منذ العام 2011، تحولت ليبيا الى ساحة كبرى للجماعات الجهادية التي استغلت سقوط نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي غداة التدخل العسكري الذي قاده "الناتو"، لتتمدد في البلاد حيث تمكنت من السطو على مخازن السلاح التابعة للجيش الليبي،  كما سيطرت على مدن بأكملها وفرضت على السكان قوانينها ورؤيتها المتطرفة،  ووضع الليبيين أمام تحديات الانقسام وتصاعد النعرات الطائفية والقبلية،  حتى أصبحت ليبيا تمثل تهديداً على المنطقة وأوروبا والمجتمع الدولي.

ومن أبرز الجماعات الجهادية التي ظهرت في الساحة الليبية منذ بداية الأزمة كانت "الجماعة الليبية المقاتلة"، التي برزت تحت الغطاء الجوي للناتو كأحد العناصر الأفضل كفاءة قتالية في الصراع والتي تمكن قادتها من السيطرة على العاصمة سيطرة تامة ونشروا أذرعهم العسكرية في عدة مدن ليبية وذلك تمهيدا للسيطرة على كامل البلاد ضمن مخطط مسبق وبدعم من أطراف خارجية.


** نشأة الجماعة الليبية المقاتلة

في سبعينات القرن الماضي،  حملت الرياح فيروس التكفير من القاهرة متوجها نحو ليبيا،  عابرا بحور الرمال لتحط في طرابلس وبني غازي وبرقة ومنها إلى الجبل الأخضر والكفرة.وفعلت معالم سيد قطب فعلتها،  وبدأت أول خلية "جهادية" في التشكل على يد علي العشبي ومعه ثمانية من رفاقه،  ما لبث أن فككتها الأجهزة الأمنية الليبية واغتالت عناصرها التسعة.

وفي عام 1989 استطاع عوض الزواوي تشكيل جماعة أخرى أطلق عليها "حركة الجهاد".. فاعتقل هو أيضا،  وفي نفس العام شكل أحد أنصاره وهو محمد المهشهش الملقب بــ"أبو سياف" تنظيما يدعى"حركة الشهداء الاسلامية".بعدها انتقل العديد من الشباب الليبي من ذوي التوجه الجهادي إلى أفغانستان ملتحقين بتنظيم "الاتحاد الإسلامي" الذي يترأسه القائد الأفغاني عبد رب الرسول سياف.ونشط الجهاديون الليبيون في معسكر يعرف بمعسكر سلمان الفارسي في منطقة من مناطق القبائل الباكستانية على الحدود مع أفغانستان. كما نشطوا في معسكرات أخرى في قندهار وخوست وغيرهما.

ويمكن القول بأن بذور الجماعة الليبية المقاتلة ولدت في أفغانستان، لكن لم تعلن الجماعة عن تكوينها إلا في وقت متأخر جدا بعد نشاطها في ليبيا وأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي،  فبعد أن عادت بعض قياداتها من المعارك ضمن ما سمي "الأفغان العرب"،  أعلنت مجموعة من المتطرفين الليبيين تأسيس الجماعة الإسلامية المقاتلة سنة 1995.

وقد استغل أعضاء الجماعة الإرهابية جبهات القتال التي فتحت ضد السوفييت في أفغانستان لتطوير مهاراتهم القتالية وتلقن استراتيجيات عسكرية ذات نطاق واسع. وقامت الجماعة بعمليات مسلحة في مواقع مدنية وأمنية بليبيا في تسعينيات القرن العشرين بهدف إسقاط نظام العقيد معمر القذافي. إلا أن القوات المسلحة الليبية وأجهزة الأمن قضت عليهم،  واعتقلت مجموعة كبيرة منهم.

اضطرت المقاتلة إلى تغيير استراتيجيتها في المواجهة وعبرت عن ذلك في بيان لها بــ "الهجوم الاستراتيجي والتراجع التكتيكي" فأوقفت بمقتضى تلك الاستراتيجية الاشتباكات مع الجيش الليبي مقتصرة علي عدد من محاولات اغتيال إستهدفت العقيد معمر القذافي بائت جميعها بالفشل. وألقي القبض على المئات من أعضاء الجماعة وقتل عدد كبير منهم مما دعاها إلى الهرب مرة ثانية لأفغانستان.

وقد توقف تمرد "الجماعة المقاتلة" وحملتها الإرهابية داخل ليبيا بحلول عام 1998،  غير أنه لم يعلن عن وقف إطلاق النار الرسمي حتى عام 2000. وتم سجن العديد من أعضاء الحركة في ليبيا. وفي 16 فبراير من العام 2002 أصدرت محكمة الشعب الخاصة التي شُكلت لمحاكمتهم حكمها بالإعدام على المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا عبد القادر عز الدين ونائب المراقب سالم أبو حنك وحُكم على 73 متهما آخرين بالسجن المؤبد.



