ينتظر أن تفتح محكمة الجنايات في الجزائر العاصمة يوم 21 مايو ( الأسبوع المقبل )، ملف تورط جماعة مسلحة يقودها " الجهادي " الجزائري الشهير بإسم عبد الرزاق البارا، أحد أهم قيادات " الجماعة السلفية للدعوة والقتال " التي تحولت إلى التسمية الحالية " تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي " لما تسلم ابو مصعب عبد الودود ( دروكدال ) القيادة في 2004، وأعلن انضمام الجماعة إلى تنظيم القاعدة الذي كان يقوده أسامة بن لادن، ثم بعدها اعلانه تغيير التسمية إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".

 لكن هل سيمثل القيادي الأسبق في الجماعة السلفية للدعوة والقتال، عماري صايفي المكنى " عبد الرزاق البارا " أمام المحكمة للإستماع إليه في قضية خلف السواح الأوروبيين في الصحراء الجزائرية عام 2003؟ أم أنه سيمثل أمام محكمة عسكرية كما سبق وأن تمت الإشارة إليه من طرف وسائل إعلام جزائرية منذ جوان 2011؟ بالنظر إلى تورطه في عدد من القضايا الارهابية وتسببه في مقتل عناصر أمنية جزائرية.

الجواب لا يزال ينتظره محامون معرفته يوم 21 مايو الجاري في جلسة خصصتها محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة ( الجزائر ) للنظر في تورط كل من " عمار فراح وياسين عيساني، وهما شريكان لعبد الرزاق البارا ( عماري صايفي ) في قضية اختطاف السياح الاجانب في الجنوب الجزائري. وحسب ما توفر من معطيات بخصوص القضية، فإن المحكمة أعلنت عن عقد جلسة محاكمة يوم الأربعاء ( 21 مايو المقبل ) للإستماع إلى المتهمين وما سيقولانه بخصوص ملف اختطاف سواح اجانب يوعد تاريخه إلى عام 2003، وهي قضية كثيرا ما طرحت على القضاء الجزائري ولم يفصل فيها لغاية الساعة بالنظر لحساسيتها وعدم مثول المتهم الرئيسي فيها وهو " عبد الزراق البارا ". وقد طالبت هيئة دفاع المتهمين من محكمة الجنايات أن يتم احضار الإرهابي الشهير باسم " البارا "، لكون اسمه مذكور في قرار الاحالة على المحكمة، ويعتبره دفاع (عمار فراح وياسين عيساني ) على أنه معني بالقضية ويجب الاستماع اليه كمتهم بارز وأهم الرؤوس التي خططت لعملية خطف 15 سائحا أجنبيا منهم 10 من جنسية ألمانية، وتم الاختطاف في شهبر فيبراير 2003 في منطقة صحراوية بالقرب من الحدود الجزائرية- المالية. والمتهمين، تورطا في اختطاف السواح ويتابعان بتهمة ارتكاب مجازر واضرام حريق عمدا وكذا حيازة أسلحة، وفقا لما جاء في جدول الدورة الجنائية الاولى لسنة 2014 لجنايات العاصمة.  وفي قرار الإحالة فإن المتهمين السالفي الذكر، تورطا ايضا في عدة عمليات ارهابية منها أعمال تخريب ونصب للكمائن استهدفت عناصر الجيش والأمن في الجزائر.  والعملية التي يشتركان فيها مع عبد الرزاق البارا، هي نصب كمين في إليزي الحدودية مع غدامس الليبية، وهي المنطقة التي استهدف فيها شركات اجنبية تعمل هناك في معامل الغاز والنفط.

وكان دفاع هاذين المتهمين قد طالب بحضور البارا أمام المحكمة لأن اسمه ورد في قرار الاحالة، لكن المحكمة كانت تؤجل الفصل في القضية كلما ذكر اسم عماري صايفي.  

من هو عبد الرزاق البارا؟

 

عماري صايفي أو " البارا " هكذا ظهر اسم هذا " الارهابي " بشكل لافت اعلاميا بعد تورطه في قضية اختطاف السواح الأوروبيين عام 2003. لكن سجله ضمن الجماعات المسلحة يعود لسنوات التسعينيات. فهو حسب ما توفر من معلومات عنه، يعد من ابرز العناصر التي كانت تنتمي للجماعة السفلية للدعوة والقتال المختصر اسمها إلى " الجسدق "، لكنه كان ضمن ما عرف بـ " الجماعة الإسلامية المسلحة " أو " الجيا " كما كانت تمسى اختصارا، و التي كان يقودها جمال زيتوني ( الذي يرتبط اسمه بقضية اغتيال رهبان تيبحيرين في ولاية المدية حوالي 200 كيلومتر جنوب العاصمة )، البارا كما كان يلقب حركيا، نشط منذ السنوات الأولى لبداية ظاهرة الارهاب في الجزائر وبروز جماعات تسمي نفسها بـ " الجهادية ".  

