في ظل سيطرته على مناطق واسعةٍ في البلاد،يواصل الجيش الوطنى الليبى عملياته العسكرية لتحرير المدن الليبية من المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية التى حاولت السيطرة على مفاصل الدولة،مستغلة في ذلك تردي الأوضاع الأمنية وتواصل الصراعات بين الفرقاء وسط غياب تام للدولة واجهزتها.

ومنذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي،أطلق الجيش الليبي عملية عسكرية في العاصمة الليبية طرابلس قصد انهاء نفوذ المليشيات المسلحة التي تسيطر عليها منذ سنوات.واندلعت المواجهات المسلحة على تخوم العاصمة بعد أن استنفرت حكومة الوفاق قواتها لمواجهة الجيش الليبي ودفعه للتراجع.

وتصاعدت وتيرة العمليات العسكرية مؤخرا مع تكثيف الجيش الوطني الليبي لتحركاته بهدف حسم المعركة.وشن القوات المسلحة عمليات عسكرية واسعة جنوبي العاصمة الليبية طرابلس، حيث شهد محور طريق المطار الاستراتيجي ومنطقة الخلة جنوبي طرابلس المواجهات الأعنف منذ انطلاق عملية تحرير المدينة.

ويأتي ذلك بالتزامن مع اعلان الجيش الليبي، صباح اليوم الخميس، إسقاط طائرة حربية تابعة لقوات حكومة الوفاق الليبية، قرب مدينة مصراتة (200 كلم شرق العاصمة طرابلس).وجاء ذلك في بيان مقتضب نشرته "شعبة الإعلام الحربي" التابعة للجيش الليبي عبر صفحتها على "فيسبوك" وأشارت إلى "مقتل قائد الطائرة الحربية بمنطقة الدافنية قرب مصراتة".

وذكر المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، على فيسبوك إن "طائرة عسكريه مقاتله لميليشيات مصراته اقلعت من مطار الكلية الجوية و قامت بالاغارة على احد المواقع العسكريه التي تتواجد بها قواتنا ولم تتمكن من احداث اي ضرر نتيجة تصدي مضاداتنا الارضية لها قامت احد مقاتلاتنا الجويه بملاحقتها واسقاطها في منطقة الدافنية ومقتل طاقمها".

وكثف الجيش الليبي خلال اليومين الماضيين من طلعاته الجوية قصد ضرب تحصينات المليشيات المسلحة،حيث قصفت طائرات سلاح الجو التابعة للجيش الوطني الليبي،الثلاثاء، كلية الهندسة العسكرية الكائنة في تاجوراء "20 كم" شرق العاصمة طرابلس.واستهدف القصف مجموعة من الميليشيات التي تتخذ من المبنى مقرًا لها، ومستودعًا للذخائر، وشوهدت النيران تتصاعد منه.

ونشرت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة بالقوات المسلحة الليبية مقطعا مصورا لاستهداف قوات الجيش الليبي لعدة أهداف تابعة للمليشيات بعدة محاور في محيط طرابلس.وأوضحت الشعبة في إصدارها المرئي دقة التصويب وإصابة الأهداف التي توجه لها الضربات الجوية وكذلك بالصواريخ الموجهة مشيرة إلى أن دقة التصويب تجعل من احتمالية الخطأ في هامش قليل جدا، مشيرة إلى المقطع يظهر عجز المليشيات عن الصمود وهروبها غير المنظم.

وتزامن القصف مع اندلاع اشتباكات عنيفة في محور المطار بالعاصمة طرابلس بين الجيش الوطني الليبي والميليشيات المسلحة.وقال مصدر عسكري إن الجيش الوطني أفشل هجومًا كبيرًا  للميليشيات على مطار طرابلس.وأكد المصدر في تصريح لموع "ارم نيوز"، أن قوات الجيش تمكنت من دحر الميليشيات وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، مما أجبرهم على التراجع إلى ما بعد جسر المطار.