** البنية التنظيمية للمقاتلة

تشابهت الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة مع نظيرتها من الجماعات من حيث البنية التنظيمية الهرمية التي يعلوها أمير ونائب أو نائبين ومجلس شورى، ولجنة شرعية ولجنة إعلامية ثم الجناح العسكري والمكتب السياسي في بعض الأحيان.

ويعد الجناح العسكري واللجنة الشرعية الركنيين الأساسيين لتلك الجماعة  حيث يتفرع من الجناح العسكري مجموعة من اللجان والخلايا المتخصصة ،  ونفس الشيء بالنسبة للجنة الشرعية التي تتفرع عنها أجهزة وفروع أخرى،  فمثلا بالنسبة للجنة الشرعية للجماعة المقاتلة تتكون من فرع الدراسات والبحوث وفرع الفتاوى والقضاء ، وفرع التوجيه والإرشاد.

وفي دراسة للباحث المغربي ،  عبدالغني مزوز،  بعنوان " الجماعة الليبية المقاتلة من بيت الأنصار إلى بيت الصمود" ذكر أن البنية التنظيمية لــ" المقاتلة" تعتمد على الجناح الإعلامي على النشرات والدوريات التي تصدرها الجماعة كمجلة الفجر،  وبعض المواقع على الانترنت كموقع "المقاتلة" الذي تم إغلاقه مند سنوات ، إضافة إلى النشاط الإعلامي الذي يقوم به الناطق الرسمي باسم الجماعة كما هو حال ناطقها الرسمي السابق "عمر راشد".

وأضاف: لم تحافظ الجماعات الإسلامية المسلحة على هذا الهيكل الإداري بل تجاوزته بفعل تغير المناخ الإقليمي والدولي لهذه الجماعات،  وتدويل الحرب عليها وعولمة مواجهتها ، فانتقلت من العمل وفق النمط الهرمي إلى العمل بأسلوب الخلايا الصغيرة المستقلة عن بعضها البعض بعد أن أتبث النمط الأول فشله عسكريا وامنيا ونجاعة الأسلوب الثاني.

** المرجعيات الفكرية للمقاتلة

شكلت كتابات أبو الأعلى المودودي وسيد قطب و تراث الآباء الروحيين للسلفية كابن تيمية وابن القيم المرجعية الفكرية التكوينية لــ" المقاتلة".واعتمدت الجماعة بشكل كبير على الكتب التي كانت متداولة بين الجماعات الجهادية في منتصف الثمانينات ككتاب الفريضة الغائبة لمحمد عبدالسلام فرج،  وكتب الشيخ عمر عبدالرحمن وكتابات سيد إمام الشريف فيما بعد.

ويعد كتاب "خطوط عريضة في منهج الجماعة الإسلامية المقاتلة" لأبو المنذر الساعدي الذي حاول ربط شرعية وجود الجماعة ببعض تلك المفاهيم،  فاستهل كتابه بمشروعية العمل الجماعي وحدود السمع والطاعة لولي الأمر وأهمية الجهاد والإعداد العسكري ومبحث عن الحكام العلمانيين،  ومبحث أخير عن وجوب الحكم بما أنزل الله.

هذه هي المبررات التي حددها السياق العام لنشأة الجماعة الليبية المقاتلة والجماعات الإسلامية المسلحة الأخرى،  أما السياق الخاص أو المحلي فيمكن استخلاصه من مقالة نشرتها الجماعة بعنوان "المبررات الشرعية والواقعية لنشأة الجماعة الإسلامية المقاتلة" فاعتبرت وجود القذافي مسوغا شرعيا للقتال والمواجهة مع نظامه لأنه حسب المقالة:تجرا على كتاب الله تبارك وتعالى بالتحريف ووإنكاره للسنة النبوية وإنكاره لعموم رسالة النبي، وإقصاء الشريعة من الحكم بين الناس، واستهزاؤه بعقائد الإسلام وشعائره كالحج مثلا.على حد زعم الجماعة.

ويشير خبراء الى أن الطرح الفقهي والمنهجي الذي تتبناه الجماعة المقاتلة ليس نسخة من الطرح الذي تتبناه الجماعات التي تسمى بالسلفية الجهادية ، خاصة تنظيم القاعدة بفروعه، بالرغم من هناك تقاطعات على مستوى بعض المفاهيم والقناعات.ويدلل هؤلاء على ذلك بغياب بعض المفاهيم التي تشكل العمود الفقري للتيار السلفي الجهادي من أدبيات الجماعة الليبية لمقاتلة مثل: "الإغارة"، "التترس"، "القتال بما يعم إتلافه"، "ما لا يجوز قصدا يجوز تبعا" إلى غير ذلك من المفاهيم.

