في ظل سيطرته على مناطق واسعةٍ في البلاد،يواصل الجيش الوطنى الليبى بقيادة خليفة حفتر عملياته العسكرية لتحرير المدن الليبية من المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية التى حاولت السيطرة على مفاصل الدولة،مستغلة في ذلك تردي الأوضاع الأمنية وتواصل الصراعات بين الفرقاء وسط غياب تام للدولة واجهزتها.

ومنذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي،أطلق الجيش الوطني الليبي عملية "طوفان الكرامة" العسكرية بهدف انهاء نفوذ المليشيات المسلحة التي ترسخ وجودها منذ سنوات في العاصمة الليبية طرابلس حيث مثلت خلال السنوات الماضية مصدرا للانقسامات وبوابة لتدخل بعض الدول الساعية لتمرير أجنداتها المشبوهة في المنطقة.

وكثف الجيش الوطني الليبي مؤخرا من تحركاته حيث بدأ ليل السبت سلسلة من العمليات العسكرية للسيطرة على مناطق جديدة في جميع محاور القتال في العديد من المدن.وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة في بيان إن وحدات الجيش الوطني بدأت عمليات عسكرية للسيطرة على مناطق جديده في بعض المدن، دون إيراد تفاصيل إضافية.

وذكر المركز أن هذه العمليات تتسم بالسرية الكاملة، خاصة في ظل عدم وجود مصادر معلومات للمليشيات وحكومة الصخيرات.وأهاب بالجميع عدم نشر تحركات القوات المسلحة أو المعلومات غير الصحيحة عن التقدمات حتى تقوم الجهات الرسمية بالجيش الوطني بنشرها.

من جهة آخرى، قال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة إن مجموعة عمليات شباب العاصمة الداعمين للجيش وجهت تحذيرًا لكافة البوابات والتمركزات التابعة للمليشيات بطرابلس الثابتة منها والمتحركة، بأنها ومنذ الليلة المقبلة، سيتم استهدافها، داعية عناصر الميليشيات إلى ترك المناوبات الليلية وإلا سيكونون هدفًا مشروعًا.

وتصاعدت وتيرة العمليات العسكرية في غرب البلاد،حيث أعلن الجيش الليبي،السبت، عن تنفيذ سلاح الجو عدة غارات استهدفت عددًا من المواقع والتمركزات التابعة لميليشيات أسامة الجويلي بتخوم العاصمة طرابلس.وذكرت صفحة المكتب الإعلامي لعمليات الكرامة على "فيسبوك": ميليشيات الجويلي حاولت دعم ميليشيات الزاوية في غريان والتي تكبدت خسائر كبيرة أمس.

وأضاف أن غارات الجيش استهدفت مواقع في عين زارة، وقصفت تمركزات تابعة لميليشيات جهوية من مصراتة وزليتن والخمس ومجموعات تابعة لميليشيات مجلس شورى بنغازي.وأوضح المركز الإعلامي أن الطيران استهدف كذلك محيط مدينة غريان بعدد من الضربات المباشرة لتمركز الميليشيات.

وأشار إلى أن المواجهات الميدانية البرية حدثت في أكثر من محور بعد التمهيد الجوي، حيث تحركت القوات البرية للتمركز في بعض النقاط بتخوم العاصمة.واختتم بأنّ سلاح الجو الليبي استهدف "مجموعات مسلحة من ميليشيات المعارضة التشادية في محيط مرزق، والمدعومة من حكومة الوفاق تحت مسمى قوة حماية الجنوب".

وكثف الجيش الليبي من استهداف مدينة مصراتة التي تعتبر المركز الرئيسي للمليشيات،كما أنها تمثل قاعدة خلفية لتركيا التي تقود الحرب في العاصمة طرابلس ضد الجيش الليبي من خلال طائراتها المسيرة.وذكرت قناة "العربية" أن طائرات الجيش الوطني الليبي قصفت مواقع في مصراتة، غرب ليبيا، بينها مبنى الكلية الجوية.

