جاء اعتقال السلطات التونسية للقيادي في التيار الجهادي سامي الصيد و اخضاعه للتحقيق ثم اطلاق سراحه ليعيد الى الواجهة الحديث عن هذا العنصر ،بعد فترة "سبات حركي" دامت لسنوات ،فقد خضع الصيد للتحقيق أول أمس الثلاثاء، وذلك في قضية تتعلق بعلاقته بارهابيين تم القضاء عليهم مؤخرا وعلاقته ببعض قيادات التنظيم المذكور.

و في التفاصيل التي أوردها موقع "تونس الرقمية "نقلا عن مصادر امنية أن "السلطات الأمنية التونسية قد اعتقلت مجموعة متكونة من سبعة أشخاص قالت أنهم شاركوا في إعداد مخطّط اغتيالات سياسية تهدف إلى تصفية كل من الباجي قايد السبسي رئيس حزب حركة نداء تونس و حمة الهمامي، الناطق باسم الجبهة الشعبية ، وربّما مباركة البراهمي ، أرملة محمد البراهمي ، الذي اغتيل في 25 جويلية الماضي الموافق لعيد الجمهورية.وتم هذا الإعتقال بناءً على معلومات استخباراتية إيطالية تفطنت إلى هذا المخطط وقامت بتنبيه السلطات التونسية حسب ما صرّح به مصدر أمني لتونس الرقمية.وبينت المعلومات الإستخباراتية الأجنبية أن الرأس المدبر لمخطط اغتيال هذه الشخصيات السياسية يدعى سامي وهو مواطن تونسي كان يقيم في ايطاليا."

فمن هو سامي الصيد ؟؟

يعد سامي الصيد من القيادات المؤسسة لتنظيم "أنصار الشريعة" المحظور في تونس و المتهم بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية التي طالت رموز المعارضة اليسارية في البلاد و بالتخطيط لاقامة دولة اسلامية و استهداف رجال الامن و الجيش و قيادة عصيان مسلح في المنطقة الجبلية بالشعانبي التابعة لمحافظة القصرين،على الحدود مع الجزائر منذ ديسمبر/كانون الاول العام 2012.

و سامي بن خميس الصيد ،ولد شمال تونس في مدينة بنزرت العام 1968 هاجر الى ايطاليا ثم انظم بداية التسعينات الى التيار الجهادي خلال نشوء خلايا دعم الجماعاة الاسلامية المسلحة الجزائرية في أوروبا ، و في هذه الاثناء قام الصيد ببعض الزيارات الى داخل افغنستان ابان حكم حركة طالبان أخرها كان العام 1999 ليعود الى ايطاليا بداية العام 2000وذلك قبل الغزو الامريكي في اعقاب ضربات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وقبل ذلك كان الصيد من المؤسسين الاوائل للتيار السلفي الجهادي في تونس رفقة سيف الله بن حسين أمير تنظيم أنصار الشريعة و طارق المعروفي ،من خلال تأسيس "الجماعة التونسية المقاتلة" في أفغنستان العام 2000و التي صنفها مجلس الامن ضمن التنظيمات الارهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة العام في  10 تشرين الأول/أكتوبر 2002 ،فقد كان الصيد يشغل خطة "أمير خلية ميلانو "الايطالية و التي كانت تشكل خلية نائمة لدعم نشاط الجماعات الجهادية في أوروبا و شمال افريقيا كما ان لها ارتبطات بالجماعة السلفية للدعوة و القتال سابقا و الي باتت تعرف باسم "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" .

