في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الوطني الليبي تأكيده على استمرار عملياته العسكرية الى حين تحرير طرابلس بشكل كامل مع تقدم ميداني واضح لقواته في محاور القتال وسيطرته على مواقع متقدمة،تتزايد الشكوك في صفوف حكومة الوفاق وحلفائها حول قدرتها على الصمود في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها المعارك على تخوم العاصمة الليبية.
وانتقد مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني عدم إحراز كتائب حكومة الوفاق أي تقدم أمام قوات الجيش الوطني.وقال الغرياني في تصريح إعلامي إنه بعد مرور 8 أشهر على اشتباكات العاصمة طرابلس لم تتقدم قوت الوفاق خطوة واحدة مؤكدا أن كل النداءات التي تقدم للحكومة والمجالس تذهب أدراج الرياح".
وحذر الغرياني المسؤولين مما أسماه التباطؤ في نصرة الجبهات، قائلًا:"إن هناك نداءات تطالب بوجود أسلحة نوعية ومنظومة دفاع جوية، لافتًا إلى أن "قوات الجيش تستخدم طائرات بأنواع مختلفة حتى أنها تنفذ حظرًا على أجزاء من المنطقة الغربية.. كل ذلك والحكومة في سبات عميق ولم ترد على هذا القرار ولم تقدم حتى شكوى للمجتمع الدولي وكأنها مسلمة بما يحدث".
وكان الغرياني طالب أمس الأول ميليشيات قوة الردع الخاصة بإطلاق سراح الإرهابيين والمتطرفين من سجن مطار معتيقة، ليلتحقوا بالجبهات والقتال إلى جانب القوات الموالية لحكومة الوفاق.وقال الغرياني: إن ألفي سجين، "معظمهم مجاهدون ومقاتلون مسلمون كانوا يقاتلون حفتر"، محتجزون داخل سجن الردع، لم يقدموا إلى المحاكمة.واعتبر الغرياني، أن إطلاق سراحهم ربما سيغير الموازين بالجبهة، لرد المشروع الصهيوني،على حد زعمه.
وكثف الغرياني مؤخرا من ظهوره الاعلامي من مقر اقامته في اسطنبول عبر قناة "التناصح" المملوكة لنجله والممولة باموال قطرية، في محاولة للتحريض على العنف والدعوة لاستمرا القتال واراقة المزيد من الدماء،ولم يتواني كالعادة في اصدار فتاويه بوجوب الجهاد ضد الجيش الليبي.وعكست تحركاته المأزق الذي تعيشه مليشيات تيار الاسلام السياسي الموالية لحكومة الوفاق وتقهقرها في الميدان.
هذا التقهقر والانهيار المتواصل عبر عنه وزير الخارجية بحكومة الوفاق الوطني الليبية محمد سيالة،بتشكيكه في مدى صمود قوات الوفاق حين قال في مداخلة له في جلسة حوار المتوسط الذي شارك فيها الى جانبه المبعوث الأممي الى ليبيا غسان سلامة، أن العاصمة طرابلس معرضة لسيطرة الجيش الليبي في أي وقت.
هذه الشكوك راودت أيضا عضو مجلس الدولة عبد الرحمن الشاطر،الذي ربط مصير مذكرتي التفاهم الموقعتين بين رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج وتركيا بمصير الحرب الدائرة على تخوم العاصمة طرابلس.وقال الشاطر في تغريدة له بموقع "تويتر" إن "مصير مذكرتي التفاهم بين ليبيا وتركيا مرهون بمصير الحرب الدائرة على تخوم طرابلس الآن" مردفا "أخشى أن يكون تفاعل واستثمار المجلس الرئاسي لهما كما عودنا طيلة السنوات الأربع الماضية من تردد وضعف وعدم الحسم".
شكوك شاركه فيها الرئيس التركي الحليف الابرز لحكومة الوفاق،الذي ربط نجاح الاتفاقية المبرمة بين بلاده وحكومة الوفاق الليبية، بمدى صمود حكومة السراج.وقال أردوغان، الخميس،في تصريحات على هامش قمة حلف الناتو التي احتضنتها العاصمة البريطانية لندن حول مذكرة التفاهم بين بلاده وطرابلس، إن "مذكرة التفاهم الموقعة بين تركيا وليبيا حول تحديد الصلاحيات البحرية بين البلدين، ستحقق هدفها طالما تحلت الحكومة الشرعية في ليبيا بالصمود وبقيت متماسكة".
وعكست تصريحات أردوغان شكوكه في صمود حكومة السراج خاصة مع تصاعد الرفض الدولي والعربي الواسع،للاتفاقية الأخيرة وتزايد مؤشرات رفع الشرعية الدولية عن حكومة الوفاق وهو ما يمثل ضربة موجعة لنظام أردوغان الذي يسعى لبسط سيطرته على ليبيا التي يعتبرها من "ارث أجداده" حسب تصريحات سابقة له مستغلا في ذلك سطوة تيار الاسلام السياسي الموالي له على مؤسسات الدولة في العاصمة.
وجاءت تصريحات أردوغان في اعقاب تصاعد الرفض الدولي للاتفاق الموقع بيت تركيا وحكومة السراج وبداية ردود الأفعال القوية تجاه ذلك التي بدأتها اليونان  الجمعة،باعلانها قرار طرد السفير الليبي، احتجاجا على الاتفاق.فيما اعتبر وزير الخارجية المصرية سامح شكري، إن الاتفاق يعقد الوضع في ليبيا.وطالب شكري خلال كلمته بحوار روما حكومة السراج بالالتزام باتفاق الصخيرات أو أن تفقد شرعيتها، مشددا على أن ذلك الاتفاق يحدد صلاحيات السراج.
