تزداد حدة المعارك على تخوم العاصمة الليبية طرابلس مع تواصل تقدم الجيش الوطني الليبي الذي بات يصر أكثر على الدخول الى المدينة وانهاء نفوذ المليشيات المسلحة التي تسيطر عليها منذ سنوات فيما تتواصل الأزمات في صفوف حكومة الوفاق التي يبدو أن قواتها تتجه نحو التفكك في ظل انشقاقات متتالية تشهدها خلال الفترة الأخيرة ما يشير الى تحلات قادمة في سير المعارك العسكرية في طرابلس.

الى ذلك،أكدت قيادة الجيش الليبي أنها تتقدم ميدانيا في معركة "طوفان الكرامة" التي تشنها ضد الميليشيات في العاصمة طرابلس، مشددة على استمرار عمليتها العسكرية إلى حين تحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها والتي تتلخص في توفير الاستقرار السياسي والأمن في البلاد بعد وضع حد لفوضى المجموعات المسلحة، وفق ما أعلنه المشير خليفة حفتر القائد العام لقوات الجيش الليبي.

وأحرز الجيش الليبي تقدما ميدانيا جديدا حيث ذكرت وكالة الأنباء الليبية،أن قوات الجيش سيطرت على معسكر النقلية بطريق المطار جنوب طرابلس، وأكدت أيضا أن الجيش يتقدم باتجاه مركز طرابلس. وأعلنت قوات الجيش الليبي أنها ألحقت بالميليشيات في طرابلس "خسائر فادحة في الأرواح والعتاد بعد معارك استمرت 6 ساعات خلال الهجوم الفاشل على مطار طرابلس الدولي".

و شدد القائد العام للجيش الليبي المشير حفتر على أن العملية العسكرية التي يشنها الجيش الليبي للسيطرة على طرابلس متواصلة داعيا الليبيين إلى "عدم الالتفات إلى ما يشاع من أننا قد نتراجع أو حتى نفكر بالتوقف في هذه المرحلة، لن تتوقف العملية العسكرية قبل إنجاز كافة أهدافها". وأكد حفتر، في حوار مع وسائل إعلام محلية نشر الخميس، عدم إيقاف العملية العسكرية للسيطرة على طرابلس، معتبرا أن المناخ السياسي الملائم سيتوفر عقب انتهاء العملية.

وتابع المشير حفتر "بعد انتهاء المهمة العسكرية سيكون المناخ للعمل والحديث السياسي أمرا أكثر جدوى من السابق وأمامه فرص نجاح أكبر، لتوافر الظروف التي ستسمح بإنجاحه بخلاف السنوات الثماني الماضية، وذلك لزوال عوامل فشل هذا المسار".مقدما رؤيته لمرحلة ما بعد معركة طرابلس، من خلال الدخول في "مرحلة انتقالية واضحة ومنضبطة من حيث المدة والصلاحيات"، إلى جانب تشكيل "حكومة وحدة وطنية" تجهز للمرحلة الدائمة، دون تقديم تفاصيل عن الأطراف التي ستشارك فيها.

وقال الأكاديمي سالم بوجنات، في تصريح لبوابة افريقيا الاخبارية، إن الخارطة التي كشف عنها القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر "هي خارطة طريق شاملة وجادة نابعة عن رؤية سياسية وعسكرية واعية ووطنية".وأفاد بأن الخارطة تطرقت إلى مجموعة من النقاط الهامة من أبرزها مسألة حل الميليشيات واحتكار السلاح للدولة بجيش منضبط قوي يبسط سيطرته على كامل التراب الليبي، وإقامة دولة مدنية ومسار ديمقراطي.

وأضاف بوجنات،"إن الخارطة تهدف حقا إلى بناء وطن ودولة دحض فيها القائد العام كل ادعاءات الرئاسي والمليشيات بشأن عسكرة الدولة ووضع فيها شروط نجاحها وشروط إقامة الدولة على رأسها احتكار السلاح للدولة فلا دولة مدنية أو غير مدنية دون جيش يحتكر السلاح للدولة، وأتوقع أن هذه الخارطة ستلقى اهتمام ودعم كبيرين من المجتمعين المحلي والدولي، وأما ما صدر عن رئيس ما يسمى المجلس الرئاسي ووصفه بأنه (خارطة) ما هو إلا محض تحايل وتناقض وافتراء "، بحسب تعبيره.

وكان السراج قد تقدم الأحد الماضي بمبادرة سياسية ترتكز على تشكيل "ملتقى وطني" يدعو لإجراء انتخابات عامة قبل نهاية العام الجاري بإشراف الأمم المتحدة.وقوبلت المبادرة بترحيب أممي ومن بعض الأطراف الدولية،لكنها لم تلق صدى في الداخل الليبي حيث رفضتها أغلب الأطراف السياسية ووصفت بأنها محاولة من السراج للخروج من المأزق الذي تعيشه حكومته في ظل الهزائم والتراجع الكبير للقوات الموالية لها في محاور القتال على أطراف العاصمة الليبية.

