بعد فشل المبادرات الدولية التي عقدت في الصخيرات وباليرمو مرورا بباريس في صياغة حل للأزمة السياسية الليبية التي طال أمدها منذ سنة 2011 تاريخ إسقاط العقيد معمر القذافي، تراهن البعثة الأممية متمثلة أساسا في مبعوثها اللبناني غسان سلامة على لعب الورقة الداخلية علّها تكون مخرجا لحالة انسداد الأفق التي لازمت البلاد.

ومن بين المسارات التي ذهب فيها سلامة نجد المؤتمر الوطني الجامع، الذي يحاول غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، أن يجعله يلتئم هذه الفترة رغم أنه مسار يمر بدوره بمرحلة مخاض عسيرة، وتلفه شكوك من جهات كثيرة، تجعل الوصول إليه كمحطة عملية غاية في الصعوبة.

وفي هذا السياق،اجتمع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، يوم الخميس 10 يناير الماضي، بمقر المجلس في طرابلس مع كل من رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ونائبه للشؤون السياسية السفيرة ستيفاني ويليامز، للنظر في منهجية تقدّمه خلال قادم الأيام.

وأشار بيان نشرته صفحة حكومة الوفاق على «فيسبوك» إلى أنّ الاجتماع تناول مستجدات الوضع السياسي في البلاد، في ضوء التطورات الأخيرة. وأضاف البيان أنّ غسان سلامة أطلع السراج على الخطوات التي اتخذتها البعثة الأممية لإنجاح الملتقى الوطني الجامع المزمع عقده قريبًا، والذي سيضم ممثلين عن الفعاليات والمكونات السياسية والاجتماعية والثقافية دون إقصاء أحد، ويستهدف إتمام الاستحقاق الدستوري الانتخابي الذي يتطلع إليه جميع الليبيين.

ويرى متابعون أن المؤتمر الوطني الجامع يمثل رهانا مفصليا في تاريخ ليبيا المعاصر لخروجها  من الأزمة تعيشها منذ سنوات بالنظر للحالة المتردية التي بلغتها البلاد حيث أنه إيجاد المخرج لا يحتمل مزيد التأخير.

يتحرك سلامة إقليميا  لحشد التفاف جامعة الدول العربية حول المؤتمر الوطني الجامع،أوضح السفير محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام في بيان الخميس، أن أبو الغيط وسلامة استعرضا خلال اتصال هاتفي جري بينهما، التحضيرات والترتيبات التي تقوم بها البعثة الأممية لتنظيم وعقد الملتقى الوطني الجامع خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

واتفق أبو الغيط وسلامة على مواصلة التنسيق والتعاون الوثيق بين الجامعة العربية والأمم المتحدة لمرافقة الأطراف الليبية وتشجيعها على تحمل مسؤولياتها بغية استكمال المسار السياسي وتمهيد الأرضية السياسية والقانونية أمام إجراء الاستفتاء على الدستور وإتمام الانتخابات التشريعية والرئاسية على النحو الذي يتطلع إليه أبناء الشعب الليبي.

من جانب آخر يرى مراقبون أن نجاح المؤتمر الوطني الجامع أشبه بالمستحيل بسبب الظروف التي تسبقه، فالتدهور الحاصل في الجنوب، وعدم القدرة على حل مشكلة الكتائب المسلحة في طرابلس، وارتباك القوى الدولية التي تريد فرض وصايتها على ليبيا، وفتحها لباب من الصراع حاولت بعض الجهات الإقليمية إغلاقه مبكرا فضلا عن عرقلة مساعي توحيد الجيش الليبي و هو القادر على الإمساك بزمام الأمور، كل أمور تعقّد مسار المؤتمر الجامع رغم تصريحات التفاؤل حوله.

من جانب آخر، لا يحظى عمل غسان سلامة بإجماع داخلي حيث أكد عضو مجلس النواب صالح فحيمة في تصريحات سابقة على أنه في ظل الأوضاع الراهنة إما يتم إيجاد صيغة يتقبل بها الآخر لينتهي الانقسام وتذهب الفوضى وتقوم دولة المؤسسات والقانون وإما الاستمرار في انتظار حلول من الخارج لن تأتي أو قد تأتي متأخرة في أفضل الأحوال.

فحيمة اعتبر في تدوينه له نشرها عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعيتويتر” أنه لا احد يملك استراتيجية حقيقية لحل الأزمة الليبية بما في ذلك الأمم المتحدة وبعثتها ورئيسها نفسه، مشيراً إلى أن التخبط والضرب عشواء هو سمة العمل السياسي في ليبيا سواء كان المحلي منه أو الدولي.