ويمكن اعتبار الخلفية الشرعية والفكرية للجماعة المقاتلة خليطا من الفكر الاخواني والفكر السلفي وهو ما يصطلح عليه بالفكر السروري نسبة إلى محمد سرور المفكر الجهادي المعروف،  والبنية الفكرية للجماعة المقاتلة اقرب ما تكون إلى البنية الفكرية لجماعة الجيش الإسلامي في العراق.


** المقاتلة وتنظيم القاعدة

كانت العلاقة وطيدة بين تنظيم القاعدة،  بقيادة بن لادن، و"الجماعة المقاتلة"، لكن أبو مصعب السوري،  منظر القاعدة، صرح بالرغم من ذلك بأن أسامة بن لادن فشل في جهوده الرامية إلى ضم الجماعة الليبية إلى الجبهة التي أسسها أواخر التسعينيات،  إلا أن النكبات التي تعرضت لها الجماعة المقاتلة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر من ملاحقات وتشرد وقتل واعتقالات أحدث انشقاقا في صفوفها.

ولم يؤيد قرار الانضمام للقاعدة من "المقاتلة" سوى من بقي على التراب الأفغاني لمواجهة قوات التحالف الدولي،  والدفاع عن نظام طالبان المتهاوي،  تلك المجموعة كان يقودها عمار الرقيعي "أبو الليث الليبي" والتي أعلنت ولاءها الكامل لتنظيم القاعدة في نوفمبر 2007 هذا الولاء الذي باركه أيمن الظواهري واعتبره خطوة على الطريق الصحيح،  غير أن عددا من قادة وشيوخ الجماعة رفضوا هذا الانضمام.

وشكك البعض في حقيقة هذا الإعلان الذي جاء في كلمة صوتية لأيمن الظواهري،  بثتها مؤسسة السحاب،  المعبرة عن القاعدة،  في الثالث من نوفمبر 2007 للدرجة التي وصف فيها البعض ذلك الإعلان بــ"لي الذراع"، وفق تقارير اعلامية.

وجاء في التسجيل ما نصه:"ها هي كوكبة من أهل السبق… من أفاضل الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا يعلنون انضمامهم لجماعة قاعدة الجهاد" وحث في نفس الخطاب من سماهم المجاهدين في شمال إفريقيا على الاطاحة بزعماء ليبيا وتونس والجزائر والمغرب لاستبدال هذه الأنظمة بحكم إسلامي. وتدخل في نفس التسجيل أبو الليث الليبي الذي قدمه الظواهري على أنه المسئول عن الجناح الليبي في القاعدة،  وأكد انضمام "المقاتلة الليبية" للقاعدة.

وجاء الإعلان عن التحاق "الليبية المقاتلة" بعد نحو عام من انضمام "الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية" أكبر الجماعات الجهادية في شمال إفريقيا،  وأكثرها تسليحا وخبرة ميدانية.

وأشار مراقبون حينها الى أن الفرق بين الحالتين أن الجماعة الجزائرية أعلنت بنفسها عن الانضمام من خلال بيان مطول وقعه أميرها عبد المالك دروكدال "أبو مصعب عبد الودود" نشر رسميا يوم الأربعاء 13 سبتمبر 2006. لكن الجماعة الليبية لم تصدر بيانا مماثلا،  وتولى الظواهري الأمر نيابة عن قيادتها. وبقدر ما كان الإعلان عاديا لأنه يندرج في سياق "سياسة احتواء" انتهجها تنظيم القاعدة.

وفي دراسة كتبها ناصر الدين اليعدي بعنوان '"الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة.. المنابع والمصبات" فسر فيها إعلان أسباب إعلان " الظواهري" لانضمام " المقاتلة" قائلا : يبدو أن الظواهري باستعجاله الإعلان عن انضمام "الليبية المقاتلة" لتنظيم القاعدة كان يرمي إلى هدفين في آن واحد أولهما تجسيد استراتيجية بناء تنظيم قوي وموحد بمنطقة المغرب العربي لمواجهة الأنظمة القائمة واستنزافها. هذا المسعى عطلته المواجهات التي بلغت حد الاقتتال بين الجماعات المسلحة المختلفة في الجزائر،  ولم يتسن الإقدام عليه إلا بعد أن انفردت الجماعة السلفية للدعوة والقتال نهائيا بشأن العمل المسلح بعد انهيار المجموعات الأخرى.

ويضيف اليعدي : ثاني الهدفين هو الرد الميداني القوي على ما كان يشاع من محاولات للتوصل إلى اتفاق بين الحكومة الليبية وقيادة الجماعة المقاتلة القابعة في السجون أو المتناثرة في المنافي،  في سياق مصالحة وطنية تسربت أخبار أنها على وشك الحدوث وأن الإفراج عن بعض القيادات والأتباع في مبادرة لـ"مؤسسة القذافي الدولية" إنما يشكل مقدمة لهذا الاتفاق الوشيك،  وهو مبادرة حسن نية من المؤسسة لإنهاء الأعمال العدائية تماما بين الجانبين وطي صفحة المواجهات التي دامت نحو ربع قرن من الزمن.