و كانت خلية ميلانو التي يقودها الصيد و التي تأسست نهاية التسعينات تنسق أنشطتها مع قيادات الحركات الجهادية  في لندن وأفغانستان والجزائر وإسبانيا على غرار الأردني "عمر محمود عثمان" المكنى بأبي قتادة و التونسي "سيف الله بن حسين" و الجزائريين عمر الشعباني المكنى بأبي جعفرو سمير الحيدرة المكنى بأبي ضحى وتنشط هذه الشبكة في مجالات تزوير الوثائق والعملة و الدعم اللوجستي لتتمكن الاجهزة الامنية الإيطالية من تفكيكها في أبريل العام 2001 و اعتقال  عدد من عناصرها من أبرزهم أميرها سامي الصيد و مختار بوشوشة و مهدي كمون و عادل بن سلطان و طارق الشرعبي و محمد العوادي و رياض الجلاصي و عماد الجمالي و كلهم تونسيون ،حيث تمت مقاضاتهم بالسجن لمدة تتراوح بين 4 و 5 سنوات مع خطايا بتهمة التحضير للقيام بتفجيرات ارهابية ضد مصالح غربية واميركية على وجه التحديد في ايطاليا،و قد حكم الصيد بالسجن لمدة خمس سنوات العام 2001.

و في مارس 2008 و بعد انتهاء فترة سجنه،قررت السلطات الايطالية تسلمه الى تونس و التي أحيل فيها على القضاء العسكري بتهمة " الانضمام إلى تنظيم و وفاق له علاقة بالجرائم الإرهابية" وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما و لم يطلق سراحه الا في شهر مارس 2011 بعفو تشريعي عام تمتع به كل السجناء السياسيون في تونس و ذلك في أعقاب سقوط نظام الرئيس الاسبق ،زين العابدين بن علي .

بعد فترة السجن الطويلة،و خروج جل قيادات التيار الجهادي ،قرر الصيد و سيف الله بن حسين المعروف بأبي عياض تأسيس  تنظيم يجمع شتات المنتمين للتيار الجاهيد و كان أول عملي لهذا التيار بعد الثورة في شهر ماي 2011 في ملتقي أنصار الشريعة الذي ضم اغلب الطيف الجهادي التونسي و الذي انتظم تحت شعار "اسمعوا منا و لا تسمعوا عنا " بحضور القيادة الشرعية ممثلا في الشيخ الخطيب الإدريسي السجين السابق على خلفية أحداث الضاحية الجنوبية و قد رفض أصحاب الملتقي التقدم بطلب تأشيرة العمل القانوني معتبرين أنهم لن يطلبوا التأشيرة إلا من الله ،وقد أمسك سامي الصيد بالملف الاجتماعي ذاخل التنظيم فقد كان مشرفا على العمل الخيرير و القوافل التي كان التنظيم يسيرها داخل البلاد و يوزع خلالها المساعدات من المياه إلى الملابس إلى هدايا خاصة في شهر رمضان أثناء فترات انقطاع مياه الشرب التي اجتاحت البلاد،صيف العام الماضي و ذلك لكسب التأيد الشعبي كما ان الصيد أصبح شخصية معروفة لدى الاجهزة الامنية و من الصعب التعويل عليه في عمل حركي حساس.

كما عقد التنظيم مؤتمره الثاني في مايو/أيار 2012 في مدينة القيروان وحضره زهاء 5000 شخص، ﻭتخلله استعراض ﻟﻠﺮﻳﺎﺿﺎﺕ ﺍﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎلأﻳﺪﻱ ﻭﺍﻟﻌﺼﻲ والسيوف،في حين منعت وزارة الداخلية التنظيم من عقد مؤتمره الثالث ربيع العام 2013 بدعوى "عدم الحصول على رخصة قانونية"،و كانت السلطات التونسية قد صنفت في شهر أب/أغسطس 2013 جماعة أنصار الشريعة كتنظيم ارهابي متهمة اياها "بالوقوف وراء اغتيال المعارضين العلمانيين محمد البراهمي في يوليو/تموز وشكري بلعيد في فبراير/شباط الماضيو بتخزين السلاح داخل البلاد و قتل عدد من عناصر الامن و الجيش في جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر و تشكيل خلايا نائمة في المدن و بمحاولة تأسيس"امارة اسلامية".