ونقلت القناة عن آمر غرفة عمليات سلاح الجو بالجيش الوطني، اللواء محمد منفور، القول "نفذنا 13 غارة جوية على مواقع المليشيات في قاعدة مصراتة الجوية، وكانت الإصابات دقيقة وناجحة".وأوضح منفور أن المواقع المستهدفة هي مخزن للطائرات التركية بدون طيار، وغرفة تحكم ومرسلات لتشغيل هذه الطائرات، بالإضافة إلى مخازن للصواريخ التي تستخدمها هذه الطائرات المسيرة.

ويسعى الجيش الليبي الى الحد من خطر الطائرات التركية المسيرة وذلك عبر استهدافها في قواعدها،وكان الناطق الرسمي باسم القائد العام للجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، قد أعلن الخميس الماضي، أن سلاح الجو الليبي استهدف طائرات تركية مسيرة داخل مطار مدينة زوارة غربي البلاد.

ويتهم الجيش الليبي، دولة تركيا، بقيادة المعارك في المنطقة الغربية لصالح الميليشيات المسلّحة المدعومة من حكومة الوفاق، عن طريق دعمها بالأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك الطائرات المسيّرة، وأكد الجيش الليبي أن تركيا وفّرت غطاءً جوياً لميليشيا الوفاق خلال اقتحام مدينة غريان، وكان نقطة تحوّل أمالت الكفّة لصالح هذه المليشيات.

وخيّر الجيش الوطني الليبي مدينة مصراتة، بين الحياد والتوقّف عن التصدّي لدخوله للعاصمة أو توسيع العمليات العسكرية ضدها سواء عن طريق الضربات الجوية أو اقتحامها بريّا بعد تحرير طرابلس.وقال بيان للجيش "تُعلن القيادة العامة للجيش الوطني الليبي عدم رغبتها في استهداف مدينة مصراتة ومرافقها، إلا أنّ مساهمتها في المجهود الحربي ضد عمليات تحرير طرابلس من سيطرة الميليشيات المسلّحة، يضطرنا لاعتبارها هدفا مشروعا للسلاح الجوي الليبي".

وتابع "إن استمرار استضافة مدينة مصراتة للدعم العسكري التركي يجعل منها هدفا عسكريا مشروعا لقواتنا المسلحة، غير أنّ حيادها وعدم تدخّلها ودعمها لميليشيات حكومة الوفاق، سوف يغيّر من نظرتنا لها ويجعلنا نتوقف عن مهاجمتها واستهدافها بسلاح الجو، إضافة إلى عدم التخطيط لمهاجمتها في المستقبل، بعد عمليات تحرير طرابلس من الميليشيات الإرهابية".

وتسهّل عملية تحييد مصراتة أو حتى بعض التيارات داخلها عن معركة طرابلس، دخول الجيش الليبي إلى العاصمة.وتتواتر الأنباء حول اتصالات تقوم بها قيادات من المدينة مع الجيش الليبي من أجل الانسحاب من معركة طرابلس.وكشف مصدر دبلوماسي رفيع من طرابلس في تصريحات لموقع "اندبندنت عربية"، عن "عقد لقاءات عدة ضمت قادة فصائل مسلحة من مصراتة وشخصيات سياسية مقربة من قيادة الجيش لبحث إمكان وقف الحرب في جنوب طرابلس".

وأضاف المصدر أن هناك رغبة من قادة تلك الفصائل يرغبون "في الحصول على ضمانات بعدم اقتحام الجيش مدينتهم، لقاء انسحابهم من جبهات القتال في جنوب العاصمة" لكن أشارت إلى أن الجيش طلب منهم تسليم أسلحتهم وخضوعهم "لسلطة الشرطة والأمن في المدينة التي سيجري تكليفها بتأمين المدينة من جانب حكومة مرتقبة".

وتواترت الأنباء يوليو الماضي بشأن مفاوضات غير مباشرة بين الجيش ومصراتة. وقالت حينئذ الصفحة الرسمية للمركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش إن محادثات غير مباشرة تمّت بين القيادة العامة للجيش ووفد من مدينة مصراتة.وقال المركز الإعلامي إن شروط مصراتة لوقف إطلاق النار والانسحاب من معركة طرابلس هي: التعهّد بعدم دخول الجيش إلى المدينة مقابل تسليم أسلحة ميليشياتها والإبقاء على قوة بقوام لواء هدفها حماية المدينة وعدم مطاردة أبنائها قانونيا.