** المقاتلة والمراجعات

منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 دخل عناصر الجماعة المسجونين في ليبيا في حوار مع الحكومة الليبية ترعاه مؤسسة القذافي للتنمية برئاسة سيف الإسلام نجل العقيد معمر القذافي وبرعاية ثلاثة أجهزة أمنية ليبية هي الاستخبارات العسكرية والأمن الخارجي والأمن الداخلي، لتشجيعهم على الدخول في مراجعات لأفكار التكفير والعنف،  مقابل الإفراج عنهم على أمل إغلاق ملفهم للأبد.

ولا يكمن الهدف الرئيسي لسيف الإسلام القذافي في إنهاء محاولات إسقاط النظام فحسب،  بل هو محاولة لوقف تأثير تنظيم القاعدة على لبيبا.ففي وثائق تعود لتنظيم "القاعدة"،  تم العثور عليها في 2006 من قبل القوات الأمريكية في العراق،  تبين أن الليبيين هم أكثر الشعوب العربية انضماما للتنظيم الارهابي.

أصدرت قيادة المقاتلة مراجعات ضخمة بعنوان "دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس" وخلصت فيها إلى عدم جواز حمل السلاح لقلب الأنظمة العربية والإسلامية.وفي العام 2009،  قام زعماء الجماعة بتقديم اعتذار للدولة الليبية،  الأمر الذي أدى إلى إطلاق سراحهم. واختار أعضاء الجماعة تأسيس إطار سياسي جديد وبديل،  سموه "الحركة الإسلامية الليبية للتغيير"،  وأعلنوا عنه في بيان تأسيسي يوم 15 فبراير/شباط 2011.

وتطرقت المراجعات لمسائل اشكالية مثل الخروج عن الحكام والتكفير ومشروعية الصدام المسلح مع الأنظمة إلى غير ذلك من المسائل ،  واعتبرت الجماعة انه على امتداد التاريخ الإسلامي لم يكن الخروج على الحكام إلا عامل من عوامل الفتنة يورث الكوارث والماسي،  ابتداء من خروج الإمام الحسين على يزيد ابن معاوية سنة 63هـ إلى يومنا هذا،  واعتبرت الجماعة أن مهمتها الجديدة هي الانخراط في مشاريع النهضة والتنمية والبناء.

لكن هذه المرجعات سرعان ما اتضح أنها مجرد مناورة استخدمتها الجماعات الإسلامية ،  "الإخوان" و"الجماعة الليبية المقاتلة"،  لإخراج عناصرها من السجون،  فهذه الجماعات سرعان ما عادت إلى السلاح ومحاربة الدولة مع اندلاع أحداث فبراير 2011،  لتؤكد أن ما كتب من مراجعات جمعت في كتاب من 600 صفحة لم تكن سوى خداع ومراوغة،  ضمن مشروع تآمري لإسقاط الدولة الليبية ونشر الفوضى.

وبالرغم من الشحنة التكفيرية المتطرفة التي لدى هذه الجماعات،  فقد انخرطت في لعبة التحالف الدولي التي استهدفت إسقاط نظام العقيد معمر القذافي. حيث قادت العناصر العسكرية المدربة للجماعة الليبية المقاتلة عديد العمليات ضد الجيش الليبي مع إندلاع أحداث فبراير،  وذلك تحت غطاء جوي من حلف الناتو الذي شارك بدوره في استهداف نقاط عسكرية نظامية عديدة في تلك الفترة.

وفي الأثناء،  كان العقيد الراحل،  مدركا تماما أن الهدف الرئيسي لتلك الجماعات هو السلطة السياسية والوصول إليها بقوة السلاح لفرض الهيمنة على نطاق واسع ومدة طويلة،  كما كان مدركا لخطورتهم على الأمن الدولي عموما. وإتضح هذا من خلال تحذير أطلقه الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي،  لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير من خطر التطرف الإسلامي الذي يهدد أوروبا.

وذكرت صحيفة "تلغراف"،  في يناير 2016،  أن القذافي قال لبلير في 25 فبراير/ شباط عام 2011،  عندما عمت الفوضى وأعمال الشغب في ليبيا،  إنه يسعى لحماية البلاد من المتمردين من "تنظيم القاعدة". ونقلت الصحيفة عن القذافي قوله "نحن لا نقاتلهم بل هم من يهاجموننا،  وأخبرك الحقيقة: إن الموقف ليس صعبًا والقصة ببساطة هي أن هناك منظمة زرعت خلايا نائمة تسمي نفسها تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا،  استطاعوا الحصول على أسلحة،  وهم يرهبون الناس،  والناس لا يستطيعون الخروج من بيوتهم،  إنها حالة جهاد".