 

هذا " الجهادي " الموقوف حاليا والقابع في إحدى سجون الجزائر، من مواليد 23 ابريل 1966 بولاية ڤالمة ( شرق الجزائر)، وهو من أب جزائري وأم فرنسية من عائلة " بلانشي "، ويعتبر من مؤسسي للجماعة السلفية للدعوة والقتال وأمير منطقتها الخامسة. وكان عماري صايفي يكنى باسم " أبو حيدرة الأوراسي "، لكنه اشتهر باسم " عبد الرزاق البارا " وهي كلمة باللغة الفرنسية معناه "المظلي " حيث كان ضمن المظليين في الجيش الجزائري في الثمانينيات من القرن الماضي. ويذكر أنه التحق بالقوات المحمولة جوا في بسكرة التابعة للجيش الجزائري في 1987. وما يعرف عنه أيضا أنه كان مخالفا للتعليمات لذلك سجن عدة مرات لما كان عسكريا. وبين سنتي 1991 و1993 عمل كحارس شخصي للجنرال خالد نزّار ( وزير الدفاع في عهد الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد ).

انضم البارا للجماعة الإسلامية المسلحة عام 1993، لكنه انشق عنها في عام 1996 وأسس بعدها رفقة حسان حطاب ما عرف بـ " الجماعة السلفية للدعوة والقتال. بعد أن رفضا ما وصفوه بإنحراف جمال زيتوني أمير " الجيا " عن منهجه)، خاصة بعد مقتل رهبان تيبحيرين الفرنسيين في غابات المدية ( 200 كيولومتر جنوب العاصمة الجزائرية ). وفي سنة 1999 أعلن البارا رفقة حساب حطاب تأسيس ما سمي بـ " الجسدق " ، وقد عين عبد المجيد ديشو أميرا وطنيا ليكلف أبو حيدرة " البارا " بإمارة المنطقة الخامسة والتي تضم (ولايات الشرق) ليخلفه حسان حطاب بعد مقتله بشهرين في اجتماع انعقد بولاية باتنة وتم تعيين عماري صايفي نائبا له، وهو أحد محرري ميثاق الجماعة السلفية للدعوة والقتال.

 

عملية اختطاف السواح الأجانب في صحراء الجزائر

قبل أن يتم احتجازه في 16 آذار/مارس 2004  لدى حركة انفصالية معارضة للنظام التشادي (التشاد بلد افريقي له الحدود مع النيجر وليبيا) ، وهي " الحركة من اجل العدالة والديمقراطية "، كان البارا قد تورط في عدة قضايا ارهابية، منها اغتيال 12 عسكريا في 1 أوت 1999 اثر كمين نصبه رفقة عناصره استهدف وحدة تابعة للجيش بالمنطقة المسماة اوستيلي شرق البلاد. و كمين لأفراد مفرزة القوات الخاصة بتاغدة خلال شهر سبتمبر / ايلول 1999 والاعتداء على مقر للحرس البلدي حيث قتل 7  منهم  بداية سنة 2000.

كما يسجل عليه ايضا قيامه بالإعتداء على شاحنة عسكرية وقتل 7 عسكريين في منطقة مدوكال بولاية تبسة. وقام البارا بداية 2001 بالهجوم على فرقة للدرك بجمورة في ولاية بسكرة   وهناك عملية أخرى لها حصيلة ثقيلة من الضحايا في ببئر العاتر، حيث سقط 11 عنصرا من الحرس البلدي، وايضا قام باغتيال 43 جندي في كمين نصب لهم بباتنة في 04 يناير 2003. ثم اختطاف 34 سائحا أجنبيا بالصحراء الجزائرية، ليتم تحريرهم في وقت لاحق بعد تسديد فدية. وجرى تسليم "البارا" إلى الجزائر بوساطة ليبية يوم 27 أكتوبر 2004، حيث يوجد حاليا رهن الاعتقال، ويتردد أنه موقوف شرق الجزائر، وتزوره عائلته بانتظام.