ابراهيم الجضران بالتحالف مع العصابات التشادية والعناصر المتطرفة.

وتتخوف عدة دول من انضمام عناصر ارهابية ومطلوبين للحرب ضد الجيش الليبي خاصة مع تتالي ظهور عدة أسماء مطلوبة في ساحة المعارك.وأعرب مسؤول في الخارجية الفرنسية لـ"العربية" عن قلقهم من مساهمة مجموعات إرهابية في معركة طرابلس.وأقر المسؤول الفرنسي بمساهمة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي الحاسمة بقتال بتنظيم داعش.

وكان مسؤول في الخارجية الفرنسية،أقر في وقت سابق،في تصريح لـ"العربية"،بمساهمة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي الحاسمة بقتال بتنظيم داعش.وأعرب المسؤول الفرنسي عن قلقهم من مساهمة مجموعات إرهابية في معركة طرابلس،وذلك على خلفية ظهور العديد من القيادات الارهابية المطلوبة دوليا معلنة انضمامها للقتال في ضد الجيش الوطني الليبي.

ويرى مراقبون أن حكومة الوفاق فشلت في تأليب المجتمع الدولي ضد الجيش الليبي من خلال اتهامه باستهداف المدنيين،فيما يتواصل تضييق الخناق على المليشيات في ظل مؤشرات على تأييد شعبي من داخل العاصمة الليبية لدخول الجيش الوطني الليبي وبسط سيطرته على المدينة.

وبدأت مؤشرات هذا التأييد مع إعلان مجموعة أطلقت على نفسها اسم "حراك طرابلس"، ولاءها للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وأنها تستعد لبدء عملياتها بتنسيق كامل مع القيادة العسكرية التي تخطط لتحرير العاصمة الليبية. وقبل أسابيع من بداية الهجوم على طرابلس، خرج متظاهرون في العاصمة الليبية لاعلان دعمهم لتحرك الجيش باتجاه مدن الجنوب لاستعادتها وطرد المجموعات الإرهابية والميليشيات القبلية أو الأجنبية المتحالفة معها.لكن هذه المظاهرات قوبلت بالقمع على يد مجموعات مسلحة في مشهد كشف حجم المعاناة التي يعيشها سكان العاصمة في ظل حكم المليشيات.