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد ثلاثة أسابيع من هذه المكالمة،  بدأ تحالف الدول الغربية،  بما في ذلك بريطانيا،  بشن غارات جوية على ليبيا،  وأضافت الصحيفة: "يبدو أن تحذيرات القذافي كانت في محلها،  فبعد الإطاحة به،  تدهورت الأوضاع في ليبيا وما زالت غارقة في حرب أهلية. الكثير من الأراضي يسيطر عليها المتطرفون الإسلاميون المرتبطون بتنظيم. "داعش"،  والكثير من الإرهابيين أرسلوا إلى فرنسا،  في نوفمبر/ تشرين الثاني،  قاموا بالهجمات الإرهابية التي ارتكبت في باريس".


** المقاتلة تسعى للسلطة

تحت مسمى "المجلس العسكري لطرابلس"،  ظهر أمير الجماعة المقاتلة عبدالحكيم بلحاج في محاولة للتغطية على نوايا جماعته الساعية للوصول الى السلطة.وعقب ذلك ارتدى بلحاج ثوب السياسي زعيماً لحزب "الوطن".فيما كانت أذرع جماعته تتمدد لتعلن عن نفسها كشخصيات سياسية كان أبرزها سامي الساعدي مؤسس حزب الأمة الوسط ومعه عبدالوهاب القايد شقيق أبويحيى الليبي،  أبرز مساعدي أسامة بن لادن،  وعلي السباعي مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة الممثل للمفتي المعزول الصادق الغرياني.

ومع فشلها في أول انتخابات برلمانية عام 2012،  سارعت أحزاب المقاتلة،  للتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين الممثلة في حزب العدالة والبناء.وكانت المقاعد الـ 17 التي تحصل عليها حزب الإخوان المسلمين وخمسة مقاعد لــ"المقاتلة" الممر الآمن لشخصيات جهادية لتولي مناصب رفيعة،  كان أبرزها "وكيل وزارة الدفاع" التي تولاها خالد الشريف الذي تدرج في المناصب حتى منصبه "رئيسا لجهاز الحرس الوطني"،  محتفظا بذات المهمة وهي الإشراف على "سجن الهضبة" الذي الذي كان مقراً سابقاً للكلية العسكرية.ويعتبر سجن الهضبة ،  أحد أكثر السجون سيئة السمعة في العاصمة طرابلس،  يقبع خلف أسواره أكثر من ألفين من المعتقلين،  جلهم من رموز النظام السابق.

كما تولت زعامات الجماعة المقاتلة مناصب أخرى،  كانت أبرزها اللجان الأمنية في الجنوب وفي سرت وفي أجدابيا.وعلى خلاف ما زعمت في 2007 تخليها عن السلاح،  فقد بادرت بتنظيم نفسها ضمن مليشيات مسلحة تولاها إسماعيل الصلابي في بنغازي شقيق علي الصلابي المنظر الأول للجماعة والمقيم في العاصمة القطرية الدوحة،  وسالم دربي آمر كتيبة شهداء بوسليم في درنة،  وعلي التير رئيس اللجنة الأمنية في سرت وغيرهم.

وفي عام 2012،  اتخذت الجماعة بشكل غير مباشر تواجدا مسلحا جديدا ممثلا في "جماعة أنصار الشريعة" التي أعلنت رسميا في ابريل عام 2012 في بنغازي بإمرة محمد الزهاوي وعمر المختار المدهوني في صبراتة غرب البلاد،  وعلي التير في سرت.ورغم نفي قادة المقاتلة صلتها بجماعة أنصار الشريعة إلا أن الصلة بدت واضحة،  فالمدهوني والتير والزهاوي هم من أبرز عناصر "المقاتلة" بلا شك.

وفي سبتمبر من ذات العام،  أعلن مجلس الأمن أنصار الشريعة جماعة إرهابية على خلفية تورطها بمقتل السفير الأميركي في بنغازي،  ودفع ذلك الجماعة المقاتلة للظهور ضمن أجسام جديدة واتخذت هذه المرة مسمى مجالس شورى المجاهدين في بنغازي ودرنة وصبراتة وسرت وأجدابيا يقودها ذات الأشخاص.من جهة أخرى،  لم تفلح الجماعة في نفي الصلة بداعش،  فالعضو والقيادي البازر فيها محمد بوسدرة الذي كان عضوا بالمؤتمر الوطني العام،  أعلن لقاءه بــ"شباب الجهاد في سرت" وتفاوضه معه،  مقرا بأنه "على صلة طيبة بهم" من أجل التهدئة والانخراط في حوار مع هياكل الدولة،  بل برأ بوسدرة،  مؤسسي داعش في سرت من تهمة الإرهاب.