ويبدو أن المعارك في العاصمة الليبية قد تشهد تطورات كبيرة خلال الأيام القليلة القادمة خاصة في ظل مؤشرات متتالية على تفكك قوات حكومة الوفاق التي تشهد انشقاقات متتالية آخرها ما أعلنه الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، اليوم الجمعة،من أن عدة كتائب في غرب البلاد بدأت في الانضمام للقيادة العامة للجيش.

وقال المركز الإعلامي لعملية الكرامة في طرابلس التابع للجيش الوطني إن "كتيبة العبور أعلنت من موقع تمركزها بمدنية بني وليد، انضمامها إلى الجيش الليبي وشكلت مجموعات حماية وحراسة للطريق الرابط بين ترهونه وحتى الشويرف".وأضاف المركز في بيان له: "هناك عدة قوات من العسكريين النظاميين، بدأت في الانضمام للجيش الليبي بعد إعلان القوات المسلحة ترحيبها بمختلف الوحدات العسكرية ممن يرغبون في الالتحاق بقوات الجيش".وتابع البيان أن: "أبناء قبائلنا والعسكريون الحقيقيون أبناء الوطن لا يمكن أن يكونوا في صف الإرهاب".

والثلاثاء الماضي، انضمت لقوات الجيش "الكتيبة 185 مشاة"، التي تتبع اللواء الثاني مشاة التابع لحكومة الوفاق.وأعلنت الكتيبة بإمرة عقيد محمد الغدوي، التابعة للواء الثاني مشاة، في بيان مصوّرحينها الانشقاق عن حكومة الوفاق والانضمام إلى الجيش الليبي،"بكامل العدة والعتاد من ضباط وضباط صف وجنود وأسلحة وآليات وذخائر".مؤكدة أنها تؤيد العملية العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة  بقيادة المشير خليفة حفتر ضد الجماعات المسلحة في طرابلس منذ أفريل الماضي.

ومنذ إطلاق العملية العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس مطلع شهر أبريل الماضي، أعلنت عدة وحدات أمنية وشرطية في مناطق بغرب ليبيا، انشقاقها عن وزارة داخلية حكومة الوفاق، وتأييدها للجيش الليبي في معركته لانتزاع العاصمة طرابلس من الميليشيات المسلّحة.ويرى مراقبون أن قوات الوفاق تتوجه نحو التفكك وهو ما سيكون له له تأثير كبير على سير المعارك في العاصمة الليبية.

ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن اللواء عبدالسلام الحاسي، آمر غرفة عمليات المنطقة الغربية التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي،تأكيده إن قيادة الجيش الليبي ستجتمع مع ضباط الكتيبة 185، لافتا إلى أن تصدع الميليشيات يتسع بشكل لافت، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي ينشق فيها ضباط وأفراد من قوات السراج.

وتوقع اللواء الحاسي في هذا الصدد المزيد من الانشقاقات، بالنظر إلى انتصارات الجيش الليبي في مختلف محاور القتال في محيط العاصمة طرابلس، التي غيرت كثيرا موازين القوى، وقواعد الاشتباك، بما يُسرع عملية حسم معركة تحرير طرابلس وفق الخطة المرسومة لها.

وتأتي الانشقاقات في قوات الوفاق بالتزامن مع الارتباك الكبير الذي تشهده المليشيات المسلحة المتحالفة مع حكومة السراج والتي شهدت الفترة الماضية سقوط عدد كبير من قياداتها وعناصرها وهو ما دفع عدد من قادة المليشيات الى الفرار خارج العاصمة الليبية،حيث أكد محمد البكباك، القيادي السابق في ميليشيا كتيبة ثوار طرابلس، مغادرة هيثم التاجوري قائد هذه الكتيبة، وعدد من مساعديه المقربين العاصمة طرابلس إلى "وجهة خارجية غير معلومة".

واتهم البكباك في تصريحات له هيثم التاجوري بـ"الهروب على دفعات من الحرب الدائرة في طرابلس"، وطالبه في المقابل، بالعودة إلى ليبيا و"إنهاء الحرب في طرابلس".ويأتي ذلك فيما أطلقت قيادات مليشياوية تهديدات موجهة للسراج حيث هدد عاطف بالرقيق، القيادي في ميليشيا كتيبة ثوار طرابلس، رئيس حكومة الوفاق بأنه "سيُفقده هيبته" في حال لم يقم بإقالة عدد من الوزراء والمسؤولين في حكومته.وقبل ذلك أعلن القيادي في مليشيا الصمود الإرهابية، أحمد بن عمران، إن مبادرة السراج لحل لأزمة الليبية لا تساوي الحبر الذي كتبت به.

ويشير العديد من المراقبين الى أن التطورات الحاصلة تكشف بما لا يدع مجالا للشك نوعية التحالفات التي أقامتها حكومة الوفاق مع المليشيات المسلحة ذات التوجهات المختلفة والأجندات المرتبطة في أغلبها بجهات خارجية مشبوهة،حيث أنها تحالفات مؤقتة وتؤكد ضعف حكومة السراج وارتهانها لسلطة هذه المليشيات.ويبدو أن تفكك هذه التحالفات بات مسألة وقت وهو ما سيكون له تأثير كبير على سير الأحداث في العاصمة طرابلس وفي ليبيا بشكل عام.