وتعتبر هذه الشكوك طبيعية في ظل التطورات الميدانية المتسارعة التي تعكس حجم المأزق الذي تعيشه حكومة الوفاق،والتي الى جانب تراجع القوات الموالية لها تشهد أيضا حالة صراعا داخليا كشفت عنه اشتباكات مسلحة، الأربعاء، في محيط مقر المجلس الرئاسي بطرابلس الذي كان يشهد اجتماعا دوريا للمجلس الرئاسي، بحضور السراج وعدد من وزراء حكومة الوفاق.
وفرضت ميليشيات موالية لحكومة الوفاق ما يشبه الحصار على مقر رئاسة الوزراء في طريق السكة. وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن مسلحي الميليشيات أطلقوا النار في الهواء تعبيراً عن استيائهم "من سوء دعم الحكومة لهم في جبهات القتال.واعتبر الكثيرون هذه الحادثة مؤشرا جديدا على قرب انهيار التحالفات الهشة التي أقامها السراج مع المليشيات في طرابلس.
يأتي ذلك فيما يواصل الجيش الليبي تقدمه الميداني في مناطق جنوب طرابلس.حيث نقلت وكالة نوفا عن شهود عيان أن وحدات الجيش تمكنت من بسط سيطرتها الكاملة على محور الخلاطات جنوب طرابلس وتقدمت ما بعده باتجاه صالة ياقوته، كما قامت بنشر قناصين في عدد من المباني العالية في المنطقة.وأضاف شهود العيان أن قوات حكومة الوفاق انسحبت بالكامل من معسكر حمزة الاستراتيجي تجاه منطقة المطبات، وأصبح المعسكر تحت سيطرة قوات الجيش الليبي.
وكثف الجيش الليبي من ضرباته الجوية موقعا خسائر كبيرة في صفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق.وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابع للجيش الوطني، في بيان له أمس، إن قواته "تدك آخر معاقل وبقايا الميليشيات، التي تحاول البقاء، وهي في طريقها للانهيار وتكبد خسائر كبيرة في آليات وأفراد هذه العصابات على تخوم أبو سليم، والطريق إلى الفرناج والهضبة صلاح الدين".
وبدأ الجيش، الأربعاء، عملياته العسكرية في جبهة سرت الكبرى وسيطر على إحدى المناطق جنوبي مصراتة "غرب".وتم استهداف تمركز للمليشيات تحت كوبري الدرن في مدينة قرجي بعملية نوعية"، وأكدت تقارير اعلامية أنه في الآونة الأخيرة تسود حالة من الرعب بين المليشيات المسلحة داخل طرابلس في ظل انهياراتها المتواصلة.
وكان المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، قال، مساء الأربعاء، إن سلاح الجو الليبي يفرض سيطرة مطلقة فوق أجواء البلاد، مؤكدا أن معركة الجيش الليبي تهدف لمنع "داعش" والقاعدة من التحصن في ملاذ آمن على الأراضي الليبية.وأوضح الناطق باسم الجيش الليبي أن الجيش اتخذ كل الترتيبات لإعادة هيكلة بعض الوحدات في الغرب.
 وبخصوص التطورات الميدانية، أوضح المسماري أن "قوات الجيش لم تعد على تخوم طرابلس بل تقدمت إلى داخل الأحياء الرئيسية فيها"، مبيناً أن "وحدات من القوات تقدّمت في مناطق متفرقة بمختلف القطاعات العسكرية".وأفاد المسماري بأن "الانهيار في صفوف المجموعات المسلحة أصبح بشكل واضح الآن أمام التقدم الثابت للقوات المسلحة".
وفي وقت سابق،أكدت القيادة العامة للجيش الوطني،أنها عاقدة العزم على تنفيذ أوامر الشعب الليبي بتحرير كل شبر من تراب البلاد، وقالت في بيان لها إن "قواتها تمضي قدماً نحو تحرير العاصمة طرابلس، ولن يُثنيها عن ذلك شيء"، معتبرة أن "النصر حانت ساعته، وآن أوانه".وأوضحت القيادة، أنها تأخذ على عاتقها "تحرير طرابلس من براثن الإرهاب وتفكيك الميليشيات المسلحة، ونزع سلاحها، بتكليف ومؤازرة من الشعب الليبي"؛ سعياً منها لحقن دماء الليبيين، والحفاظ على القدرات الشابة للدولة الليبية.
وتعاني ليبيا العام 2011 من أوضاع أمنية متردية في ظل استمرار الانقسامات السياسية والصراعات المتواصلة التي فتحت الباب أمام التنظيمات الارهابية لمد أذرعها في البلاد كما وفرت غطاءا للتدخلات الخارجية التي تقودها الأطماع في ثروات البلاد النفطية.ويرى مراقبون أن انهاء سطوة المليشيات في طرابلس من شأنه أن يكون بداية التوجه نحو تحقيق المصالحة في البلاد وانهاء الانقسامات بما يضمن توحيد الجهود وبناء دولة مستقرة قادرة على مواجهة التحديات محليا ودوليا.