** هزائم المقاتلة

إثر الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش في بنغازي،  فرت عناصر الجماعة من بنغازي لتعلن في يونيو من العام 2017 عن تشكيل مسلح جديد تحت اسم "سرايا الدفاع عن بنغازي" وتبعيته الشرعية للمفتي المعزول،  وبدا واضحا خروج شخصيات الجماعة في البيان التأسيسي المتلفز كــ"الساعدي النوفلي" الذي ظهر في تسجيل مرئي لاحقا صحبة بلمختار الأعور في أجدابيا،  وأحمد الحسناوي القيادي البارز في الجماعة والمعروف بنشاطه في تجنيد المقاتلين ونقلهم إلى سوريا.

ومع نجاح الجيش الليبي في السيطرة لموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي،  تغيرت موازين القوى في البلاد،  لاسيما وسط الانقسامات التي ضربت ميليشيات "فجر ليبيا"،  والتي أشارت إلى بداية نهاية "الجماعة الليبية المقاتلة".وفجر ليبيا تشكلت عام 2014 من تحالف ميليشيات مدينة مصراتة،  بعضها موالية لتنظيم الإخوان،  والجماعة الليبية المقاتلة وفصائل أخرى.لكن التحالف الهش الذي جمع هذه الميليشيات بدأ في التفكك إثر إعلان مصراتة انسحابها من عملية "فجر ليبيا" وقبولها بالحوار السياسي في فبراير من عام 2015. وبعد وصول حكومة الوفاق الوطني في العام 2016،  والتي تدعمها الأمم المتحدة،  اصطفت بعض الميليشيات بالولاء لحكومة الوفاق الوطني،  وبقي البعض موالين للمؤتمر المنحل،  وكذلك الأفراد والجماعات المتطرفة.

وعقب دخول المجلس الرئاسي طرابلس،  في 30 مارس/آذار2016،  حيث تحصن في قاعدة أبو ستة البحرية،  ظهرت تحالفات وعداوات جديدة في العاصمة،  واعتمد المجلس على مجموعة من الجماعات المسلحة في العاصمة بسطت سيطرتها على الأجزاء الوسطى والجنوبية وأجزاء واسعة من غرب طرابلس،  وقامت بتهجير الجماعات المسلحة المتنافسة معها تدريجيا خلال سلسلة من الاشتباكات.

وتسارع سقوط مواقع المقاتلة في العاصمة بعد إشتباكات متفرقة،  ففي أغسطس 2016،  تمكنت كتيبة "ثوار طرابلس"،  من السيطرة على مقر الاستخبارات العامة بحي الفرناج،  وطردت الكتيبة التي يقودها هيثم التاجوري جميع الموجودين بالمقر،  كما سيطرت على مقر البعثات الدراسية المجاور لمقر جهاز الاستخبارات الذي يقوده مصطفى نوح المحسوب على الجماعة الليبيّة المقاتلة.

وفي ديسمبر 2016،  سقط مقر ميليشيا ماتسمي "الفرقة السادسة" والتى يقودها المدعو "نعيم الذويبي"،  وفرار أغلب عناصرها،  وهي القوة التابعة للجماعة الليبية المقاتلة،  بيد كتيبة ثوار طرابلس والتى يترأسها "هيثم التاجوري" فى منطقة الظهرة بعد مواجهات عنيفة سقط خلالها عدد من القتلى والجرحى،  وسط العاصمة طرابلس.

وفي 26 مايو 2017،  سيطرت كتيبة "ثوار طرابلس" على سجن الهضبة،  بعد اشتباكات مسلحة مع القوات التابعة للقيادي في الجماعة الليبية المقاتلة المسؤول عن السجن خالد الشريف.وأعقب ذلك،  أصدار القائم بأعمال النائب العام في طرابلس الصديق الصور أوامر بالقبض على خالد الشريف وعدد من أعضاء الجبهة الليبية المقاتلة،  في ما أعتبرأول إجراء رسمي،  ضد أعضاء من الجماعة الإسلامية.

وبالتوازي مع خسارة ميليشيات "الجماعة الليبية المقاتلة" مواقعها في طرابلس،  تصاعد الضغط داخليا وخارجيا عليها،  ففي يونيو 2017،  وضعت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي قائمة تضم 75 شخصا إرهابيا في ليبيا على علاقة بدولة قطر،  طلبت وضعهم على قائمة الإرهاب العربية،  من بينهم خالد الشريف، إضافة إلى عدد من الكيانات والشركات الليبية المرتبطة بقيادات تنظيمات إرهابية كشركة الأجنحة للطيران التي يملكها أمير الجماعة المقاتلة عبد الحكيم بلحاج.