وأضاف أن ردّ الجيش على تلك الشروط جاء بالرفض، حيث شدد على ضرورة تسليم مصراتة كامل الأسلحة المتوسطة والثقيلة وكل الذين ارتكبوا جرائم والمطلوبين من المدعي العام والنيابة على أن تؤمّن المدينة من قبل عناصر الشرطة والأمن العام من عدة مديريات بمن فيهم أفراد الأمن التابعين للمدينة.

وفي الجنوب الليبي،شهدت مدينة مرزق هجوما من مجموعات مسلحة من المعارضة التشادية والتي ارتكبت جرائم كبيرة في حق الأهالي.وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، إن العصابات التيشادية المرتزقة، العمل قامت بتهجير أهالي مدينة "مرزق" حرق منازلهم، واصفة ما حدث بالتطهير العرقي مدعوم من تنظيم الإخوان الإرهابي المتستر بحكومة الوفاق الغير شرعية.

واتهم النائب الليبي طلال ميهوب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي،حكومة الوفاق بالضلوع في الجرائم التي ترتكبها العصابات التشادية في مدينة مرزق،حيث قال إن "المليشيات التشادية"، التي أحرقت المنازل في مدينة مرزق تتلقى تمويلات مباشرة من "حكومة السراج"، حسب قوله.

ونقلت وكالة "سبوتنيك"،الروسية الأحد،عن ميهوب قوله :"لدينا معلومات مثبتة على تلقي تلك المجموعات الإرهابية تمويلات من حكومة السراج والمصرف المركزي، حيث تأتي أموال النفط إلى المصرف المركزي، ويتم تمويل هذه المليشيات عن طريق أسامة جويلي".وتابع الميهوب: "هذا المجلس (حكومة الوفاق) أصبح مجلسا إرهابيا وليس مجلسا للوفاق، وأنه لا يمثل ليبيا، خاصة أن المجلس غير دستوري وافتقد شرعيته من كل الاتجاهات، ويرعى الإرهاب، كما أنه يمثل خطورة على ليبيا والمنطقة بشكل عام".

وشدد على أن "الجيش الليبي يتعامل بكل حرفية مع المرتزقة في جنوب الليبي، وأنه سيرد بقوة وحسم، كما انه سيحاكم السراج على الجرائم التي ارتكبها بدعمه للمليشيات الإرهابية القادمة من خارج ليبيا".وطالبت الدفاع والأمن القومي المجتمع الدولي وبعث الأمم المتحدة والجامعة العربية باتخاذ كافة الإجراءات إزاء عمليات تمويل الإرهاب في ليبيا، واتخاذ مواقف ضد الشخصيات التي تمول الجماعات الإرهابية لما تمثله من خطورة على السلم والأمن الدوليين.

وبحسب مصادر ليبية قتل نحو 90 مدنيا على الأقل منذ بداية الأحداث في المدينة، وجرح أكثر من 200 آخرين، نتيجة للاشتباكات العنيفة التي تصاعدت  خلال أغسطس/ آب الجاري.وشهد الجنوب عمليات حرق للمنازل وقتل خلال الأيام الماضية من قبل مجموعات وصفها الجيش الليبي بالإرهابية، كما طالبت اللجنة القوات المسلحة الليبية باتخاذ كافة الإجراءات لحماية الجنوب الليبي.

وتحاول حكومة الوفاق ومن ورائها المليشيات المتطرفة في العاصمة التأثير على الجنوب الليبي الحلقة الأمنية الأضعف في جغرافية ليبيا المطلة على 6 حدود دولية،مستغلة في ذلك طبيعته الجيوغرافية والديموغرافية، إضافة إلى الانتشار الواسع للمليشيات والتنظيمات المتطرفة ومهربي البشر والوقود والسلاح.حيث تسعى لتشتيت الجيش الليبي وادخاله في مواجهات بعيدا عن طرابلس لتخفيف الضغط على المليشيات خاصة بعد أن كثف الجيش الليبي ضرباته مؤخرا.