ومساء الأربعاء،شنَّ طيران الجيش الليبي،غارات على عدة مواقع للميليشيات المتحالفة مع قوات حكومة الوفاق في طرابلس.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري،عن مصدر عسكري في طرابلس، قوله إن "السلاح الجوي الليبي شنَّ 4 غارات استهدفت إحداها مخزنًا للذخائر في النادي الدبلوماسي الذي يقع في منطقة عين زارة القريب من وسط العاصمة".وأضاف المصدر أن الغارات الثلاث الأخرى استهدفت تجمعات للميليشيات أسفرت عن تدمير بضع آليات.

وبدأ الخناق يضيق على الميليشيات المسلحة في طرابلس والمدعومة من حكومة الوفاق الوطني على خلفية تصعيد الجيش الليبي من عملياته العسكرية على محيط العاصمة الليبية لتحريرها وبسط الأمن فيها بعد سنوات من الفوضى كلفت البلاد خسائر بشرية ومادية كبيرة جراء الصراعات المتواصلة بين أمراء الحرب.

وقالت صحيفة "العرب" اللندنية،أن حكومة الوفاق الوطني باتت في عزلة إقليمية ودولية بعد ثبوت تورط كل من تركيا وقطر في دعم الميليشيات بالسلاح والمرتزقة والإرهابيين في مواجهتهم للعملية تحرير طرابلس التي أطلقها خليفة حفتر في إطار جهود القضاء على الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون والجماعات الإرهابية التي تهدد استقرار البلاد.

وبات الدور التركي القطري اختراق مفضوحا لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للوضع في ليبيا، مما يعزز الشكوك بتورط الحلف الثنائي الداعم لجماعة الإخوان المسلمين في مخطط يهدد استقرار ليبيا.

وأضافت الصحيفة أنه وفيما يبدو دعم غير مباشر لمعركة تحرير طرابلس، أدانت تونس والجزائر ومصر استمرار تدفق الأسلحة و"المقاتلين الارهابيين الأجانب" إلى ليبيا، بعد تأكد تورط قطر وتركيا في مساعي التأثير على مجريات الأحداث في البلاد لترجيح كفة ميليشيات خارجة عن القانون.

واجتمع وزراء خارجية كل من تونس والجوائر ومصر في تونس للبحث في تطورات الوضع في ليبيا. وأدانوا في إعلان مشترك "استمرار تدفق السلاح إلى ليبيا من أطراف إقليمية وغيرها في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن.. مما يشكل عامل تأجيج للصراع وتعميق معاناة الشعب الليبي".وفقا للصحيفة.

وصوت أعضاء مجلس الأمن الدولي بالاجتماع،الاثنين، على قرار تمديد حظر توريد السلاح إلى ليبيا والمفروض منذ العام 2011، عام إضافياً.ومنح القرار أيضاً، الأذن لدول الاتحاد الأوروبي بتفتيش السفن قبالة سواحل ليبيا، عندما يكون لديها "أسباب معقولة" للاعتقاد بأنها تنتهك الحظر.كذلك شمل القرار الصادر والذي صاغته بريطانيا ، تجديد السماح بتفتيش السفن المتجهة من وإلي ليبيا لعام إضافي.

يذكر أنه في مارس/آذار 2011، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1970، وطلب فيه من جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة "منع بيع أو توريد الأسلحة وما يتصل بها من أعتدة إلى ليبيا، ويشمل ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار". كما حظر القرار أيضًا أن "تشترى الدول الأعضاء، أي أسلحة وما يتصل بها من أعتدة من ليبيا.

ومازالت ليبيا تدفع ثمن التدخلات الخارجية التي تدفع نحو تأجيج الصراعات،حيث  تواصل عدة دول وعلى رأسها تركيا تدخلاتها السلبية المتمثلة أساسا في إرسال الأسلحة مستغلة غياب سلطة الدولة وتواصل الصمت الدولي حيال تجاوزاتها التي تغذي الفوضى والعنف في هذا البلد الممزق بالإنقسامات.