وتصاعدت الاتهامات للجماعة بالوقوف وراء اعتداءات ارهابية خارج ليبيا،  ومنها تفجير مانشستر.وفي تقرير نشرته جريدة "ذا غارديان" البريطانية ،  الأحد 28 مايو 2017،  تحدثت فيه عن "الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة" وأفكارها والأيديولوجيات التي تتبعها،  وقالت إنها "المرجع الذي اعتمد عليه سلمان العبيدي لتنفيذ هجومه".وتحدثت الجريدة عن شبكة العلاقات بين سلمان العبيدي وعائلته وأعضاء في "الجماعة الليبية المقاتلة"،  خاصة أن عددًا كبيرًا من أعضاء الجماعة فروا إلى مدينة مانشستر البريطانية.


** أهم رموز المقاتلة

عبد الحكيم بلحاج: من مواليد 1966 بطرابلس وهو خريج الهندسة المدنية من جامعة طرابلس وبعد تخرجه مباشرة سافر إلى أفغانستان للقيام بما وصفه الجهاد عام 1988م وشارك فيما وصف بالجهاد الأفغاني آنذاك وبقي هناك عدة أعوام ثم شارك في تأسيسي الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة في بداية التسعينيات ولكن بعد فتح كابل ترك أفغانستان وسافر إلى 22 دولة أبرزها: أفغانستان،  باكستان،  تركيا،  السودان ثم عاد إلى ليبياعام 1994 وبدأ إعادة ترتيب الجماعة وتدريبها بـ الجبل الأخضر للتجهيز لعمل عسكري ضد الدولة الليبية.

اعتقل بلحاج في ماليزيا فبراير عام 2004 عن طريق مكتب الجوازات والهجرة بتدخل من المخابرات الأمريكية ثم ترحيله إلى بانكوك للتحقيق معه من قبل وكالة المخابرات الأمريكية CIAوبعد اعتقاله في غوانتانامو تم ترحيله إلى ليبيا في2004 وبقي في السجن حتى عام 2010 وخرج بموجب عفو بعدما توسط له قيادات إخوانية أبرزها علي الصلابي ويوسف القرضاوي.

شارك في أحداث 2011 التي أدت إلى إسقاط الدولة الليبية حيث ظهر في باب العزيزية وقدم بصفة قائد المجلس العسكري طرابلس آنذاك وتحول سريعا إلى ملياردير  وقائد عسكري وسياسي بحكم دعمه لتيار الإخوان وانتمائه للجماعات المتطرفة،  حيث ترأس حزب الوطن،  كما أسس شركة الأجنحة للطيران،  وأصبح يمتلك عدة طائرات تؤمّن يوميا عشرات الرحلات بين طرابلس وعدة دول أخرى حيث ساعدته الدوحة في تكوين وتسليح ميليشيات مسلّحة مارست عدّة جرائم إرهابية في حق الشعب الليبي،  كما وفرت له قناة الجزيرة الدعم الإعلامي للترويج لمشروعه المتشدّد في ليبيا،  وتمكين تيار الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان من حكم البلاد.

في يناير 2018 أمر القضاء الليبي باعتقاله وشخصيات أخرى بتهمة التورط بعدة هجمات على منشآت عمومية ليبية وارتكاب جرائم في ليبيا،  حيث يوصف بأنه عميل النظام القطري وأحد الأذرع الإرهابية التي تستخدمها الدوحة لتعزيز الفوضى في البلاد.وفي 2019 كشف الإرهابي المصري هشام عشماوي الذي القى الجيش الليبي القبض عليه وقام بترحيله للقاهرة أن بلحاج كان يقوم بدعم مجموعات تابعة لعشماوي في درنة ماديا ولوجستييا.

خالد شريف: هو المسؤول العسكري بالجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة ويكنى "أبو حازم".في تقرير نشرته منظمة "هيومن رايتس" يتحدث الشريف عن علاقته بالجماعة المقاتلة وخروجه من ليبيا:" وُلد شريف في طرابلس عام 1965 وغادر ليبيا في أبريل 1988 عندما كان يبلغ من العمر 23 عاماً بسبب "تدهور الوضع".كان يدرس الصيدلة في طرابلس. بدأ هو وآخرون مجموعة لمحاولة قلب نظام الحُكم لكن تم إعدام أحد أصدقائه. بعد ذلك قرر هو وآخرون في المجموعة مغادرة ليبيا،  بدافع من الخوف،  وأيضاً للتنظيم والتدريب. غادر شريف ليبيا متجهاً إلى السعودية ومنها إلى باكستان ثم أفغانستان.

أصبح نشطاً للغاية في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة،  ثم أصبح نائب رئيس التنظيم. في عام 1995 انتقل إلى السودان،  حيث قال إن الجماعة بدأت هناك بعض العمليات ضد الحكومة الليبية. ثم أُجبر على مغادرة السودان عام 1996 فذهب إلى تركيا ومنها عاد إلى باكستان التي عاش فيها حتى عام 2002

بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول ذهب واسرته إلى إيران،  لكن تم القبض عليه في إيران وأُجبر على العودة إلى باكستان. عاد إلى باكستان في مطلع عام 2003. وفي أبريل من نفس العام ألقت السلطات الباكستانية القبض عليه ثم نُقل إلى مراكز احتجاز في أفغانستان،  ليتم تسليمه للسلطات الليبية في العام 2005،  ويحكم بالإعدام،  لكنه أنقذ رأسه من المشنقة بــ" مراجعات زائفة".

بعد 17 فبراير، أصبح خالد الشريف "وكيلاً لوزارة الدفاع" و "أمراً للحرس الوطني" ومسؤولاً عن "سجن الهضبة" الذي يحوي كبار القادة في نظام العقيد معمر القذافي. أصبح الشريف "أمير حرب" يعين ويعزل ويقتل أيضاً. لكنه بقي وفياً لانتماءاته السلفية الجهادية المتطرفة حتى أنه لم ينسى أن ينشر تعزية في وفاة "الملا عمر" زعيم حركة طالبان القتيل،  والذي يتمنى الشريف أن يؤسس إمارة إسلامية مثله ويحكمها بالحديد والنار والمال.

سامي الساعدي: يعد الساعدي المكنى "أبو المنذر"،   المسؤول الشرعي للجماعة الليبية المقاتلة المصنفة بـ"الإرهابية" منذ فترة نظام حكم الزعيم الراحل معمر القذافي،   وأبرز القيادات التي قاتلت سنوات التسعينات مع تنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان وباكستان رفقة القيادي الآخر عبد الحكيم بلحاج،   قبل أن يتم القبض عليه بعد هروبه إثر الهجوم على طالبان والقاعدة أواخر سنة 2001،   وتسليمه إلى الحكومة الليبية.

وبعد 7 سنوات من السجن في ليبيا،   أطلق سراح الساعدي بعد المراجعة التي قادتها جماعة الإخوان،   ثم غادر نحو بريطانيا،   أين حصل على اللجوء السياسي،   ليعود إلى ليبيا عام 2011 بعد سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي.وتقلد الساعدي منصب نائب مفتي المؤتمر الوطني العام،   وعمل منظرا دينيا للجماعات المتطرفة التي كانت تقاتل الجيش الليبي في بنغازي ودرنة،   حيث كشفت تسريبات لمكالمات صوتية له، ارتباطه بمقاتلين تابعين لتنظيم القاعدة، إذ كان له دور بارز في توجيههم في محاور القتال.

يرتبط الساعدي بالدوائر القطرية ودوره في توفير الدعم الطبي واللوجيستي للجماعات الإرهابية في ليبيا، وتنسيق الساعدي مع المسؤولين القطريين وسفره الدائم إلى الدوحة بتأشيرة دخول صادرة عن مؤسسة عيد آل ثاني الخيرية المصنفة على قوائم الإرهاب الصادرة عن الدول الأربع المقاطعة للدوحة، مؤكدة أن المنسق في إجراءات التأشيرة مواطن قطري.

في مايو الماضي، توعد سامي الساعدي،  مؤيدي الجيش في العاصمة طرابلس،  بالتهجير والطرد من المدينة.وقال الساعدي،  في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك":"بالليبي.. بالله اللي مداير روحه ولد اطرابلس وما زال يبي حفتر،  يبيع حوشه ويمشي لبنغازي أمن وأمان وحرية وما فيهاش مليشيات... تصوروا ما زال فيه منه النوع هذا".

أبو الليث الليبي: واسمه الحقيقي عمار الرقيعي وهو من أهم رموز الجماعة المقاتلة وقائد معاركها ضد القوات الأمريكية في أفغانستان،  وقد أعلن انضمامه إلى تنظيم القاعدة في نوفمبر من عام 2007 ،  ونشرت له مؤسسة السحاب الدراع الإعلامي للقاعدة مجموعة من الرسائل والخطابات ، كان معتقلا بسجن الرويس بالمملكة العربية السعودية ، لكنه استطاع الفرار منه والالتحاق برفاقه في أفغانستان ،  وقتل في 29 يناير من عام 2008 في شمال وزيرستان في هجوم شنته طائرة أمريكية بون طيار في منزل كان يقيم به.

إلى جانب هؤلاء الرموز كان هناك مجموعة أخرى من القيادات والمنظرين الذين كان لهم تأثير كبير على خيارات الجماعة الليبية،  وإدارة صراعها وتوجهاتها،  لكن أغلبهم انصهروا في تنظيم القاعدة وشكلوا أعمدة فكرية واستراتيجية لها،  كعطية الله المصراتي الذي صعد نجمه بعد مقتل الرجل الثالث في تنظيم القاعدة مصطفى أبو اليزيد "قبل أن يتم اغتياله مؤخرا بواسطة طائرة بدون طيار" ،  وأبو الفرج الليبي وهو من قادة القاعدة المعتقلين.